إجراءات من «الاحتياطي الفيدرالي» لتسهيل مهام مديري المصارف الكبرى

وسط احتمالات استقالة رئيس «ويلز فارغو»

مقر {الاحتياطي الفيدرالي} في واشنطن (ا.ف.ب)
مقر {الاحتياطي الفيدرالي} في واشنطن (ا.ف.ب)
TT

إجراءات من «الاحتياطي الفيدرالي» لتسهيل مهام مديري المصارف الكبرى

مقر {الاحتياطي الفيدرالي} في واشنطن (ا.ف.ب)
مقر {الاحتياطي الفيدرالي} في واشنطن (ا.ف.ب)

وسط تقارير نشرت يوم الخميس الماضي، تشير إلى احتمال استقالة ستيفن سانغر، رئيس مجلس إدارة «ويلز فارغو»، خلال الأشهر المقبلة، توجهت الأنظار نحو مديري المصرف وإشرافهم على المؤسسة المتعثرة. في الوقت الذي يحثّ فيه المساهمون في مصرف «ويلز فارغو» مديري المصرف على تعزيز الرقابة في أعقاب الممارسات الخاطئة المتواصلة، تسير التوجيهات التنظيمية الجديدة، التي اقترحها مجلس إدارة مصرف الاحتياطي الفيدرالي، أكبر جهة تنظيم مالي في الدولة، في الاتجاه المعاكس، حيث يقول مصرف الاحتياطي الفيدرالي بالأساس، إن أعضاء مجالس إدارة المصارف الكبرى في حاجة إلى التخفف من الأعباء.
بعد مراجعة امتدت لسنوات عدة، خلصت جهة التنظيم إلى أن واجبات تنظيمية زائدة عن الحد تقع على كاهل مجالس إدارة المصارف، وتشتت رؤساؤها عن العمل الأهم، وهو توجيه استراتيجية المصرف، وتبني طريقة إدارة فاعلة ناجحة في مؤسساتهم. واقترح مصرف الاحتياطي الفيدرالي توجيهات تنظيمية لمعالجة هذه المشكلة. للأسف، من المرجح أن يحد هذا الاقتراح، الذي من الممكن أن يصبح نافذا ومعمولا به بعد مرور فترة التعليق التي تمتد لستين يوماً، من التفاعلات الضرورية بين جهات فحص المصارف، ومجالس إدارة المصارف، على حد قول منظمين مصرفيين حاليين وسابقين.
يمكن أن تؤدي فكرة مصرف الاحتياطي الفيدرالي، التي تستهدف تخفيف العبء التنظيمي، إلى تقديم قدر أقل من المعلومات إلى المديرين بشأن المشكلات التي يكشفها المراقبون في الحكومة في مؤسساتهم. وقد يمنح الحد من انخراط مجلس الإدارة في هذه الأمور المزيد من الحرية للمسؤولين التنفيذيين في المصارف في الاختيار بين معالجة العيوب التنظيمية وبين عدم القيام بذلك.
وفي ظل تتابع ما يتم كشفه عن الممارسات الفاسدة في «ويلز فارغو»، يبدو توقيت الحد من الاتصال بين المنظمين ومجالس إدارة المصارف غريباً. خلال الأسابيع القليلة الماضية، تم إجبار «ويلز» على الكشف عن قيامه بفرض التأمين على السيارات على عملاء لم يكونوا في حاجة إليه، وعن فشله في رد مبالغ التأمين المستحقة للأشخاص الذين سددوا قروض سياراتهم مبكراً، وزيادة عدد الحسابات التي أنشأها العاملون في المصرف عن طريق الاحتيال من 2.1 مليون، وهو العدد الذي ذكره البنك بشكل تقديري في السابق.
ولا يعد مصرف الاحتياطي الفيدرالي هو الجهة الحكومية الوحيدة التي تعتقد أن مديري مصرف «ويلز» يقعون تحت التهديد، حيث أشار تقرير صدر مؤخراً عن وزارة الخزانة إلى ضرورة إصلاح توقعات المنظمين بشأن مجالس إدارة المصارف من أجل «استعادة التوازن في العلاقة بين المنظمين، ومجالس الإدارة، ومسؤولي إدارة المصارف».
وتأتي توصيات مصرف الاحتياطي الفيدرالي نتاجاً لعمل سبق تولي إدارة ترمب حكم البلاد، لكن من المؤكد أنها متناغمة مع جدول أعمالها الذي يشمل خفض اللوائح التنظيمية. في عام 2014. أوضح دانيال تارولو، الرئيس السابق لمصرف الاحتياطي الفيدرالي، الحاجة إلى عمل تغيير على هذا الصعيد، واستقال من منصبه في أبريل (نيسان).
وتأتي التوجيهات الجديدة، التي أصدرها مصرف الاحتياطي الفيدرالي، في وقت يقول فيه مديرو المصارف إنهم مثقلون بالتفاصيل المنهكة في عملهم؛ وكثيراً ما يلقون اللائمة على اللوائح التنظيمية الكثيرة التي ينص عليها قانون «دود - فرانك»، الذي استهدف تفادي وقوع أزمة مالية في المستقبل. ورفض متحدث باسم مصرف الاحتياطي الفيدرالي التعليق على الاقتراح، في حين طلبت المؤسسة من الجمهور التقدم بآرائهم عن هذه الفكرة.
إليكم ما يريد مصرف الاحتياطي الفيدرالي تغييره. يبلغ مسؤولو الفحص والتدقيق في المصرف حالياً مجلس الإدارة، وكبار المسؤولين الإداريين، بكل الأمور التنظيمية التي تحتاج إلى إجراء إصلاحي. وكما أوضح مصرف الاحتياطي الفيدرالي في عام 2013: «يعد اطلاع مجلس إدارة المؤسسة على نتائج الإشراف والرقابة جزءا مهما من عملية الإشراف على مؤسسة مصرفية». مع ذلك، يبدو أن مصرف الاحتياطي الفيدرالي حالياً يرى أن تلك النتائج معلومات كثيرة جداً بالنسبة لمديري المصارف.
لذا؛ طبقاً للتوجيهات المقترحة، سوف يعود إلى كبار المسؤولين الإداريين قرار إبلاغ مجالس إدارة المؤسسات بما بذلوه من جهود، وما أحرزوه من تقدم باتجاه إصلاح الأمور التي تحتاج إلى اهتمام. سوف يتم توجيه تلك الأمور إلى مجلس الإدارة من أجل اتخاذ إجراءات إصلاحية فقط حين يخفق كبار المسؤولين الإداريين في اتخاذ الإجراء الإصلاحي المناسب، أو حين يحتاج مجلس الإدارة إلى تحمل مسؤوليات إدارة المؤسسة، وذلك بحسب تصريح مصرف الاحتياطي الفيدرالي.
سوف توضح التوجيهات دور ومسؤوليات مجالس الإدارة في عملية الإشراف، وستخصص وقته وموارده بشكل أكثر فاعلية، بحسب تصريح مصرف الاحتياطي الفيدرالي عند الإعلان عن الاقتراح. في ظروف الإدارة المثالية من المفترض أن يؤدي المديرون عملهم بنجاح، وتتولى مجالس الإدارة الإشراف عليهم عن كثب. من المؤكد أن كل دقيقة يقضيها مدير في أمور تافهة، تعني إهدار دقيقة كانت مخصصة لإتمام الإشراف الضروري.
مع ذلك، في الوقت الذي ربما تثق فيه مجالس إدارة المصارف في مديريها، يجب أن يتمكن المديرون من تأكيد الأمور. ويتوخى مصرف الاحتياطي الفيدرالي الحذر حين يقول إن رؤساء مجالس الإدارة سوف يظلون مسؤولين عن مساءلة كبار المسؤولين الإداريين بشأن إصلاح العيوب والمشكلات في عملية الإشراف، لكن قد تكون المهمة أصعب حين لا يكون الرؤساء على علم بالنتائج.
على الجانب الآخر، تقول شيلا بير، الرئيسة السابقة للوكالة الفيدرالية لضمان الودائع، إنها ترى أن محاولة مصرف الاحتياطي الفيدرالي وضع حدود واضحة بين مجلس إدارة المصرف وإدارته أمر إيجابي، لكنها أوضحت في الوقت نفسه أن النظام الذي يقترحه مصرف الاحتياطي الفيدرالي معيب. وأضافت قائلة: «ترك قرار اطلاع مجلس الإدارة على نتائج عملية الإشراف إلى الإدارة يمثل صدمة بالنسبة لي باعتباره مسألة تتضمن إشكالية. أعتقد أن المحققين في المصرف يشعرون بأن ما يخلصون إليه من نتائج له وزن أكبر لدى الإدارة حين يكون مجلس الإدارة ضمن المجموعة المنخرطة في الأمر».
منذ مغادرة تارولو منصبه في المصرف الاحتياطي الفيدرالي، قاد جيروم باول، محافظ الاحتياطي الفيدرالي ورئيس لجنة الإشراف في المصرف، عملية التغييرات في الأمور الخاصة بمديري المصارف. وصرح للجمهور في واشنطن خلال أبريل قائلا: «نحن في حاجة إلى أن نسمح لمجالس الإدارة والمديرين بقضاء وقت أقل في أداء تمرينات الالتزام الفني، وقضاء المزيد من الوقت في التركيز على الأنشطة التي تدعم النمو الاقتصادي المستدام».
وقد تتأثر مجموعة مختلفة من الأمور التنظيمية بالنظام المقترح من جانب الاحتياطي الفيدرالي؛ ومن بين تلك الأمور كيفية تقييم المصرف لدفتر القروض الخاصة به، وكيفية تعويض الخسائر، والتخطيط لتعيين قيادات جديدة، وممارسات إدارة المخاطر. تتمثل المشكلة في أن أفضل المصارف من حيث الإدارة لها عثرات تنظيمية ينبغي أن تثير اهتمام مديريها. على سبيل المثال، أوضحت دراسة أجرتها الوكالة الفيدرالية لضمان الودائع عام 2014، أنه على مدى أكثر من أربع سنوات انتهت في ديسمبر (كانون الأول) 2013. تضمنت نصف تقارير الفحص تقريباً الصادرة عن الوكالة الفيدرالية لضمان الودائع بشأن المؤسسات ذات المستويات المرضية أمرا واحدا على الأقل يستدعي انتباه مجلس إدارة المصرف.
رغم أن الوكالة تشرف على عدد من المصارف أقل من الذي يشرف عليه مصرف الاحتياطي الفيدرالي، تعد نتائجها ذات دلالة أكبر. أكثر الأمور التي تستدعي انتباه مجلس الإدارة، وتحديداً نحو 70 في المائة منها تتعلق بقروض المصارف، بحسب ما أشارت الدراسة. وتشمل تلك الأمور التقييم السليم، والشؤون المتعلقة بإعادة هيكلة الديون المتعثرة. تشمل نحو 30 في المائة من الأمور المتعلقة بالقروض الحاجة إلى إصلاح العيوب وأوجه القصور في طريقة التعامل مع الديون المعدومة فيما يتعلق بالقروض والعقود.
أما ثاني أكبر فئة من الأمور، التي تحتاج إلى انتباه مجلس الإدارة، فكانت الإشراف من جانب مجلس الإدارة والإدارة، بحسب الوكالة الفيدرالية لضمان الودائع. من بين المشكلات عدم تبني المصارف خطة تدقيق تتضمن ملف مخاطر المصرف، والجهات والهيئات التي من الضروري زيادة إشراف مجلس الإدارة أو الإدارة على أدائها في التدقيق، والحاجة إلى تخطيط استراتيجي أفضل، وتطوير الإشراف على نقاط الضعف في التشغيل. وتوصلت الوكالة إلى أن مديري المصارف قد قضوا نحو 80 في المائة من الوقت بشكل مرضي في معالجة الأمور التي أشار إليها المنظم. وذكر مؤلفو الدراسة: «رغبة وقدرة الإدارة والمديرين على النجاح في معالجة نقاط الضعف والمخاطر أمر ضروري للحفاظ على الصحة المالية للمصرف».
وأشارت شيلا بير إلى أن مصرف الاحتياطي الفيدرالي يغير اقتراحه من أجل جعل خطوط وقنوات الاتصال مفتوحة بين مسؤولي الفحص والتدقيق ومديري المصارف. وأضافت قائلة: «إذا أردنا مساءلة مجلس الإدارة عن إصلاح الإدارة ومعالجتها نتائج عملية الإشراف، يجب أن يكون مجلس الإدارة مطلعاً على تلك النتائج. على الجانب الآخر، لا ينبغي أن تنخرط مجالس الإدارة بشكل مباشر في الأمور إلا إذا كانت النتائج تتعلق بطريقة الإدارة. إذا كان هذا هو التمييز والفرق الذي يريد مصرف الاحتياطي الفيدرالي توضيحه، فربما تكون الطريقة الأفضل لفعل ذلك هي توجيه خطابات إلى الإدارة، وإرسال نسخ إلى مجلس الإدارة أو على الأقل إلى لجنة المخاطر والالتزام».
لقد تعلمنا خلال أزمة الرهن العقاري، التي بدأت منذ نحو عقد من الزمان، أن مديري المصارف لا يعلمون سوى النذر اليسير عن المشكلات الموجودة في مؤسساتهم. وقد فشل المنظمون الماليون في أداء دورهم الرقابي على النحو الأمثل أيضاً. رغم أن تلك الأحداث قد ولت، وأصبح وضع المصارف أفضل الآن، الحد من قدر المعلومات التي يتم مشاركتها بين مجالس إدارة المصارف ومسؤولي الفحص لا يبدو إجراءً ذكيا.

* خدمة «نيويورك تايمز»



ارتفاع قياسي في نسبة الاكتفاء الذاتي بالسعودية

سلع غذائية في أحد مراكز التسوق في السعودية (واس)
سلع غذائية في أحد مراكز التسوق في السعودية (واس)
TT

ارتفاع قياسي في نسبة الاكتفاء الذاتي بالسعودية

سلع غذائية في أحد مراكز التسوق في السعودية (واس)
سلع غذائية في أحد مراكز التسوق في السعودية (واس)

أظهرت نتائج إحصاءات الأمن الغذائي، التي أصدرتها الهيئة العامة للإحصاء لعام 2024، ارتفاعاً قياسياً في نسب الاكتفاء الذاتي لعددٍ من المنتجات الغذائية النباتية والحيوانية مقارنة بعام 2023.

وعلى صعيد المنتجات الغذائية الحيوانية بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي من الروبيان 149 في المائة، ومن منتجات الألبان 131 في المائة، ومن بيض المائدة 103 في المائة.

كما بيّنت النتائج أن نسب الاكتفاء الذاتي من الخضراوات بلغت مستويات مرتفعة، إذ حقق الباذنجان 105 في المائة، والبامية 102 في المائة، والخيار 101 في المائة، والكوسة 100 في المائة، وسجلت التمور أعلى نسبة اكتفاء ذاتي بين الفواكه بواقع 121 في المائة، يليها التين 99 في المائة من الاكتفاء الذاتي.

وفيما يتعلق بالزيادات في نسب الاكتفاء الذاتي التي حققتها بعض المنتجات الغذائية في العام الماضي مقارنة بعام 2023، ارتفع الاكتفاء الذاتي من البصل 41.2 في المائة، ومن الطماطم بنسبة 9.2 في المائة، بينما سجَّلت الأسماك ارتفاعاً 8.2 في المائة، وزيادة الاكتفاء الذاتي من الدواجن 1.4 في المائة.

وعلى صعيد آخر، أوضحت نتائج نشرة إحصاءات الأمن الغذائي لعام 2024، أن نصيب الفرد من إجمالي المتاح للاستهلاك من الأرز بلغ 52.1 كيلوغرام سنويّاً، ووصل نصيب الفرد من التمور 35.8 كيلوغرام، ومن البصل 20.5 كيلوغرام، ومن الطماطم 19.6 كيلوغرام. أما في المنتجات الحيوانية، فبلغ نصيب الفرد من الحليب 70.3 لتر سنويّاً، ومن الدواجن 46.9 كيلوغرام، ومن البيض 235 بيضة سنويّاً.

يذكر أن هذه النتائج تستند إلى بيانات المسوح الميدانية التي تنفذها الهيئة العامة للإحصاء، إضافةً إلى السجلات الإدارية من وزارة البيئة والمياه والزراعة، والهيئة العامة للأمن الغذائي، وصندوق التنمية الزراعية، وجرى جمعها وتحليلها وفق منهجيات دقيقة ومعايير جودة عالية؛ لضمان موثوقية المؤشرات ودعم السياسات الوطنية في مجال الأمن الغذائي.


الحكومة اليابانية تُخطط لتخفيضات ضريبية جديدة رغم مخاوف الديون

مشاة يعبرون طريقاً في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
مشاة يعبرون طريقاً في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
TT

الحكومة اليابانية تُخطط لتخفيضات ضريبية جديدة رغم مخاوف الديون

مشاة يعبرون طريقاً في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
مشاة يعبرون طريقاً في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة اليابانية لإطلاق واحدة من كبرى حزم التحفيز الاقتصادي منذ سنوات، تزداد المخاوف في الأسواق من أن تؤدي السياسات المالية التوسعية الجديدة إلى تفاقم عبء الدين الياباني، الذي يُعدّ الأعلى بين الاقتصادات المتقدمة.

وبينما تسعى طوكيو لإنعاش الاستثمار وتحريك النمو، تُحذّر مؤسسات مالية عالمية -مثل «بلاك روك»- من خطر أن تجد اليابان نفسها «متأخرة» عن السيطرة على التضخم، بما قد يُزعزع استقرار الأسواق خلال العام المقبل.

وذكرت صحيفة «نيكي» الاقتصادية أن الحكومة اليابانية تدرس تقديم حزمة واسعة من التخفيضات الضريبية تستهدف تشجيع الشركات على زيادة الإنفاق الرأسمالي. وتشمل المقترحات منح ائتمان ضريبي يصل إلى 7 في المائة من النفقات الرأسمالية، أو السماح للشركات بالبدء فوراً في احتساب الاستهلاك المحاسبي للأصول الجديدة.

ووفق تقديرات وزارة الصناعة اليابانية، فإن هذه التسهيلات قد تتسبب في خفض الإيرادات الضريبية السنوية بنحو 400 مليار ين (2.6 مليار دولار). وتعتزم الحكومة إدراجها ضمن خطة الإصلاح الضريبي المقرر الإعلان عنها لاحقاً هذا الشهر.

وترى رئيسة الوزراء الجديدة ساناي تاكايتشي أن هذه السياسات التوسعية ضرورية لإنعاش الاقتصاد. ومن المتوقع أن يوافق البرلمان على ميزانية تكميلية بقيمة 18.3 تريليون ين (117 مليار دولار) لتمويل حزمة التحفيز، سيتم تمويل الجزء الأكبر منها عبر إصدار سندات دين جديدة.

ديون تتفاقم وضغوط على سوق السندات

لكن هذه السياسات تأتي في وقت حساس للغاية، إذ يبلغ الدين العام الياباني أكثر من ضعف حجم اقتصاد البلاد، وهو رقم غير مسبوق يجعل اليابان الأكثر مديونية في مجموعة الدول الصناعية السبع.

ومع إعلان خطط التحفيز، شهدت السندات الحكومية اليابانية هبوطاً كبيراً، ليرتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى 1.97 في المائة؛ وهو أعلى مستوى في 18 عاماً.

ويعكس هذا التحرك مخاوف من أن تؤدي زيادة الاقتراض الحكومي إلى ضغط أكبر على هيكل الدين، خصوصاً مع بدء بنك اليابان تقليص سياساته النقدية شديدة التيسير التي حافظت على تكاليف الاقتراض قرب الصفر طوال عقد كامل.

وتوضح خطة الحكومة أن الشركات ستكون ملزمة بتجاوز 3.5 مليار ين في الإنفاق الرأسمالي (للشركات الكبرى) و500 مليون ين (للشركات الصغيرة والمتوسطة) للاستفادة من الحوافز، إضافة إلى تحقيق عائد على الاستثمار لا يقل عن 15 في المائة.

وتهدف طوكيو إلى مضاعفة الاستثمار الرأسمالي السنوي، ليصل إلى 200 تريليون ين بحلول عام 2040. وللمرة الأولى منذ 32 عاماً، تجاوز الإنفاق الرأسمالي السنوي حاجز 100 تريليون ين في العام المالي الماضي، في إشارة إلى تحسن ملحوظ في بيئة الأعمال بعد عقود من الانكماش.

كما تدرس الحكومة تقليص الحوافز الضريبية المتعلقة بالبحث والتطوير، مقابل زيادتها للشركات العاملة في الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الكم، استعداداً للتحولات العالمية في الابتكار.

خطر «التخلف عن الركب»

وفي ظل هذه التطورات، حذّر يويتشي تشيغوتشي، كبير استراتيجيي الاستثمار في «بلاك روك» اليابان، من احتمال حدوث اضطرابات في الأسواق خلال العام المقبل إذا وجد بنك اليابان نفسه متأخراً عن السيطرة على التضخم الذي يبلغ حالياً نحو 3 في المائة.

ومن المتوقع أن يرفع البنك سعر الفائدة الرئيسي الأسبوع المقبل بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصل إلى 0.75 في المائة، وهو مستوى لا يزال بعيداً عن معدل التضخم.

وقال تشيغوتشي: «الأسواق تكره سيناريو التخلف عن الركب. وإذا تسارع نمو الأسعار في النصف الثاني من 2026، فقد يُضطر بنك اليابان لتشديد سياسته بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً».

ورغم هذه التحذيرات، تبقى «بلاك روك» متفائلة تجاه الأسهم اليابانية في 2026، بعد الأداء القياسي لمؤشر «نيكي» خلال هذا العام، مدعوماً بالطفرة العالمية في تقنيات الذكاء الاصطناعي التي استفاد منها الموردون اليابانيون بشكل كبير.

ركيزة قوية

ويرى تشيغوتشي أن القطاع المالي الياباني سيظل ركيزة أساسية للنمو، حتى مع احتمالات تكبّد البنوك خسائر محاسبية في حيازاتها من السندات الحكومية.

ويتوقع أن ترتفع عوائد السندات إلى 2 أو حتى 3 في المائة، لكنه يستبعد أن يُشكل ذلك «عائقاً أمام النمو»، مؤكداً أن بيئة «إعادة التضخم» ستكون في المجمل داعمة للنشاط الاقتصادي.


البنك المركزي التركي يخفض سعر الفائدة استناداً إلى تراجع التضخم

البنك المركزي التركي (الموقع الرسمي)
البنك المركزي التركي (الموقع الرسمي)
TT

البنك المركزي التركي يخفض سعر الفائدة استناداً إلى تراجع التضخم

البنك المركزي التركي (الموقع الرسمي)
البنك المركزي التركي (الموقع الرسمي)

خفّض البنك المركزي التركي سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) المعتمد معياراً أساسياً لأسعار الفائدة 150 نقطة أساس إلى 38 في المائة، مدفوعاً بتراجع التضخم في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وقررت لجنة السياسات النقدية للبنك، في اجتماعها الأخير لعام 2025 الذي عقد يوم الخميس، خفض سعر الإقراض لليلة واحدة من 42.5 إلى 41 في المائة، وسعر الاقتراض لليلة واحدة من 38 إلى 36.5 في المائة.

وأبطأ البنك المركزي التركي في اجتماع لجنته للسياسة النقدية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من وتيرة التيسير النقدي، وخفض سعر الفائدة الرئيسي بواقع 100 نقطة أساس فقط إلى 39.5 في المائة، في ظل المخاوف المتعلقة بالمسار الصعودي للتضخم.

وفي اجتماعين سابقين، خفّض البنك المركزي التركي سعر الفائدة بوتيرة أسرع بواقع 300 و250 نقطة أساس في شهري يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، متجاوزاً التوقعات بخطوات أبطأ لعملية التيسير النقدي في ظل ارتفاع التضخم، وبذلك يكون البنك المركزي أجرى 4 تخفيضات متتالية منذ يوليو.

تأثير تراجع التضخم

وأرجع البنك المركزي، في بيان عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية، قرار خفض سعر الفائدة إلى تراجع التضخم في نوفمبر (تشرين الثاني) بأقل من المتوقع نتيجة لتطورات أسعار المواد الغذائية، وانخفاض الاتجاه الأساسي للتضخم بشكل طفيف في أكتوبر ونوفمبر بعد ارتفاعه في سبتمبر.

تراجع أسعار المواد الغذائية خفف قليلاً من الضغوط على التضخم في بتركيا خلال نوفمبر (إعلام تركي)

وقال إن اتباع سياسة نقدية متشددة سيعزز عملية خفض التضخم من خلال قنوات الطلب وسعر الصرف والتوقعات.

وتباطأ معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين في تركيا، في نوفمبر إلى 31.07 في المائة، بينما انخفض على أساس شهري إلى ما دون 1 في المائة مسجلاً 0.87 في المائة، وذلك للمرة الأولى التي يتراجع فيها التضخم الشهري في تركيا إلى أقل من 1 في المائة منذ مايو (أيار) 2023.

وجاء في بيان البنك المركزي أن النمو الفصلي في الربع الثالث كان أعلى من المتوقع، كما أن المؤشرات الرئيسية للربع الأخير من العام تظهر أن ظروف الطلب لا تزال تدعم عملية خفض التصخم.

لكن البيان أشار إلى أنه بينما تُظهر توقعات التضخم وسلوك التسعير علامات تحسن، فإنها لا تزال تشكل عامل خطر على عملية خفض التضخم.

الحفاظ على السياسة المتشددة

وأكد البيان أن لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي ستحدد الخطوات الواجب اتخاذها بشأن سعر الفائدة الرئيسي، مع مراعاة الاتجاه الأساسي للتضخم وتوقعاته، مع استمرار التشديد اللازم لخفض التضخم بما يتماشى مع الأهداف المرحلية.

وأضاف أن اللجنة ستراجع هذه الخطوات بحذر مع التركيز على توقعات التضخم في كل اجتماع على حدة، وسيتم تشديد السياسة النقدية إذا انحرفت توقعات التضخم بشكل كبير عن الأهداف المرحلية.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي لطالما عارض الفائدة المرتفعة عادّاً أنها السبب في التضخم خلافاً للنظريات الاقتصادية التقليدية الراسخة، قد علق على بيانات التضخم لشهر نوفمبر قائلاً: «واجهنا جدولاً يزيد من آمالنا»، مؤكداً أنه سيتم الحفاظ على السياسة المتشددة التي تضمن الاستمرار في خفض التضخم وتحقيق أهداف البرنامج الاقتصادي للحكومة.

وأكد البنك المركزي، في بيانه، أنه في حال حدوث تطورات غير متوقعة في أسواق الائتمان والودائع، فسيتم دعم آلية انتقال السياسة النقدية بإجراءات احترازية كلية إضافية، وستستمر مراقبة أوضاع السيولة عن كثب، وسيستمر استخدام أدوات إدارتها بفاعلية.

وتعهد بالاستمرار في مراقبة مؤشرات التضخم واتجاهه الأساسي، والعمل على تقليل الاتجاه الرئيسي للتضخم الشهري، وتعزيز عملية خفض التضخم من خلال موازنة الطلب المحلي، والحفاظ على موقف السياسة النقدية المتشددة حتى يتم تحقيق انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وتتقارب توقعات التضخم مع النطاق المتوقع.

وأكد أن لجنة السياسات ستحدد الخطوات التي يتعين اتخاذها فيما يتعلق بسعر الفائدة، من خلال نهج حذر وبطريقة تعمل على الحد من الاتجاه الأساسي للتضخم، وتوفير الظروف النقدية والمالية التي من شأنها أن تهبط بالتضخم إلى الهدف المنشود على المدى المتوسط، وهو 5 في المائة، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات المتأخرة لتشديد السياسة النقدية.

وذكر أنه «في هذا الصدد، سيتم استخدام جميع أدوات السياسة النقدية بشكل حاسم، وسوف يتخذ المجلس قراراته ضمن إطار متوقع ومستند إلى البيانات وشفاف».