يشعر زوّار مركز «بومبيدو» في فرنسا بالحزن؛ لغلق أبوب المبنى الباريسي الشهير، الذي يضمّ أهم متحف للفنّ الحديث في العالم، إلى جانب متحف الفنّ الحديث «موما» في نيويورك، 5 سنوات؛ بسبب أعمال التجديد، فيما يُعرِب أصحاب المتاجر عن قلقهم من تأثير المشروع عليهم.
في حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، تقول رئيسة البرامج الثقافية في «التلفزيون الفرنسي»، سولين سان جيل، في ردهة المبنى ذي الهندسة المعمارية الأنبوبية المتعدّدة الألوان، قبيل إغلاقه: «حضورنا اليوم ضمن هذه الزيارة الأخيرة يحمل دلالة رمزية كبيرة».

وتؤكد صديقتها المنتجة فوزية كشكاش: «يحزننا الأمر. 5 سنوات مدّة طويلة. كنا نرغب في تجربة السلم المتحرّك الشهير، لكنه توقف قبل شهر». في الطبقات التي أُقفلت أمام العامة، بدت قاعات العرض الكبيرة فارغة؛ بعضها غارق في الظلام، فيما نُقلت اللوحات بواسطة عربات نقل. ولم يبقَ في أرجاء المتحف سوى بعض السلالم الصغيرة ومكانس الورشات المتناثرة. يمتدّ المتحف، الذي استقبل 5 ملايين زائر عام 2024، على 9 طبقات يمكن للعامة الوصول إليها عبر السلالم المتحرّكة (120 ألف متر مربع)، وقد أُخليت تدريجياً.

يوضح تيم باودر ريدجر، وهو سائح من لندن، وإلى جواره صديقه: «نحن مهندسان معماريان، وكان من أولوياتنا رؤيته قبل إغلاقه». وتقول كلودي روكار لابيروساز، وهي مصوّرة فوتوغرافية تبلغ 65 عاماً ومقيمة في الحيّ: «قبل الصيف، عدتُ أنا وبناتي. عاينّا كل المجموعات الدائمة مرّات عدّة رغبةَ الغوص في تجربةِ أكبر قدر من الأعمال الفنّية».
كان أوغو نصري، وهو طالب هندسة معمارية يبلغ 22 عاماً، يزور مكتبة مركز «بومبيدو» أسبوعياً. يقول بأسف: «إنّ هذا المبنى كان جزءاً لا يتجزأ من حياتي».
بدورها، تقول ميليس سيلين كوجيغيت، وهي طالبة دكتوراه في الهندسة المعمارية من تركيا: «أزور (بومبيدو) 10 مرّات على الأقل سنوياً، وكلّما مررتُ من أمامه أدخله حتى وإن لم تكن هناك أي معارض فيه، فأصعد لأتأمل المناظر من الأعلى». وتضيف: «أعتقد أن جيلاً كاملاً سيفتقد تجربة زيارة المتحف».
في محيط «المركز»، يخشى التجار على مداخيلهم، فيقول ألكسندر محفوظ، وهو مدير معرض يقع على مقربة من مدخل مركز «بومبيدو» ورئيس جمعية تجار الحيّ: «نحن قلقون جداً. سيتغيَّر كامل الحيّ». ويضيف أنّ السياح «يتجوّلون في الحيّ عند مغادرتهم مركز (بومبيدو)، ويأتون إلى متاجرنا أو مطاعمنا، ويتسوّقون، لكن جميعهم، يا للأسف، لن يعاودوا المجيء؛ لأنهم كانوا يأتون من أجل مركز (بومبيدو)». ويشير محفوظ إلى أنه بدأ يشعر بانخفاض كبير في النشاط التجاري، يقدّره بـ«30 أو 40 في المائة» منذ وقف إتاحة المجموعات الدائمة للعامة في مارس (آذار) الماضي. ويتابع: «أكثر مَن يشتري منّا هم السياح. إنهم يمثّلون 80 في المائة من نشاطنا».

افتُتح مركز «بومبيدو» عام 1977، وصُمّم مساحةً مفتوحةً للجميع من جانب المهندسَيْن المعماريَيْن رينزو بيانو وريتشارد روجرز، وكان مُكرّساً لاستقبال مختلف أشكال الثقافة. يُعرف المركز أيضاً باسم «بوبور»، وقد أحدث ثورة في عصره، وأصبح يجذب جمهوراً من باريس وخارجها. لكنّه يعاني تدهوراً في حالته. وتشمل أعمال الترميم الكبرى إزالة الأسبستوس، وتحسين إمكان الوصول إلى المكان، وتعزيز إجراءات السلامة، بالإضافة إلى إعادة تصميم كاملة للداخل.
من 22 إلى 25 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، سيُعاد افتتاح مركز «بومبيدو» استثنائياً لمدة 3 أيام من الاحتفالات، تتضمَّن عروضاً لفرقة «كريستين آند ذي كوينز»، وكاثرين رينجر، وسيلا سو، بالإضافة إلى عرض للألعاب النارية خلال النهار.

