أثار فيلم «صوت هند رجب»، الذي افتتح فعاليات الدورة الأولى من مهرجان «الدوحة السينمائي» المستمر حتى 28 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، تفاعلاً وتعاطفاً كبيراً من جمهور المهرجان، وصل إلى حد البكاء، خصوصاً مع تناوله قضية إنسانية بالمقام الأول وتسليطه الضوء على معاناة الطفلة الفلسطينية هند رجب حمادة، خلال ساعات وسط أجواء مليئة بالقتل والدمار، وتعرضها للقتل في النهاية بعد ترقب لمصيرها.
ويحكي الفيلم المأخوذ من أحداث حقيقية حدثت على أرض قطاع غزة الفلسطيني، والحاصل على دعم «مؤسسة الدوحة للأفلام»، كيف كانت مشاعر ضابط غرفة العمليات المركزية التابعة لـ«جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني» عمر وزميلَيه رنا ومهدي في نفس المكان، بعدما تلقوا مكالمة هاتفية تدعوهم لإنقاذ الطفلة هند والمرافقين لها.
وتدور أحداث الفيلم في أحد أيام شهر يناير (كانون الثاني)، من العام الماضي 2024، حيث ظل عمر على الهاتف مع هند التي تبلغ من العمر 6 سنوات ليطمئنها هو وزميلته رنا، وبصوت مرتعش للغاية طالبتهم هند بإنقاذها سريعاً حتى لا تقع فريسة لرصاص جيش الاحتلال، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك بعد أن تعرضت سيارة الإسعاف التي ذهبت لإنقاذها للقصف، بعد ساعات من التنسيق وأخذ الضوء الأخضر، عقب مشادات وسجالات طويلة بين عمر ومهدي، والأخير هو مسؤول «التنسيق» لسيارات الإسعاف.
وحرص الفيلم على تسليط الضوء على «المعالجة النفسية» التي تستعين بها «جمعية الهلال الأحمر» الفلسطيني، ودورها في دعم وتأهيل وتهدئة ضباط العمليات المركزية التي تستقبل مكالمات الحالات الإنسانية والطبية، وتوزيع سيارات الإسعاف للأماكن التي تطلب المساعدة على مدار الساعة.
وخلال الندوة التي عُقدت على هامش المهرجان، الجمعة، وشهدت اجتماع أبطال الفيلم والشخصيات الحقيقية، والمخرجة كوثر بن هنية، ومنتج الفيلم، أكد عدد من فريق العمل أن «الفيلم بمثابة شهادة مؤثرة على معاناة الطفلة هند، كما أنه يذكّر بصمت الألم الذي يعيشه القطاع خصوصاً، وأبناء فلسطين عامة».
وأشاد طاقم العمل بالدور البطولي الذي تقدمه «جمعية الهلال الأحمر» الفلسطيني، في حين أكد الممثلون عامر حليحل، ومعتز ملحيس، وكلارا خوري، وسجى الكيلاني، أنهم يشعرون بالفخر لتجسيد شخصيات مستمدة من واقع الحياة وتتحلى بشجاعة حقيقية.
وأشارت كوثر بن هنية إلى أن الفيلم ليس مجرد شرح للأحداث، بل وسيلة لخلق التعاطف حتى «لا ينسى الجمهور صوت هند»، وقالت: «لا شيء يضاهي السينما في قوتها لبناء التعاطف»، مؤكدة أن اختيارها سرد الحكاية من داخل غرفة عمليات «الهلال الأحمر» الفلسطيني، جاء لأنها «كانت الإطار الأكثر صدقاً لما حدث».

وأوضحت كوثر أن السبب وراء استخدام التسجيل الحقيقي لنداء استغاثة هند لإنقاذها بدلاً من إعادته في الفيلم بصوت آخر، أن «صوتها الحقيقي هو الركيزة الرئيسية للعمل»، على حد تعبيرها.
ووصف عمر القعم، الشخصية الحقيقية بغرفة عمليات «الهلال الأحمر»، والذي تلقى المكالمة، أن الأثر العاطفي للفيلم يكمن في طلب طفلة للمساعدة وتوسلها بحرقة، لذلك «كان لا بد أن يصل صوتها إلى العالم».
وحضرت السيدة وسام والدة الطفلة هند حفل افتتاح المهرجان، ووجهت كلمة لجمهوره، مؤكدة أن «صوت هند رجب» كان بمثابة «رسالة قوية لإيصال صوت أطفال غزة الذين يعيشون في قلب الحرب والظلام ويعانون الحرمان إلى العالم».
ويشارك في مسابقات مهرجان «الدوحة السينمائي» في دورته الأولى 97 فيلماً من 60 دولة، كما شهد حضور نخبة بارزة من صنّاع السينما حول العالم.

