«القاعدة» ينتهج طرقاً جديدة لبث الرعب في الغرب وإسقاط آلاف الضحايا

وصفات لاستهداف خطوط السكة الحديد... وخبراء: هدفها شن هجمات موسعة

غلاف لمجلة «إنسباير» الصادرة عن تنظيم القاعدة  («الشرق الأوسط»)
غلاف لمجلة «إنسباير» الصادرة عن تنظيم القاعدة («الشرق الأوسط»)
TT

«القاعدة» ينتهج طرقاً جديدة لبث الرعب في الغرب وإسقاط آلاف الضحايا

غلاف لمجلة «إنسباير» الصادرة عن تنظيم القاعدة  («الشرق الأوسط»)
غلاف لمجلة «إنسباير» الصادرة عن تنظيم القاعدة («الشرق الأوسط»)

استهداف خطوط السكة الحديد هو المخطط الجديد لتنظيم «القاعدة» الإرهابي لإسقاط آلاف من الضحايا، بعدما أصدر التنظيم دليلا استرشاديا يتضمن مهاجمة السكك الحديدية في أميركا وأوروبا باستخدام مواد يسهل الوصول إليها، وذلك في العدد الأخير من مجلة «إنسباير» الخاصة بالتنظيم.
المجلة دعت «الذئاب المنفردة» إلى شن هجمات من نوع جديد لإلحاق أكبر ضرر ممكن، وذلك من خلال استهداف القطارات مباشرة سواء من الداخل أو من الخارج، أو استهداف السكك الحديدية نفسها. خبراء حذروا من مساعي «القاعدة» لتأسيس خلايا صغيرة في أوروبا للقيام بهجمات إرهابية موسعة، تهدف إلى إثارة الرعب في الغرب.
ما قاله الخبراء اتسق مع ما أعلنه التنظيم بأنه يبحث سبل تحويل القطارات إلى سلاح كما حدث مع الطائرات... في إشارة لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) على نيويورك باستخدام طائرات عام 2011.
و«إنسباير» مجلة إلكترونية باللغتين الإنجليزية والعربية يصدرها تنظيم «القاعدة» منذ عام 2010، وتهدف لنشر الفكر المتشدد بين شباب القراء في الولايات المتحدة وبريطانيا وتصدر بصورة شبه منتظمة.
وخصصت المجلة في عددها الأخير 18 صفحة من صفحاتها الـ97 لشرح كيفية مهاجمة القطارات مباشرة، أو استهداف القضبان لإخراج القطارات عن سكتها أو مهاجمة المحطات. وأشارت المجلة إلى كيفية «إخراج القطارات عن القضبان». وعرضت كيفية صنع «أداة انحراف»... وقالت إن «أي هجمات ستجبر الحكومات على فرض إجراءات أمنية على غرار المطار على المسافرين بالسكك الحديدية».
وأشارت المجلة إلى ضرورة تحويل مسار القطارات واستخدام أداة «دي ريل» عبر «فريق التوجيه للجهاد الفردي»، واستخدامها بشكل مدمر، وذلك بوضع الأداة في مناطق محددة تؤدي إلى كوارث، ولتغيير مسار القطارات في الدول الغربية؛ مما يؤدي إلى حوادث اصطدام أو انقلاب القطارات لتخلف أضرارا بالغة، إضافة إلى استخدام أدوات مدنية بسيطة، في متناول اليد مثل «الإسمنت وقطع الحديد والكرتون والمسامير» وهي متوفرة في المتاجر العامة.
ونوهت «القاعدة» إلى أن استهداف القطارات ووسائل النقل بتلك الطريقة، يستهدف ضرب اقتصاد الدول الغربية، ومدى تأثيرها عليه، بما يكفل تحقيق أهداف الحرب التي يشنها المجاهدون ضد الدول الغربية.
تنظيم «القاعدة» أشار إلى أن هذا النوع من الهجمات لا يتطلب انتحاريين؛ لذلك يمكن تكراره من وقت لآخر... كما تضمن العدد نصيحة حمزة بن لادن لطالبي الاستشهاد.
مراقبون قالوا إن «القاعدة» يخطط لتجنيد متطرفين جدد يتحركون حول العالم مستقبلا بشكل فردي دون تنسيق أو الرجوع لقيادة التنظيم لأخذ المهام وأوامر القتل.
تهديد «القاعدة» دعا أجهزة الاستخبارات في بريطانيا والولايات المتحدة للتعامل مع الأمر بجدية للتصدي لأي هجوم محتمل على السكك الحديدية.
وفى 2005 شن «القاعدة» أحد أجرأ هجماته في أوروبا، حيث قام بعمليات انتحارية استهدفت فيها ثلاثة قطارات في مترو الأنفاق في لندن وحافلة ذات طابقين، وأدى الهجوم إلى مقتل أكثر من 50 شخصا وإصابة 700 آخرين
وسبق في 2004 أن قام الإرهابيون بتفجيرات منسقة ضد نظام قطارات الركاب في مدريد بإسبانيا؛ مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 200 شخص وإصابة نحو 200 آخرين.
وقدمت المجلة في عددها الأخير عبر «فريق الرصد وجمع المعلومات» التابع للتنظيم دراسة مفصلة عن طبيعة حركة القطارات في الدول الغربية، وخرائط دقيقة للسكك الحديدية في أميركا التي يتجاوز طولها 240 ألف كيلومتر، مؤكدة استحالة حماية مثل هذه السكك الممتدة.
ودعا أمير التنظيم بالمغرب، عبد المالك دروكدال الوناس، في مقاله بالمجلة إلى استهداف وسائل النقل في الدول الغربية، مشيرا إلى أن الفكرة بحثت بحثا مستفيضا لأكثر من سنة مع فريق متخصص كرّس جهده ووقته ليرسم أسلوبا عميقا وبسيطا، في آن واحد، ينقل المجاهد المنفرد في معركته نقلة نوعية، تربك الغرب أمنيا وعسكريا واقتصاديا.
ودعا الوناس الملقب بأبو مصعب عبد الودود عبر مقاله بـ«إنسباير» إلى قتال أميركا وتفعيل الجهاد الفردي لاستهداف مصالحها... بدعوى أن الجهاد الفردي يعتبر إحدى طرق التدافع بين المسلمين وبين الغرب، لافتا إلى أن ميزة المجاهد الفردي لا تستطيع الأجهزة الأمنية إيقافه قبل تنفيذ العملية؛ لأنه منفرد لا يمكن التنبؤ بخطواته، أو اختراقه كما تُخترق الشبكات الجهادية.
وتقول تغريدات بعض الجماعات المتطرفة إن الهدف من مجلة «إنسباير» هو مغادرة الطرق العسكرية والعمليات الواسعة والتركيز على «الذئاب المنفردة»؛ وهذا يعني أن أسلوب «القاعدة» سوف يركز على تنفيذ عمليات ذات إمكانات ذاتية.
من جهته، قال الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء محمد سعيد، إن «الذئاب المنفردة» مصطلح استخباري يدل على قيام شخص أو أشخاص، غير منظمين، أي لا يخضعون إلى تنظيم هرمي، يستلمون منه التعليمات للقيام بعمليات إرهابية؛ بل يقوم الشخص أو الأشخاص، بالتخطيط والتنفيذ ضمن إمكاناتهم الذاتية.
مشددا على أن اعتماد «القاعدة» على «الذئاب المنفردة» في شن هجمات على القطارات، يؤكد حرص التنظيم على إمداد أفراده بكل ما يحتاجون إليه من مواد علمية ومصورة تشرح كيفية القيام بأعمال إرهابية من خلال مجلته؛ حتى لا يسهل رصدهم والقبض عليهم من قبل سلطات الدول. لافتا إلى أن «القاعدة» يسعى لخلق جيل جديد من الشباب في الغرب يتبع فكر التنظيم ومنهجه الضال عقيدة ومنهجا.
ويذكر أن مجلة «إنسباير» كانت تصدر تحت إشراف أنور العولقي والذي قتل في سبتمبر عام 2011 بطائرة من دون طيار في اليمن، ثم توقفت المجلة، وعادت للصدور مرة أخرى.
وقال الباحث أحمد توفيق، المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية: إن «المجلة كانت مصدرا جيدا للمتطرفين من الشباب والتي ساعدت فعلا على كسب مقاتلين جدد من الخلايا الفردية، وبخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، بعد أن توفر لهم تفاصيل عمل المتفجرات والإجراءات الأمنية التي تساعد (الجهاديين) في التخفي وعدم تعرضهم للمراقبة والشبهات».
مضيفا: أن إعادة إصدار عدد المجلة يعني محاولة لإعادة نفسها إعلاميا من جديد أمام تراجع تأثير أيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة» على الجماعات المتطرفة، وخطته لاستهداف القطارات محاولة لاسترجاع «زعامته الموهومة» في ظل تنافسه المحموم مع تنظيم داعش الإرهابي.
ويُقدم تنظيم «القاعدة» نفسه كطليعة الجهاد الحق ضد أميركا وروسيا وبريطانيا، وكأصحاب منهج صحيح على خلاف «داعش» الذي يصفه تنظيم القاعدة بـ«الخوارج الغلاة والتكفيريين الجدد».

*-********************************************************

** كلام الصور:
(1:3) أغلفة لمجلة «إنسباير» الصادرة عن تنظيم القاعدة



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.