مصر تستحضر فنون الربابة والسيرة الهلالية في محطات المترو

بصوت الأبنودي مع لقطات من متحفه

متحف ومركز عبد الرحمن الأبنودي للسيرة الهلالية (صفحة المتحف على «فيسبوك»)
متحف ومركز عبد الرحمن الأبنودي للسيرة الهلالية (صفحة المتحف على «فيسبوك»)
TT

مصر تستحضر فنون الربابة والسيرة الهلالية في محطات المترو

متحف ومركز عبد الرحمن الأبنودي للسيرة الهلالية (صفحة المتحف على «فيسبوك»)
متحف ومركز عبد الرحمن الأبنودي للسيرة الهلالية (صفحة المتحف على «فيسبوك»)

استحضرت مصر فنون الربابة والحكي ورواة السيرة الهلالية خلال عيد الأضحى، عبر بروتوكول تعاون بين وزارتي الثقافة والنقل، ليتم إذاعة أجزاء من السيرة الهلالية بأصوات رواتها القدامى وفنون الحكي بالربابة، ومقاطع من السيرة بصوت الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، بمترو الأنفاق والقطار السريع.

تأتي هذه المبادرة في إطار دمج الثقافة في الفضاءات العامة وتعريف الأجيال الجديدة برموز الإبداع، وفي مقدمتهم «الخال» عبد الرحمن الأبنودي، حرصاً من وزارة الثقافة على صون التراث المصري وتكريم رموز الثقافة الوطنية، وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية.

تتضمن المبادرة عرض مجموعة من التسجيلات النادرة للشاعر عبد الرحمن الأبنودي حول السيرة الهلالية، بالإضافة إلى عرض لقطات مصوَّرة من متحفه بقرية أبنود بمحافظة قنا، التابع لقطاع الفنون التشكيلية، وذلك عبر شاشات العرض في قطارات مترو الأنفاق والقطار الكهربائي السريع، وتشمل المبادرة بثّ مختارات من السيرة الهلالية بصوت الأبنودي عبر المحطة الإذاعية الداخلية بمترو الأنفاق.

إذاعة السيرة الهلالية في وسائل للنقل الحديث بمصر (وزارة الثقافة)

وتستهدف المبادرة تعزيز الوعي بالتراث الثقافي المصري، وتقديم محتوى راقٍ للمواطنين خلال تنقلاتهم في العيد، إلى جانب إحياء تقاليد أصيلة من صعيد مصر، حيث اعتادت الأسر على التجمع في المناسبات والأعياد للاستماع إلى شعراء الربابة ورواة السيرة الهلالية، بحسب بيان الوزارة، مثمنة التعاون بين وزارتي الثقافة والنقل لإتاحة التراث الثقافي عبر المجال العام من خلال المترو والقطار السريع.

وتُعدّ السيرة الهلالية واحدة من أشهر السير الشعبية في الثقافة المصرية، وانتشرت روايتها الشفاهية عبر الحكّائين الشعبيين في المقاهي والمناسبات الاجتماعية، وصارت جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة الجمعية للمصريين، واشتهرت بمرافقة رواتها للربابة.

ويرى الدكتور مصطفى جاد، عميد المعهد العالي للفنون الشعبية الأسبق، والخبير بمنظمة اليونيسكو للتراث الثقافي غير المادي، أن السير الشعبية العربية مثل عنتر بن شداد وسيف بن ذي يزن وحمزة البهلوان والأميرة ذات الهمة جزءاً مهماً من تراثنا الذي كان يروى في المقاهي، ولكنها توقفت جميعاً وأصبحت تسكن الكتب، ما عدا السيرة الهلالية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ما زالت السيرة الهلالية تروى حتى الآن بفضل مدرستين؛ أولاهما مدرسة الربابة في الصعيد، ومدرسة الدلتا»، وتابع: «أما عن نشر السيرة وطرحها في المترو فهذا أمر رائع طالبنا به كثيراً، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه السيرة قد تصل إلى مليونين أو 3 ملايين بيت شعر».

وأدرجت منظمة اليونيسكو السيرة الهلالية ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية عام 2008، عقب ملف تقدمت به مصر في هذا الصدد، وترصد السيرة رحلة بني هلال من أرض نجد بالحجاز إلى تونس بشمال أفريقيا مروراً بمصر، وما شهدته الرحلة من مغامرات ومعارك وقصص فرعية تجمع بين الحكمة وبين فنون الحكي والغناء.

ومن أشهر رواة السيرة الهلالية جابر أبو حسين، الذي رافق الأبنودي في روايتها ضمن برنامج إذاعي شهير، وكذلك سيد الضوي الذي رافق الأبنودي في إلقاء السيرة بالليالي الرمضانية في القاهرة. ومن أشهر رواة السيرة أيضاً عزّ الدين نصر الدين وعبد الباسط أبو نوح وشوقي القناوي.

وأوضح جاد «أنهم حين اتجهوا لوضع السيرة على قائمة اليونسكو، قرّروا إعادتها إلى بيئتها الطبيعية في المقاهي، مثلما كان يحدث في الثلاثينات والأربعينات، فكان الراوي يجلس ليرويها لمدة 3 أو 4 أشهر، والناس تنتظره كأنها مسلسل». وأكّد «أن أول عنصر يوضع في التراث اللامادي كان السيرة الهلالية، واتفقنا مع مقهى في باب اللوق (وسط القاهرة) أن يتركنا نحكي السيرة الهلالية في المقهى، وبالفعل وجدت قبولاً كبيراً، وممن قام بهذه التجربة مكتبة الإسكندرية، وكانت ضمن روائع التراث العالمي في اليونسكو، ثم قائمة التراث الإنساني».

السيرة الهلالية تم إدراجها بقائمة اليونسكو عام 2008 (وزارة الثقافة المصرية)

وأشار جاد إلى أن تجربة رواية السيرة الهلالية للناس مهمة جدّاً، خصوصاً لما يوجد بها من حكم كثيرة، فضلاً عن الحكايات المسلية والمآثر الكثيرة التي تضمّها.

ويعدّ عبد الرحمن الأبنودي من أبرز شعراء العامية المصرية، وهو مواليد قنا (جنوب مصر) عام 1938، وقدّم دواوين، من بينها «الأرض والعيال » و«جوابات حراجي القط» و«صمت الجرس» و«الموت على الأسفلت»، كما غنّى له كبار المطربين، مثل عبد الحليم حافظ وفايزة أحمد ونجاة وشادية ومحمد رشدي ومحمد منير.

وكرّس 30 عاماً من حياته لجمع السيرة الهلالية من رواتها الأصليين، وخصّص متحفاً يضم ما جمعه من السيرة، بالإضافة إلى مقتنياته خلال رحلة جمع السيرة، التي تربو على المليون بيت من الشعر، وافتتح متحفه الخاص بالسيرة الهلالية وأعماله الشعرية في عام رحيله 2015.


مقالات ذات صلة

بنحو 1200 دولار... لوحات فنية بتوقيع إد شيران تُعرض في مزاد بريطاني

يوميات الشرق المغني البريطاني إد شيران (رويترز)

بنحو 1200 دولار... لوحات فنية بتوقيع إد شيران تُعرض في مزاد بريطاني

تُعرض لوحات تجريدية وسلسلة مطبوعات فنية تحمل توقيع نجم البوب البريطاني إد شيران، في مزاد خيري، على ما أعلنت دار المعارض «هيني» في لندن، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ما يُروَى في حكاية دوللي ديب حايك ليس الصوت وحده: تُروَى التجربة (الشرق الأوسط)

دوللي ديب حايك... أن تُغنّي في الستّين كأنكِ بدأتِ الحياة الآن

هي لحظة درسٍ صافٍ: لا شيء مستحيل. يمكننا أن نحلم حتى لو مرّ منتصف العُمر. أن نتخيَّل أنفسنا في المكان الذي لطالما أردناه. أن نستعيد ما دفنته مشاغل الحياة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق منير وتكريمه من الهيئة الوطنية للإعلام (صفحة الهيئة على «فيسبوك»)

تكريم محمد منير بـ«وسام ماسبيرو» للإبداع

أعلنت الهيئة الوطنية للإعلام في مصر عن تكريم الفنان محمد منير ومنحه «وسام ماسبيرو» للإبداع، بوصفه أحد رموز الفن، تتويجاً لمسيرته في الغناء.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق أنغام (صفحتها على فيسبوك)

عودة الجدل حول لقب «صوت مصر» بعد ضمّ أصالة للقائمة

عاد الجدل حول لقب «صوت مصر» إلى الواجهة مجدداً، مع بروز منشورات تضم الفنانة السورية أصالة نصري، الحاصلة على الجنسية المصرية إلى القائمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق بوستر أغنية «قلبي ارتاح» للطيفة (إنستغرام)

هل تستعيد الألبومات الغنائية العربية رونقها العام الحالي؟

يشهد صيف 2025 عودة قوية للألبومات الغنائية العربية، في موسم استثنائي لم تشهد الساحة الفنية مثله منذ أكثر من خمسة عشر عاماً.

محمود إبراهيم (القاهرة )

عمّا تحدث ترمب وأوباما في جنازة جيمي كارتر؟ كتاب يكشف

دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)
دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)
TT

عمّا تحدث ترمب وأوباما في جنازة جيمي كارتر؟ كتاب يكشف

دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)
دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)

دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرئيس الأسبق باراك أوباما للعب جولة غولف في أحد ملاعبه العديدة خلال اللقطات التي انتشرت على نطاق واسع، وأظهرت الرجلين في جنازة الرئيس السابق جيمي كارتر في يناير (كانون الثاني)، وفقاً لكتاب جديد.

طلب الرئيس المنتخب آنذاك من سلفه الانضمام إليه في لعبة الغولف، حيث فاجأ الخصمان السياسيان العالم بمجاملاتهما خلال جنازة كارتر الرسمية داخل كاتدرائية واشنطن الوطنية في 9 يناير 2025، بحسب صحيفة «نيويورك بوست».

ووفقاً لمقطع من كتاب «2024: كيف استعاد ترمب البيت الأبيض وخسر الديمقراطيون أميركا»، وبحسب موقع «أكسيوس»، «جلس ترمب بجانب باراك أوباما ودعاه للعب الغولف».

يُسلّط الكتاب الضوء على عودة ترمب إلى البيت الأبيض عام 2024، وحملتي الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس. وقد كتبه الصحافيون السياسيون جوش داوسي، وتايلر بيجر، وإسحاق أرنسدورفن، الذين عملوا في صحيفة «واشنطن بوست» خلال الحملة الرئاسية لعام 2024.

ولم يكن معروفاً متى تمت دعوة أوباما إلى أحد الملاعب الـ17 المملوكة لترمب أثناء الجنازة، أو ما إذا كان الديمقراطي قد قبل الدعوة.

التُقطت صورٌ للرجلين وهما يبتسمان ويضحكان قبل بدء مراسم جنازة كارتر.

يُعتقد أن الرجلين استخدما تعابير وجهيهما المرحة لإخفاء محادثة أكثر جدية عن أعين المتطفلين.

في إحدى اللحظات، أخبر ترمب أوباما أن عليهما «البحث عن مكان هادئ» في وقت لاحق من اليوم لمناقشة «مسألة مهمة»، وفقاً لقارئ الشفاه جيريمي فريمان.

لاحقاً، انحنى ترمب نحو أوباما، قائلاً لنظيره: «لقد انسحبتُ من ذلك. إنها الشروط. هل يمكنك تخيّل ذلك؟».

وانسحب ترمب من الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمه أوباما عام 2015 واتفاقية باريس للمناخ عام 2016 في ولايته الأولى، مع أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الاتفاقيات هي ما كان يُناقش.

وقال ترمب: «لا أستطيع التحدث، علينا إيجاد مكان هادئ في وقت ما. هذه مسألة بالغة الأهمية، وعلينا القيام بذلك في الخارج حتى نتمكن من التعامل معها، بالتأكيد، اليوم».

وأفاد لاحقاً بأنه «لم يُدرك مدى ود» أوباما حتى تبادلا أطراف الحديث.

وصرّح لشبكة «إن بي سي نيوز» من ناديه مارالاغو في فلوريدا عقب الجنازة: «قلتُ: يا إلهي، يبدو أنهما شخصان يُعجبان ببعضهما بعضاً. وربما نُعجب ببعضنا بعضاً».

جلس ترمب بجانب أوباما في الصف الثاني من الكاتدرائية الوطنية لأن السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما كانت في هاواي ولم تحضر الجنازة بسبب «تضارب في المواعيد».

رفضت السيدة البالغة من العمر 61 عاماً حضور حفل تنصيب ترمب لولاية ثانية داخل مبنى الكابيتول في 20 يناير (كانون الثاني). وحضر الرئيس أوباما الحفل بمفرده.

كان أوباما صريحاً في انتقاد سياسات ترمب، لكنه أدلى بتصريحات علنية نادرة، بما في ذلك بعد إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID).