سيرغي لوزنيتسا يُواجه رعب ستالين بفيلم عن المحاكمات الوهمية

المخرج الأوكراني قال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «مدّعيان عامّان» انطلق من مأساة فردية

يُعرض الفيلم للمرة الأولى في المنطقة العربية ضمن «الجونة السينمائي» (الشركة المنتجة)
يُعرض الفيلم للمرة الأولى في المنطقة العربية ضمن «الجونة السينمائي» (الشركة المنتجة)
TT

سيرغي لوزنيتسا يُواجه رعب ستالين بفيلم عن المحاكمات الوهمية

يُعرض الفيلم للمرة الأولى في المنطقة العربية ضمن «الجونة السينمائي» (الشركة المنتجة)
يُعرض الفيلم للمرة الأولى في المنطقة العربية ضمن «الجونة السينمائي» (الشركة المنتجة)

أكّد المخرج الأوكراني سيرغي لوزنيتسا أنّ فكرة فيلمه الجديد «مدّعيان عامّان» وُلدت قبل سنوات، عندما أنجز فيلمه الوثائقي «المحاكمة» الذي اعتمد فيه على لقطات أرشيفية لمحاكمة وهمية من زمن ستالين ضدّ مجموعة من العلماء والاقتصاديين السوفيات، موضحاً أنّ تلك المحاكمة لم تكن سوى مسرحية من صناعة ستالين، إذ «أُجبر المتّهمون على الاعتراف بتهم زائفة»، ما أثار لديه تساؤلات عميقة عن مصيرهم في السجون وكيف تحوّلت آلة الدولة إلى أداة لتدميرهم.

وأضاف المخرج الأوكراني لـ«الشرق الأوسط» أنه بعد قراءته عدداً من الكتب التي تناولت تلك المرحلة، وجد ضالته في نصّ كتبه الفيزيائي والكاتب السوفياتي غيورغي ديميدوف، الناجي من معسكرات الغولاغ، موضحاً أنّ «الكتاب لم يقتصر على رواية مأساة فردية، بل كشف الآليات الخفية للنظام الشمولي، وكيف خُدع الناس بالأوهام التي سوّقها، وشعرتُ بأنّ هذا النصّ هو القاعدة المثالية لبناء فيلم سينمائي يفضح طبيعة النظام القمعي».

سيرغي لوزنيتسا استعاد رعب الحقبة الستالينية (الشركة المنتجة)

ويُعرض الفيلم للمرة الأولى في المنطقة العربية ضمن فعاليات النسخة الثامنة من مهرجان «الجونة السينمائي» هذا الشهر، بعد مشاركته في عدد من المهرجانات الدولية الكبرى، من بينها «كان» و«تورنتو». وتدور أحداثه عام 1937 في ذروة ما وصفه المخرج بـ«الرعب الكبير» الذي شهده الاتحاد السوفياتي في عهد ستالين.

وأشار إلى أنّ «اختيار نصّ ديميدوف يعود أيضاً إلى أنّ تاريخه ما زال مجهولاً لدى كثيرين، وأنّ النظام الذي صاغه ستالين له أصداء في روسيا وبيلاروسيا اليوم»، مشيراً إلى أنّ «مأساة أليكسي نافالني والمعاملة التي تعرّض لها محاموه يُشكّلان مثالاً حديثاً على استمرار الأسلوب القديم ذاته».

وأوضح أنّ «مدعيان عامّان» لا يقتصر على إعادة النظر في الماضي، بل يطرح أسئلة مباشرة عن الحاضر، قائلاً إنّ «حقبة ستالين وحملاته القمعية خلَّفت ملايين الضحايا، والسينما لم تُنصف تلك المرحلة بعد، رغم كثرة الأدب الذي تناولها».

حصل الفيلم على تمويل من 6 دول (الشركة المنتجة)

وأشار إلى أنّ الأفلام التي تطرّقت لموضوع الغولاغ قليلة جداً، ولا تكفي لتغطية حجم المأساة، مضيفاً: «نحن بحاجة إلى مئات الأفلام حتى نفهم كيف حدث ذلك ونمنع تكراره».

وأوضح أنّ فيلمه الجديد «يُضيء على ركن مظلم من التاريخ، ولا يسعى إلى تقديم دروس مباشرة، بل هو تأملات تدفع المُشاهد إلى التفكير بعد انتهاء العرض».

يبدأ العمل داخل سجن في بلدة بريانسك، إذ يُجبر رجل مسنّ على حرق رسائل سجناء كتبوا إلى السلطات يشكون من أنّ اعترافاتهم انتُزعت بالقوة. وسط هذه الرسائل، تظهر رسالة مكتوبة بالدم، تُهرَّب إلى مكتب المدّعي العام، لتفتح سلسلة من الأحداث. الرسالة كتبها ستيبنياك، وهو ثوري بولشفيكي سابق انتهى به المطاف داخل الزنازين.

وأكد المخرج الأوكراني أنّ «إنتاج الفيلم لم يكن سهلاً، إذ قضيتُ سنوات في البحث عن التمويل، ونجحتُ في الحصول عليه من 6 دول قبل أن يكتمل المشروع بفضل تضافر الجهود مع منتجين مستقلين»، مشيراً إلى أنّ «التحضير الفعلي للفيلم استغرق وقتاً طويلاً، بينما جرى التصوير خلال 18 يوماً فقط على مدى شهر ونصف الشهر»، وهو ما عزاه إلى الدقة الكبيرة في التحضير وتعاون فريق عمل محترف، الأمر الذي جعله قادراً على تنفيذ مشروع شديد التعقيد في ظروف محدودة.

يطرح الفيلم قضايا سياسية (الشركة المنتجة)

وأوضح لوزنيتسا أنه عمل مع الممثلين خلال شهرين كاملين من البروفات قبل بدء التصوير، مما ساعد على بناء مَشاهد دقيقة ومُتقنة، مشيراً إلى أنّ أسلوبه الإخراجي يقوم على التصحيح البسيط لحركة الممثّلين، تاركاً لهم حرية التعبير داخل الإطار.

وعن مواقع التصوير، قال المخرج الأوكراني إنّ «التصوير جرى في مواقع حقيقية، بينها سجن في ريغا، عاصمة لاتفيا، واستخدم مدير التصوير أوليغ موتو صيغة الأكاديمية لإضفاء واقعية تاريخية ممزوجة بطابع مسرحي، ما جعل المُشاهد يشعر بالاختناق الذي عاشه السجناء داخل جدران السجن».

وأكد لوزنيتسا أنه يعمل حالياً على مشروع جديد قائم على أرشيف نادر صوّره مخرجون إيطاليون في سبعينات القرن الماضي داخل الاتحاد السوفياتي، مشيراً إلى أنّ المادة الأرشيفية «وجدته»، إذ وصلت إليه ودعته لبناء فيلم منها. وبالتوازي، يواصل العمل على مشروع آخر مقتبس من روايات ديميدوف.

ورأى أنّ «هذه النصوص تحمل أهمية خاصة لأنها تفتح جروحاً لم تلتئم بعد»، وختم: «السينما ليست مجرّد أداة للترفيه، بل وسيلة لإثارة أسئلة أخلاقية وسياسية حول مسؤولية الفرد والمجتمع».


مقالات ذات صلة

مخرجون عالميون في حصيلة العام

سينما مخرجون عالميون في حصيلة العام

مخرجون عالميون في حصيلة العام

يقترب العام الحالي من نهايته. المهرجانات الكبرى أُقيمت في مواعيدها وخرج منها الفائز والخاسر. بين هذين الفريقين هناك أيضاً من قدّم أفلاماً جيدة

محمد رُضا (لندن)
سينما «مدينة سمينة»: ستايسي كيتش ملاكم في الحقل (كولمبيا بيكتشرز)

شاشة الناقد: ثلاثة أفلام رائعة عن الحلم الأميركي الكبير الذي لم يتحقق

جون هيوستون ليس غريباً عن تحقيق تلك الأفلام التي تتحدّث عن ضمور الحلم الكبير بتحقيق الذات والثروة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الكاتب الراحل أحمد عبد الله (حسابه على موقع «فيسبوك»)

حزن بالوسط الفني المصري لرحيل المؤلف أحمد عبد الله

تسبب خبر رحيل المؤلف المصري أحمد عبد الله في حزن بالغ بالوسط الفني في مصر، وكتب العديد من الفنانين منشورات «سوشيالية» مؤثرة تناولت ذكريات جمعتهم بالراحل.

داليا ماهر (القاهرة )
سينما بدأ عرض «أوسكار: عودة الماموث» في صالات السينما السعودية (فوكس سينما)

«أوسكار: عودة الماموث»... أول وحش عربي يقتحم سينما هوليوود

انبثقت فكرة الفيلم من كريم نشام، الذي طرح تصوّراً لعمل عربي يتناول كائناً خيالياً لم يُقدَّم من قبل في السينما العالمية...

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الأمير البريطاني هاري وزوجته ميغان ماركل يحضران مباراة رياضية (رويترز)

بعد 7 سنوات من الانقطاع... ميغان ماركل تعود إلى التمثيل

ذكرت وسائل إعلام، أمس (الأربعاء)، أن الممثلة الأميركية ميغان ماركل زوجة الأمير هاري، ستعود إلى الشاشة الكبيرة بدور صغير في فيلم يتم تصويره في لوس أنجليس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقرير: جيران زوكربيرغ يتهمونه بإدارة مدرسة غير قانونية والتسبب بالإزعاج

مارك زوكربيرغ مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «ميتا» وزوجته بريسيلا تشان (أ.ف.ب)
مارك زوكربيرغ مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «ميتا» وزوجته بريسيلا تشان (أ.ف.ب)
TT

تقرير: جيران زوكربيرغ يتهمونه بإدارة مدرسة غير قانونية والتسبب بالإزعاج

مارك زوكربيرغ مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «ميتا» وزوجته بريسيلا تشان (أ.ف.ب)
مارك زوكربيرغ مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «ميتا» وزوجته بريسيلا تشان (أ.ف.ب)

كشف تقرير جديد عن أن جيران مارك زوكربيرغ، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «ميتا»، أُجبروا على شن حملة بعد أن بدأ الملياردير وزوجته بريسيلا تشان إدارة مدرسة خارج مجمع العائلة في كريسنت بارك، بالو ألتو، بكاليفورنيا، وفق ما نقله موقع «ديلي بيست».

تكشف الوثائق التي حصلت عليها مجلة «وايرد» الأميركية عن أن المدرسة بدأت العمل نحو عام 2021، وربما كان بها ما يصل إلى 30 طالباً مسجلاً، على الرغم من عدم حصولها على التصاريح اللازمة حتى عام 2022.

الجيران، الذين اشتكوا أيضاً من أعمال البناء الصاخبة والوجود المتطفل للأمن الخاص والعدد الكبير من الموظفين الذين يتسببون في ازدحام المرور واحتلال مواقف السيارات في الشوارع، أصبحوا في النهاية مستائين من عدم اتخاذ إجراء نيابة عن المدينة، مشتبهين في أن عائلة زوكربيرغ كانت تُمنح معاملة تفضيلية.

جاء في إحدى رسائل البريد الإلكتروني المرسلة إلى إدارة خدمات التخطيط والتطوير في بالو ألتو، «نجد أنه من اللافت للنظر أنكم تعملون بجد لتلبية احتياجات عائلة ملياردير واحدة مع إبقاء بقية الحي في الظلام».

أُمرت المدرسة، وهي مدرسة مونتيسوري تُعرف باسم «مدرسة بيكين بن»، بالإغلاق بحلول 30 يونيو (حزيران).

وصرح متحدث باسم عائلة زوكربيرغ لموقع «وايرد» بأن المدرسة لم تُغلق، بل نُقلت ببساطة. وصرحت ميغان هوريجان -تايلور، المتحدثة باسم بالو ألتو، بأن مزاعم تلقي عائلة زوكربيرغ «معاملة خاصة» غير دقيقة.

وأضافت هوريجان - تايلور أن المدينة «تُطبق قواعد تقسيم المناطق والبناء والسلامة بشكل مُستمر، بغض النظر عن مالك العقار».


10 ملايين دولار لمُعلمة أميركية تعرّضت لإطلاق نار من تلميذها

قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

10 ملايين دولار لمُعلمة أميركية تعرّضت لإطلاق نار من تلميذها

قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)
قاعة محكمة فارغة في ولاية نيويورك الأميركية (رويترز)

منحت محكمة أميركية، الخميس، تعويضاً قدره 10 ملايين دولار لمدرّسة سابقة تعرَّضت لإطلاق نار على يد تلميذ في السادسة من العمر في مدرستها.

في يناير (كانون الثاني) 2023، أطلق طفل النار على آبي زويرنر (28 عاماً) في مدرسة ابتدائية في نيوبورت نيوز بولاية فيرجينيا؛ ما أدى إلى إصابتها في يدها وصدرها، وبقيت في المستشفى لأسبوعين.

رفعت المُعلمة دعوى قضائية ضد مساعدة مدير المدرسة، إيبوني باركر، متهمةً إياها بتجاهل تحذيرات بشأن إحضار الطفل مسدساً إلى المدرسة.

كانت المدرّسة تطالب بتعويض قدره 40 مليون دولار بتهمة الإهمال الجسيم. وخلال المحاكمة، أفادت في شهادتها بأنها ظنَّت لوهلة أنها ستموت.

حُكم على والدة التلميذ الذي أطلق النار على المعلّمة بالسجن نحو 4 سنوات بعد إدانتها بإهمال الطفل، وبتهمة تتعلق بحيازة الأسلحة النارية.

في المقابل، لم يواجه الطفل أي تهم قضائية.

في حين أن الحوادث التي تشمل الأطفال الصغار والأسلحة النارية في منازلهم شائعة في الولايات المتحدة، فإن حالات إطلاق النار من أطفال دون سن العاشرة في المدارس نادرة.

وثّقت قاعدة بيانات جمعها الباحث الأميركي ديفيد ريدمان نحو 15 حادثة من هذا النوع منذ سبعينات القرن الماضي.


للمرة الأولى... رواد فضاء صينيون ينجحون في شواء اللحوم بالفضاء

رائد الفضاء وو في وصف أجنحة الدجاج المطبوخة حديثاً بأنها «ذات اللون والرائحة والنكهة المثالية» (يوتيوب)
رائد الفضاء وو في وصف أجنحة الدجاج المطبوخة حديثاً بأنها «ذات اللون والرائحة والنكهة المثالية» (يوتيوب)
TT

للمرة الأولى... رواد فضاء صينيون ينجحون في شواء اللحوم بالفضاء

رائد الفضاء وو في وصف أجنحة الدجاج المطبوخة حديثاً بأنها «ذات اللون والرائحة والنكهة المثالية» (يوتيوب)
رائد الفضاء وو في وصف أجنحة الدجاج المطبوخة حديثاً بأنها «ذات اللون والرائحة والنكهة المثالية» (يوتيوب)

نجح رواد الفضاء على متن محطة تيانغونغ الفضائية الصينية في شواء أجنحة دجاج وشرائح لحم في بيئة انعدام الجاذبية لأول مرة، وفقاً لصحيفة «الإندبندنت».

أصبح شواء الطعام الفضائي ممكناً بفضل نوع جديد من الأفران يسمح بالطهي من دون دخان أو رواسب في المدار.

يُظهر مقطع فيديو لهذا الإنجاز رواد الفضاء وهم يضعون أجنحة دجاج في قفص، ثم يضعونها في فتحة بحجم مقلاة هوائية تقريباً.

قال ليو ويبو، نائب كبير المصممين في مركز الصين لأبحاث وتدريب رواد الفضاء: «إنه أول فرن من نوعه في العالم يُمكن استخدامه فعلياً على متن محطة فضائية».

وتابع: «برفع درجة الحرارة إلى 190 درجة مئوية، يُمكن لرواد الفضاء الآن الطهي فعلياً في المدار. كان تسخين الطعام سابقاً يعتمد على التسخين الفيزيائي البحت، أما هذا فهو طهي فعلي، مع تضمين تفاعلات كيميائية. الآن، يُمكن للطعام أن يصبح ذهبي اللون ومقرمشاً».

وصف رائد الفضاء وو في أجنحة الدجاج المطبوخة حديثاً بأنها «ذات اللون والرائحة والنكهة المثالية».

يمكن استخدام الفرن لخبز الكعك، وتحميص الفول السوداني، وشواء اللحوم، وفقاً لوكالة الفضاء الصينية، مما يتيح لرواد الفضاء الاستمتاع بوجبات مميزة في عطلات نهاية الأسبوع أو العطلات الرسمية.

يُعد جهاز الطهي هذا جزءاً من جهد أوسع لتحسين ظروف معيشة رواد الفضاء في مهمات طويلة الأمد، والذين يعتمدون حالياً على طعام مجفف بالتجميد وقابل لإعادة التسخين.

في محطة الفضاء الدولية، يُطهى الطعام أو يُعالَج مسبقاً، لذا يُمكن تحضيره بإضافة الماء أو تسخينه.

يتم توصيل الفواكه والخضراوات الطازجة خلال مهمات الإمداد، ولكن يجب تناولها خلال بضعة أيام لتجنب فسادها.

وبحسب الإدارة الوطنية الصينية للفضاء، فإن محطة الفضاء الصينية قادرة أيضاً على زراعة الخس والطماطم والبطاطس، والتي يمكن استخدامها جميعاً للطهي في فرن الفضاء الجديد.

قال شوان يونغ، الباحث في مركز الصين لأبحاث وتدريب رواد الفضاء: «استخدمنا تقنيات التحفيز عالي الحرارة والترشيح متعدد الطبقات لإتاحة الخبز الخالي من الدخان».

وأضاف: «نظراً للظروف الخاصة في المدار، حرصنا على أن يكون فرن الهواء الساخن موثوقاً وآمناً تماماً. ويظل كل جزء من الفرن الذي قد يلمسه رواد الفضاء بارداً لمنع الحروق».