استحوذت الأفلام التي طرحت قضايا سودانية وفلسطينية على جوائز «مهرجان الدوحة السينمائي» 2025، الذي اختتم فعاليات دورته الأولى، الجمعة، وشهد حفل الختام الذي استضافه «الحي الثقافي كتارا»، بالعاصمة الدوحة، حضوراً بارزاً من الضيوف، وصناع الأفلام المشاركة، والتي تنوعت بين التجارب الشخصية، والقصص الخيالية، والحكايات الواقعية والإنسانية، إلى جانب العروض الموسيقية، والجلسات الحوارية.
ونافس في المهرجان 97 فيلماً من 62 دولة، بمجموع جوائز تجاوزت 300 ألف دولار أميركي، خلال 4 مسابقات رئيسية، هي المسابقة الدولية للأفلام الطويلة، والقصيرة، و«أجيال»، و«صنع في قطر»، بالإضافة إلى عدد كبير من العروض الفنية الخاصة؛ كما سلط المهرجان الضوء على القضايا الدولية، خصوصاً الأفلام التي طرحت جوانب من القضية الفلسطينية بأوجه مختلفة، والأفلام السودانية الروائية والوثائقية.

وشملت جوائز «المسابقة الدولية للأفلام الطويلة»، تنويهاً خاصاً بفيلم «المحمية»، للمخرج بابلو بيريز لومبارديني، وأفضل أداء للفنانين ماجد عيد، ونادر عبد الحي عن دورهما في فيلم «كان يا ما كان في غزة».
وبدوره عبر الفنان ماجد عيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، عن امتنانه لفريق الفيلم بعد حصوله على الجائزة التي عدَّها ثمرة جهود الفريق كاملاً، مؤكداً أن دوره علامة فارقة في مشواره، وأن ردود الفعل الإيجابية التي تلقاها من الجمهور والنقاد تعكس نجاح الفيلم في إيصال رسالته، لأن السينما تمثل أرشيفاً حياً للأحداث والتجارب الإنسانية، ويمكن أن تكون أداة فعالة لتغيير الآراء وتعزيز التعاطف مع القضايا الدولية.

من جانبه، أكد عبد الله المسلم، رئيس الشؤون الإدارية في «مؤسسة الدوحة للأفلام»، أن تحضيرات المهرجان التي بدأت منذ أشهر عدّة، كان هدفها إبراز القضايا الفلسطينية والسودانية، فلم يكن الأمر صدفة، وفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً، أن «المؤسسة حريصة على تسليط الضوء على الأصوات العربية ودعمها».
وأوضح المسلم، أن دعم المؤسسة للمهرجان سهّل جميع الأمور، مضيفاً: «لم نواجه تحديات كبيرة، ونجح المهرجان في إبراز الدولة في أبهى صورة، لكن الجديد هو انتشار فعاليات المهرجان في مناطق عدة بالدوحة، حيث اتسعت دائرتها جغرافياً، ولم تكن مقتصرة على أماكن محدودة مثلما كان يحدث في مهرجان (أجيال السينمائي)».

وعن تعاون «الدوحة السينمائي» مع مهرجانات أخرى أكد المسلم أنه بالفعل أُعلن عن اتفاقية تعاون مع «القاهرة السينمائي» و«لجنة تنظيم الأفلام»، في قطر، وسيُعلن عن التفاصيل قريباً.
وفي السياق، نال فيلم «مع حسن في غزة»، للمخرج الفلسطيني كمال الجعفري، أفضل إنجاز فني، وحصل فيلم «رينوار»، للمخرج تشي هاياكاوا، الجائزة نفسها، بينما فاز الفيلم الوثائقي «بابا والقذافي»، جائزة أفضل فيلم، وأكدت مخرجته جيهان الكيخيا، لـ«الشرق الأوسط»، أن الفيلم الذي يعد أولى تجاربها الإخراجية استمر العمل عليها لسنوات، وكان نتاجه فرحة عارمة لها ولأسرتها، ولسيرة والدها الراحل، موضحة أنها ستعمل على تقديم أعمال عدة تكرس فيها كل جهودها الفنية، خصوصاً الموضوعات التي تخص وطنها ليبيا.
وذهبت جائزة أفضل فيلم طويل للمخرج غييرمو غالوي عن فيلم «مدينة لا تنام»، وتصويت الجمهور للفيلم السوداني «ملكة القطن»، للمخرجة سوزانا ميرغني، وتعليقاً على حصول الفيلم على الجائزة، أكد الفنان السوداني محمد موسى أحد الأبطال لـ«الشرق الأوسط»، أن «العمل استطاع طرح رسالة من الواقع السوداني وإيصالها للناس، ولاقت نجاحاً وتفاعلاً كبيراً، وصدى لدى الجمهور»، لافتاً إلى أنه دخل مجال التمثيل صدفة، ولكنها كانت صدفة فارقة في حياته الشخصية، وفق قوله.
وحصل فيلم «المينه»، للمخرجة راندا معروفي على تنويه خاص، كما حصل الفنان عمار أحمد على تنويه خاص أيضاً، عن دوره في فيلم «زيزو»، بينما نالت الفنانة ميليكا جانيفسكي جائزة أفضل أداء عن دورها في فيلم «عند شروق الشمس»، وأفضل مخرج، لآريا سانشيز ومارينا ميرا، عن فيلم «تعليم أساسي»، وأفضل فيلم «سامبا إلى الأبد»، للمخرج ليوناردو مارتينيللي.

وفي مسابقة «صنع في قطر»، حصل فيلم «مشروع عائشة»، للمخرج فهد النهدي على تنويه خاص من لجنة التحكيم، في حين ذهبت جائزة عبد العزيز جاسم لأفضل أداء للفنان راشد الشيب، الذي جسد شخصية الجد في فيلم «فهد الغاضب»، وأفضل مخرج، للمخرجة السودانية إيمان ميرغني عن فيلمها «فيلا 187»، أفضل فيلم للمخرج جاستن كرامر، عن فيلم «فهد الغاضب».
وفاز فيلم «صوت هند رجب»، للمخرجة كوثر بن هنية بأفضل فيلم طويل في مسابقة «أجيال»، وحصل فيلم «سليماني»، للمخرجة فيني آن بوز على جائزة أفضل فيلم قصير.
وخلال مشاركتها في مؤتمر صحافي خلال فعاليات المهرجان، أكدت مديرة المهرجان، فاطمة حسن الرميحي، الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة الدوحة للأفلام»، تركيز المؤسسة على القصص الأصيلة، والحوار الهادف، والتجارب التي تجمع الناس وتقربهم من بعضهم بعضاً، لافتة إلى أن «نجاح المهرجان فاق كل التوقعات بفضل هذا النهج»، مؤكدة في كلمتها بحفل الختام، أن «مؤسسة الدوحة للأفلام ستواصل دعم الأصوات الأصيلة والصريحة على الدوام».

