عيد من 291 فيلماً في مهرجان تورنتو الدولي

700 ألف زائر وصفوف طويلة من شارع لآخر

إيدان وايز في «فرانز» (ARTE)
إيدان وايز في «فرانز» (ARTE)
TT

عيد من 291 فيلماً في مهرجان تورنتو الدولي

إيدان وايز في «فرانز» (ARTE)
إيدان وايز في «فرانز» (ARTE)

منذ اشتراكي في مهرجان تورنتو لأول مرّة سنة 1994، ولاحقاً خلال السنوات التالية بما فيها عام 2001، الذي أقفلت فيه المطارات بسبب كارثة برجَي نيويورك، وامتداداً متقطّعاً فيما بعد، لفت اهتمامي تلك الصفوف الطويلة التي تبدأ عند مدخل كل صالة ثم تمتد إلى الشارع وتلف حول زاويته لتكمّل خطّها لشارع آخر.

قد تمر بصالة سينيبلكس في شارع يونغ أو بصالة كارلتون، وفي كارلتون ستريت أو ربما ببرادايز ثيتر في شارع بور في الصباح، فتجد الجمهور وقد بدأ تشكيل الصف باكراً. تمر بها بعد ساعات تجد جمهور الصباح ما زال ينتظر شراء تذكرته.

رغم أن الحشود يمكن مشاهدتها في مهرجانات عديدة أخرى، لكن هذا المهرجان لا يشبه أي مهرجان آخر كون صالات وسط المدينة تفتح أبوابها للقادمين دون تعقيدات. أنت إما مشاهد عادي اشترى تذكرة أو «كارنيه» من التذاكر، وإما سينمائي (ناقد، مخرج، كاتب، إلخ...) مدعو، وعلى أساس ذلك تمنح بطاقة خاصة تحمل صورتك.

لا يعني ذلك أن كل السينمائيين يعاملون بالبطاقات. النخبة منهم (ممثلون ومخرجون) لا يحتاجون إلا إلى مرافق وسيارة. يصلون إلى العرض. يصعدون لخشبة المسرح. كلمات وابتسامات وهات يا أفلام.

عيد من 291 فيلماً

الواقع أن الحكومة الكندية سعيدة بمهرجاناتها، وخصوصاً «تورنتو»، فهي تدر على الدولة سنوياً 100 مليون دولار يدفعها الوافدون من الداخل والخارج. عددهم يتراوح (حسب السنة) من 650 ألفاً إلى 700 ألف. وهي أحد عشر يوماً مليئة بما يقارب 300 فيلم متنوّع (تحديداً 291 فيلماً). للصغار حصّتهم وللكبار كذلك. للباحثين عن الفيلم المقبل للنجم المفضل، إلى الراغبين في مشاهدة أفلام محض فنية أو موقّعة بأسماء مخرجي اليوم المشهورين. لمن يرغب في التسجيلي والوثائقي وبمن يرتاح مع الخيال الروائي.

219 فيلماً طويلاً من بينها 10 أفلام عرض عالمي أول (وورلد برميير). و66 فيلماً قصيراً و6 أفلام كلاسيكية قديمة.

راسل كرو في «نورمبيرغ» (صوني بيكتشرز)

لا يهتم أحد هنا إذا ما كان الفيلم قد سبق وعُرض في أحد المهرجانات الدولية. كندا تنتمي إلى قارة منفصلة وهي أول محطّة للأفلام الآتية من أوروبا والعالم العربي وآسيا والولايات المتحدة ذاتها. التمهيد العملي لما ستعرضه المهرجانات اللاحقة في الأشهر القليلة المقبلة، وكذلك المناسبات (بافتا والأوسكار والغولدن غلوبز).

إلى ذلك، تورنتو وڤينيسيا (اللذان يتقاطعان إذ ينطلق المهرجان الكندي قبل نهاية المهرجان الإيطالي بأربعة أيام) هما عنوان لما هو أهم: مهرجانان لفن السينما (رغم عروض لأفلام ترفع رايات التجارة طبعاً) لا يوازيهما أي مهرجان دولي آخر. مهرجانان منغمسان في توفير أفضل الإنتاجات السينمائية، وهذا يعني أفلاماً لأمثال غييرمو دل تورو، أنييسكا هولاند، بارك تشان ووك، ريتشارد لينكلاتر، ماركو بيلوكيو، أليخاندرو أمنبار، ستيڤن سودربيرغ، وغيرهم.

النازية وكافكا

من أوائل الأفلام التي شوهدت هنا فيلم «نوربيرغ» المأخوذ عن كتاب المؤلف جاك إلحي «Jack El‪-Hai»، وهو كاتب وصحافي أميركي مهتم بالشؤون التاريخية وضع في 2013 كتاباً حول محاكمات نورمبيرغ الشهيرة. الفيلم من إخراج جيمس ڤندربلت، وقام ببطولته ثلاثة ممثلين من ذوي الخامّة الجادة، وهم راسل كرو ومايكل شانون ورامي مالك.

لا علاقة لهذا الفيلم بما سبقه من أعمال حول محاكمات النازيين في نورمبيرغ خصوصاً فيلم 1961 «حكم في نورمبيرغ» (Judgment at Nuremberg) لستانلي كرامر. اختلافه كامن في أن الفيلم يدور حول سعي الكونغرس لإصدار تشريع يبيح اغتيال المتهمين النازيين المتورّطين بمعسكرات إبادة المعتقلين اليهود. يبحث الفيلم في عمل طبيب نفسي (مالك) أسندت إليه مهمّة إجراء مقابلات مع أكثر من عشرين معتقلاً نازياً لمعرفة أسباب ما قاموا به. أصعبهم وأكثرهم تشدداً غوريك (كرو)، هذا في الوقت الذي يسعى فيه لجمع المزيد من المعلومات عن الضباط النازيين الآخرين.

فيلم ذو وتيرة مشدودة ومثير للاهتمام ولو إنه يستعين بمشاهد تم تداولها في عشرات الأفلام (إن لم يكن أكثر) حول الهولوكوست وضحاياه. يأتي الفيلم في وقت غير مناسب سياسياً سيتوزعه جمهوران واحد يؤمن باستمرار الذاكرة وآخر بات يرفضها مع ما يقع من مجازر في فلسطين اليوم.

المخرج جيمس فاندربيلت مع أعضاء فريق التمثيل رامي مالك وراسل كرو وليو وودال قبل عرض فيلم «نورمبرج» في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي (TIFF) (رويترز)

نظرة على كافكا

بعد فيلمها النيّر «حدود خضراء» الذي عرض لمأساة نازحين سوريين وصلوا بطريقة غير شرعية إلى الحدود البولندية ليجدوا هناك معاملة مشابهة بقسوتها لما عانوه قبل هجرتهم، قررت المخرجة البولندية أنييسكا هولاند التوجه إلى موضوع مختلف وبعيد عبر فيلمها الجديد «فرانز».

إيدان وايز يقوم بتمثيل شخصية فرانز كافكا كما لم نرها على الشاشة من قبل. نتابع حياته من حين كان شاباً يعيش مع عائلته اليهودية في براغ لكن طريقة المخرجة لسرد سيرة حياة لا تعتمد على تتبع مراحلها زمنياً بل على مزج الأحداث على نحو ينشّط فكر المشاهدين عوض استسلامهم للمتوقع. خلال ذلك، لا تستعرض أنييسكا الشخص فقط، بل آثاره. يلفت انتباهها، من خلال السيناريو الذي وضعته، كيف أننا نعرف كافكا اليوم أكثر مما كان معروفاً في زمنه (توفي سنة 1924) وتسعى للبحث في أعماله المنشورة التي لم تتمتع بكثير من الاهتمام في حينها. من بين الشخصيات المهمّة التي في الفيلم النساء الثلاث اللواتي شعر كافكا بالحب تجاههن (كل بمفردها)، وكذلك صديقه ماكس برود الذي خاطر بنفسه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من كتابات كافكا الأولى بعد غزو براغ.

المخرجة البولندية أنييسكا هولاند مع فريق عمل فيلم «فرانز» (أ.ف.ب)

سيكون، في هذا السياق التاريخي لكلا هذين الفيلمين متابعة رأي النقاد الأجانب فيما يتعلّق بفيلم آن ماري جاسر «فلسطين 36» الذي يطرح، للمرّة الأولى في إطار فيلم متعدد الهويات الإنتاجية، رؤية لتبعات السياسات البريطانية خلال فترة الانتداب على فلسطين وحتى الوقت الحالي.

كنت آخر من وجد كرسياً شاغراً لهذا الفيلم الملحمي في معالجته التاريخية والذي سنعود إليه في يوم آخر تفادياً لإيجازه هنا.


مقالات ذات صلة

محمد عبد العزيز: الكوميديا تتضمَّن جدّية تفوق التراجيديا

يوميات الشرق محمد عبد العزيز قدَّم نصائح للأجيال الجديدة (القاهرة السينمائي)

محمد عبد العزيز: الكوميديا تتضمَّن جدّية تفوق التراجيديا

قال المخرج محمد عبد العزيز إنّ دخوله مجال السينما مع زملائه من خرّيجي المعهد في الدفعات الأولى لم يكن سهلاً، فقد واجهوا حروباً قاسية.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق وزير الثقافة ورئيس المهرجان يكرمان الفنان خالد النبوي في افتتاح «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يركز على ترميم «الكلاسيكيات» والعروض «القوية»

يراهن مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46 والمستمرة حتى 21 نوفمبر الجاري، على برنامج أفلام قوي يضم 150 فيلماً من 55 دولة.

انتصار دردير (القاهرة)
سينما السينما الإيرانية تنتشر في مهرجانات 2025

السينما الإيرانية تنتشر في مهرجانات 2025

في العام الحالي، وحتى الآن، عُرض ما لا يقل عن 30 فيلماً إيرانياً في نحو 8 مهرجانات عالمية، من بينها 15 فيلماً إيراني الإنتاج فعلياً.

محمد رُضا (لندن)
سينما شاشة الناقد: فيلمان يضيئان عروض مهرجان القاهرة

شاشة الناقد: فيلمان يضيئان عروض مهرجان القاهرة

الحكاية نفسها مشوّقة، وكان يمكن لها أن تأتي في سياق بوليسي حول جريمة قتل لم تقنع المحقق الذي سيعيد فتح القضية.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق سينتيا زافين تُصغي إلى ذاكرتها قبل أن تتحدَّث (الشرق الأوسط)

موسيقى الأفلام بين استقلالها عن الصورة وذوبانها فيها

اللقاء كان واحداً من أبرز محطّات أسبوع «مهرجان بيروت لأفلام الفنّ»، من تنظيم أليس مغبغب...

فاطمة عبد الله (بيروت)

إخلاء مقبرة السلحدار يُعيد الجدل حول مصير تراث الجبانات في مصر

مدفن الوزير أحد أبرز الشواهد المهدَّدة (الباحث إبراهيم طايع)
مدفن الوزير أحد أبرز الشواهد المهدَّدة (الباحث إبراهيم طايع)
TT

إخلاء مقبرة السلحدار يُعيد الجدل حول مصير تراث الجبانات في مصر

مدفن الوزير أحد أبرز الشواهد المهدَّدة (الباحث إبراهيم طايع)
مدفن الوزير أحد أبرز الشواهد المهدَّدة (الباحث إبراهيم طايع)

أعاد إخلاء مقبرة محمد سليم باشا السلحدار، ناظر مالية محمد علي باشا، الجدل حول «قرارات هدم المقابر ذات القيمة التراثية»، التي يرى متخصّصون أنه يجب الحفاظ عليها بوصفها جزءاً من ذاكرة المصريين.

ويأتي قرار هدم المقبرة والحوش امتداداً لسلسلة عمليات إزالة أصابت الآثاريين المصريين والمهتمين بالآثار الإسلامية بحزن عميق، على ما عدّوه ضياع جزء من تاريخ مهم، ومحواً تدريجياً لجانب من هوية ثقافية ذات طبقات متعدّدة.

وقد أدّى جمع متعلقات الحوش من ورثة السلحدار إلى حالة من الدهشة لدى قطاع من الباحثين والمهتمّين بتراث الجبانات، داعين للبحث عن حلول لبقاء الأحواش. فكثير منها، وفق قول الباحث في الآثار الإسلامية، الدكتور مصطفى الصادق، بعيد عن نطاق الجسر الذي تشرع الحكومة في تنفيذه. «أما مدفن السلحدار، فقريب من حوش الباشا الذي يحظى بحماية وجوده ضمن قائمة الآثار المحمية، وهدمه يثير كثيراً من الدهشة».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الشروع في هدم حوش السلحدار سبقه إزالة ما هو أكثر أهمية وإبداعاً وغنى». ويتابع: «لم تسلم من المعاول كثير من التحف الفنّية الموجودة في منطقة السيدة نفيسة وقرافة الإمام الشافعي، مثل قبة نام شاز قادين مستولدة محمد علي باشا، وحوش محمود سامي البارودي وزير الحربية ورئيس الوزراء الأسبق، وقبة كلزار وحسين (1849)، وقبة حليم باشا التاريخية في منطقة السيدة عائشة، ومدفن آل العظم الذي يضم رفات حقي العظم رئيس مجلس الشورى السوري السابق، وقد دُفن فيها عام 1955».

و«أزالت الجرّافات مقبرة قاسم محمد باشا، قائد الأسطول البحري للجيش المصري في حرب الحبشة زمن الخديوي إسماعيل، ومقبرة راتب باشا قائد الجيش في الحرب نفسها، ومقبرة إبراهيم النبراوي الطبيب الخاص لمحمد علي. وجميعها تُمثل إحدى طبقات الحضارة المصرية، حتى جثث الشخصيات المدفونة تُعدّ من الآثار التي يجب الحفاظ عليها مثل مومياوات المصريين القدماء»، وفق الصادق.

قبر سليم باشا السلحدار (الباحث إبراهيم طايع)

وأشار إلى أنّ المستفيد من تدمير الآثار والمقابر ذات الطراز الرفيع «هم مقاولو الهدم؛ إذ يُتاجرون في الأخشاب والشبابيك وما فيها من نقوش وزخارف».

وتُعدّ مقبرة السلحدار إحدى أروع المنشآت التي أقامها رجال محمد علي وفقاً للطراز التقليدي، و«تضمّ تركيبة رخامية بزخارف وألوان مشغولة يدوياً، وهدمها خسارة كبيرة لأنها من علامات المباني الأثرية في عهد مؤسِّس مصر الحديثة». والمدفن، وفق الباحث في الحضارة الإسلامية، الدكتور أحمد سلامة، هو «حجرة رئيسية ذات زخارف هندسية ونباتية مذهلة من الداخل»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كما أنّ الواجهة مبنية بالحجر المنحوت، وتضمّ مدخلاً منقوشاً بزخارف عربية دقيقة وخطوط كوفية نسخية نادرة الوجود الآن، ويمزج التصميم بين الطراز المملوكي المتأخر والعثماني، مما يجعله من أبرز شواهد تطور العمارة في القرن التاسع عشر بمصر».

الدهشة التي صاحبت الشروع في هدم مقبرة السلحدار تأتي من كونها تضم رفات شخصية كان لها حضور تاريخي مهم في زمن محمد علي باشا؛ إذ تربّى الرجل في بيت محمد علي بقولة، وجاء إلى مصر جندياً في زمن الحملة الفرنسية عام 1798 لمحاربة الفرنسيين وإجلائهم عنها، ولعب دوراً مهماً في الحياة السياسية بعد ذلك. وكان واحداً من 4 أشخاص دبّروا لمذبحة القلعة مع محمد علي. وتوفي في 24 ذي الحجة 1284 هجرية، كما هو مكتوب على شاهد قبره في مقصورة الدفن التي أعدَّها لنفسه ولأسرته.

وعدَّ الباحث في الآثار الإسلامية إبراهيم طايع «هدم مقبرة السلحدار خسارة كبيرة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «زرتُها من قبل وأعرف قيمتها، فصاحبها شخصية معروفة في تاريخ مصر الحديث، وتضم تركيبتين رخاميتين؛ واحدة له والأخرى لكريمته عائشة هانم التي توفيت في 21 جمادى الأولى 1299 هجرية. وهناك شواهد أخرى لمقابر موجودة خارج حجرة الدفن، وقد رمَّمتها عائلته أخيراً».

وتعود أزمة هدم المقابر التاريخية إلى عام 2021، حين أعلنت الحكومة المصرية عن خطط لتطوير محور صلاح سالم (شرق القاهرة)، مما أدى إلى إزالة مدافن مجاورة لإنشاء محاور مرورية جديدة تربط شرق القاهرة وجنوبها عبر الجبانات التاريخية.


محمد عبد العزيز: الكوميديا تتضمَّن جدّية تفوق التراجيديا

محمد عبد العزيز قدَّم نصائح للأجيال الجديدة (القاهرة السينمائي)
محمد عبد العزيز قدَّم نصائح للأجيال الجديدة (القاهرة السينمائي)
TT

محمد عبد العزيز: الكوميديا تتضمَّن جدّية تفوق التراجيديا

محمد عبد العزيز قدَّم نصائح للأجيال الجديدة (القاهرة السينمائي)
محمد عبد العزيز قدَّم نصائح للأجيال الجديدة (القاهرة السينمائي)

أكد المخرج محمد عبد العزيز أنّ مجال الكوميديا هو الذي اختاره ولم يسعَ إليه، وأنّ أفلامه الأولى كانت بعيدة عن الكوميديا، على غرار أول أفلامه الروائية «امرأة من القاهرة». لكنه أوضح أنّ أستاذه المخرج حلمي حليم، وهاتش الأميركي الذي كان يدرّسه السيناريو في معهد السينما، نصحاه بالتوجّه إلى الكوميديا، مؤكدَيْن أنهما يريان فيه مُخرجاً كوميدياً قادماً بقوة. وكان للنجاح الكبير الذي حقّقه أول أفلامه الكوميدية «في الصيف لازم نحب» دورٌ في تدفّق العروض الكوميدية عليه، وهو ما دفعه إلى الاستمرار حتى شكَّلت الأعمال الكوميدية الجزء الأكبر من عالمه السينمائي.

جاء ذلك خلال «ماستر كلاس» أُقيم في إطار تكريمه بالدورة الـ46 لـ«مهرجان القاهرة السينمائي»، الخميس، على المسرح المكشوف بدار الأوبرا. وأكد خلاله أن الكوميديا ليست تهريجاً، والمخرج الكوميدي لا بد أن يكون في غاية الجدّية والانضباط خلال التصوير، لأنّ فنّ الكوميديا يحمل قدراً من الجدّية يفوق التراجيديا. وشدَّد على أنّ ارتباط الكوميديا بقضايا المجتمع يجعل منها فناً صادقاً يُعبّر عن حياة الناس، وعلى مخرج هذا النوع الاهتمام بالدراما وحبكاتها الرئيسية والفرعية والرسم الجيد للشخصيات، والابتعاد عن محاولات الإضحاك بأي طريقة.

عبد العزيز قال إنّ الكوميديا تتضمَّن قدراً كبيراً من الجدّية (القاهرة السينمائي)

وقدَّم محمد عبد العزيز عدداً كبيراً من الأفلام الناجحة مع الفنان عادل إمام. وكشف خلال اللقاء أنّ إمام رفض في البداية فيلم «البعض يذهب للمأذون مرتين» متوقّعاً فشله، لكنه أرغمه على قبوله، وقصده في الإسكندرية حيث كان يُقدم عرضاً مسرحياً، وقال له: «ستقوم ببطولته رغماً عنك وسينجح»، وهو ما تحقَّق.

وتطرق عبد العزيز (85 عاماً) إلى تجربته التي يعتزّ بها في فيلم «انتبهوا أيها السادة» (1978)، الذي يُعدّ من أبرز الأفلام التي انتقدت بقوة مرحلة الانفتاح الاقتصادي في مصر. وقال إنه يستند إلى قصة واقعية عاش تفاصيلها مع جيرانه، إذ رضخت ابنتهم خرّيجة الحقوق الجميلة للزواج بابن خالتها غير المتعلّم، لكنه يكسب كثيراً من ورشة يمتلكها. وأوضح أنه تحمَّس للفيلم الذي يُعبّر عن انهيار الطبقة المتوسّطة وصعود الأغنياء الجدد، وأنه عَهِد إلى السيناريست أحمد عبد الوهاب كتابة السيناريو ليكشف عن التناقض الصارخ بين أستاذ الجامعة وعامل القمامة. وقد لعب بطولته حسين فهمي ومحمود ياسين، ووجَّه نقداً شديداً لما آل إليه المجتمع آنذاك.

المخرج محمد عبد العزيز أصرَّ على التعاون مع عادل إمام (القاهرة السينمائي)

وتحدَّث عبد العزيز خلال اللقاء بإدارة الناقد أسامة عبد الفتاح، الذي ألّف كتاباً عنه في إطار تكريمه بعنوان «عمر من السينما»، عن جمعه بين التدريس بمعهد السينما وعمله مُخرجاً على مدى سنوات طويلة. فأكد أنّ التدريس يُعد حالة من حالات الإبداع في توصيل المعلومة والتعامل مع الطلاب، قائلاً إنّ معهد السينما هو بيته الأول، وقد درَّس أجيالاً من المخرجين، من بينهم داود عبد السيد، وخيري بشارة، ومجدي أحمد علي، ومروان حامد.

ووصف الجمع بين التدريس والإخراج بأنه مرحلة صعبة، لكنه كان يحرص أولاً على تقديم محاضراته في المدّة الصباحية، ويُخصّص ما بعد الظهر لتصوير أفلامه حتى لو واصل العمل حتى الصباح، مؤكداً أنه لم يتخلَّف يوماً عن لقاء طلابه. وأشار إلى أنّ حسين فهمي ترك التدريس والإخراج رغم أنه كان سيحقّق نجاحاً كبيراً في المجالَيْن.

بدورها، كشفت الفنانة لبلبة خلال الندوة عن أنّ المخرج محمد عبد العزيز هو مَن علمها الأداء الكوميدي ببساطة ومن دون ابتذال، وأنه كثيراً ما وجَّهها للحدّ من حركتها أمام الكاميرا كما كانت تفعل في أدوارها الاستعراضية.

نجوم الفنّ في ندوة تكريم محمد عبد العزيز (القاهرة السينمائي)

ووجَّهت الفنانة إلهام شاهين الشكر للمخرج الكبير الذي اختارها لبطولة مسرحية «بهلول في إسطنبول» أمام سمير غانم، وأقنعها بالغناء وتقديم الاستعراضات في المسرحية وفي دور كوميدي لم تكن تتوقَّع أن تنجح فيه، لكنها نجحت واستمرّ عرض المسرحية 5 سنوات، وتوالت عليها العروض في أعمال مماثلة.

أما المخرج مجدي أحمد علي، فأشاد بتدريس محمد عبد العزيز وحسين فهمي، مؤكداً أنهما كانا يزيلان الحواجز مع الطلاب، وأنّ فهمي كان يُقدّم محاضراته في الكافتيريا بدلاً من القاعات ليخلق ألفة مع طلابه، مشيراً إلى أنّ العلاقة بين الأستاذ والتلميذ تغيَّرت تماماً في الوقت الحالي وافتقدت التواصل المطلوب.

عبد العزيز يُعبّر عن سعادته بالتكريم (القاهرة السينمائي)

وقال عبد العزيز إنّ دخوله مجال السينما مع زملائه من خرّيجي المعهد في الدفعات الأولى لم يكن سهلاً، فقد واجهوا صعوبات كبيرة وحروباً قاسية، حتى أثبتوا نجاحهم وفتحوا الباب أمام خرّيجي المعهد للعمل في السينما.

بدأت مسيرة محمد عبد العزيز في سبعينات القرن الماضي، وأخرج خلالها عدداً كبيراً من الأفلام، من بينها «المحفظة معايا»، و«قاتل مقتلش حد»، و«غاوي مشاكل»، و«على باب الوزير»، و«عصابة حمادة وتوتو»، و«ليلة عسل»، و«خلي بالك من عقلك». كما أخرج نحو 15 مسلسلاً تلفزيونياً، من بينها «يوم عسل ويوم بصل»، و«حياتي أنت»، و«أبو ضحكة جنان»، و4 مسرحيات هي: «شارع محمد علي»، و«عفروتو»، و«زكي في الوزارة»، و«بهلول في إسطنبول».


«مستر بيست» يُحوّل الرياض إلى ساحة تحدّيات... وجوائز تتجاوز المليون ريال

تفاعل جماهيري واسع خلال ظهور صانع المحتوى الشهير «مستر بيست» (تصوير: تركي العقيلي)
تفاعل جماهيري واسع خلال ظهور صانع المحتوى الشهير «مستر بيست» (تصوير: تركي العقيلي)
TT

«مستر بيست» يُحوّل الرياض إلى ساحة تحدّيات... وجوائز تتجاوز المليون ريال

تفاعل جماهيري واسع خلال ظهور صانع المحتوى الشهير «مستر بيست» (تصوير: تركي العقيلي)
تفاعل جماهيري واسع خلال ظهور صانع المحتوى الشهير «مستر بيست» (تصوير: تركي العقيلي)

افتتحت منطقة «بيست لاند»، إحدى وجهات «موسم الرياض» أبوابها، الخميس، وسط إقبال جماهيري ضخم. واستُوحي مفهوم الوجهة الترفيهية من تحدّيات «مستر بيست» الشهيرة، التي تجمع بين الألعاب الحركية والذهنية.

مدخل منطقة «بيست لاند» في «موسم الرياض» (تصوير: تركي العقيلي)

وظهر صانع المحتوى العالمي «مستر بيست» على مسرح «أرينا بيست»، معبّراً عن إعجابه بتفاعل الزوار وحماستهم، وكشف عن نظام الجوائز الذي يعتمد على جمع النقاط عبر التحدّيات اليومية، إذ تُمنح جائزة يومية بقيمة 7 آلاف ريال، بينما يحصل صاحب أعلى مجموع نقاط بعد 45 يوماً على جائزة نقدية كبرى مقدارها مليون ريال، بينما يحصل صاحب المركز الثاني بمجموع النقاط على 300 ألف ريال. وتُخزَّن الجوائز النقدية داخل خزنتين، إحداهما فضية والأخرى ذهبية.

لقطة لزوار منطقة «بيست لاند» (تصوير: تركي العقيلي)

وتمتد «بيست لاند» على مساحة تزيد على 188 ألف متر مربع بالقرب من «بوليفارد وورلد» والمربّع في قلب العاصمة الرياض، وتضم أكثر من 15 لعبة رئيسية و14 تجربة تفاعلية، بالإضافة إلى 20 منفذاً للمأكولات والمشروبات. ويجمع تصميم المنطقة بين المؤثرات الصوتية والإضاءة المتطوّرة على مستوى التقنيات العالية لوجهات «موسم الرياض»، بما يعكس ترسيخ مكانة السعودية وجهةً رائدةً في الترفيه والتجارب الاستثنائية على مستوى المنطقة والعالم.

إحدى ألعاب منطقة «بيست لاند» (تصوير: تركي العقيلي)

وتنقسم التجربة في «بيست لاند» إلى منطقتين رئيسيَّتَيْن مدمجتَيْن بالترفيه والمنافسة. ويعيش الزوار فيها أجواء عائلية، إذ تضم مجموعة متنوّعة من الألعاب والأنشطة، من ضمنها الرول كوستر، وقفزة البنجي، وقطار الموت، إلى جانب المتاجر والمطاعم التي تتيح للجميع من مختلف الأعمار الاستمتاع من دون الحاجة إلى خوض التحدّيات. ومن الجهة المقابلة يخوض المشاركون في منطقة «بيست أرينا» المنافسات المخصّصة لحاملي تذاكر «بيست مود» و«جونيور بيست»، وذلك من خلال تحدّيات زمنية لاختبار المهارة والسرعة وجمع النقاط.

إحدى ألعاب منطقة «بيست لاند» (تصوير: تركي العقيلي)

و«مستر بيست» هو أحد أبرز صنّاع المحتوى في العالم، إذ يتجاوز عدد مشتركي قناته عبر «يوتيوب» نحو 450 مليوناً، وتُحقّق مقاطعه مُشاهدات تتخطّى حاجز الـ100 مليون مُشاهدة لكلّ مقطع. ويشتهر بأسلوبه المُبتَكر في تقديم التحدّيات والمغامرات ذات الطابع الإنساني والترفيهي، مما يجعله من أكثر الشخصيات تأثيراً في منصات التواصل.

إقبال جماهيري لافت خلال إطلالة صانع المحتوى الشهير «مستر بيست» (تصوير: تركي العقيلي)