معلم و معلومة: زيارة إلى منزل تشارلز داروين

المبنى من الخارج
المبنى من الخارج
TT

معلم و معلومة: زيارة إلى منزل تشارلز داروين

المبنى من الخارج
المبنى من الخارج

اشتهر تشارلز داروين بنظرية النشوء والتطور في القرن التاسع عشر حين قدم تفسيره لتطور فصائل الحيوان. ويعتبر داروين أحد أكثر المفكرين تأثيراً في التاريخ الإنساني، وجاء دفنه بكنيسة ويستمنستر بلندن بوسط لندن اعترافاً بمدى تأثيره وشهرته.
ولد تشارلز داروين عام 1809 بمنطقة تشروزبري القريبة من حدود ويلز، وتوفي عام 1882 عن عمر ناهز 73 عاما. قضى تشارلز الأربعين عاما الأخيرة من عمره في منزل كبير عرف باسم «داون هاوس» الذي يطل على مشاهد خلابة بأطراف لندن. انتقل تشارلز برفقة زوجته وأول طفلين لهما إلى المنزل عام 1842، ليرزقا بعدها بثمانية أطفال آخرين، ثلاثة منهم ماتوا في سن الطفولة.
يتميز منزل «داون هاوس» بهيئته المبهجة، ويقع على بعد 14 ميلا إلى الجنوب الشرقي من وسط لندن بالقرب من قرية «داون». بني البيت في بداية القرن الثامن عشر وجرى توسيعه خلال فترة إقامة دارون به. وبعد وفاته عام 1882، استمر البيت ملكا لعائلته حتى بداية القرن العشرين إلى أن بيع وتحول إلى مدرسة خاصة صغيرة للبنات. استمر البيت يستخدم لهذا الغرض حتى بداية العشرينات من القرن الماضي إلى أن أغلقت المدرسة. غير أن مجموعة من كبار علماء ذلك الحين أدركوا أهمية دارون وبيته، وقاموا بجمع التبرعات للبيت ليجري تحويله إلى متحف عام 1929. وساعد أحد أبناء دارون في إعداد المتحف بتقديم الصور الفوتوغرافية والنصيحة فيما يخص استخدام الغرف والتصميم الداخلي. كذلك أعادت عائلته الكثير من قطع الأثاث والتحف الفنية إلى البيت، أهما بكل تأكيد الكرسي والمنضدة التي كان داروين يستخدمها أثناء كتابته لأبحاثه. واستمر البيت على نفس الحال الذي تركه دارون في منتصف القرن التاسع عشر.
والد تشارلز كان قسيسا وتمكن من إرسال ابنه إلى الجامعة على أمل أن يسير الابن على نهج أبيه الديني. غير أن تشارلز أظهر اهتماما بدراسة علم النباتات، وبعد أن ترك الجامعة، نصحه صديق بالانضمام إلى سفينة استكشاف وأبحاث تحمل اسم «إتش إم سي بيغل» لمصاحبة عالم كبير في التاريخ الطبيعي في السفر حول العالم لمراقبة وملاحظة وجمع كل ما يراه مهما. استغرقت الرحلة خمس سنوات ومنحت دارون فرصة كبيرة لدراسة الحياة النباتية والحيوانية ومعرفة نشأتها وتطورها في مناطق مختلفة من العالم. وبعد عودته إلى إنجلترا عام 1836، نشر داروين ملاحظاته في كتاب بعنوان «رسالة في علم الحيوان من رحلة السفينة إتش إم إس بيغل». كان الكتاب سببا في شهرته كعالم في علم الطبيعة وبعد ذلك بدأ في وضع نظرياته وأفكاره بشأن أصل وتطور الأنواع. كتب داروين أول مقالاته عن أصل الأنواع عام 1844، لكن الأمر استغرق خمس عشرة عاما أخرى حتى نشر عمله الكامل حول هذا الموضوع عام 1859.
ورغم أن تشارلز دارون كان عالما متفرغا بشكل كامل، فقد كان أيضا مهموما بشؤون أسرته ومحبا لها. وكان له وقت محدد يختلي فيه بنفسه كل يوم لينكب على دراساته، لكنه كان يراعي تخصيص جزء من وقته خلال ساعات النهار للجلوس وسط عائلته. كان داروين حريصا على أن تتخلل الراحة والتنزه أوقات الدراسة والكتابة، فكثيرا ما كان يخرج للسير وسط حديقة بيته. كان يحب لعب البلياردو، وكان يواظب على لعب مباراة مع كبير خدمه بين الفينة والأخرى.
خضعت بعض غرف البيت لإعادة تصميم لكي توحي بالجو الحقيقي الذي كانت تعيشه الأسرة في البيت، ومن ضمن ذلك غرفة الدراسة الخاصة به، وبها منضدة الكتابة والكرسي الخاص به. وبغرفة النوم الرئيسية التي كان هو وزوجته يتشاركانها سرير بأربعة عوارض. كان السرير مرتفعا بدرجة كبيرة وكان يحتاج إلى ثلاثة درجات للصعود إلية، مما يجعل منه مصدر إبهار للأطفال. كذلك جرى إعادة تنسيق غرفة المعيشة الرئيسية التي كان أفراد الأسرة يقضون أغلب فترات المساء فيها. وتضم الغرفة كراسي مريحة وأدوات موسيقية كانوا يقومون بالعزف عليها.
وحاليا، البيت والحديقة المحيطة به تحت رعاية «هيئة التراث الإنجليزي»، ويجري فتحه أمام الجمهور. تتميز الحديقة بجاذبيتها، وهي بالفعل جديرة بالاستكشاف والمشاهدة لمعرفة المكان الذي كان يزرع فيه داروين نباتاته لاختبار نظرياته.
البيت مفتوح للزيارة سبعة أيام في الأسبوع، وتختلف ساعات الزيارة على مدار العام، حيث تطول في الصيف وتقصر في الشتاء. وأفضل طريقة للوصول إلى «داون هاوس» هي باستخدام سيارتك الخاصة، وإن كان من الممكن الذهاب بالقطار إلى محطة «أوروبنغتون»، ومن هناك التوجه إلى بيت داروين بالحافلة.



«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
TT

«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)

تعدّ الصحاري من أكثر المغامرات إثارةً في العالم، فبعيداً عن الاعتقاد بأنها مجرد مساحات من الفراغ الشاسع، تكشف هذه الوجهات عن سلاسل جبلية وحياة برية فريدة، وثقافات تقليدية، ومناظر طبيعية خلابة مطلية بألوان نقية متنوعة.

وترتبط مصر في الأذهان بمجموعة من الأماكن الأثرية المتفردة المختلفة، لكنها إلى جانب ذلك تحتضن أمكنة لا مثيل لها، فهي أيضاً موطن «الصحراء البيضاء»، التي تتميز بعجائب جيولوجية تقدم للزائر مغامرةً فريدةً، تشعرك عبر تفاصيلها وكأنك تطأ كوكباً آخر؛ لذلك فهي مثالية للذين يبحثون عن قضاء عطلة لا تسقط من الذاكرة.

اُختيرت «الصحراء البيضاء» من قبل موقع «Trip Advisor» المختص بشؤون «السياحة والسفر»، لتتصدر المركز الأول لأفضل وأغرب 20 موقعاً سياحياً فريداً على مستوى العالم؛ فتلك الصحراء الواقعة في «واحة الفرافرة» بمحافظة الوادي الجديد، على مسافة نحو 500 كيلومتر من القاهرة، من أفضل المقاصد السياحية في مصر.

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

وتُعدّ الصحراء البيضاء «محمية متنزه وطني» وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (LUCN)، وتتلخص خصائصها في أنها من المَعالم الطبيعية المهمة، كما تعدّ مصدر دخل مهماً لأهل الواحات، فضلاً عن كونها تمثل قيمةً تاريخيةً وأثريةً كبيرةً.

يُغيِّر لك هذا المكان، الذي يشغل مساحة نحو 3 آلاف كيلومتر مربع، مفهومَك التقليدي للصحراء بوصفها «مجرد» مكان من الكثبان الرملية والحرارة المرتفعة؛ فحين تزورها تُفاجأ بأن اللون الأبيض يغطي معظم أرجائها؛ وهو سر تسميتها، تستقبلك تكويناتها الصخرية التي تتخذ شكلا ًسريالياً، بعضها على هيئة أشكال مألوفة مثل عيش الغراب، وبعضها يتمتع بأشكال غير معروفة؛ ما جعلها تشبه المناظر الطبيعية الثلجية.

سيأخذك المكان إلى عصور قديمة، تمتد إلى آلاف السنين، وستتخيل تلك اللحظات التي هبَّت عليها الرياح القوية خلال هذه العصور، وأسهمت في إنشاء هذه التكوينات.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

وأنصحك بمشاهدة هذه التكوينات النحتية عند شروق الشمس أو غروبها خصوصاً، فعندما تضيئها الشمس بظلالٍ ورديةٍ برتقاليةٍ، أو عندما يكتمل القمر، يضفي ذلك على المناظر الطبيعية مظهراً قطبياً وكأنه شبح ضخم، فتشعر بمزيد من أجواء الإثارة والمغامرة.

ستستحوذ الرمال المحيطة بالنتوءات الصخرية على اهتمامك، إذ ستجدها مليئة بالكوارتز، وأنواع مختلفة من البيريت الحديدي الأسود العميق، بالإضافة إلى الحفريات الصغيرة.

على مقربة من هذه التكوينات يوجد جبلان مسطحان يطلق عليهما بعض المرشدين السياحيين اسم «القمتين التوأم»، وهما نقطة رئيسية للمسافرين، وتعدّ هذه المنطقة وجهةً مفضلةً لدى منظمي الرحلات السياحية المحليين، حيث يمكنك الاستمتاع بالمناظر الخلابة من أعلى التلال المتناظرة المحيطة، التي تتخذ جميعها شكل تلال النمل العملاقة.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

بعد ذلك مباشرة، ستجد طريقاً شديد الانحدار؛ وهو الممر الرئيسي الذي يؤدي إلى منخفض الفرافرة، ويمثل نهاية «الصحراء البيضاء»، لكن هذا لا يعني أن رحلتك انتهت؛ فثمة أماكن ونشاطات أخرى يمكن أن تمارسها.

يستطيع عشاق الحياة البرية، أو الاختصاصيون الاستمتاعَ بمشاهدة الحيوانات البرية النادرة المُهدَّدة بالانقراض مثل الغزال الأبيض والكبش الأروي، كما تضم المحمية بعض الأشجار الصحراوية.

لا ينبغي أن تفوتك زيارة جبل الكريستال، وهو في الواقع صخرة كبيرة مكونة بالكامل من الكوارتز، ويقع الجبل بجوار الطريق الرئيسي، ويمكن التعرف عليه بسهولة من خلال الفتحة الكبيرة في منتصفه.

الصحراء البيضاء (أدوب ستوك)

أيضاً لا ينبغي أن تفوّت متعة تأمل السماء ومراقبة النجوم، انغمس في عجائب هذا المكان الرائع ليلاً، فعندما تتحول السماء إلى اللون الوردي ثم أعمق درجات اللون البرتقالي الناري، بعد الغروب، ستتلاشى الأشكال الصخرية، ويحل الصمت في كل مكان، في هذه اللحظة ستجد البدو يدعونك إلى الجلوس حول نار مشتعلة، والاستمتاع بالدجاج المدفون، وكوب الشاي الساخن، في أثناء التخييم بالمكان.