أول حصار للنظام على «داعش» في البادية

الأمم المتحدة تعتبر الرقة أسوأ مكان في سوريا

عائلة من الرقة لجأت الى منزل في حي الصباحية هربا من المعارك ضد {داعش} (إ ف ب)
عائلة من الرقة لجأت الى منزل في حي الصباحية هربا من المعارك ضد {داعش} (إ ف ب)
TT

أول حصار للنظام على «داعش» في البادية

عائلة من الرقة لجأت الى منزل في حي الصباحية هربا من المعارك ضد {داعش} (إ ف ب)
عائلة من الرقة لجأت الى منزل في حي الصباحية هربا من المعارك ضد {داعش} (إ ف ب)

تمكنت قوات النظام السوري وحلفاؤها أمس الخميس من فرض أول حصار من نوعه على تنظيم داعش في البادية السورية، من خلال تطويق عناصره في مساحة 3 آلاف كيلومتر مربع تحوي نحو 50 قرية وعددا من حقول وآبار النفط والغاز، كما أكّد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في وقت تحدثت فيه الأمم المتحدة، عن أن «أسوأ مكان» في سوريا اليوم هو الجزء الذي لا يزال يسيطر عليه تنظيم داعش في الرقة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قوات النظام وبعد تقدمها خلال الساعات القليلة الماضية على محاور في جنوب أثريا، وتوغلها نحو حدود حماة مع محافظة حمص، عند جبل شاعر ومنطقة حقل شاعر في البادية الحمصية الشرقية، تمكنت من تحقيق «تقدم استراتيجي جديد»، والتقت بقواتها المتقدمة من جهة جبل شاعر، لتتمكن من فرض أول حصار على تنظيم داعش في البادية السورية، لافتا إلى أنها بذلك «أطبقت تطويقها على نحو 3 آلاف كيلومتر مربع يسيطر عليها تنظيم داعش تحوي نحو 50 قرية وعددا من حقول وآبار النفط والغاز». وأوضح المرصد أن النظام يسعى إلى «حصار أكبر يمتد على نحو 7800 كلم يسيطر عليها التنظيم في البادية السورية بمحافظتي حمص وحماة».
وتتعدد الجبهات كما المجموعات التي يقاتلها التنظيم المتطرف في سوريا، فإلى جانب المعارك العنيفة التي يخوضها في البادية واستعداده للقتال عن آخر معاقله في دير الزور، يواصل التصدي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركيا في مدينة الرقة التي خسر نحو 57 في المائة من مساحتها، علما بأنها كانت تُعتبر معقله الأبرز وعاصمته. إلا أن التقدم السريع الذي كانت تحققه «قسد» مع انطلاق المعارك في شهر يونيو (حزيران) الماضي أصبح بوتيرة أخف مع وصولها إلى المدينة القديمة رغم كثافة الغارات الجوية التي تنفذها الطائرات الحربية التابعة للتحالف الدولي التي أوقعت خلال ثلاثة أيام فقط نحو ستين قتيلا مدنيا بينهم 21 طفلا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس.
وقال مسؤول الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا يان إيغلاند، للصحافيين في جنيف أمس، إن «أسوأ مكان» في سوريا اليوم هو الجزء الذي لا يزال يسيطر عليه تنظيم داعش في الرقة، لافتا إلى أن المدنيين «محاصرون من قبل قوات سوريا الديمقراطية، ويستخدمهم تنظيم داعش دروعا بشرية». وأضاف إيغلاند: «نحن ندعو التحالف وقوات سوريا الديمقراطية الذين يمكننا التعامل معهم، إلى السماح للناس بالفرار بالقدر المستطاع». وتقدر الأمم المتحدة بأن ما يصل إلى 25 ألف مدني ما زالوا محاصرين في الرقة.
وتتركز المعارك حاليا في المدينة القديمة التي باتت قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على نحو 70 في المائة منها، فضلا عن حيي الدرعية والبريد غربا وأطراف حي المرور في وسط المدينة.
واعتبر أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت» أن «ما يحصل في مدينة الرقة حاليا يشبه إلى حد بعيد ما حصل في منبج والطبقة وغيرها من المدن التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، بحيث يتم حصاره وتحصل معارك عنيفة حتى تتوقف (قسد) عند منطقة معينة بسبب مقاومة عناصر التنظيم الذين يسعون لاستنزاف الفريق المهاجم وإيقاع أكبر خسائر ممكنة في صفوفه لفرض نوع من المفاوضات تؤدي إلى خروج ما تبقى منهم بأمان». وقال الرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: «حاليا (داعش) محاصر من الجهات كافة في الرقة ويحاول قدر الإمكان الضغط لتأمين خروج آمن لما تبقى من قيادات وعناصر مهمين بالنسبة له، علما بأن هذا الأمر لن يكون سهلا في المرحلة الراهنة خاصة في ظل ضغوط تمارسها موسكو التي تتصدى لأي عملية تهدف لترحيل عناصر التنظيم إلى مناطق أخرى».
ميدانيا، أفاد المركز الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» أمس بـ«استمرار حملة تحرير مدينة الرقة بكل قوة وسط تقدم للمقاتلين داخل أحياء المدنية» لافتا إلى مقتل 12 عنصرا من «داعش» خلال الاشتباكات في حي المنصور الواقع شرق الرقة و17 آخرين في حي الرشيد. أما جنوب المدينة، فتحدث المركز عن مقتل 29 عنصرا من «داعش» في اشتباكات في حي نزلة شحادة.
بدوره، أشار المرصد إلى محاولة «قوات سوريا الديمقراطية» تحقيق تقدم في المدينة القديمة على حساب التنظيم، بالتزامن مع اشتباكات مستمرة في منطقة الروضة بشمال غربي الرقة، وقال إن معارك عنيفة يشهدها أيضا القسم الجنوبي من المدينة. وأضاف: «كما يعمد عناصر (داعش) لتنفيذ هجمات عنيفة ومعاكسة، محاولين التسلل عبر الأنفاق التي كانوا قد حفروها في أوقات سابقة، بالإضافة لاعتمادهم على التفجيرات بواسطة المفخخات والأحزمة الناسفة، بالإضافة للألغام الكثيفة التي زرعوها في وقت سابق».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.