تفتح النسخة السعودية الرابعة من معرض «بينالي الجنوب الدولي للفن المعاصر – بينالسور»، آفاقاً للنقاش الثقافي بين السعودية والعالم من خلال الفنون المعاصرة، وعشرات الأعمال التي يحتضنها المعرض الذي انطلق الأربعاء في حي جاكس بالدرعية تحت عنوان «لنلعب: متاهة من الخيارات».
ويستلهم المعرض مفهوم «اللعب» بوصفه فعلاً إبداعياً يشبه الحياة نفسها، بما فيها من مغامرة وتجريب واكتشاف، منطلقاً من كون التجربة الفنية يجب أن تكون تفاعلية ومفتوحة، تدعو الزائر ليصبح جزءاً من العمل لا مجرد متفرّج، وبهذا يعيد المعرض تعريف العلاقة بين الفن والمجتمع، ويدعو الجمهور إلى خوض متاهته الخاصة، بحثاً عن الإلهام والمعنى والتواصل الإنساني عبر الفن.
وقال إبراهيم السنوسي، الرئيس التنفيذي لهيئة المتاحف في السعودية، إن المعرض لا يقدّم فقط أعمالاً فنية لرواد من خمس قارات، بل يفتح حواراً متجدداً حول قضايا الإنسان والبيئة والخيال والابتكار، انطلاقاً من رؤية السعودية الثقافية القائمة على الانفتاح والتواصل وتعزيز الحضور الدولي للمبدعين السعوديين. وأشار السنوسي إلى أن معارض مثل بينالسور تسهم في ترسيخ مكانة المتاحف السعودية باعتبارها مراكز نابضة بالحوار الثقافي والتبادل المعرفي، كما تعزز حضور الفنانين السعوديين في المشهد العالمي، وتفتح أمامهم فرصاً للتعاون والإنتاج المشترك.


ويشارك في المعرض الذي تشرف عليه القيمة الفنية «ديانا ويشلر»، 26 فناناً سعودياً ودولياً. يأتي المعرض بالتزامن مع احتفال «بينالسور» بمرور عشرة أعوام على انطلاقته، وهو من أبرز بيناليات الفن المعاصر من حيث الامتداد الجغرافي والتنوع الثقافي، حيث بدأت مسيرته من جامعة تريس دي فبرييرو الوطنية في بوينس آيرس بدعمٍ من «اليونيسكو»، وتوسّعت لاحقاً في أكثر من 70 مدينة و140 مؤسسة ثقافية حول العالم.

تجربة فنية تفاعلية
يقدم المعرض لجمهوره، تجربة فنية تفاعلية تستند إلى مفهوم اللعب ورواية «الحجلة» للكاتب الأرجنتيني خوليو كورتاثار، في حوار بصري يفتح آفاقاً جديدة لاستكشاف الحياة والخيال والاحتمالات عبر أعمال معاصرة.
ولا يكتفي زوار المعرض بمشاهدة الأعمال الفنية، بل يخوضون تجارب تفاعلية متنوعة تجمع بين الضوء والصوت والحركة؛ بما يدفعهم إلى التأمل في مفاهيم الاختيار والتجربة وإعادة الاكتشاف كما هي الحياة في حقيقتها، ليصبح الفن مساحة للعب والتفكير والتواصل الإنساني، من خلال تجربة فنية ديناميكية ملهمة.
ويشارك في المعرض نخبة من الفنانين السعوديين، هم: رغد الأحمد، وناصر التركي، وأروى النعمي، وريكس تشوك، ودرّ قطان، إلى جانب مجموعة من الفنانين العالميين البارزين، منهم: كارلوس أموراليس (المكسيك)، وكريستيان بولتانسكي (فرنسا)، وروبي كوبر (بريطانيا)، والثنائي دياز وريدويغ (موريسيو دياز من البرازيل ووالتر ريدويغ من سويسرا)، وفليكس غونزاليس توريس (الولايات المتحدة/كوبا)، وغليندا ليون (كوبا)، ومارسيلينو ميلو (البرازيل)، ومارتا مينوجين (الأرجنتين)، وفيك مونيز (البرازيل)، وميكيلانجلو بيستوليتو (إيطاليا)، وليليانا بورتر (الأرجنتين)، وتانسي شياو (الصين)، وإرفين وورم (النمسا)، وإيمي زيتو ليما (هولندا).

عرض تخيّلي لإرث «أم كلثوم»
على هامش المعرض، يقدم المتحف السعودي للفن المعاصر بجاكس، برنامجين فنيين، ويتضمن البرنامج الأول سلسلة حفلات موسيقية تحت عنوان «سَفَر»، الذي يُقام من 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري وحتى 7 ديسمبر (كانون الأول)، بتقديم فنانين عالميين مستقلين، يؤدون حفلاتهم بجوار المتحف في جاكس؛ لاستقطاب محبي الموسيقى ودعم التعاون بين الفنون المختلفة.
وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) يستضيف البرنامج، فرقة «Bon Entendeur» الفرنسية، التي تمزج بين موسيقى الديسكو والفانك والهيب هوب، في أول عرض لها بالمملكة، ويقدّم الفنان النيجيري «Keziah Jones» رائد موسيقى «البلوفانك» التي تمزج بين البلوز والفانك والسول وتراث اليوروبا، عرضه الموسيقي في نوفمبر المقبل. فيما يختتم الثنائي «Love and Revenge» برنامج «سَفَر» بحفلٍ يُقام في ديسمبر (كانون الأول)، يعيدان خلاله تخيّل إرث أم كلثوم من خلال مزيج من الموسيقى الإلكترونية والمشاهد البصرية السينمائية، يسبقه ماستر كلاس مع الفنان وائل كديّه ضمن البرنامج التدريبي المصاحب.
وينطلق البرنامج الثاني «منتدى» في نوفمبر المقبل، ويتضمن ورش عمل، ودورات متقدمة، بالإضافة إلى حلقات نقاش وعروض أفلام تحت عنوان «التركيز على الصورة: الأدوات، اللغة، وقوتها»، بمشاركة نخبة من الفنيين؛ لاستكشاف كيفية صناعة الصور وقراءتها ومشاركتها.



