أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» إدراج مدينة الرياض والمدينة المنورة ضمن شبكتها للمدن المبدعة، في مجالَي التصميم وفن الطهي، على التوالي، وذلك بعد اعتماد نتائج تقييم طلبات الانضمام إلى القائمة لعام 2025.
وذكرت «هيئة فنون العمارة والتصميم» السعودية أن انضمام الرياض إلى الشبكة يأتي تأكيداً لمكانتها المتنامية بصفتها مركزاً إقليمياً للإبداع والابتكار في المجال، عادّةً الإنجاز ثمرة جهودٍ تكاملية قادتها بالتعاون مع جهات حكومية وأكاديمية وغير ربحية والقطاع الخاص، لإعداد ملف، أبرز حيوية مشهد التصميم بالعاصمة، وتنوعه بين العمارة والتصميم الحضري والصناعي والداخلي والرقمي، وتصميم المنتجات، والإبداع المعاصر.

بيئة محفزة للابتكار
أكّدت الدكتورة سمية السليمان، الرئيس التنفيذي للهيئة، أن هذا الاعتراف الدولي يُمثِّل خطوة تاريخية تعكس طموح البلاد في جعل العاصمة نموذجاً عالمياً يحتذى به في توظيف الإبداع لخدمة التنمية الحضرية والثقافية، مشيرة إلى أنه جاء نتيجة للاستراتيجية الوطنية للقطاع في بناء بيئة محفزة للابتكار، وتمكين الكفاءات السعودية بمجالات التصميم المختلفة.
وأشارت إلى أن الهيئة تسعى لترسيخ مكانة الرياض عاصمة عالمية للتصميم، ونموذجاً يحتذى به في العمارة والتصميم، ومصدر إلهامٍ للمدن الأخرى، عبر مبادرات وبرامج داعمة للممارسات الإبداعية، وتعزيز التعاون بين القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية، وتمكين المبدعين السعوديين للمشاركة الفاعلة في إثراء القطاع، بما ينسجم مع مستهدفات «رؤية 2030»، مؤكدةً أهمية دور التصميم كونه أداة للتنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة.

تنمية ثقافية مستدامة
يعكس هذا الانضمام مكانة الرياض بوصفها مدينة مبدعة في التصميم تجمع الأصالة والتجديد، وتمثل نموذجاً للتنمية الثقافية المستدامة القائمة على الإبداع، كما يؤكد التزام السعودية بتعزيز حضورها الثقافي على الساحة الدولية، واستثمار الطاقات الإبداعية في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030».
وتستهدف الهيئة عبر تسجيل الرياض ضمن «المدن المبدعة»، إبراز مكانة السعودية وجهة عالمية رائدة في الابتكار والإبداع العمراني، وتعزيز حضورها على خريطة التصميم العالمية، كذلك إظهار القدرات الوطنية، وتمكين المصممين والمعماريين السعوديين لتبادل الخبرات الدولية وصقل مهاراتهم، من خلال المشاركة في الشبكة التي تضم مدناً عالمية رائدة بالمجال.

مشهد معماري فريد
جاء اختيار الرياض انعكاساً لمكانتها المتميزة بصفتها عاصمة وطنية ذات إرث تاريخي وثقافي ومعماري غني، ومركزاً للتحول الحضري والابتكار بالمنطقة، إذ تحتضن مشهداً معمارياً فريداً يجمع الحداثة والأصالة في التصميم، ما أسهم في صياغة هوية تصميمية وعمرانية فريدة، كما تتميز بوجود مشاريع ومبادرات كبرى بمجالات التصميم العمراني والهندسي، ومراكز أكاديمية وبحثية لتطوير القدرات الوطنية.
من جانب آخر، يأتي إدراج المدينة المنورة بصفتها ثاني مدينة سعودية مبدعة بمجال فن الطهي بعد بريدة، ثمرةً لجهود وطنية شاركت بها عدة جهات بقيادة هيئة فنون الطهي، في إعداد ملفٍ شاملٍ، متضمناً البيانات والإحصاءات والمعلومات اللازمة، وفق اشتراطات المنظمة، والمعايير المطلوبة للتسجيل في الشبكة.

مركز للتنوع الثقافي
تُمثِّل المدينة المنورة منطقة جذب للملايين من الزوار سنوياً، ومركزاً للتنوع الثقافي والتجاري الإقليمي لوجودها على طرق التجارة والحج الحيوي، وتشتهر بتراثها الأصيل في فنون الطهي، المتأصلة في ثقافتها، وبتربتها البركانية الخصبة، وكذلك تأثرها بحضارات متنوعة، ما أدى إلى تنوع النكهات وتقاليد الطهي.
ويُعدّ هذا الإدراج حدثاً ذا أثر ملموس على مستقبل المدينة المنورة، حيث سيضعها ضمن خريطة المدن العالمية ذات التميز في مجالات الطهي، كما سيمنحها حضوراً دولياً أعلى، بما يدعم مستهدفات «رؤية 2030» الرامية إلى تعزيز ريادة السعودية عالمياً.

تعزيز أصالة الطهي
يمنح تراث المدينة المنورة في مجال الطهي فرصاً للتنمية عبر المجتمع المحلي، والشركات المعروفة بالمعجنات التقليدية، حيث تضم سوق «الطباخة»، وهو الأول الذي يركّز على ذلك الفن، ويُشجع على مزيدٍ من الشراكات بين القطاع الحكومي والخاص لتطوير القطاع مع المحافظة على أصالته وتقاليده.
وتهدف الشبكة العالمية منذ عام 2004 إلى تعزيز التعاون بين المدن التي تستثمر في الثقافة والإبداع كونهما محرّكات رئيسية للتنمية المستدامة، وتسليط الضوء على إبداعها في 8 مجالات، هي: الحرف والفنون التقليدية، والتصميم، والأفلام، وفن الطهي، والأدب، والفنون الإعلامية، والموسيقى، والعمارة.

وتضم الشبكة 350 مدينة موزعة في أكثر من 100 بلد حتى عام 2024، وتلتزم كل منها رغم تفاوتها الجغرافي والديموغرافي والاقتصادي بتطوير أفضل الممارسات، ونقلها إلى الآخرين من أجل الترويج للصناعات الإبداعية، وتعزيز المشاركة في الحياة الثقافية، وإدماج الثقافة في سياسات التنمية الحضرية المستدامة.



