الأخوان تافياني في «متروبوليس»... سينما تُنصف مكانة الإنسان في العالم

مزجهما الأسطورة بالالتزام المدني فتح نافذة نادرة على شعرية الصورة الإيطالية

صقلية في مراياها المتكسّرة (متروبوليس)
صقلية في مراياها المتكسّرة (متروبوليس)
TT

الأخوان تافياني في «متروبوليس»... سينما تُنصف مكانة الإنسان في العالم

صقلية في مراياها المتكسّرة (متروبوليس)
صقلية في مراياها المتكسّرة (متروبوليس)

استعادت سينما «متروبوليس» عالم الأخوين باولو وفيتوريو تافياني، فشكَّلت دعوة للدخول إلى السياسة والحلم وسؤال الهوية الفردية والذاكرة الجماعية. في بيروت، حيث لا تُتاح دائماً فرصة مُشاهدة هذا النوع من الأفلام على الشاشة الكبيرة، تتحوَّل «متروبوليس» إلى فضاء نادر لعشّاق السينما غير التجارية، ومكان يحترم ذائقة المُتفرّج ويثق بقدرة الصورة على توسيع نظرتنا إلى الحياة.

مُخرجان عاشا العُمر يبحثان عن معنى (متروبوليس)

شغل الأخوان تافياني موقعاً فريداً في تاريخ السينما الإيطالية في النصف الثاني من القرن العشرين، وكانا في صُلب النقاش حول معنى السرد وذاكرة الشعوب والالتزام الأخلاقي للسينما. أفلامهما محاولة لفهم كيف يمكن للصورة أن تُصغي إلى الإنسان العادي؛ الفلّاح والجندي والسجين والمُهاجر، وتمنحه قوة الأسطورة من دون أن تُجرّده من حقيقته. المزج بين الواقعي والحلمي منح سينماهما تماسكها الداخلي وجعلها مفتوحة على الأزمنة والأمكنة والتجارب.

حكاية تُضيء على لحظة يبدأ فيها الإنسان كتابة نفسه من جديد (متروبوليس)

6 أفلام عُرضت، افتتحها «بادري بادروني» الذي نال السعفة الذهبية في مهرجان «كان» عام 1977. فحكاية الفتى الراعي الذي يُنتزع من المدرسة ليُسلَّم إلى الجبل والقطيع، تأمُّل في علاقة السلطة بالطفولة، وفي كيف يتحوَّل الأب إلى دولة صغيرة تمارس هيمنتها على الجسد. من قسوة الريف المعزول إلى البحث المتأخّر عن المعرفة، صنع الأخوان عملاً تجاوز الحكاية نحو التساؤل عن قدرة الاكتفاء بالنجاة على جعلنا نفهم ما حدث لنا.

الأب تحوَّل إلى دولة صغيرة تمارس هيمنتها على الجسد (متروبوليس)

في «ألونسانفان»، انتقل الأخوان إلى زمن آخر، حيث الثائر المُنهك بعد هزيمة نابليون يقف بين إرث يريد التخلُّص منه وخوف من عالم لا يعرفه. في الفيلم، رجل أكله الشكّ، يريد أن يعيش حياة طبيعية فيما يُطالبه الماضي بأن يعود إلى ساحة لم تعد تُشبهه. هنا تُصبح السياسة سؤالاً عن الجسد والتعب والحلم الذي فقد وهجه.

الثورة تعرف دائماً أين تجد أبناءها (متروبوليس)

يتكثَّف هذا النهج في «ليلة سان لورينزو» عبر ذاكرة طفلة تستعيد صيف الحرب العالمية الثانية في قرية توسكانية صغيرة. الحرب خطوة داخل حقل، شائعة تنتشر داخل كنيسة، قرار تُتّخذ فيه الحياة أو الموت على عتبة بيت واحد. تتقاطع الواقعة التاريخية مع الحلم والأسطورة، وتلك اللمسة الخفيفة التي تجعل من العنف حدثاً قابلاً للرواية، لحاجة الإنسان إلى أن يمنحه معنى كي يقدر على تحمُّله. إنه عمل عن التفاصيل الصغيرة التي تصبح ذاكرة وطن.

كي لا تضيع الذاكرة في هواء الحرب (متروبوليس)

ثم حضر «كاوس»، الفيلم الذي ذهب أبعد في اللعب على تخوم الحقيقة والمُتخيّل. باستلهام قصص المسرحي الإيطالي لويجي بيرانديللو، صنع الأخوان لوحة عن صقلية حيث الفقر والأسطورة يتجاذبان البشر، والأم التي تنتظر أبناءها المهاجرين ليست أقلّ واقعية من الرجل الذي يظنّ نفسه مسكوناً بروح الذئب. في الفيلم، العالم شظايا قصص، والمأساة تتجاور مع السخرية، لتصبح الجزيرة نفسها شخصية تُعيد تشكيل البشر بقدر ما يعيدون هم تشكيلها. عمل فتح العين على كيف تُصاغ الحكايات داخل مجتمعات تبحث عن معنى في واقع قاسٍ.

التمثيل باب يفتحه السجناء ليتنفّسوا هواء الحرّية للحظة (متروبوليس)

ومع «يجب أن يموت قيصر»، دخل الأخوان إلى سجن «ريبّيبيا»، حيث يصبح المسرح مساحة حرّية داخل الجدران المُغلقة. السجناء الذين يتمرّنون على نصّ شكسبير، يجدون في الشخصيات ما يعكس حياتهم. فثمة قاتل يتقمَّص المُتآمر، وخائن يُواجه خيانته على الخشبة، ورجال يعيشون لحظة اكتشاف مُرعبة عن أنفسهم. يختفي الحدّ بين الوثائقي والروائي، وتصبح الكاميرا شاهداً على كيف يمكن للفنّ أن يُعيد تعريف المصير.

يأتي «ليونورا أديّو» مثل خاتمة هادئة وحزينة وعميقة، وقّعها باولو وحده بعد غياب شقيقه. هنا يستعيد رحلة نقل رفات بيرانديللو ويُقاطعها بحكاية مهاجر صقلي يرتكب جريمة في بروكلين. يتجاوز الوداع في الفيلم وداع مُخرج لشقيقه، إلى وداع لزمن كامل من السينما التي آمنت بأنّ الحكاية ليست مُلكاً لأحد والقصّة يمكن أن تسافر بين القارات.

وداع يمشي على طريق طويل (متروبوليس)

جمعت «متروبوليس» هذه الأفلام لتتيح للجمهور البيروتي فرصة نادرة لمُشاهدة كيف يمكن لفيلمَيْن عن فتى راعٍ وسجناء في سجن، أو عن ثائر مُتعب وأمّ صقلية تنتظر أبناءها، الانتماء إلى الروح نفسها. سينما الأخوين تافياني تجعل الإنسان العادي مركز الحكاية. فالفنّ يستطيع أن يُحوّل القرية النائية والمزرعة الفقيرة والسجن المُغلق إلى مساحات مفتوحة على أسئلة عن الحرّية والسلطة والذنب والذاكرة. وهذه العودة إلى سينماهما تبدو تمريناً على أن نرى العالم بعيون أخرى.


مقالات ذات صلة

كريم الألفي: «مهرجان البحر الأحمر» يتيح مساحة مميزة للأصوات الجديدة

يوميات الشرق خلال تسلم الجائزة في «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

كريم الألفي: «مهرجان البحر الأحمر» يتيح مساحة مميزة للأصوات الجديدة

يقدّم المخرج وكاتب السيناريو المصري كريم الدين الألفي عملاً سينمائياً ينتمي إلى عالم متخيَّل.

أحمد عدلي (جدة)
سينما ‎من العرض العربي الأول لفيلم «المجهولة» في مهرجان البحر الأحمر بجدة (تصوير: إيمان الخطاف)

الأفلام السعودية في 2025.. سينما تتسع وجمهور يقترب

في 2025، صُنعت الأفلام السعودية لتُشاهَد، ودخلت الموسم وهي تعرف موقعها وطبيعة المتلقي، وتتحرك ضمن مسارات واضحة: صالات السينما أو المنصات الرقمية أو المهرجانات.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق «الهندول» رصد مناطق متعددة من مدينة جدة التاريخية (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

ممدوح سالم: «الهندول» يتعمق في تأثير الفقد على الأطفال

قال المخرج السعودي، ممدوح سالم، إن فيلمه «الهندول» ارتبط بمشهد عاشه في وداع جده، وإن الفكرة ظلت تلح عليه حتى كتبها بعد 10 سنوات.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق دواين جونسون تهاوى في «الآلة المدمرة» (A24)

في 2025... نجوم السينما لا تتلألأ كما بالأمس

أصبح نوع الفيلم هو المسيطر على مستقبل الممثل، ويُحدد نجاحه أو فشله أكثر من الموهبة نفسها.

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))
يوميات الشرق ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

يقدّم الفيلم المصري «خريطة رأس السنة» تجربة سينمائية إنسانية تنطلق من علاقة عائلية واضحة منذ اللحظة الأولى.

أحمد عدلي (القاهرة )

لصحة نفسية أفضل... 5 عادات يجب أن تحملها معك لعام 2026

الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
TT

لصحة نفسية أفضل... 5 عادات يجب أن تحملها معك لعام 2026

الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)

يقترب عام 2025 من النهاية، ويستعد العديد من الأشخاص لدخول العام الجديد بعادات جيدة ومتينة، على صعيد الصحة العامة والصحة النفسية أيضاً.

ومن أبرز العادات المرتبطة بالصحة النفسية التي ينصح الخبراء باتباعها عام 2026:

الاهتمام بالنوم

النوم الجيد هو أساس الصحة النفسية الجيدة. قد يؤثر الحرمان من النوم على المزاج والذاكرة والانتباه. في عام 2026، اجعل النوم أولوية وليس ترفاً. استهدف الحصول على 7-8 ساعات من النوم ليلاً. نم واستيقظ في نفس الوقت حتى في عطلات نهاية الأسبوع. قلل من الوقت الذي تقضيه أمام الشاشة قبل النوم بساعة على الأقل، وخفف إضاءة غرفة نومك.

تقليل وقت استخدام الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي

قد يتراكم التوتر والقلق في ذهنك دون وعي، ويصبح الشك في الذات ملازماً لك مع التصفح المستمر. ورغم أن الحياة الرقمية أمر لا مفر منه، فإن التدريب على وضع حدود لاستخدام الشاشات هو السبيل الوحيد لتحقيق السكينة النفسية. حاول الابتعاد عن الشاشات لمدة ساعة أو ساعتين على الأقل خلال اليوم. من الأفضل عدم تفقد هاتفك فور استيقاظك أو قبل نومك مباشرة. ألغِ متابعة الصفحات التي تثير توترك أو تولد لديك أفكاراً خاطئة، وتجنب المحتوى الذي يجعلك تشعر بالخوف أو الترهيب. كما أن تقليل وقت استخدام الشاشات يُسهم في صفاء ذهنك.

التحدث عن مشاعرك دون الشعور بالذنب

كبت المشاعر مدمر للصحة النفسية على المدى البعيد. بحلول عام 2026، ينبغي أن يصبح من المعتاد مناقشة مشاعرك، سواء مع صديق مقرب أو شخص مختص. التعبير عن المشاعر لا يعني الضعف، بل يساعد على تخفيف التوتر وإتاحة الفرصة للآخرين للوجود معك. عندما تشعر بثقل المشاعر، بادر بالتحدث مبكراً بدلاً من الانتظار حتى تتفاقم الأمور.

تحريك جسمك يومياً

ترتبط التمارين الرياضية ارتباطاً وثيقاً بالصحة النفسية. فهي تُحفز إفراز مواد كيميائية في الدماغ تُحسّن المزاج، ما يُساعد على تخفيف التوتر والقلق. ولا تتطلب التمارين الرياضية جهداً كبيراً، فممارسة اليوغا في المنزل أو الرقص وتمارين التمدد الخفيفة مع المشي يومياً كافية. اختر الأنشطة التي تُحبها، لأنها ستُصبح جزءاً من العناية الذاتية، لا مجرد خطوة روتينية.

اللطف مع الذات

كثير من الناس هم أشدّ منتقدي أنفسهم. الشعور بالنقد الذاتي المستمر قد يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية والثقة بالنفس. كن رحيماً بنفسك، وأنت تستقبل عام 2026. تقبّل فكرة أنه لا بأس بأخذ فترات راحة والعمل متى شئت. استمتع بالانتصارات الصغيرة، ولا تقارن مسيرتك بمسيرة الآخرين.


«نوابغ العرب» تمنح المصري نبيل صيدح جائزة الطب لعام 2025

الدكتور المصري نبيل صيدح
الدكتور المصري نبيل صيدح
TT

«نوابغ العرب» تمنح المصري نبيل صيدح جائزة الطب لعام 2025

الدكتور المصري نبيل صيدح
الدكتور المصري نبيل صيدح

منحت جائزة «نوابغ العرب 2025» الدكتور المصري نبيل صيدح جائزة فئة الطب، تقديراً لإسهاماته العلمية التي أسهمت في تطوير فهم صحة القلب وآليات تنظيم الكوليسترول، وما ترتب عليها من أدوية تُستخدم اليوم على نطاق واسع لتقليل مخاطر أمراض القلب.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الدكتور صيدح على فوزه، مؤكداً أن رسالة المنطقة في تطوير العلوم الطبية «مستمرة مع العقول العربية الفذة» الساعية إلى الابتكار من أجل الإنسان. وقال في منشور على منصة «إكس» إن الفائز، مدير وحدة أبحاث الغدد الصماء العصبية الحيوية في معهد مونتريال للأبحاث السريرية، قدّم إسهامات رائدة في فهم كيفية تعامل الجسم مع الدهون وتنظيم مستويات الكوليسترول، مشيراً إلى أنه نشر أكثر من 820 بحثاً علمياً، واستُشهد بأبحاثه أكثر من 71 ألف مرة.

وأضاف الشيخ محمد بن راشد: «الطب رسالة إنسانية، ومنطقتنا كان لها فضل كبير، على مدى قرون، في تطوير علومه وممارساته وأدواته وأبحاثه»، لافتاً إلى أن جائزة «نوابغ العرب» تعيد «البوصلة إلى مسارها الصحيح» عبر الاحتفاء بما يقدمه الإنسان العربي وإبراز نماذجه قدوة للأجيال.

الدكتور المصري نبيل صيدح

وتُعد من أبرز محطات المسيرة العلمية للدكتور صيدح مساهمته في اكتشاف إنزيم «بي سي إس كيه 9» (PCSK9)، الذي يلعب دوراً محورياً في التحكم بمستويات الكوليسترول في الدم؛ إذ بيّن هذا الاكتشاف أن زيادة نشاط الإنزيم قد تقود إلى ارتفاعات خطرة في الكوليسترول، ما شكّل نقطة تحول أسهمت في تطوير جيل جديد من العلاجات المعروفة باسم «مثبطات بي سي إس كيه 9»، التي تُستخدم على نطاق واسع لخفض الكوليسترول وتقليل مخاطر أمراض القلب.

وإلى جانب أبحاثه في صحة القلب، قدّم صيدح إسهامات علمية في فهم أمراض الكبد الدهني واضطرابات السمنة وانتشار السرطان، إضافة إلى تفسير كيفية دخول بعض الفيروسات إلى الخلايا البشرية، بما فتح مسارات جديدة أمام تطوير علاجات مبتكرة في أكثر من مجال طبي.

وفي السياق ذاته، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالدكتور صيدح أبلغه خلاله بفوزه، مشيداً بأبحاثه المتقدمة التي فتحت آفاقاً لتوظيف أحدث التقنيات والبيانات في ابتكار أدوية جديدة وعلاجات تخصصية ترتقي بمستويات الرعاية الصحية.

ويجسد مشروع «نوابغ العرب» مبادرة استراتيجية عربية أطلقها الشيخ محمد بن راشد لتكريم العقول العربية المتميزة في 6 فئات تشمل: الطب، والهندسة والتكنولوجيا، والعلوم الطبيعية، والعمارة والتصميم، والاقتصاد، والأدب والفنون، بهدف استئناف مساهمة المنطقة العربية في مسار الحضارة الإنسانية.


طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
TT

طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)

غيّب الموت الفنان المصري، طارق الأمير، الأربعاء، بعد مشوار فني قدم خلاله العديد من الأدوار اللافتة، ورغم ظهوره القليل فإن الفنان الراحل استطاع ترك بصمة مميزة في عالم الفن من خلال أعماله، وفق نقاد ومتابعين.

وفور إعلان خبر رحيل طارق الأمير، تصدر اسمه «الترند» على موقعي «إكس»، و«غوغل»، الأربعاء، في مصر، وتداول البعض على مواقع «سوشيالية»، لقطات فنية من أعماله، كما ربطوا بين توقيت رحيله، ودراما رحيل الفنانة نيفين مندور التي توفيت قبل أيام، خصوصاً أنهما شاركا معاً في بطولة فيلم «اللي بالي بالك»، قبل 22 عاماً، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً حينها.

وقبل أيام، تعرّض طارق الأمير لأزمة صحية مفاجئة، مكث على أثرها في أحد المستشفيات لتلقي العلاج اللازم، ولم تنجح محاولات الأطباء في علاجه.

وشيعت جنازة الفنان الراحل من أحد مساجد القاهرة، ظهر الأربعاء، وسط حضور فني وأسري بارز، لمساندة شقيقته الفنانة لمياء الأمير، كما حضر نجل خاله الفنان أحمد سعيد عبد الغني، والأخير نعاه عبر حسابه على موقع «فيسبوك»، وكتب: «توفي إلى رحمة الله ابن عمتي الغالي الفنان طارق الأمير»، كما نعى الأمير عدد آخر من الفنانين بحساباتهم على مواقع التواصل، من بينهم، روجينا، ونهال عنبر، ويوسف إسماعيل، بجانب نعي نقابة «المهن التمثيلية»، بمصر.

الفنان الراحل طارق الأمير (حساب الفنان أحمد سعيد عبد الغني على موقع فيسبوك)

وعن موهبة الفنان الراحل طارق الأمير، يقول الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، إن «الفنان الراحل من الألغاز التي رحلت عن عالمنا بلا إجابة»، لافتاً إلى أنه «من الفنانين المبدعين الذين تركوا بصمة مميزة في الكتابة والتمثيل في وقت قليل جداً».

وأضاف عبد الرحمن في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن مشاركة طارق الأمير في فيلمين من أكثر الأفلام تحقيقاً للمشاهدة، وهما «اللي بالي بالك»، و«عسل إسود»، كان من حسن حظه، رغم مرور أكثر من 20 عاماً على إنتاجهما.

محمد سعد وطارق الأمير في لقطة من فيلم «اللي بالي بالك» (يوتيوب)

وأكد عبد الرحمن أن «طارق الأمير لم يحصل على مساحته بشكل جيد، وغالباً ما يكون الأمر مرتبطاً بعدم رغبته أو قدرته على تسويق نفسه، أو انتمائه لجيل معين، وعندما تراجع هذا الجيل تراجع هو الآخر بالتبعية، ولكن في المجمل، ورغم أعماله القليلة في الكتابة والتمثيل، فإنه كان صاحب موهبة حقيقية».

في السياق، بدأ طارق الأمير مسيرته التمثيلية في تسعينات القرن الماضي، وشارك خلالها في عدد من الأعمال الفنية، وقدم أدواراً مميزة من بينها شخصية «الضابط هاني»، في فيلم «اللي بالي بالك»، مع الفنان محمد سعد، وكذلك شخصية «عبد المنصف»، في فيلم «عسل إسود»، حيث شكل مع الفنان أحمد حلمي «ديو» كوميدي لافت، بجانب مشاركته في أفلام «عوكل»، و«كتكوت»، و«صنع في مصر»، وبعيداً عن التمثيل، كتب طارق الأمير السيناريو لعدد من الأفلام السينمائية، مثل «مطب صناعي»، و«كتكوت»، و«الحب كدة»، وغيرها.