«فيلا دي جيغانيو»... قطعة من توسكانا في لندن

فيها نكهاتها ورائحتها وهواها

الستيك مع الصلصة - جلسات أشبه بصالون المنزل - جميع المنتجات مستوردة  من توسكانا - فريق العمل يعتني  بالتفاصيل ويقدم خدمة جيدة
الستيك مع الصلصة - جلسات أشبه بصالون المنزل - جميع المنتجات مستوردة من توسكانا - فريق العمل يعتني بالتفاصيل ويقدم خدمة جيدة
TT

«فيلا دي جيغانيو»... قطعة من توسكانا في لندن

الستيك مع الصلصة - جلسات أشبه بصالون المنزل - جميع المنتجات مستوردة  من توسكانا - فريق العمل يعتني  بالتفاصيل ويقدم خدمة جيدة
الستيك مع الصلصة - جلسات أشبه بصالون المنزل - جميع المنتجات مستوردة من توسكانا - فريق العمل يعتني بالتفاصيل ويقدم خدمة جيدة

مبنى جميل على شكل فيلا سكنية، حديقة غناء تطل مباشرة على شارع تشيزيك Chiswick الرئيسي، مدخل يقف عنده عامل بزي موحد أنيق... هذا باختصار المشهد الذي تراه إذا مررت في منطقة تشيزيك الواقعة إلى غرب لندن، وهذا ما سيشدك للولوج إلى داخل هذا المبنى الأنيق الذي يعبق بالروح المتوسطية بكل مفرداتها، لنرى أن هذه الفيلا التي تحمل اسم «فيلا دي جيغيانو» الأثرية الأصلية المعروفة في توسكانا بإيطاليا هي أشبه بكهف مليء بالكنوز، فكلما تعمقت به وجدت تحفا وقطعا فنية تسحر العين وتدغدغها.
«فيلا دي جيغانيو» Villa Di Gegganio مطعم إيطالي حمل روعة الفيلا الأصلية في توسكانا إلى قلب لندن منذ القرن الخامس عشر، فتزين جدرانها كثير من اللوحات الفنية الفريدة التي أتت بها من توسكانا عائلة باندينيللي التي عاشت في الفيلا لنحو 500 عام. ويقول الكونت بيانتشي باندينيللي، آخر عنقود العائلة الإيطالية الأرستقراطية، إنه سعيد لأن الفيلا في لندن هي مرآة صادقة للمنتجات التي تشتهر بها توسكانا وهي خير سفير يمثل المنطقة ككل.
أول ما تراه عند وصولك إلى الفيلا في لندن الحديقة الجميلة التي تقدم جلسات رائعة لمحبي الجلوس في الهواء الطلق، وتنبعث منها رائحة الزهور التي تسورها من كل زاوية، أغطية صممت خصيصا للمطعم تحمل شعاره لتذكرك بأرستقراطية المكان، وأول محطة قبل الوصول إلى طاولات الطعام جلسات أشبه بصالون البيت، وديكورات منزلية، كتب، وتحف فنية، وصور عائلية، وأرائك مريحة، وقطع إنارة عصرية جدا على شكل جذوع أشجار مغلفة بالمخمل، وكلب من البورسلين يحرس النافذة العملاقة المطلة على الحديقة، تقول صاحبة المطعم الحالية إيلونا باشيا المنحدرة من عائلة بولندية أرستقراطية إنها استعانت بزوار المطعم لإطلاق اسم عليه، وأجمع معظمهم على اسم «نيوكي» وهي أكلة إيطالية تصنع من البطاطس.
في هذا الصالون الذي تتوسطه مدفأة نار حقيقية يمكنك تناول الشراب والمأكولات الخفيفة على طريقة «الكانوبي»، فجربنا كرات لحم السلطعون مع الجبن، وبعدها بدأت عصافير البطون تزقزق لتشير إلى أنه قد حان وقت العشاء.
عبر بار مستطيل يقف وراءه فريق عمل بزي موحد يلقي التحية بكل أدب، تصل إلى الركن الرئيسي للمطعم، حيث تتوزع الطاولات التي يتوسط كل منها فانوس إنارة صغير، ومطبخ مفتوح ترى فيه فريق عمل يترأسه الشيف الإيطالي إيمانويل موريزي الذي كان يعمل في مطعم «أساجي» في منطقة نوتينغ هيل بلندن.
لائحة الطعام مريحة، والأطباق مفهومة وغير معقدة، والنادل يقترح عليك أطباقا إضافية متوفرة لفترة قصيرة، وبلكنة إيطالية جذابة يقنعك بطبق موسمي يحتوي على الكمأة والجبن والباستا، فكان هذا خيارنا للطبق الأولي، أما الطبق الرئيسي فكان عبارة عن لحم القد مع صلصة الطماطم والزيتون الأسود مع قطع من الخبز المقرمش، يقدم إلى جانب سلطة موسمية يغزوها الليمون.
والطبق الرئيسي الثاني الذي كانت تفوح منه الرائحة الفواحة كان لحم الستيك مع الصلصة والبطاطس مع جبن البارمزان.
الخدمة لافتة في هذا المكان، وهناك اعتناء فائق بالتفاصيل، والجو العام في المكان يشعرك وكأنك في منزل سكني ولست في مطعم تتناول فيه الطعام مع الغرباء، والإنارة خافتة، وهذا يدل على حميمية المكان وعلى التركيز على الطعام.
الفيلا تناسب الذواقة الذين يأتون لتذوق ما يزخر به المطبخ التوسكاني وليس لعرض أنفسهم على الزبائن الآخرين.
وتتوسط الجدار الأكبر في المطعم صورة «فيلا دي جيغانيو» الأصلية في توسكانا، وتبدو رائعة وشامخة، فالمطعم يستوحي لمساته من أناقتها وروعة مقتنياتها وتحفها، لذا تراه يتعامل مع فنانين في لندن للتناوب على عرض أعمالهم ولوحاتهم باستمرار.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.