احتفاء بموروثات الجنوب المصري عبر «ذاكرة قنا»

فعالية يستضيفها متحف «الحضارة» تضم صوراً توثيقية

احتفاء الزوار بالمنتجات المحلية التراثية داخل المتحف (الشرق الأوسط)
احتفاء الزوار بالمنتجات المحلية التراثية داخل المتحف (الشرق الأوسط)
TT

احتفاء بموروثات الجنوب المصري عبر «ذاكرة قنا»

احتفاء الزوار بالمنتجات المحلية التراثية داخل المتحف (الشرق الأوسط)
احتفاء الزوار بالمنتجات المحلية التراثية داخل المتحف (الشرق الأوسط)

رحلة في قلب الجنوب، بين الثقافة والفنون والحرف اليدوية الأصيلة، أطلقها «المتحف القومي للحضارة المصرية» في القاهرة من خلال تنظيم فعالية مميزة سلطت الضوء على الهوية والتنوع الثقافي لمحافظة قنا (جنوب مصر).

تأتي الفعالية ضمن برنامج فني تراثي بعنوان «محافظات مصر»، الذي ينظمه المتحف بشكل دوري بهدف إبراز الهوية الحضارية للمحافظات المصرية، وتعزيز الوعي المجتمعي بقيمة الموروث المحلي، وتقديم تجربة غنية تبرز التنوع الإنساني والثقافي في مصر.

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

وقدّم المتحف هذه المرة الفعالية تحت عنوان «قنا ذاكرة الجنوب»؛ بصفتها المحافظة العاشرة التي تُتناول ضمن البرنامج، في خطوة تُعد دعماً للسياحة الداخلية من جهة، وتعزيزاً لجهود الفنانين والحرفيين المتخصصين في التراث القناوي من جهة أخرى.

وتأخذ الصور الفوتوغرافية المعروضة الزائر إلى قلب قنا؛ حيث قدّم معرض الفنان الراحل عبد الرحيم حمزة، أحد أقدم المصورين الذين وثقوا لتراث المحافظة، نحو 20 صورة نادرة بالأبيض والأسود، في حين ضمّ المعرض الآخر للفنانين أحمد مصطفى سعودي، وأحمد دريم، 30 صورة توثق المعالم التاريخية والتراثية ومظاهر الحياة الاجتماعية في المحافظة.

صورة تعكس بنايات قنا للفنان أحمد دريم (الشرق الأوسط)

وتعكس صور الفنان أحمد مصطفى مشاهد من الحياة اليومية والمناسبات والأعياد المختلفة في قنا، مركّزاً على البشر في تفاعلهم مع تراثهم وتمسكهم بالإرث الاجتماعي؛ ومنها صور للاعبي المرماح، وراقصي التحطيب، وصانعي الحرف اليدوية مثل صناعة الأواني الفخارية، بالإضافة إلى مشاهد من مولد «سيدي عبد الرحيم القناوي» ومن «الحضرة المحمدية».

وقال سعودي لـ«الشرق الأوسط»: «أشارك في المعرض الثنائي بـ15 صورة، من أبرزها صورة (المائدة) التي نالت جوائز عدّة. وتعكس هذه الصورة (لمَّة رمضان)، حيث يلتف نحو 800 شخص حول مائدة الإفطار في أحد شوارع المحافظة، ويخدمهم أهل المنطقة نوعاً من المشاركة الاجتماعية».

المرماح للفنان أحمد مصطفى سعودي (الشرق الأوسط)

وأضاف: «هذا الحدث فرصة للتعريف بالجمال الخفي في جنوب مصر، الذي يستحق أن يراه الجميع. كما أنه يقوم على فكرة مشاركة الثقافة والتراث بين المجتمعات، بما يتيح للسياح أيضاً التعرف على هذا الجمال والتواصل مع الحضارات المختلفة؛ ولذلك فإن (المتحف القومي للحضارة) هو المكان الأنسب لمثل هذه الفعالية المهمة».

صورة في المعرض للفنان أحمد دريم تعكس مدخل وعتبة أحد البيوت في قنا (الشرق الأوسط)

أما الفنان أحمد دريم فقد رصد بعدسته البيوت القديمة والمشربيات والأبواب والأعتاب والمعابد في قنا، في إطار احتفائه بما سمّاه «عظمة المكان». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من أندر الصور التي أشارك بها تلك التي تجسد تميز محافظة قنا بما يُعرف بـ(الأعتاب)، التي تكاد تنفرد بها من حيث الكيف والكم. لقد نشأتُ في الصعيد، وزرت كل أنحائه، ولم أشاهد مثل روعة هذه الأعتاب ولا عددها إلا في قنا».

صورة في المعرض للفنان أحمد دريم تعكس مدخل أحد البيوت في قنا (الشرق الأوسط)

وأوضح: «(الأعتاب) هي نوع من الترحيب بالزائر، وتعريفه بالبيت وساكنيه من خلال كلمات أو قصيدة بالعربية، وأحياناً بالقبطية، تحكي تاريخ المنزل وتفاصيل بنائه، وتُزيَّن برسوم أو موتيفات أو آيات قرآنية»، مشيراً إلى أن زوار المعرض انبهروا بجمالها ولم يكونوا على دراية بأنها لا تزال موجودة حتى اليوم.

تفاعل زوار المتحف مع المنتجات الجنوبية التراثية في المعرض (الشرق الأوسط)

كما ضمّت الفعالية أيضاً، معرضاً للحرف التقليدية المميزة لمحافظة قنا مثل: نسيج الفركة، والخزف والفخار، وصناعة الحصير، والكليم اليدوي، والمشغولات الجلدية، ومنتجات خشب السرسوع، ومشغولات النحاس والحُلي. وأُتيح للزوار المشاركة في ورش حيّة تفاعلية لتجربة نول الفركة ودولاب الفخار، وصناعة الحصير، إلى جانب تذوق أكلات وصناعات غذائية تقليدية مثل: العيش الشمسي، والعسل الأسود، والقصب، والفطير.

الفعالية تسلط الضوء على التراث القناوي (الشرق الأوسط)

وتقول نعيمة محمد، الشريكة المؤسسة لعلامة «نوبت»: «نشارك في فعالية (قنا ذاكرة الجنوب) بمجموعة كبيرة من منتجات حرفة الفركة النقادي، والكليم، والحقائب، والملابس التراثية».

وترى أن أهمية الحدث تنبع من دوره في تنشيط السياحة: «من يشاهد معرض الصور أو الفنون اليدوية المميزة لقنا سيصبح شغوفاً بزيارة المحافظة للتعرف على روائعها وخصوصية المكان».

وتتابع: «كما تساعد الفعالية على التعريف بالعلامات المصرية في الجنوب، التي تتميز بالعمل اليدوي وتراث يمتد لآلاف السنين، ما يدعم تسويق منتجاتها. وهو أمر مهم على مستويات عدة، أهمها البعد الاجتماعي؛ إذ إن علامة (نوبت) هدفها الأساسي هو التمكين الاقتصادي للسيدات، حيث يعمل معنا نحو 25 سيدة من قنا داخل الورش، فضلاً عن عدد من الوحدات الإنتاجية في المنازل، وسيدات يعملن بدوام جزئي».


مقالات ذات صلة

معرض «بيروت المرفأ»... مشاركة في إعادة إعماره

يوميات الشرق يتضمن المعرض 3 أقسام محورها الحفاظ والترميم والمشاركة (الجهة المنظمة)

معرض «بيروت المرفأ»... مشاركة في إعادة إعماره

يهدف معرض «بيروت المرفأ» إلى وضع الرأي العام في تماس مباشر مع مشروعات إعادة إعمار المرفأ.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الخشب يبحث عن طريقه نحو مساحة أوسع (الشرق الأوسط)

انحناءات تُعيد تشكيل الجسد والروح في منحوتات نبيل ريشاني

الانحناء لا يُقرأ على هيئة خضوع... إنه معرفة بالوزن والمسافة وبالطريقة التي يمكن بها لخطّ واحد أن يحمل ذاكرة الشجرة والإنسان معاً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
الخليج جلسة جمعت وزراء ومسؤولين بعنوان «من الرؤية إلى الواقع... تكامل القطاعات في خدمة ضيوف الرحمن» (مؤتمر ومعرض الحج)

«من مكة إلى العالم»... منظومة الحج تسجل تحولاً تاريخياً في التكامل والجاهزية

جسّد «مؤتمر ومعرض الحج والعمرة 1447هـ» بنسخته الخامسة ملامح التحول المؤسسي الذي تقوده السعودية في خدمة ضيوف الرحمن

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق لوحة من المجموعة الصوفية للفنانة ياسمين بيريتن (الشرق الأوسط)

«الملكة والحفيدة»... معرض مصري يستعيد فنون الأسرة العلوية

في أجواء تحمل عبق الماضي، وتستدعي ملامح الحقبة الملكية للأسرة العلوية في مصر، يقدم معرض «الملكة والحفیدة» 65 لوحة تتمتع بقوة تعبيرية لافتة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
شمال افريقيا السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية (إعلام حزبي)

حزب مُعارض يحذر من «انزلاق الجزائر نحو عدم الاستقرار»

احتج حزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائري المعارض على «نهج الإغلاق والجمود، وإنكار الواقع المتبع من طرف السلطات».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

المتحف الكبير يستقبل نحو 19 ألف زائر يومياً منذ افتتاحه

متوسط عدد الزائرين للمتحف الكبير وصل إلى 19 ألف زائر يومياً (وزارة السياحة والآثار)
متوسط عدد الزائرين للمتحف الكبير وصل إلى 19 ألف زائر يومياً (وزارة السياحة والآثار)
TT

المتحف الكبير يستقبل نحو 19 ألف زائر يومياً منذ افتتاحه

متوسط عدد الزائرين للمتحف الكبير وصل إلى 19 ألف زائر يومياً (وزارة السياحة والآثار)
متوسط عدد الزائرين للمتحف الكبير وصل إلى 19 ألف زائر يومياً (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت إدارة المتحف المصري الكبير عن وصول متوسط معدل الزيارات اليومية إلى 19 ألف زائر، منذ افتتاحه للجمهور في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وأكدت في بيان نشرته، الاثنين، أن المتحف استقبل 12 ألف زائر من المصريين والأجانب منذ الصباح حتى الثانية ظهر الاثنين.

وقال الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، إن «حركة الزيارة تسير بانسيابية تامة، حيث زار المتحف أمس نحو 17 ألف زائر استمتعوا بزيارة وتجربة متميزة». وأضاف في بيان لوزارة السياحة والآثار أن «متوسط عدد الزائرين منذ بدء استقبال المتحف للجمهور في 4 نوفمبر وحتى أمس بلغ نحو 19 ألف زائر يومياً، بما يعكس الإقبال الكبير على زيارة المتحف من مختلف الفئات والجنسيات».

وبني المتحف الكبير على مساحة 117 فداناً بميدان الرماية قرب أهرامات الجيزة، ليشكل مع منطقة الأهرامات الأثرية مشهداً متصلاً يعبر عن عراقة الحضارة المصرية القديمة، ويضم المتحف نحو 57 ألف قطعة أثرية، من بينها مجموعة توت عنخ آمون التي تعرض كاملة للمرة الأولى بالمتحف.

وأشار الرئيس التنفيذي للمتحف إلى أن «الإقبال الجماهيري المتزايد من مختلف دول العالم يعكس المكانة الدولية التي بات يحتلها المتحف المصري الكبير باعتباره أحد أهم المقاصد الثقافية والسياحية على مستوى العالم».

المتحف المصري الكبير يشهد إقبالاً منذ افتتاحه للجمهور (وزارة السياحة والآثار)

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، افتتح المتحف المصري الكبير رسمياً في الأول من نوفمبر الجاري، وسط احتفالية عالمية كبرى حضرها 79 وفداً رسمياً من بينهم 39 وفداً برئاسة ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات. وبدأ المتحف استقبال الجمهور اعتباراً من 4 نوفمبر، بالتزامن مع الذكرى المئوية لاكتشاف مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون.

ويرى الخبير السياحي المصري، بسام الشماع، أن «المتحف المصري الكبير يشهد حالة زخم كبيرة وانسيابية في الدخول والخدمات المقدمة داخله، وإن كان يحتاج إلى بعض التفاصيل لاستيعاب الأعداد الكبيرة التي تزوره يومياً».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «بيان المتحف الذي أكد وصول متوسط الزوّار إلى 19 ألف زائر، يظهر من خلال الزخم والحضور الكبير، وأتمنى زيادة مساحات الأرض المتحركة (الإسكوليتر) التي تسمح بالتجول ببطء وشرح محتويات المتحف».

وقال إنه رأى بنفسه أن الجزء الذي توجد به أرضيات متحركة «مشايات» يسهل على الزوار استيعاب آثاره، متابعاً: «بينما هناك 12 قاعة علوية من بينها قاعة توت عنخ آمون إذا تم تزويدها بمشايات أو أرضيات متحركة ستساعد الزوار بطريقة أفضل»، ولفت الشماع إلى أن المتحف الذي يزوره منذ عامين ويشرح محتوياته للمجموعات الأجنبية القادمة لمصر بصفته مرشداً سياحياً، لا يمكن مشاهدته كله في زيارة واحدة، وقال: «لا يستطيع الزائر أن يشبع شغفه بمحتويات المتحف مرة واحدة، بل يمكننا أن نطلق عليه متحف القادمين مرة أخرى، ففي كل زيارة للمتحف يمكن رؤية جزء جديد ومختلف منه».

تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)

وكانت إدارة المتحف قد أعلنت الجمعة الماضي عن وقف بيع التذاكر خلال اليوم الذي شهد زخماً وزحاماً وتجاوز الطاقة التشغيلية القصوى للمتحف، وحددت طرقاً للحجز الإلكتروني في أيام معينة لتسهيل الزيارة واستيعاب الزائرين.

وتوقع الشماع أن «يزور المتحف سنوياً ما بين 10 و15 مليون سائح»، مشيراً إلى أن «حجم المتحف المصري الكبير ضعف اللوفر تقريباً واللوفر يزوره سنوياً 9 ملايين، كما أن الآثار الموجودة في المتحف المصري الكبير لا مثيل لها في العالم، خصوصاً مجموعة توت عنخ آمون التي تتجاوز 5 آلاف قطعة».

وتعوّل وزارة السياحة والآثار المصرية على المتحف المصري الكبير في جذب السياحة الثقافية، وسبق أن أعلنت الوزارة توقعاتها بأن يزور المتحف نحو 5 ملايين سائح سنوياً، بمعدل 15 ألف سائح يومياً، وتطمح مصر إلى زيادة عدد السائحين الوافدين إلى 30 مليون سائح بحلول 2031، فيما حققت رقماً قياسياً العام الماضي باستقبال 15.7 مليون سائح.


مصر: «الجلباب البلدي» حضور دائم يتجاوز «الترند»

كثير من المؤثرين استعادوا صورهم بالجلباب (صفحة باسم يوسف على «فيسبوك»)
كثير من المؤثرين استعادوا صورهم بالجلباب (صفحة باسم يوسف على «فيسبوك»)
TT

مصر: «الجلباب البلدي» حضور دائم يتجاوز «الترند»

كثير من المؤثرين استعادوا صورهم بالجلباب (صفحة باسم يوسف على «فيسبوك»)
كثير من المؤثرين استعادوا صورهم بالجلباب (صفحة باسم يوسف على «فيسبوك»)

لم يغب الجلباب الشعبي يوماً عن حياة المصريين، فهو الذي يعبّر عن هويتهم وخصوصية شخصيتهم وعمق تاريخهم، سواء كانوا يعيشون في الجنوب (الصعيد) أو الشمال (الدلتا). ربما يختلف في بعض تفاصيله، خصوصاً فتحة الرقبة واتساع الكمّين أو ضيقهما، لكنه يظل معبراً عن طبيعة الحياة التي تعيشها فئة واسعة من المصريين في الشوارع والأسواق، وفق أجواء الطقس الغالبة على المكان.

«ظهور الجلباب البلدي الشعبي بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، يعبّر عن حقيقة وجوده الواقعي»، وفق هشام كمال «ترزي عربي». أما صورته وشكله والخطوط التي يلتزم بها الحائك وهو يقوم بقص قماشه فتتحدد طبقاً لطبيعة الجو ودرجة الحرارة وطلبات العميل أيضاً. ويحتاج غالباً إلى 3 أمتار ونصف المتر من القماش للشخص البالغ.

ويؤكد كمال لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجلباب الصيفي يختلف عن الشتوي، فيُفصل الصيفي من قماش قطني، أو كتان، وأشهر أنواعه هو (الغولدن تكس) الصيفي، وتتراوح أسعار المتر ما بين 100 جنيه و750 (الدولار يعادل نحو 47 جنيهاً مصرياً)».

أما الجلباب الشتوي فيُفصّل من أقمشة صوفية، أشهرها «الإمبريال»، و«الصوف الإنجليزي»، «والسلكا» الهندي، ويتراوح سعر المتر منها بين 750 و1500 جنيه، وفق الترزي العربي.

الجلباب له ألوان متعددة وتفصيلات خاصة (الشرق الأوسط)

وهناك مواصفات عدة لشكل الجلباب المصري، سواء كان لأهل الجنوب (الصعيد) أو الوجه البحري (الدلتا). يوضح كمال: «تتركز المواصفات في فتحة الصدر ودائرية الرقبة، واتساع الأكمام، وشكل القطان الذي تتم خياطته حول الرقبة، أو على شكل 7، أو تحت الإبط، أو في الأكمام، وكل منها له تكلفة معينة، تصل إلى حدود 1000 جنيه للتفصيل، نظراً إلى العمل اليدوي الذي يقوم به الترزي الذي يتكفل بمهمة تزيين القماش بالأشرطة (القطان) الحريرية التي يجب أن تكون مثل لون الجلباب».

ويبدأ أجر تفصيل الجلباب الشتوي من 800 جنيه ويصل إلى 2000 جنيه، وفق ما رصدته «الشرق الأوسط»، أما العباءة فسعرها 4 آلاف جنيه، وتُصنع من قماش مختلف عن أقمشة الجلباب. وغالباً تُفصّل من خامة أقمشة مخصوصة من «الغولدن تكس»، أو «الإمبريال».

تفصيلة الجلباب ذي الرقبة (الشرق الأوسط)

بينما تنخفض أجرة تفصيل الجلباب الصيفي عن نظيره الشتوي؛ لأن جزءاً كبيراً من عملية حياكة الجلباب الصيفي تتم بواسطة الماكينة، ويبدأ أجر تفصيله بـ400 جنيه، وقد يصل إلى الضِّعف، وهو بخلاف الشتوي الذي يأخذ جهداً كبيراً في تفصيله، والعمل اليدوي المبذول فيه.

ويقول كمال إن «الطلب على الجلباب يظل كبيراً، وليست له علاقة بصعوده على صفحات التواصل الاجتماعي، فهو مطلوب في الواقع وتفرضه ضروريات حياة المصريين، وما نشأوا عليه من عادات وتقاليد، فمن يرى أباه أو جده يرتديه يومياً كيف له أن يرتدي سواه؟!».

وقبل أن يتحول الجلباب إلى «ترند» في الفضاء الافتراضي، وتحتل صوره مواقع التواصل الاجتماعي، فهو موجود ويرتديه المصريون بعيداً عن «الشو الإعلامي»، وهو الآن كما هو، لكن تلفّه حالة من «النشاط السوشيالي»، وفق وصف كمال، مضيفاً أن «المصريين في صعيد مصر أو في الوجه البحري يرتدون الجلباب بوصفه جزءاً من حياتهم، لا فرق هنا بين الأغنياء والفقراء، فمنهم الكثير من المنتمين إلى الطبقات العليا (الأكابر) أو (الأعيان)، وبينهم أطباء ومهندسون وقضاة وأساتذة جامعات، ومنهم البسطاء؛ لأنه جزء من هويتنا، ويعبّر عن شخصيتنا وأسلوب حياتنا».

ويتميز الجلباب الصعيدي عن الذي يرتديه أبناء الوجه البحري، الذين يفضّلون «القَبَّة» على شكل مثلث مقلوب. أما أهل الجنوب فيكون الجلباب برقبة دائرية تضيق وتتسع حسب الطلب.

الجلباب والعباءة من سمات الوجاهة (الشرق الأوسط)

و«تبدأ مراحل تفصيل الجلباب بمعرفة المقاسات، وهي أهم مرحلة»، وفقاً لعماد محرم ترزي متخصص في تفصيل الجلباب الصعيدي، وعليها تتوقف جودته وقيمة ما يتقاضاه من أجر، ويرصد مراحل تفصيل الجلباب لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «ثم تبدأ مرحلة الحياكة بـ(تمكين السيالة)، ويقصد بها (الجيب)، ثم الكم و(الأشتيك) وهي المنطقة التي تكون تحت الإبط، ثم الأجناب وتُلضم بـ(الأشتيك)، بعدها تأتي مرحلة (بطانة) الجلباب، وتتكوّن من (الصدر - المنطقة الخلفية والأمامية)، و(المَرَد) وهو فتحة الصدر».

وبعد أن تنتهي عملية خياطة الجلباب، تبدأ عملية «التكفيف»، وهي مرحلة دقيقة وتحتاج إلى مهارة وصبر شديدَين، وغالباً ما تقوم بها النساء، وهي عبارة عن وضع شريط غليظ مزخرف من الحرير (القطان) على أطراف الجلباب مثل الأكمام وفتحة الصدر والجيوب (السيالة)، و«هذه المرحلة تجعل الجلباب تكلفته عالية قد تصل إلى 1000 جنيه»، وفق قول محرم.

ويختلف شكل الجلباب حسب المنطقة، ففي الصعيد يكون غالباً ذا أكمام واسعة ورقبة دائرية وحِجر كبير يساعد في سهولة الحركة، فضلاً عن إضفاء نوع من الارتياح في الأجواء الحارة، والألوان غالباً ما تكون فاتحة وأكثرها من الأبيض، والرمادي، والبيج.

ويؤكد محرم أن «معدلات الطلب على الجلباب لا تتغير، فمنذ أن بدأ مهنة الحياكة، الجميع يرتديه، أطفالاً وكباراً، حتى الذين يلتزمون بالملابس الإفرنجية في أعمالهم، يعودون إليه، وقد يتزايد الطلب على الجلباب قليلاً في مواسم الأعياد، والمناسبات الخاصة».


حزن في الوسط الفني المصري لدراما رحيل المطرب إسماعيل الليثي

إسماعيل الليثي رحل إثر تأثره بالإصابة في حادث (إنستغرام)
إسماعيل الليثي رحل إثر تأثره بالإصابة في حادث (إنستغرام)
TT

حزن في الوسط الفني المصري لدراما رحيل المطرب إسماعيل الليثي

إسماعيل الليثي رحل إثر تأثره بالإصابة في حادث (إنستغرام)
إسماعيل الليثي رحل إثر تأثره بالإصابة في حادث (إنستغرام)

خيّم الحزن على الوسط الفني المصري، الاثنين، مع الإعلان عن وفاة المطرب الشعبي إسماعيل الليثي متأثراً بجراحه، إثر حادث مروّع وقع في محافظة المنيا، قبل عدة أيام بعد إحيائه لحفل زفاف في محافظة أسيوط.

وكانت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن المنيا قد تلقت إخطاراً من غرفة عمليات النجدة منذ أيام يفيد بوقوع تصادم بين سيارتي ملاكي على الطريق الصحراوي الشرقي أمام مركز ملوي، ووجود عدد من المصابين والضحايا. وعلى الفور انتقلت سيارات الإسعاف وقوات الأمن إلى موقع الحادث، حيث تبيّن وفاة أربعة أشخاص وإصابة ستة آخرين، من بينهم الفنان إسماعيل الليثي وفرقته الموسيقية.

وتعرض الليثي لإصابات بالغة شملت كسوراً متعددة في الأضلاع وتضرراً في الرئة اليمنى، إلى جانب نزيف داخلي واشتباه بكسر في عظام الجمجمة من الجهة اليمنى، إضافة إلى كدمات شديدة في منطقتي الرأس والصدر، قبل أن يفارق الحياة متأثراً بتلك الإصابات.

تزداد قصة رحيل إسماعيل الليثي قسوة، لما تحمله من أبعاد درامية مأساوية، خصوصاً أنها جاءت بعد نحو عام من الفاجعة التي ألمّت به بفقدان نجله رضا الشهير بـ«ضاضا»، الذي كان محبوباً من الجمهور عبر ظهوره مع والده؛ حيث كان قد سقط من شرفة منزل العائلة بالطابق العاشر بعد أن اختل توازنه، ما أدى إلى وفاته على الفور نتيجة نزيف داخلي وكسور خطيرة بقاع الجمجمة.

هذه الفاجعة أثقلت قلب الليثي ودفعته للدخول في نزاعات متكررة مع زوجته شيماء بعد الحادث، ما أدى إلى انفصالهما أكثر من مرة، وزاد من مساحة الألم الذي كان يحمله في داخله حتى لحظة رحيله.

المطرب الراحل كان قد فقد نجله قبل نحو عام (إنستغرام)

وفي رواية مؤثرة، كشفت والدة إسماعيل الليثي عن آخر ما قاله لها قبل الحادث بساعة واحدة فقط، حيث قالت في تصريحات صحافية إنه قال لها: «يا أمي غفلت لبعض الوقت، وحلمت بابني ضاضا بياخدني بالحضن»؛ لتتحول كلمات الابن الراحل إلى نبوءة قاسية، وكأن روحه كانت تستعد للقاء من افتقده قلبه طويلاً.

تصدرت عبارات النعي مواقع التواصل الاجتماعي، وتدفقت رسائل الحزن والدعاء لروح الفنان الراحل، حيث كتب المطرب رضا البحراوي عبر حسابه على «إنستغرام»: «البقاء والدوام لله، أخويا وصاحبي إسماعيل الليثي في ذمة الله، وجع كبير مالي قلبي، ربنا يرحمك يا حبيبي ويصبرنا على فراقك».

كما عبّر الفنان تامر حسني عن حزنه الشديد لرحيل إسماعيل الليثي، حيث كتب عبر حسابه على «إنستغرام»: «تعازينا لأسرته الكريمة، قلبي معكم وربنا يصبّركم».

ونعى الفنان حمادة هلال الراحل بكلمات مؤثرة، قائلاً: «الله يرحمك يا إسماعيل، الله يجمعك مع ابنك حبيبك، ويجعلك مع الأبرار يا أطيب الناس وأحسنهم خلقاً».

كما نشر مؤدي المهرجانات «كزبرة» عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» رسالة وداع حزينة، جاء فيها: «إنا لله وإنا إليه راجعون، البقاء لله، ربنا يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته».

وكتب حمو بيكا عبر «فيسبوك»: «إنا لله وإنا إليه راجعون».

كما كتب حسن شاكوش ناعياً: «ربنا يرحمك ويصبر أهلك، ويجعلك من أهل الجنة يا رب يا حبيبي»، وطالب الفنان دياب جمهوره بالدعاء للفنان الراحل قائلاً: «ربنا يرحمك ويسامحك ويسكنك فسيح جناته... ادعوا له بالله عليكم».