ريما نجيم: أبرز عناوين عودتي الإذاعية تصويب النظرة إلى الرجولة والأنوثة

الإعلامية اللبنانية تطلّ بعد غياب بالصوت والصورة في برنامج صباحي غير تقليدي

الإعلامية اللبنانية ريما نجيم تعود إلى برنامجها الإذاعي بعد غياب 3 سنوات (صور نجيم)
الإعلامية اللبنانية ريما نجيم تعود إلى برنامجها الإذاعي بعد غياب 3 سنوات (صور نجيم)
TT

ريما نجيم: أبرز عناوين عودتي الإذاعية تصويب النظرة إلى الرجولة والأنوثة

الإعلامية اللبنانية ريما نجيم تعود إلى برنامجها الإذاعي بعد غياب 3 سنوات (صور نجيم)
الإعلامية اللبنانية ريما نجيم تعود إلى برنامجها الإذاعي بعد غياب 3 سنوات (صور نجيم)

أكثر من 25 عاماً استفاقت ريما نجيم خلالها ما بين الخامسة والخامسة والنصف فجراً. لا يُوقظها مُنبّه الواجب، بل شغف الأثير. تخبر الإعلامية اللبنانية «الشرق الأوسط» أنها لم تتعامل مع برنامجها يوماً على أنه وظيفة، فهذا الموعد الصباحي اليوميّ هو هواؤها وجرعتها الخاصة من الأكسجين.

لكن يحدث أن تقطع نجيم الهواء عن نفسها لفتراتٍ طويلة، فتقفل باب الاستوديو ويصمت أثيرها. تعود، اليوم، إلى الإذاعة بعد 3 سنوات من الغياب. تُصبّح على مستمعيها بعبارتها الشهيرة «الله معكن»، فيردّون فوراً «يا ريما»؛ وهو اسم برنامجها المتواصل منذ ربع قرن على إذاعة «صوت الغد» اللبنانية.

«طال غيابي. حذّرني كثيرون خلاله من ذاكرة المستمعين الضعيفة ومن مهنةٍ لا وفاء فيها». إلا أنّ أجمل ما اكتشفته ريما في أول «صبحيّة» بعد غياب، أنّ المستمعين كانوا على الموعد ومعها على الموجة نفسها.

أجمل ما في العودة وفاء المستمعين لي وللبرنامج- ريما نجيم (إنستغرام)

رغم تمسّكها بشغفها الإذاعي وبعلاقتها الوطيدة بالمستمعين، لكنها لا تسمح للهواء باستعبادها. ما إن تشعر باختناقٍ ما حتى تبتعد عن المذياع. تُشكّل ريما نجيم حالةً خاصة، إذ لا تكاد تمر سنوات قليلة على عودتها إلى الاستوديو، حتى تفاجئ جمهورها بغيابٍ جديد. أما السبب فغالباً ما يكون مرتبطاً بخلافات مع المؤسسة التي تعمل فيها، وفق ما تقول. «أجد أن المغادرة هي أفضل حل. أحرمهم مني لفترة حتى يعرفوا قيمتي»، كما تضيف ضاحكة.

تلك الثقة بالنفس استطاعت أن تبثّها ريما نجيم إلى جمهورها. ومن خلال الأفكار التي تناقشها، والحكايات التي تشاركها في برنامجها، حرّضتهم على حب الذات وتحطيم الخوف. نسجت علاقة وطيدة مع مستمعين نشروا كتاباً عنها لفرط ما تأثروا بها. «ذاك الكتاب الذي صنعه الجمهور هو أجمل ما حصدت من سنواتي الـ25 خلف الميكروفون»، كما تقول نجيم. «منهم مَن تبدّلت حياتهم جذرياً بسبب متابعة البرنامج؛ كهذا الذي عاد إلى الإيمان بسبب الصلاة الصباحية التي أرتجل يومياً، وكتلك التي تجرأت على الانفصال عن زوجها بعد سنوات من العذاب، إضافةً إلى حالات كثيرة أخرى سلكت طريق التحرّر ممّا كان يكبّلها».

غالباً ما تغيب نجيم لشهور وسنوات عن الهواء لتعود بعدها إلى مستمعيها (إنستغرام)

سبحت ريما نجيم عكس موجة البرامج الصباحية. مَن يتوقّع فقرة حركة السير والأحوال الجوية، أو وقفةً مع الأبراج، أو مقابلة مع اختصاصية تغذية أو طبيب، لن يجد مبتغاه في «يا ريما». توضح أنها منذ البداية انتفضت على تلك التركيبة التقليدية، وركّبت برنامجاً يشبهها. «لا أقرأ على الورق، ولا أحد يُعدّ لي المحتوى. أسلحتي على الهواء هي حواسي وعواطفي وشغفي»، كما تقول نجيم. وعلى ما يبدو، فإن تلك التوليفة راقت المستمعين، خصوصاً أنهم وجدوا أنفسهم جزءاً أساسياً من البرنامج.

تكون الانطلاقة مع فقرة Quote of the Day أو «مقولة اليوم»، وهي خواطر من تأليفها، غالباً ما تختزل فيها العلاقات الإنسانية المعقّدة أو الخيبات العاطفية. تتحوّل تلك المقولات إلى نقاشات بينها وبين المستمعين الذين يشاركون آراءهم عبر «واتساب» ووسائل التواصل الاجتماعي.

من الفقرات المستحدثة كذلك True Stories أو «قصص حقيقية». هذه المساحة يتحوّل فيها المستمعون إلى الشهود والنجوم، حتى وإن لم يفصحوا عن أسمائهم، فإنهم يُفصحون عن حكايات وتجارب إنسانية استثنائية، مثل الخيبات العائلية، والصدمات النفسية، وحالات الطلاق أو التعنيف، تتحوّل كلها إلى نقاش بين ريما والجمهور. تجد في هذا الغوص الإنساني مسؤولية كبيرة. «يخيفني المستمعون أحياناً لفرط ما يثقون بي ويفتحون لي قلوبهم»، كما تبوح الإعلامية.

انتفضت ريما نجيم على التركيبة التقليدية للبرامج الصباحية (صور نجيم)

في موسم العودة هذا، تتعمّد نجيم تصويب العلاقة مع الرجال. لطالما عُدَّت نصيرة المرأة وأطلقت «مواقف عنيفة تجاه الجنس الآخر»، تقرّ بأنها جمعت حولها «أعداء كثراً من الرجال، في الوقت الذي كان الهدف انتقاد التصرفات الذكورية وليس مهاجمة الرجال عموماً». أما اليوم فقد حان وقت تصحيح النظرة إلى مفهومَي الرجولة والأنوثة، من خلال الأفكار والقصص التي تشاركها في البرنامج.

التحدّي الآخر هو مجاراة جيلٍ جديد غير متآلف مع الراديو. «أصادفُ أحياناً فتيات يخبرنني بأنهن اعتدن الاستماع إليّ بسبب أمهاتهن، وهذا يسعدني»، كما تخبر نجيم. لكنّ استقطاب الجيل الصاعد لا يتّكل على التوريث فحسب، وتدرك نجيم هنا أهمية أسلوب الكلام مع «جيلٍ يحمل أفكاراً متقدّمة جداً، ولا سيما على المستويين النفسي والإنساني».

يحمل الموسم الجديد من البرنامج تغييراً في الشكل والمضمون (صور نجيم)

أثبتت تجربة ريما نجيم الإذاعية أن أحد المفاتيح الأساسية للوصول إلى آذان المستمعين ثم إلى أذهانهم، هو التوجّه إليهم باللغة التي تشبههم، «دون فلسفة»، وفق تعبيرها. توضح: «هذا لا يعني، على الإطلاق، تقديم محتوى تافه. أطرح عليهم أفكاراً عميقة تكون طريقةُ إيصالها مبسّطة».

لكن في عصر الصورة والفيديو والتفاعل المباشر بالتعليقات والـ«لايكات»، يجوز التساؤل عما إذا كانت الإذاعة قد لفظت أنفاسها الأخيرة. تُقرّ ريما نجيم بأن «الراديو بمفهومه التقليدي يعاني تراجعاً كبيراً»، موضحةً أنّ هذا الواقع الجديد فرض تركيب كاميرات داخل استوديو الإذاعة والإطلالة بالفيديو على الناس من خلال الموقع الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي.

من أجل ملاقاة متابعيها، تتأنّق ريما نجيم كما لو أنها تستعد لحفلة. كل يوم تطلّ بـ«لوك» جديد غالباً ما يكون مفاجئاً بالألوان والنظّارات والإكسسوار. «أحب الذهاب للأخير في المشهد، ثم إننا غالباً ما نضطر للتعامل مع الحياة كما لو أنها حفل كبير».

لا تعرف ما إذا كانت ستغيب عن السمع من جديد، لذلك فهي تَحضر إلى كل حلقة جديدة تجمعها بجمهورها مرتديةً «لوك العيد»، كما لو أن كل لقاء هو الأخير.


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض يخصص قِسماً على موقعه الرسمي لانتقاد وسائل الإعلام

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

البيت الأبيض يخصص قِسماً على موقعه الرسمي لانتقاد وسائل الإعلام

أطلق البيت الأبيض قسماً جديداً على موقعه الرسمي يوم الجمعة، ينتقد علناً المنظمات الإعلامية والصحافيين الذين يدَّعي أنهم «يشوهون التغطية الإعلامية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة سعودية وزير الرياضة الفيصل يتحدث بحضور وزير الإعلام سلمان الدوسري (وزارة الرياضة)

«جزيرة شورى» تحتضن لقاء الإعلام الرياضي السعودي

احتضنت جزيرة شورى، المركز الرئيس لمشروع البحر الأحمر في السعودية، أمس فعاليات «لقاء الإعلام الرياضي» الذي أطلقته وزارة الرياضة.

أوروبا شعار هيئة الإذاعة والتلفزيون الهولندية (متداولة)

هيئة الإذاعة والتلفزيون الهولندية توقف النشر على منصة «إكس» جرّاء «معلومات مضللة»

قالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الهولندية (إن أو إس)، الثلاثاء، إنها توقفت عن النشر على منصة «إكس» بسبب نشر المنصة معلومات مضللة.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
إعلام مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)

الشارقة تكشف عن حزمة مشروعات إعلامية كبرى تعزّز تنافسية القطاع

أُعلن في مدينة الشارقة إطلاق حزمة مشروعات إعلامية كبرى في «مدينة الشارقة للإعلام (شمس)».

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
شؤون إقليمية رابطة الصحافة الأجنبية تقدم التماساً إلى المحكمة العليا تطالب فيه بالسماح بدخول الصحافيين الأجانب إلى غزة فوراً (أ.ف.ب)

الصحافة الأجنبية تنتقد إرجاءً إسرائيلياً جديداً لقرار السماح بدخول غزة

انتقدت رابطة الصحافة الأجنبية في القدس، الاثنين، إرجاء المحكمة العليا الإسرائيلية مجدداً اتخاذ قرار بشأن السماح للصحافيين الأجانب بدخول غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.