كشف تلسكوب «جيمس ويب» الفضائي النقاب عن الأسرار المختبئة في قلب ما يُعرف بـ«سديم الفراشة» (NGC 6302)، مما يقدّم رؤية استثنائية لما قد يحدث لشمسنا بعد 5 مليارات سنة من الآن.
وتمكّن التلسكوب من اختراق الغلاف الكثيف من الغبار الذي أخفى قلب «سديم الفراشة» منذ اكتشافه في سبعينيات القرن الماضي. وقد يمنحنا هذا الاكتشاف لمحة عمّا قد يحدث لشمسنا: فبعد نحو 5 مليارات سنة ستنفد طاقتها، وعندها ستنتفخ وتلقي بطبقاتها الخارجية لتُشكّل سحابة لامعة من الغاز والغبار تُعرف بـ«السديم الكوكبي».
ويُعدّ «سديم الفراشة»، الذي يبعد عن الأرض نحو 3400 سنة ضوئية، مثالاً لهذه العملية التي تحدث حالياً حول نجم آخر.
في هذا الصدد، نقلت «الإندبندنت» عن الدكتورة أوليفيا غونز من «مركز تكنولوجيا علم الفلك البريطاني» قولها: «هذه النتائج تمنحنا نافذة على مستقبل شمسنا، وهو مستقبل مليء بالمفاجآت المذهلة».
أذهل السديم علماء الفلك منذ السبعينات عندما رُصد شكله الشبيه بالفراشة للمرة الأولى. لكن نجمه المركزي ظلَّ خافياً خلف الغبار الكثيف، حتى تمكّن تلسكوب «جيمس ويب» عبر أداته المتوسطة التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء، المعروفة بـ«Miri»، من النظر إلى الداخل.
تلتقط أداة «Miri»، التي صُنعت غالبيتها في المملكة المتحدة، الضوء غير المرئي للعين البشرية والقادر على اختراق الغبار. وباستخدامها، لم يتمكّن العلماء من رؤية النجم المركزي فحسب، بل أيضاً النشاط المحيط به.
اكتشف العلماء بلورات دقيقة، من بينها الكوارتز، تتشكّل في حلقة مادية على شكل كعكة دائرية في المركز. كما شوهدت نفاثات غنية بالحديد والنيكل تنطلق بعيداً، وللمرة الأولى تمكّن الباحثون من رصد جزيئات تُعرف باسم الهيدروكربونات العطرية متعدّدة الحلقات داخل سديم كوكبي. وعلى الأرض، تظهر هذه الجزيئات في الدخان أو حتى في الخبز المُحترق.
من جهته، وصفت الدكتورة ميكاكو ماتسورا من جامعة كارديف، التي قادت الدراسة، النتائج بقولها: «فاجأتنا الديناميكية المذهلة للسديم. الافتراض السائد كان أنّ السُدُم الكوكبية توجد في حالة من السكون، لكننا هنا نشاهد ما يشبه الأحجار الكريمة الباردة المتشكلة في مناطق هادئة، إلى جانب شوائب نارية تنشأ في مناطق عنيفة سريعة الحركة؛ كل ذلك في جسم كوني واحد».
تمتدّ أجنحة السديم نحو 3 سنوات ضوئية، بينما لا يتجاوز عرض النجم في المركز بضعة آلاف من الكيلومترات. سطحه يحترق عند نحو 220 ألف درجة مئوية. ويقول العلماء إنّ هذه المرحلة المبهرة لن تدوم سوى نحو 20 ألف سنة فقط.
يتشكّل شكل الفراشة المميّز نتيجة لحزام الغبار السميك في المركز، الذي يقسم غازات النجم إلى فصّين عملاقين، مشكّلاً الأجنحة الكونية التي تمنح السديم هيئته الفريدة.

