طوّر باحثون من جامعة ستانفورد الأميركية تركيبة دوائية مبتكرة تتيح تحويل بعض علاجات السرطان، التي كانت تتطلب جلسات حقن وريدي طويلة تمتد لساعات داخل المستشفى، إلى حقنة بسيطة تُعطى في ثوانٍ معدودة فقط.
وأوضح الباحثون أن هذا التطور قد يغيّر مستقبل علاج السرطان وأمراض المناعة، إذ يمكن للمرضى تلقي العلاج في منازلهم باستخدام أجهزة الحقن الذاتي، ما يخفف عنهم مشقة التردد المستمر إلى العيادات والمستشفيات، ونُشرت النتائج، الأربعاء، بدورية «Science Translational Medicine».
وغالباً ما يضطر المرضى المصابون ببعض أنواع السرطان وأمراض المناعة الذاتية إلى الخضوع لجلسات طويلة من الحقن الوريدي لتلقي أفضل العلاجات البروتينية المتاحة. وبسبب حاجة هذه العلاجات إلى جرعات عالية لتكون فعالة، وفي الوقت نفسه ضرورة تحضيرها بتركيزات منخفضة للحفاظ على استقرارها، ظل الحقن الوريدي البطيء على مدى ساعات هو الخيار الوحيد المتاح حتى الآن.
لكن الفريق ابتكر طريقة جديدة لتوصيل هذه الأدوية تسمح بتخزينها وإعطائها بتركيزات أعلى بكثير. وباستخدام هذه التقنية أصبح بالإمكان إعطاء العديد من العلاجات البروتينية بسرعة وسهولة عبر حقنة عادية أو جهاز حقن ذاتي، بدلاً من جلسات الحقن الوريدي المُرهقة.
وتكمن المشكلة الأساسية في العلاجات البروتينية، مثل أدوية السرطان والمناعة، في أنها عند رفع تركيزها تصبح شديدة اللزوجة وسريعة التكتل، مما يجعل حقنها شبه مستحيل ويزيد من خطر حدوث تفاعلات مناعية غير مرغوبة. وللتغلب على ذلك، طوّر الباحثون مادة بوليمرية جديدة تُعرف باسم «MoNi» تعمل غلافاً واقياً للبروتينات وتحافظ على استقرارها حتى في التركيزات العالية.
وكانت النتيجة مسحوقاً ناعماً من جزيئات بروتينية دقيقة، كل منها مغطى بطبقة صلبة من البوليمر تشبه «الحلوى المغلّفة». هذه الطبقة تمنع التصاق البروتينات ببعضها وتحافظ على فعاليتها. وعند إذابة المسحوق في محلول خاص، تبقى الجزيئات معلّقة دون أن تذوب، مما يتيح لها الانسياب بسهولة عبر الإبر الدقيقة جداً، حتى عند تركيزات دوائية مرتفعة تصل إلى 500 ملغم/مل، أي أكثر من ضعف التركيزات المعتادة في الحقن التقليدية.
وأظهرت التجارب أن التركيبة الجديدة تبقى مستقرة تحت ظروف مختلفة، بما في ذلك التجميد المتكرر أو التخزين في درجات حرارة مرتفعة، من دون أن تفقد فعاليتها، ما يعني أن الأدوية المعقدة، مثل الأجسام المضادة لعلاج السرطان وأمراض المناعة، يمكن أن تتحول من جلسات تسريب وريدي طويلة إلى حقنة واحدة سريعة تُعطى خلال ثوانٍ.
وأشار الباحثون إلى أن التقنية الجديدة قد تجعل من الممكن تطوير العديد من الجزيئات الدوائية الواعدة، التي لم يكن بالإمكان تسويقها سابقاً بسبب مشاكل الاستقرار، إلى أدوية عملية قابلة للاستخدام، مضيفين أنها قد تفتح الباب أمام جيل جديد من العلاجات البروتينية أكثر فاعلية وأقل عبئاً على المرضى.







