طوّر باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة كبسولة جديدة تُؤخذ مرة واحدة أسبوعياً لعلاج مرض الفصام، في إنجاز قد يُحدث تحولاً كبيراً في مستقبل علاج الاضطرابات النفسية.
وأوضح الباحثون أن الكبسولة الجديدة نجحت في الحفاظ على فاعلية العلاج دون الحاجة للجرعات اليومية المعتادة، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Lancet Psychiatry».
ويُعد الفصام اضطراباً نفسياً مزمناً يؤثر على طريقة تفكير الفرد وإدراكه وسلوكه. ويعاني المصابون به من صعوبة في التمييز بين الواقع والخيال، وقد تظهر عليهم أعراض مثل الهلوسة (سماع أصوات غير موجودة)، والأوهام (معتقدات خاطئة)، واضطراب في التفكير والسلوك. ولا يعني الفصام تعدد الشخصيات كما يُعتقد بشكل شائع، بل هو خلل في تنظيم الواقع. وغالباً ما يبدأ المرض في أواخر سن المراهقة أو بداية البلوغ، ويستلزم علاجاً طويل الأمد يشمل الأدوية والدعم النفسي والاجتماعي لتحسين جودة حياة المريض.
وتعاون الفريق مع شركة «ليندرا ثيرابيوتيكس» المتخصصة في تطوير علاجات فموية طويلة المفعول تُؤخذ أسبوعياً أو شهرياً.
وخلال تجربة سريرية من المرحلة الثالثة أُجريت على 83 مريضاً بالفصام من 5 مراكز بحثية، أكمل 45 مشاركاً فترة التجربة التي امتدت 5 أسابيع.
واستخدمت التجربة الكبسولة الجديدة لتوصيل جرعة أسبوعية من دواء «ريسبيريدون»، وهو أحد العلاجات الشائعة لمرض الفصام، الذي يعمل عادة بجرعات يومية.
وأظهرت النتائج أن الكبسولة الأسبوعية حافظت على مستويات مستقرة من الدواء في الدم، وكانت فعّالة في السيطرة على الأعراض بكفاءة الجرعات اليومية نفسها.
حلم أصبح حقيقة
وتتميّز الكبسولة المبتكرة بحجم صغير يُشبه كبسولة الفيتامين، لكنها تتحوّل داخل المعدة لشكل نجمي يمنعها من مغادرة المعدة سريعاً، مما يسمح بإطلاق الدواء تدريجياً على مدار أسبوع كامل.
وبعد انتهاء فترة الإطلاق، تتحلل أذرع الكبسولة تلقائياً وتُطرح من الجسم عبر الجهاز الهضمي.
وأظهرت النتائج أن مستويات الدواء في الدم بقيت ضمن النطاق العلاجي الأمثل، وكانت أكثر استقراراً مقارنة بالجرعات اليومية. كما ظلت أعراض المرضى مستقرة وفقاً للمقياس المستخدم لتقييم حالات الفصام.
وقال الدكتور جيوفاني ترافيرسو، الباحث المشارك في الدراسة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «ما كنا نحلم به منذ أكثر من عقد أصبح اليوم حقيقة: حبة واحدة يمكنها إطلاق الدواء تدريجياً داخل الجهاز الهضمي على مدار أسبوع كامل مع الحفاظ على فاعليتها».
وأضاف عبر موقع المعهد أن هذا التقدّم يُمهّد الطريق لتطبيق تقنيات مماثلة لعلاج أمراض أخرى، بما في ذلك الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والربو. ويستعد الفريق حالياً لإجراء تجارب جديدة باستخدام هذه التقنية لتوصيل أدوية أخرى، مثل موانع الحمل.
ويأمل الباحثون في إجراء تجارب سريرية أكبر تمهيداً للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية على الكبسولة الجديدة، في نهج قد يُغيّر قواعد اللعبة في علاج الاضطرابات النفسية، من خلال تعزيز الالتزام بالعلاج.



