نظَّم مهرجان الدوحة السينمائي في دورته الأولى عرضاً خاصاً للفيلم الوثائقي «قصتي» الذي يتناول «الفصول الأربعة» في حياة الفنان السوري، جمال سليمان، بالتزامن مع تكريمه في المهرجان بجائزة «التميز الإبداعي».
وتناول الفيلم تفاصيل متنوعة من حياة سليمان المهنية والشخصية وعشقه للشتاء الذي ولد فيه، وكيف كان متعلقاً بوالديه، وبالمسرح، والتحاقه بالمعهد العالي للفنون المسرحية في سوريا، كما سلَّط الفيلم الضوء على تقلبات حياته، وكيف توقف جرس هاتفه وانقطع التواصل بينه وبين صناع الفن في سوريا، عقب تصريح سياسي يخص حزب البعث السوري اعتبره البعض خطيراً، موضحاً أنه تعرض للتجاهل الشديد من قبل صناع الفن عقب هذا التصريح.
وأشار الوثائقي الذي أنتجته «الجزيرة 360»، إلى أن مشاركة سليمان في الدراما المصرية، عقب إحجام السورية عنه، كانت الشرارة الأولى لانتشاره فيما بعد في مصر رغم تردده في البداية، حسب حديثه بالفيلم: «لم أشعر بنص مسلسل (حدائق الشيطان) في البداية، ولم أكن واثقاً من ظهوري بدور صعيدي؛ فقد كانت جرأة ومغامرة كبيرة، لكن إغلاق الأبواب في سوريا جعلني أقبل التحدي»، مشيراً إلى أن ثقة المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ كانت وراء اختياره لدور «مندور أبو الذهب».
وذكر سليمان بالفيلم أن الفنان عادل إمام، قال له نصاً: «أنت دخلت مصر وتركت الباب مفتوحاً وراءك يا جمال»، في إشارة لدخول عدد كبير من الفنانين السوريين بالدراما المصرية أسوة به، واصفاً وجوده في مصر بأنه نقطة تحوُّل في حياته، والقدر الجميل الذي أمّن له العمل وسبل العيش، مؤكداً حبه لمصر أكثر بعد استقباله بحفاوة شديدة.
وتحدث سليمان عن العلاقة الوطيدة بينه وبين المخرج الراحل حاتم علي، موضحاً أنهما قدما معاً مجموعة من أفضل أعماله التي أثرت في الوجدان العربي، من بينها: «الفصول الأربعة»، و«العراب»، و«ملوك الطوائف»، و«ربيع قرطبة»، و«التغريبة الفلسطينية».

وقال الفنان السوري إنه تعرض للتهديد، واقتحام منزله في سوريا، وإن وجوده في مصر كان أفضل خيار له، موضحاً أنه لم يخطر بذهنه يوماً الانخراط بالسياسة، لكن واجبه تجاه وطنه حتَّم عليه ذلك.
من جانبه، كشف المخرج المصري، ياسر عاشور، كواليس التحضير لفيلم «قصتي»، التي شهدت كثيراً من النقاشات المهمة، والتحفُّظ على بعض الأمور الخاصة، التي كان يرى سليمان أنها لا تهم الناس، لافتاً إلى أن الفنان السوري كان يريد فيلماً يدوم، ولا يرتبط بفترة زمنية محددة.
وأضاف عاشور لـ«الشرق الأوسط»: «جمال سليمان لم يكن يرغب في الحديث عن علاقته بوالديه، لكن تناول العلاقة بينهما من منظور مختلف طمأنه، وجعله يشعر بأريحية».
وكان الفنان تحدث خلال الفيلم عن علاقته بوالديه وكيف حُرم من تبادل كلمات الوداع معهما، وتلقي التعازي فيهما، مشيراً إلى أن والدته كانت سعيدة بنجاحه، وكانت تحب شخصيته في مسلسل «التغريبة الفلسطينية»، وصل إلى حد مناداته باسم «أبو صالح»، حتى في لحظات الاحتضار الأخيرة كانت تردد الاسم على مسامع الجميع، وتطلب حضوره.

ويقدم فيلم «قصتي» نظرة على مسيرة جمال سليمان، الذي وصفه المخرج ياسر عاشور بأنه «أكثر من مجرد نجم»، موضحاً أن تركيزه على علاقة جمال سليمان بالمخرجين الراحلين إسماعيل عبدالحافظ وحاتم كان لتأثيرهما الكبير بمسيرته الفنية بسوريا ومصر، مؤكداً أن الأول كان سبباً وراء انتشاره بمصر، والثاني زميل الرحلة المهنية بسوريا والصديق الشخصي.
وعن ظهور بعض الشخصيات المؤثرة في حياة الفنان السوري بالفيلم الوثائقي، أكد عاشور أنه كان يرغب في مشاركة أسماء فنية عدة للحديث عن علاقتهم بجمال سليمان، ولكن هناك من فضل عدم المشاركة، وهناك من تحمّس بشكل كبير، مثل السيناريست مدحت العدل، وشخصيات أخرى كثيرة.
وأعرب عاشور عن امتنانه لمهرجان «الدوحة السينمائي»، على دوره في تمكين صناع الأفلام الوثائقية من عرض أعمالهم، التي لا تصنع بهدف الثراء، مؤكداً أنه يأمل في إعادة التجربة مجدداً مع فنان عربي آخر، موضحاً أن «الأفلام التي توثق السير الذاتية مهمة ولها جمهور خاص يتطلع على الدوام إلى مشاهدتها».

