وفد تفاوضي واحد للمعارضة... ومنصة موسكو تحضر «لقاء الرياض» بشروط

دي ميستورا يرجئ «جنيف»... ويدعو روسيا وإيران للضغط على النظام

دي ميستورا ومساعده للشؤون الإنسانية في سوريا ويان إيغلاند يتحدثان للصحافيين في جنيف أمس (أ.ب)
دي ميستورا ومساعده للشؤون الإنسانية في سوريا ويان إيغلاند يتحدثان للصحافيين في جنيف أمس (أ.ب)
TT

وفد تفاوضي واحد للمعارضة... ومنصة موسكو تحضر «لقاء الرياض» بشروط

دي ميستورا ومساعده للشؤون الإنسانية في سوريا ويان إيغلاند يتحدثان للصحافيين في جنيف أمس (أ.ب)
دي ميستورا ومساعده للشؤون الإنسانية في سوريا ويان إيغلاند يتحدثان للصحافيين في جنيف أمس (أ.ب)

أعلن المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا عن إرجاء مفاوضات جنيف التي كانت مقررة الأسبوع المقبل، متمنياً على روسيا وإيران استخدام نفوذهما لحمل النظام على الدخول فيها، ومتوقعاً أن تشهد الأزمة السورية تحولات نوعية في الأشهر المقبلة.
وأتى هذا التأجيل في وقت تتَّجِه فيه المعارضة السورية إلى تشكيل وفد مفاوض واحد يضم «الهيئة العليا» ومنصتي موسكو والقاهرة، وذلك في اجتماع تعقده في الرياض يوم الأحد المقبل تمهيداً لعقد «مؤتمر الرياض 2» في أكتوبر (تشرين الأول).
وبعدما كانت منصة القاهرة قد أعلنت نيتها المشاركة في الاجتماع، أرسلت منصة موسكو يوم أمس موافقتها المبدئية إلى «الهيئة العليا»، بحسب ما كشف رئيسها قدري جميل لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً أن الذهاب إلى الرياض يرتبط بشروط معينة أرفقت مع الرسالة، رافضاً الإفصاح عنها قبل تلقي الإجابة عنها. في المقابل رجّحت مصادر في المعارضة أن يتم تشكيل وفد واحد وليس موحداً في الرؤية، نظراً إلى الاختلاف بين الأطراف لا سيما مع منصة موسكو حول مصير رئيس النظام بشار الأسد، وحذّرت من «محاولة (موسكو) الالتفاف على (جنيف) وفرض قرارات جديدة كتشكيل حكومة موسّعة».
وترى مصادر في «الائتلاف الوطني السوري» أن الضغوط التي تتعرض لها الأطراف قد تؤدي إلى تشكيل وفد واحد لكن لا يعني ذلك أنها ستكون موحّدة في الموقف، خصوصاً فيما يتعلق بمصير الرئيس السوري بشار الأسد، وهو ما أشار إليه المتحدث باسم الهيئة العليا التفاوضية، رياض نعسان آغا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال فيه: «لا شكّ أن هناك خلافات جوهرية بيننا وبين منصة موسكو، وأعتقد أن المشاركة في وفد واحد ستواجه مشكلات تقنية، مستبعداً توحيد الرؤية خاصة حول مصير الأسد، الذي لم ولن نقبل ببقائه في السلطة أو مشاركته في الانتخابات».
وأشار آغا إلى أن المنصات الثلاث تؤكد تأييدها لبيان جنيف، والقرار «2254» إنما يبقى الاختلاف في التفسيرات حولهما، لا سيما في المرحلة الانتقالية، مبدياً خشيته من أن يكون الحراك واللقاءات ليست إلا تغطية للقول إن الحوار سوري - سوري، بينما لن يكون القرار النهائي إلا وفق ما تريد الدول الممسكة بهذه القضية.
وأوضح: «في حين تتمسك (الهيئة العليا) بموقفها الرافض لبقاء الأسد في المرحلة الانتقالية يبدو موقف القاهرة غامضاً وغير واضح، بينما تسعى منصة موسكو لاستمراره في السلطة»، واعتبر أن تسليم بعض الدول ببقاء الأسد في السلطة ليس إلا نتيجة غموض الموقف الأميركي الذي يشكّل البوصلة الأهم وبالتالي تغير المواقف بناء على توجّهه.
من جهته، قال عضو منصة القاهرة، جمال سليمان، إن لقاء الرياض سيستكمل الحوار بين المنصات الثلاث، وسيرتكز بشكل أساسي على هدف توحيد المعارضة إضافة إلى المسائل التقنية المتعلقة بالحوكمة والدستور والانتخابات وتفسير مشترك للقرارات الدولية، آملاً في التوصل إلى نتيجة إيجابية.
وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على موقف «منصة القاهرة» الرافض لبقاء النظام الحالي ورئيسه في مستقبل سوريا، وتحقيق الانتقال السياسي وفق القرارات الدولية وضمانات تحافظ على بقاء الدولة وعدم تفككها.
وأوضح: «الأهم في العملية السياسية هو الملاءمة بين الأهداف المرجوة والواقعية والتمهيد بنجاح لانتقال السلطة، وإجراء انتخابات ليس من الضروري أن تكون محصورة بين النظام والمعارضة بل الإفساح في المجال لأصحاب كفاءات أخرى». وفي حين أشار إلى أنه ليست هناك خلافات جذرية بين «القاهرة» و«الهيئة العليا» طالب «منصة موسكو» بتقديم رؤية أكثر وضوحاً، مضيفاً: «كان قدري جميل قد طرح أن تقوم هيئة الحكم على تعيين خمسة نواب للرئيس يحيل إليهم صلاحياتهم، على أن يبقى في منصبه، وهو ما نراه لا يلبي الجوهر المطلوب في القرارات الدولية التي نسعى لتطبيقها».
دوليّاً، وفي مؤتمره الصحافي الذي عقده أمس، أوضح ستيفان دي ميستورا، أن تأجيل مفاوضات جنيف جاء بقرار شخصي منه، لافتاً إلى أنه لم يوجه الدعوة إلى النظام السوري «لأن دمشق ترفض الخوض في أي لقاءات فنية خارج المفاوضات الرسمية».
وفي حين عقد الدبلوماسي الأممي الأمل على الجهود الحالية التي تبذلها المعارضة السورية للتوحد في منصة واحدة، لفت إلى أنه قرر تأجيل المشاورات لأن أطياف المعارضة تمر حالياً بمرحلة صعبة في مناقشاتها الداخلية. وأضاف: «لا داعي لإجبارهم إذا كانوا غير جاهزين حتى الآن». وتوقع المبعوث الأممي أن تشهد الأشهر المقبلة بداية تحولات نوعية في الأزمة السورية.
وأشار إلى أن مفاوضات «آستانة» حول تثبيت الهدنة في سوريا قد تعقد في أوائل سبتمبر (أيلول) لتستأنف بعدها المفاوضات السياسية في جنيف، آملاً أن تجري الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف في النصف الأول من سبتمبر، قبل انطلاق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنه رجح بداية «مفاوضات جوهرية» في أكتوبر أو نوفمبر (تشرين الثاني)، موضحاً أن المعارضة السورية تخطط لعقد لقاء تنسيقي مهم لها في الرياض في أكتوبر. واعتبر أن «سبتمبر وأكتوبر سيصبحان شهرين حاسمين للتسوية السورية»، وتابع قائلاً: «الأزمة السورية ستشهد تحولات نوعية خلال الأشهر القليلة المقبلة».
وكانت «الهيئة العليا للمفاوضات» قد أعلنت بعد اجتماع لها بوزير الخارجية السعودي، عادل الجبير الأسبوع الماضي عن تشكيلها لجنة خاصة للعمل على عقد مؤتمر «الرياض 2».
وأوضحت في بيان لها أنها طلبت من «المملكة العربية السعودية استضافة اجتماع موسع للهيئة العليا من أجل توسيع قاعدة التمثيل والقرار على قاعدة بيان الرياض كمرجعية أساسية للهيئة في المفاوضات من أجل عملية الانتقال السياسي»، وهو ما أبدت المملكة ترحيبها به.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.