عناكب وسلاحف ودبّ العسل في حقيبة مُسافر هندي

جمارك مومباي تفضح تجارة بلا رحمة

جرح الطبيعة يتّسع (جمارك مومباي)
جرح الطبيعة يتّسع (جمارك مومباي)
TT

عناكب وسلاحف ودبّ العسل في حقيبة مُسافر هندي

جرح الطبيعة يتّسع (جمارك مومباي)
جرح الطبيعة يتّسع (جمارك مومباي)

نفَّذ موظّفو الجمارك الهنود عملية ضبط وصفوها بـ«المهمة» لحيوانات برّية مهدَّدة بالانقراض، تورَّط بها أحد الركاب القادمين من تايلاند، فضبطوا نحو 100 حيوان، بما فيها سحالٍ وطيور الشمس وحيوانات بوسوم متسلّقة الأشجار.

ونقلت «سي بي إس نيوز» عن موظّفي الجمارك قولهم إنّ الراكب، الذي كان يحمل أيضاً اثنين من العناكب التارانتولا والسلاحف، «أظهر علامات التوتّر» عند وصوله إلى مومباي؛ العاصمة المالية للهند.

تأتي هذه المُصادرة بعدما أوقِف مسافر كان يُهرّب عشرات الأفاعي السامّة، قادماً أيضاً من تايلاند، في وقت سابق من يونيو (حزيران) الحالي. وقالت جمارك مومباي إنها شملت 44 أفعى إندونيسية، وكانت «مخبّأة في الأمتعة المُسجّلة».

وشملت الحيوانات البرّية في المُصادرة الأخيرة إغوانات، بالإضافة إلى كينكاجو أو دب العسل -وهو حيوان صغير يشبه الراكون من الغابات المطيرة الاستوائية في المكسيك- إلى جانب 6 «شوغار غلايدرز»، وهي حيوانات بوسوم طائرة توجد في أستراليا.

وصرَّحت وزارة المال، في بيان: «في عملية مهمّة، اعترض ضباط الجمارك مواطناً هندياً، مما أدّى إلى ضبط عدد من الأنواع الحيّة والنافقة من الحيوانات البرّية، بعضها محميّ بموجب قوانين حماية الحيوانات البرّية».

بدورها، حذَّرت منظّمة مراقبة تجارة الحيوانات البرية، «ترافيك»، التي تكافح تهريب الحيوانات والنباتات البرّية، من اتجاه «مقلق جداً» في الاتجار، مدفوعاً بتجارة الحيوانات الأليفة الغريبة.

وقالت إنّ أكثر من 7000 حيوان، حيّاً ونافقاً، ضُبطت على طول الطريق الجوّي بين تايلاند والهند خلال السنوات الثلاث ونصف السنة الماضية.

اعتاد موظفو الجمارك في مطار مومباي على ضبط الذهب أو النقود أو مخدِّر الحشيش المهرَّب، لكن حالات ضبط الحيوانات البرّية شهدت ارتفاعاً تدريجياً مؤخراً.

قصص صامتة لحيوانات تُهرَّب خلسة (جمارك مومباي)

وإذ ضبط موظفو الجمارك عشرات الثعابين وسلاحف عدّة من مواطن هندي كان مسافراً من تايلاند، كان من بينها أفاعٍ ذات قرون بالذيل العنكبوتي، وهي نوع سام لم يُوصف علمياً إلا في عام 2006، وصنّفه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة على أنه «شبه مهدد بالانقراض»، أفادت منظمة «ترافيك» بأنّ تحليلها أظهر أنّ معظم الحالات تتعلّق بحيوانات مهرَّبة من تايلاند، لكن أكثر من 80 في المائة من عمليات الضبط حدثت في الهند.

وقالت مديرة منظمة «ترافيك» في جنوب شرق آسيا، كانيثا كريشناسامي: «عدد من الحيوانات المضبوطة كانت حية، مما يُظهر أن الطلب على الحيوانات الأليفة الغريبة هو الدافع وراء هذه التجارة».

في فبراير (شباط) الماضي، أوقف موظّفو الجمارك في مطار مومباي أيضاً مُهرّباً يحمل 5 قرود سيامانغ جيبون، وهي قرود صغيرة تعيش في غابات إندونيسيا وماليزيا وتايلاند.

وقالوا إن هذه المخلوقات الصغيرة، التي صنَّفها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة على أنها مهدَّدة بالانقراض، كانت «مخبّأة ببراعة» في صندوق بلاستيكي وُضع داخل حقيبة اليد الخاصة بالراكب.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عثرت السلطات على راكب يحمل شحنة حية تضمّ 12 سلحفاة.


مقالات ذات صلة

سناجب شيكاغو تُغيّر جمجمتها تحت ضغط البشر

يوميات الشرق يكفي قرن من العمران لإحداث التغيُّر الهائل (غيتي)

سناجب شيكاغو تُغيّر جمجمتها تحت ضغط البشر

دراسة جديدة أعدّها الباحثون في «متحف فيلد»، تحدَّثت عن تطوُّر قوارض شيكاغو في العصر الحديث لتبدو مختلفة تماماً عما كانت عليه قبل قرن واحد فقط.

«الشرق الأوسط» (شيكاغو)
يوميات الشرق أشبالٌ بين الأطباق (وانهوي)

مطعم صيني يُقدّم «مداعبة أشبال الأسود» مع الشاي

أصبح وقت الشاي في الصين الآن يشمل مداعبة أشبال الأسود، إذ يوفّر مطعم في إقليم شانشي الشمالي هذه الخدمة ضمن قائمة طعام من 4 أطباق.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
يوميات الشرق عامل يلقي يرقات ذبابة دودة الحلزون من العالم الجديد في صينية داخل منشأة في بنما (أ.ب)

لماذا تخطط أميركا لتربية ملايين الذباب وإسقاطها من الطائرات؟

قد يبدو سقوط مئات الملايين من الذباب من الطائرات في السماء كابوساً مروعاً، لكن الخبراء يقولون إن مثل هذا السرب قد يكون أفضل دفاع لصناعة الثروة الحيوانية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الكلب البوليسي برونو وعلى اليمين صورته مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (مدرب الكلب أركانجيلو كاريسا بـ«فيسبوك»)

«جريمة شنيعة»... ميلوني تدين مقتل كلب بوليسي على يد مجرمين

قُتل كلب بوليسي إيطالي بعد تناوله نقانق محشوة بالمسامير، مما أثار غضباً في جميع أنحاء البلاد وإدانة من رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.

«الشرق الأوسط» (روما)
آسيا  الأسد كان يُربى دون ترخيص في منزل (رويترز)

مصادرة 18 أسداً في باكستان بعد حادث في منطقة البنجاب

قالت السلطات الباكستانية اليوم الاثنين إنها صادرت 18 أسداً كانت تُربى بشكل غير قانوني كحيوانات أليفة في منطقة البنجاب وأطلقت حملة بحث بعد هروب أحد هذه الأسود

«الشرق الأوسط» (لاهور)

«ميّاس» تُنير أَرز لبنان بـ«العودة»... تحيّة بصرية لجبران خليل جبران

لوحة رحيل جبران خليل جبران (الشرق الأوسط)
لوحة رحيل جبران خليل جبران (الشرق الأوسط)
TT

«ميّاس» تُنير أَرز لبنان بـ«العودة»... تحيّة بصرية لجبران خليل جبران

لوحة رحيل جبران خليل جبران (الشرق الأوسط)
لوحة رحيل جبران خليل جبران (الشرق الأوسط)

كان يا ما كان، في قديم الزمان، فيلسوف اسمه جبران خليل جبران، شكّل جسراً ثقافياً بين العالم ووطنه الأم لبنان، مجبولاً بالألم والمعاناة منذ طفولته، فصنع منهما طريقاً للحكمة والإنسانية. ألّف الكتب، ودوّن الشعر، ورسم لوحاته، ليصبح أسطورة الأجيال.

من هذا المنطلق، استلهمت فرقة «ميّاس» من هذه الشخصية الأدبية رموزاً لعرضها الفني «العودة»، في مشهد بصري سمعي باهر افتتح «مهرجانات الأرز الدولية»، فرسمت حياته وأقواله كما في الخيال، واستعارت من فخامة أرز لبنان الذي يحيط بمسرح المهرجان ألق الفن المتوهّج، وقدّمت عرضاً يخطف الأنفاس بأفكاره وطريقة تنفيذه.

واحدة من لوحات «ميّاس» على مسرح «مهرجانات الأرز الدولية» (الشرق الأوسط)

بمشاركة نحو 50 فتاة قدّمن بلوحات راقصة قصة حياة الأديب اللبناني، صمّم العرض مؤسس «ميّاس»، نديم شرفان، وشارك فيه مجموعة من الفنانين اللبنانيين، من بينهم بديع أبو شقرا، وسينتيا كرم، وعمار شلق، وملحم زين. حوّل هؤلاء «العودة» إلى صفحات تاريخية تعبق بالفن المسرحي المبتكر، وقدموا عرضاً لا يمكن استنساخه أو تشبيهه بأي عمل فني آخر. عبروا معه إلى سماء بلاد الأرز، ليوقّعوا من خلاله واحداً من أجمل المشاهد الفنية في العالم.

منذ اللحظات الأولى، عمل نديم شرفان على نقل الحضور إلى بساط الروحانيات. وبتحية قصيرة إلى قديس عنايا (مار شربل)، فاحت رائحة البخور في أجواء المهرجان، معلنة بداية المشوار، لتتوالى بعدها لوحات الرقص لفرقةٍ لم تأبه إلى حرارة طقس منخفضة في عزّ الصيف. وبدلاً من أن ترتعش برداً، حيكت رقصات أشعلت الأجواء دفئاً. واستُهلّ العرض برقصة ذكّرت الحضور بالأميرة سالومي، التي جسّدتها ريتا هيوارث في فيلم «سالومي» (1953).

وقد سبق المشهدية الفنية كلمة مختصرة لمنظّمة «مهرجانات الأرز الدولية» ورئيستها النائبة ستريدا جعجع، أكّدت فيها أنّ «العودة إلى الحياة ممكنة، ونحن أكثر من يُجيدها. انطلقنا ورجعنا أقوى ممَّا كنا».

التصميم الإلكتروني امتزج بصور الخيال واللوحات الراقصة (الشرق الأوسط)

وحضر الحفل كل من السيدة الأولى نعمت عون، ورئيس الحكومة نواف سلام وزوجته، والبطريرك الماروني بشارة الراعي. وبعد الكلمة الترحيبية مباشرةً، تلوّنت سماء المهرجان بلوحات من الألعاب النارية أضفت الفرح على الحضور، فاستعادوا معها زمن لبنان الذهبي على وقع أغنية جوزيف عطية «الحق ما بموت».

ويعود المهرجان بنسخته الجديدة لعام 2025 بعد غياب دام 5 سنوات، إثر الظروف المضطربة التي شهدها لبنان.

حضرت سيرة حياة جبران خليل جبران في عرض «العودة» لتحكي حكاية أديب لبناني لن يتكرَّر. ظهر في العرض طفلاً صغيراً متأثراً بأفراد عائلته، ومن ثَمَّ شاباً صاحب أحلام كبيرة، فالعبقري الذي صاغ من آلامه أدباً يُدرَّس.

وتوالت اللوحات الراقصة لترسم أرزة لبنان حيناً، وصراع الخير والشر حيناً آخر. وبديكورات مسرح رُصّع بمجسّم لجذع شجرة أرز خالدة، دارت الحكاية. جسّد بديع أبو شقرا شخصية جبران الشاب، ونحتها عمار شلق بالشيب والخبرة، لأديب تفوّق على نفسه. وخرج صوت سينتيا كرم من وراء الكواليس أكثر من مرة، يتلو أقوال جبران. وعلى خشبة المسرح، رقصت مرتدية زيّاً أحمر، وقد انسدل شعرها الطويل الأسود على كتفَيها، مجسّدةً دور العرّافة «المطرة» من كتاب «النبي».

مشهدية بصرية باهرة سادت عرض «العودة» لـ«ميّاس» (الشرق الأوسط)

لم يختر نديم شرفان أقوال جبران الرائجة أو الشعبية، بل انتقى غير المألوف منها ليعرّف الحضور إلى أعماق أفكار جبران المنيرة، وحمّلها رسائل مباشرة تحاكي اللبناني وواقعه. بعضها حمل جرعات من القسوة، يغمز من خلالها إلى أداء الحُكّام غير السَّوي. وفي مشهدية حضرت فيها سفينة الوداع من كتاب «النبي»، تلت سينتيا كرم مقتطفات مؤثرة منه، منها:

«أليس لهاثكم هو الذي يقيم بنيان عظامكم ويشدّده؟ بل أليس الحلم الذي لم يحلم به أحد منكم قط، هو الذي بنى مدينتكم وعمل كلّ ما فيها؟ فلو كان لكم أن تنظروا مجاري ذلك اللهاث، لما كانت لكم حاجة إلى أن تنظروا شيئاً آخر غيرها. ولو استطعتم أن تسمعوا مناجاة ذلك الحلم، لما كنتم تزعمون سماع أيّ صوت آخر في العالم».

في تابلوهات فنية تمازج فيها الخيال مع السحر والغرابة، قدّم شرفان مجموعة لوحات تعبيرية، استحدث فيها العنصر البصري المدعَّم بالتصميم الإلكتروني والكادرات الضخمة. كما مرّ على الفولكلور اللبناني، من دبكة ودلعونا. وقد أثار شهية الحضور بمتابعة لا يرفُّ لها جفن، كما في لوحة «رقصة الديناصور» وغيرها.

واستخدم الإضاءة والظلال وطيف جبران ليمنح العرض بُعداً عبثياً. وفي أحيان أخرى، جاءت الحركة السريعة على أنغام موسيقى إيقاعية لتعزيز الإتقان. أما أزياء فريق «ميّاس»، فصُمّمت بألوان ترمز إلى الوطن، فكانت ذهبية كترابه أحياناً، وغلب عليها الأخضر والأبيض والأحمر في أحيان أخرى، وهي ألوان العلم اللبناني.

لوحة «الوداع» من كتاب «النبي» لجبران (الشرق الأوسط)

بلغ تفاعل الجمهور ذروته في لوحات عدّة، منها ما صوّر بديع أبو شقرا بشخصية الأديب الرسّام، وأخرى تناولت فلسفة جبران ونشأته مع الممثل عمار شلق. وعندما صدح صوت ملحم زين بأغنية «أعطني الناي وغنِّ»، لم يستطع الجمهور إخفاء تأثّره، فترك صدى صوته أثره على أوراق شجر الأرز، وصفّق طويلاً لنجاح شرفان في توليد أفكار إبداعية، أهدى من خلالها تحية فنية إلى العالم أجمع.

وفي ختام العرض، الذي رآه البعض قصيراً نسبياً (80 دقيقة) قياساً برحلة طويلة من بيروت إلى الأرز، صعد فريق العمل إلى خشبة المسرح لتحية الجمهور، وسط تصفيق حار ووقوف تقديري من الحاضرين. واختُتمت الأمسية بصعود نديم شرفان، الذي انحنى بإجلال أمام جمهور تفاعل بحرارة مع إبداعاته طوال العرض.

ورغم النجاح الكبير لعرض «العودة» وابتكاره المميز في الفكرة والتنفيذ، لم تكن رحلة العودة إلى بيروت بالمستوى نفسه؛ إذ أثَّر سوء تنظيم نقل روّاد المهرجان سلباً على التجربة، مما قلَّل من فرحة الجمهور وفخره بهذا العرض المميز.