تضع مصر اللمسات النهائية لتجميل وتطوير المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير في الجيزة (غرب القاهرة)، استعداداً لافتتاحه المقرر أول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وأكد رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، الحرص الشديد على متابعة سير الأعمال الجارية في المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير على أرض الواقع، ودفع العمل بها بصورة مكثفة؛ مع قرب موعد الافتتاح الرسمي لهذا الصرح الحضاري الكبير، وذلك بالتوازي مع المتابعة الدورية لمختلف الاستعدادات اللوجيستية والترتيبات الجارية لفعاليات الاحتفالية الكبرى التي ستنظمها الدولة المصرية لهذا الحدث العالمي المهم.

ولفت مدبولي خلال جولة تفقدية، السبت، لمتابعة سير الأعمال في مختلف المشروعات الجاري تنفيذها حالياً لتطوير المنطقة المحيطة بالمتحف، إلى أنه عقد اجتماعاً، الخميس الماضي، مع الوزراء والمسؤولين المعنيين عن احتفالية افتتاح المتحف؛ لمتابعة هذه الاستعدادات.
وأشار رئيس الوزراء إلى الاطلاع على حجم ما تم تنفيذه من مشروعات بالمنطقة المحيطة وجميع الطرق المؤدية إلى المتحف؛ حتى تكتمل الصورة الحضارية في إخراج مشهد مهيب يعبِّر عن الحضارة المصرية القديمة وروعتها أمام العالم أجمع. وفق بيان لرئاسة مجلس الوزراء.
وأكد أن الحكومة قامت برفع كفاءة وتطوير جميع الطرق المؤدية للمتحف المصري الكبير ومنطقة الأهرامات، مشيراً إلى أنه تم تصميم وبناء شبكة طرق ضخمة لتسهيل الوصول إلى المنطقة، مع مراعاة تحقيق التكامل بين المتحف المصري الكبير وجميع المواقع المحيطة به.
وتفقَّد مدبولي وعدد من المسؤولين الممشى السياحي الذي يربط بين المتحف الكبير ومنطقة الأهرامات الأثرية، ويمتد لنحو 1.27 كيلومتر، والذي وصفه وزير السياحة والآثار، شريف فتحي، بأنه «يتمتع بطابع حضاري ومعماري متميز، ويصل إلى منطقة الأهرامات الأثرية، محافظاً على الهوية البصرية للمنطقة».

وانتهت أعمال تطوير محيط منطقة المتحف الكبير، وصولاً إلى مطار سفنكس، بنسب تتراوح بين 80 و100 في المائة، وتضمنت الطرق والميادين والأرصفة وأعمال الإنارة والتشجير والزراعات وتنسيق الموقع وتنسيق اللافتات الإعلانية، فضلاً عن رفع كفاءة البنية التحتية وتحسين السيولة المرورية بالمحاور المؤدية إلى المتحف، وفق القيادات التنفيذية بمحافظة الجيزة.
وقررت مصر افتتاح المتحف الكبير في ميدان الرماية أول نوفمبر بعد تأجيل افتتاحه الذي كان مقرراً له الثالث من يوليو (تموز) الماضي؛ بسبب تطورات الأوضاع في المنطقة. ويضم المتحف المبني على مساحة تزيد على 300 ألف متر مربع، نحو 117 فداناً - ليشكِّل منطقة مفتوحة مع الأهرامات - أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تعود إلى العصور المصرية القديمة، وتحكي قصة الحضارة المصرية. كما يشهد عرض مجموعة توت عنخ آمون كاملة للمرة الأولى في مكان واحد، منذ اكتشافها عام 1922.
و«تشمل أعمال التطوير إعادة تأهيل وتوسعة الطرق والمحاور المرورية المؤدية للمتحف، وتنسيق المساحات الخضراء والميادين العامة، وإنشاء ممرات ومناطق انتظار حديثة، بما يضمن تجربة زيارة استثنائية تبدأ منذ لحظة اقتراب الزائر من المكان»، وفق عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الافتتاح المرتقب ليس مجرد تدشين لمتحف، بل هو حدث عالمي يعيد رسم خريطة السياحة الثقافية، ويضع مصر في قلب الاهتمام الدولي بوصفها مركزاً للإشعاع الحضاري والمعرفي».
ووصف المشهد الحالي في محيط المتحف بأنه «يعكس رؤية استراتيجية تسعى إلى تقديم صورة حضارية متكاملة لمصر الحديثة، التي لا تكتفي بصون ماضيها، بل تستثمر فيه لصناعة المستقبل».
وكانت وزارة السياحة والآثار قد قررت غلق قاعة الملك توت عنخ آمون بالمتحف المصري بالتحرير، اعتباراً من يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل؛ لاستكمال أعمال نقل آخر القطع الأثرية الخاصة بالملك الذهبي إلى المتحف المصري الكبير، حيث سيتم عرضها لأول مرة مجتمعة في قاعة واحدة مخصصة داخله، وفق بيان، الجمعة.

في حين لفت الخبير الأثري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، إلى أن «أعمال التطوير في محيط المتحف الكبير يتم إنجازها بشكل جيد استعداداً لهذا الحدث الفريد في تاريخ مصر»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «أجهزة الدولة تتابع الحركة عند مدخل الأهرامات الجديد بطريق الفيوم، والموقف الحالي لتطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير والطريق الدائري، وأعمال مشروع تحسين الهوية البصرية، والإنارة، ورفع كفاءة الأرصفة، وتخطيط الشوارع المحيطة بالمتحف، وأعمال الرصف، وأعمال التشجير، والممشى الرابط بين المتحف الكبير والأهرامات، وحالة الاستعداد بمطار سفنكس الدولي من أعمال التوسعة والتطوير، وقد انتهت تماماً هذه الأمور وتتبقَّى رتوش فنية بسيطة».
وأشار ريحان إلى أن «الاستعدادات تتضمَّن الخطة الخاصة بالاحتفاليات المختلفة المقررة، ومنها التنسيق لتصوير الأماكن المحددة التي ستتم الاستفادة بها في الاحتفاليات، وتسهيل دخول المشاركين في الاحتفالية التي ستكون بمثابة رسالة سلام إلى كل شعوب العالم من بلد فجر الضمير»، متوقعاً أن «تعيد إلى الأذهان احتفالية افتتاح قناة السويس قبل 156 عاماً، الذي تم في حفل مهيب بمدينة الإسماعيلية يوم 19 نوفمبر عام 1869بحضور عدد كبير من ملوك أوروبا وأمرائها وعظمائها».








