سميحة أيوب تطفئ الأضواء وتُسدل الستار

حزن بمصر على رحيل «سيدة المسرح العربي»

حزن في الوسط الفني المصري لرحيل سميحة أيوب (وزارة الثقافة المصرية)
حزن في الوسط الفني المصري لرحيل سميحة أيوب (وزارة الثقافة المصرية)
TT

سميحة أيوب تطفئ الأضواء وتُسدل الستار

حزن في الوسط الفني المصري لرحيل سميحة أيوب (وزارة الثقافة المصرية)
حزن في الوسط الفني المصري لرحيل سميحة أيوب (وزارة الثقافة المصرية)

بنبرة صوت رنانة، وملامح تتداعى فيها المشاعر بصدق وعمق، استطاعت سميحة أيوب أن تكرِّس حضورها بوصفها واحدة من الأيقونات الفنية بمصر والوطن العربي، خلال رحلة طويلة من العطاء امتدت أكثر من 70 عاماً.

اليوم، الثلاثاء، تغادرنا «سيدة المسرح العربي»، مطفئة أضواء المسرح، لتسدل الستار على مشوار فني طويل، عاصرت خلاله أجيالاً عدة، فلم يكن غريباً عند مشاهدة فيلم بالأبيض والأسود مثل «بين الأطلال» أن تجدها تطل عليك في دور صغير، ثم تواصل الحضور في فيلم مثل «أرض النفاق». وربما كانت الهيبة والقوة في الأداء السبب في اختيارها من قِبَل صُنَّاع فيلم «تيتة رهيبة» (من بطولة محمد هنيدي) لتجسيد هذا الدور الذي لا تخطئه أعين الأجيال الجديدة.

سميحة أيوب خلال تكريمها بمهرجان المسرح الشبابي (صفحتها على فيسبوك)

الحالة التي صنعتها سميحة أيوب في الأوساط الفنية، بصدقها وجرأتها وقوتها في التعبير عن نفسها، وفي تجسيد الأدوار المتنوعة، استدعت حالة موازية من الحزن خيَّمت على الأوساط الفنية برحيلها عن عمر يناهز 93 عاماً، لم تتوقف خلاله عن العطاء، ولم تفكر في الاعتزال أو الابتعاد عن الفن، وفق ما ذكرته في آخر حوار نشرته معها «الشرق الأوسط» قبل أيام.

برحيل سميحة أيوب، يُسدل الستار وتنطفئ الأضواء حزناً على «سيدة المسرح العربي». ورغم ما تركته لنا من مسرحيات وأفلام ومسلسلات تلفزيونية وإذاعية تجاوزت 250 عملاً، يظل حضورها عصياً على التعويض، مثلما يقول المخرج والمؤرخ المسرحي المصري، عمرو دوَّارة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «تميَّزت بنبرة صوتها، فهي سيدة مسرح من طراز نادر، وتجيد التمثيل باللغة العربية الفصحى وباللهجة العامية»؛ مشيراً إلى تقديمها نصوصاً لكبار كتاب المسرح المصري والعالمي، مثل: توفيق الحكيم، وسعد الدين وهبة، وألفريد فرج، وعملت مع خمسة مخرجين أجانب، وقدَّمت عرضين في باريس، هما «إيزيس» و«فيدرا»، كما قدمت مسرحية «الذباب» لجان بول سارتر الذي زار مصر ورأى العرض، وقال لها إنها أفضل ممثلة قدمته في العالم، وفق دوَّارة.

منذ تخرجها في معهد الفنون المسرحية عام 1953، انطلقت سميحة أيوب في عالم السينما، وقبل ذلك قدَّمت أعمالاً في المسرح، وشهدت فترة الخمسينات والستينات على زخم حضورها السينمائي في عشرات الأفلام، من بينها: «شاطئ الغرام» مع ليلى مراد وحسين صدقي، و«بين الأطلال» مع عماد حمدي وفاتن حمامة، بينما بدأ حضورها اللافت على المسرح خلال الستينات والسبعينات؛ إذ قدمت أعمالاً مثل: «سكة السلامة»، و«كوبري الناموس»، و«مصرع كليوباترا». وفي تلك الفترة، تولت مسؤولية المسرح الحديث والمسرح القومي مرتين.

سميحة أيوب حصلت على كثير من الجوائز في المسرح (وزارة الثقافة المصرية)

حتى فترات قريبة، كانت سميحة أيوب حريصة على الذهاب للعروض المسرحية، وبعدها تناقش فريق العمل في أدق التفاصيل بحماس كبير، تشير لهم إلى ما أعجبها، وتخبرهم بكل صراحة بما تراه خطأ أو لم يعجبها، وفق تصريحات الناقد الفني المصري طارق الشناوي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنها «رحلة عطاء ممتد في كل أنواع (الميديا) المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة، ولكن المسرح كان يمثل المجال الأكبر الذي قدمت فيه كل طاقتها»، وعدَّها «نموذجاً للفنان الذي يكرس حياته للفن»، وقال إنها «ظلَّت تحافظ على إيقاع فن الأداء مع الزمن».

برحيل سميحة أيوب، تفقد الساحة الفنية المصرية رمزاً من رموزها، وشجرة من أشجارها الباسقة. وتصدَّر اسم الفنانة الراحلة «الترند» على «غوغل» و«إكس» بمصر، الثلاثاء، ونعاها عدد كبير من الفنانين والإعلاميين على صفحاتهم بـ«السوشيال ميديا»، ونعتها نقابة المهن التمثيلية، وعدد من المؤسسات الرسمية مثل وزارة الثقافة، كما تركت فنانات -من بينهن: هند صبري، ولطيفة، ونادية الجندي، ومنة شلبي- ذكرى حضورهن مع الفنانة الراحلة في عبارات الوداع على صفحاتهن «السوشيالية».

وبينما لفت المؤرخ المسرحي عمرو دوَّارة إلى الرحلات المكوكية التي قطعتها سميحة أيوب لكثير من الأقطار العربية، وتقديمها عملين في فرنسا، وتعاونها مع كبار الكتاب والمخرجين والفنانين، فإن طارق الشناوي أشار إلى إطلاق الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد عليها لقب «سيدة المسرح العربي» خلال تكريمه لها.

وحصلت الفنانة الراحلة على كثير من التكريمات والجوائز من الرئيسين المصريين السابقين جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وكذلك من الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان. كما كرمها رئيس مصر الحالي عبد الفتاح السيسي، وتم إنتاج فيلم حول مسيرتها، وتأليف أكثر من كتاب عن مشوارها الفني، لتظل سيرتها ومسيرتها راسخة في الذاكرة الفنية.


مقالات ذات صلة

القاهرة تستضيف 16 عرضاً بمهرجان «المسرح العربي»

يوميات الشرق ريم أحمد في لقطة من مسرحية «كارمن»  (البيت الفني للمسرح)

القاهرة تستضيف 16 عرضاً بمهرجان «المسرح العربي»

أعلنت الهيئة العربية للمسرح عن مشاركة 16 عرضاً مسرحياً من مختلف الدول العربية، في الدورة الـ16 من مهرجان «المسرح العربي» التي تنظمها الهيئة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تضمن العرض بعضاً من أغاني أم كلثوم خصوصاً عن فلسطين (وزارة الثقافة المصرية)

«سيرة في حب أم كلثوم»... مسرحية للعرائس تستعيد رحلة «الست»

في إطار استعادة مصر لسيرة أم كلثوم بالتزامن مع مرور 50 عاماً على رحيلها، استضاف «مسرح نهاد صليحة» بأكاديمية الفنون المصرية عرضاً مسرحياً للعرائس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان التونسي لمين النهدي (الشرق الأوسط)

لمين النهدي لـ«الشرق الأوسط»: أنحاز للمسرح لأنه يمنحني الحرية

أكد الممثل التونسي لمين النهدي أنه انحاز للمسرح منذ بداية مسيرته الفنية لأنه يجد حريته في مواجهة الجمهور أكثر من السينما والدراما التلفزيونية.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق نحو 24 ممثلاً يشاركون في مسرحية «أبو الزوس»

«أبو الزوس»... ضربة معلّم في الإبهار والعمق والكوميديا

تمثّل مسرحية «أبو الزوس» للمخرجة لينا خوري عودة مفرحة للمسرح اللبناني الأصيل، إذ تلتقي في العمل جميع العناصر الفنية المطلوبة لتقديم مسرحية متكاملة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق تكريم تاريخ يمتد من الأحساء إلى الرياض (هيئة المسرح)

«الرياض للمسرح» يحتفي برائدَيْن صاغا البدايات الأولى للحركة المسرحية السعودية

تُنظّم «هيئة المسرح والفنون الأدائية» مهرجان الرياض للمسرح من 15 حتى 22 ديسمبر (كانون الأول)، بمركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في الرياض...

عمر البدوي (الرياض)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.