مؤثرات أجنبيات يوثقن تجربة العيش في الرياض... بين الأمان والانبهار

حسابات تحظى بمتابعة الآلاف تكشف تفاصيل الحياة النابضة بالعاصمة السعودية

الأوكرانية داشا نشرت هذه الصورة قائلة: هل تعرفون هذا المكان؟ إنها الرياض الجميلة (إنستغرام)
الأوكرانية داشا نشرت هذه الصورة قائلة: هل تعرفون هذا المكان؟ إنها الرياض الجميلة (إنستغرام)
TT

مؤثرات أجنبيات يوثقن تجربة العيش في الرياض... بين الأمان والانبهار

الأوكرانية داشا نشرت هذه الصورة قائلة: هل تعرفون هذا المكان؟ إنها الرياض الجميلة (إنستغرام)
الأوكرانية داشا نشرت هذه الصورة قائلة: هل تعرفون هذا المكان؟ إنها الرياض الجميلة (إنستغرام)

«أنا في السعودية، أكثر بلدان العالم أمناً...» بهذه الجملة العفوية اختصرت صانعة المحتوى الأوكرانية «داشا» شعوراً مشتركاً بين آلاف الأجانب المقيمين بالعاصمة السعودية الرياض، حيث ظهرت في أحد المقاطع وهي تخرج من منزلها دون أن تغلق الباب، في إشارة تلقائية إلى شعورها بالأمان في الرياض، بعيداً عن القوالب النمطية التي لطالما أحاطت بصورة العيش في المنطقة.

هذا المقطع ليس استثناءً، فخلال السنوات الأخيرة برزت فئة جديدة من المؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يُصنّفون ضمن ما يُعرف بـ«مؤثري أسلوب حياة المغتربين» (Expat Lifestyle Influencers)، يوثقون تفاصيل تجربتهم في الرياض، ويعيدون رسم صورة المدينة من الداخل، بلغة الحياة اليومية لا بلغة الإعلانات.

من أبرزهم داشا، الفتاة الأوكرانية التي يتابعها أكثر من 73 ألف شخص على حسابها في «إنستغرام»، حيث تنشر مقاطع يومية من شوارع الرياض ومقاهيها وسكانها، وتُظهر كيف يمكن لحياة الاغتراب أن تكون غنية ومليئة باللحظات الآمنة والجميلة، في محتوى يمزج بين العفوية والانبهار، ويعكس نظرة مقيمة وجدت في العاصمة السعودية ما لم تكن تتوقعه.

 

الأوكرانية داشا تحرص على توثيق تجاربها المتنوعة مع مطاعم مدينة الرياض (إنستغرام)

متعة السير ليلاً

أما بولينا سادوخ، صانعة المحتوى البولندية المقيمة في الرياض، التي يتابعها أكثر من 71 ألفاً على «إنستغرام»، فصورّت مقطعاً تقول فيه: «أنا أسير في الشارع في أمان تام، والساعة الآن هي الثالثة صباحاً... فقط في السعودية يمكن للفتيات أن يمشين وحدهن في الخارج بعد منتصف الليل من دون أي خوف». وتعكس بولينا في محتواها اهتماماً بالعناية الشخصية والجمال، لكنها لا تنفصل عن البيئة التي تعيش فيها، كما تشارك جمهورها كيف يمكن للمرأة المغتربة أن تجد لنفسها مكاناً آمناً وراقياً وسط العاصمة السعودية، وأبرز وجهات التسوّق والترفيه المتاحة في المدينة.

 

رحلة في الصحراء وثقتها البولندية بولينا عبر حسابها (إنستغرام)

تعلّم اللغة العربية

ومن الجانب الآخر من أوروبا، تبرز داريا سوتس، وهي فتاة أوكرانية يتابعها أكثر من 83 ألف شخص عبر «إنستغرام»، وتُعد من أبرز من يوثقون تجربة المغتربين في السعودية، ليس فقط من زاوية الأماكن، بل من زاوية التأقلم والانتماء. وفي أحد منشوراتها، أشارت داريا إلى أنها بدأت تعلم اللغة العربية، في خطوة تعكس رغبة حقيقية في التفاعل مع الثقافة المحلية، لا بصفتها مقيمة عابرة، بل بصفتها فتاة تسعى إلى فهم محيطها والاندماج فيه.

ومن نصف الكرة الجنوبي، تشارك كيمبرلي، مغتربة من نيوزيلندا، تجربتها اليومية في العاصمة السعودية عبر حسابها الذي يتابعه أكثر من 14 ألف شخص، والذي تقدّم فيه محتوى عملياً يستهدف الوافدين الجدد، حيث تتناول الحياة داخل المجمعات السكنية، وأنماط اللباس، وخيارات الترفيه، والمواقف اليومية. وتضع نفسها في مكان «المغتربة الجديدة»، وتساعد جمهورها على تجاوز صدمة الانتقال الأولى، وترى في السعودية بلداً غنياً بالتجارب وفرص الاستقرار.

 

⁨الأوكرانية داريا مع عائلتها في صحراء الرياض الفسيحة عبر حسابها (إنستغرام)⁩

اندماج ثقافي

ورغم اختلاف اللهجات والبلدان والاهتمامات، فإن هؤلاء المؤثرين يشتركون في خطاب رقمي ناعم، يبني جسوراً إنسانية بين الرياض والعالم، حيث لا يُجمّلون الواقع، بل يوثقونه كما هو: مدينة تفتح أبوابها، وتتغير بسرعة، وتحتوي قصصاً تستحق أن تُروى.

كما أن المحتوى الذي يقدمه هؤلاء المؤثرون لا يركّز فقط على الحياة اليومية والسكن والعمل، بل إن ما يلفت النظر هو اندماجهم التدريجي مع التفاصيل الثقافية الأصيلة في المجتمع السعودي، ويظهر ذلك في اندهاشهم المتكرر من الأطعمة المحلية، وتجربتهم المتنوعة لتذوق الأكل السعودي، من الكبسة والجريش إلى السليق والمعصوب، ويخصص بعضهم مقاطع كاملة يتحدثون فيها عن حبهم للقهوة السعودية، ليس بصفتها مشروباً فقط، بل إنها رمز للضيافة والانتماء.

كما يوثق كثير منهم رحلات بين كثبان الصحراء، ويُظهرون انبهارهم بجمال الطبيعة الهادئة، وصفاء السماء، وتجربة التخييم على الرمال السعودية. ومن الوجهات التي تتكرر في محتواهم محافظة العلا، التي تمثل لهم رمزاً للتاريخ والجمال الطبيعي والمستقبل السياحي الواعد، ويصفونها غالباً بأنها «أشبه بلوحة مفتوحة على الزمن».

 

البولندية بولينا تعتاد شرب القهوة السعودية وتنشر يومياتها في الرياض عبر حسابها (إنستغرام)

تجارب سعودية

أما تجربة ارتداء «العباية» فتُقدَّم على أنها جزء من اكتشاف المملكة وفهم هويتها، لا كأنها قيد اجتماعي كما يُعتقد في بعض الثقافات، وذكرت إحدى المقيمات أن ارتداء العباية يمنح شعوراً خاصاً بالانغماس في الجو العام، بل وتحاول كثيرات منهن دمجها في إطلالات عصرية تُظهر احترامهن للثقافة دون التخلي عن شخصيتهن. وإلى جانب ذلك، تسجل بعض المقاطع محاولات تعلّم ونطق كلمات عربية، من «السلام عليكم» إلى «شكراً» و«مرحباً»، في وسيلة للتواصل والتعبير عن رغبة حقيقية في التفاعل مع المجتمع المحلي، حتى لو بلفظ مكسّر أو بلكنات ظاهرة، إلا أن المحاولة في ذاتها تعكس تقديراً واحتراماً للبيئة التي يعيشون فيها.

ومع ازدياد عدد الأجانب المقيمين في السعودية، وارتفاع نسبة المهتمين بالانتقال إليها للعمل أو الدراسة، يصبح هذا النوع من المحتوى مؤثراً في تشكيل الانطباع العام عن المملكة، خصوصاً في ظل الانفتاح الاجتماعي والاقتصادي المتسارع الذي تشهده البلاد ضمن «رؤية السعودية 2030». ويمكن القول إنهم ليسوا سفراء رسميين، لكنهم باتوا يمثلون قوة ناعمة جديدة، توصل الرسائل التي قد تعجز عنها الحملات التسويقية المباشرة، من خلف عدسات جوالاتهم، ومن خلال تجربة شخصية صادقة، يرسمون للعالم ملامح الحياة العصرية الزاخرة في مدينة الرياض.


مقالات ذات صلة

خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة

الخليج خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة

خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة

بحث الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، تطورات الأوضاع في المنطقة والجهود المبذولة حيالها

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جلسة مجلس الوزراء برئاسة الأمير محمد بن سلمان في جدة الثلاثاء (واس)

السعودية تتبنَّى يوماً عالمياً للوقاية من الغرق

تبنَّى مجلس الوزراء السعودي خلال جلسته برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يوماً عالمياً للوقاية من الغرق في 25 يوليو من كل عام.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في جدة الثلاثاء (واس)

ولي العهد السعودي ووزير الخارجية الإيراني يبحثان المستجدات الإقليمية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مستجدات الأوضاع الإقليمية والجهود المبذولة تجاهها.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)

السعودية تقرّ نظاماً محدثاً لتملُّك غير السعوديين للعقار

وافق مجلس الوزراء السعودي على النظام المُحدَّث لتملُّك غير السعوديين للعقار، الذي سيكون نافذاً مطلع العام المقبل 2026.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)

«الوزراء» السعودي يناقش جهود تعزيز معدلات نمو الاقتصاد العالمي

ناقش مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، جهود المملكة وإسهاماتها على المستوى الدولي لدعم العمل متعدد الأطراف وتعزيز معدلات نمو الاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (جدة)

وداعاً لخلع الأحذية في مطارات أميركا المحلّية

صورة من الماضي تُطوى أخيراً (أ.ب)
صورة من الماضي تُطوى أخيراً (أ.ب)
TT

وداعاً لخلع الأحذية في مطارات أميركا المحلّية

صورة من الماضي تُطوى أخيراً (أ.ب)
صورة من الماضي تُطوى أخيراً (أ.ب)

أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية، الثلاثاء، أنّ الركاب المسافرين عبر المطارات المحلّية لن يُطلَب منهم بعد الآن خلع أحذيتهم في أثناء التفتيش الأمني، مُنهيةً بذلك سياسة استمرَّت نحو 20 عاماً.

وفي هذا السياق، نقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نويم، قولها في بيان: «إنهاء سياسة خلع الأحذية هو أحدث خطوة تتّخذها الوزارة لتحديث تجربة المسافرين في مطارات بلادنا وتعزيزها».

الولايات المتحدة تُنهي سياسة خلع الأحذية في المطارات بعد 20 عاماً (أ.ب)

وأضافت: «كما هي الحال دائماً، يظلُّ الأمن على رأس أولوياتنا. وبفضل التقدُّم التكنولوجي المتطوّر الذي حقّقناه ونهجنا الأمني متعدّد الطبقات، نحن واثقون من قدرتنا على تنفيذ هذا التغيير مع الحفاظ على أعلى معايير الأمن».

وكان المواطن البريطاني ريتشارد ريد قد حاول في ديسمبر (كانون الأول) 2001 تفجير متفجرات مخبّأة في حذائه على متن رحلة جوّية من باريس إلى ميامي.

وبعد نحو 5 سنوات، في أغسطس (آب) 2006، فرضت إدارة أمن النقل الأميركية إجراءً يُلزم الركاب بخلع أحذيتهم ليجري فحصها بحثاً عن متفجّرات، استناداً إلى معلومات استخباراتية أشارت إلى وجود تهديد مستمرّ.

وأُنشئت إدارة أمن النقل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 خلال رئاسة جورج دبليو بوش، للإشراف على أمن جميع وسائل النقل، وذلك رداً على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) من العام عينه.

لا حاجة لخلع الأحذية بعد الآن (أ.ب)

وفي أغسطس 2006 أيضاً، فرضت إدارة أمن النقل حظراً على السوائل والمواد الهلامية والبخاخات في الأمتعة المحمولة على الطائرات، بعد إحباط مخطَّط إرهابي لتفجير متفجرات سائلة على متن رحلات عدّة متّجهة إلى الولايات المتحدة. وجرى تخفيف الحظر لاحقاً، مع السماح بحمل كميات محدودة من السوائل.