جمهور غفير، غالبيتُه من الشباب اللبناني، التقى الفنان جورج نعمة في حفلٍ أقامه بمركز «بيروت هول» في سن الفيل، فأمضى معه نحو ساعتين، مستمتعاً بأدائه الغنائي المحترف وصوته العذب.
أنشد نعمة مجموعةً من أغنياته الخاصة وأخرى لعمالقة الفن في لبنان، بينهم فيروز، والراحلان ملحم بركات ووديع الصافي، فسكب على الحضور جرعات طرب يفتقدُها في زمن أغنيات الـ«تيك توك» والـ«إنستغرام».

غرّد نعمة بصوته العذب، فعبقت بيروت بنغمات الغناء الأصيل. وراح يرسم في سمائها نوتات موسيقية تنثر الفرح، وترجمها غناء حيناً، ولوحات تشكيلية افتراضية حيناً آخر. وكانت يداه تتحركان وفقاً لنوتات الـ«دو ري مي» صعوداً ونزولاً، ومراتٍ يشبكهما بقبضة يدٍ حازمة وبضربات إيقاعية مناسبة، ليصنع بمفرده أوركسترا موسيقية تتماهى مع اللحن والنغمة.
استهلّ نعمة حفله بأغنياته الخاصة، منشِداً «متلك ما في» و«بكّير»، لينتقل بعدهما إلى «بدّي الرضا»، فتشتعل قاعة الحفل تصفيقاً وهتافاً. وقد ولّد حالة طربية لأغنية من كلمات فادي بندلي وألحانه، مستحضراً زمن الفن الجميل بكل عناصره الفنية.

ومن أعمال الرحابنة، تحديداً من مسرحية «سهرة حب» في السبعينات، اختار نعمة أغنية «مرقوا الحصادين» للراحل وديع الصافي، وغنّاها بصوت واثق ومتمكن. فانتصب جمهور الحفل مردِّداً معه: «مين ناطر مين؟ مين ناطر عا بواب الشوق مين ناطر؟»، ملوّحاً له تعبيراً عن حالة طربية انتابته.
رافقت نعمة على المسرح فرقةٌ موسيقيةٌ مع جوقة كورال. واختار أغنية «احتمال» من ألحان زياد بطرس، فعزف على البيانو مطلع لحنها، ثم دعا الطفلة حيا لمشاركته غناءها على المسرح. فهو، كما روى للحضور، تعرّف إليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد لفتته بأدائها الأغنية رغم صعوبة لحنها، فرغب في تهنئتها على طريقته خلال الحفل في بيروت. فاعتلت المسرح، وقدّمت له باقة ورد، لتشدو بصوتها الطفولي كلمات أغنية «احتمال».
وخلال تقديم هذه الأغنية، استغلّ جورج نعمة الفرصة ليرحب بملحّنها بطرس، الموجود بين الحضور. وكانت هذه أول مرة يقدّم فيها الأغنية على المسرح، كما ذكر خلال الحفل.
ثم قدّم باقة من أغنيات الراحل وديع الصافي، وكانت بينها أغنية «شالك رفرف بالحارة» التي لاقت تفاعلاً كبيراً من الجمهور، فاستعاد معها شريط ذكريات جميلة حاضرة في وجدانه منذ عقود.

وما إن بدأ نعمة يشدو أغنيته الشهيرة «يا تفيدة»، حتى قام جمهور الحفل ولم يقعد، مردّداً كلمات أغنية تعبق بموسيقى أوركسترالية لافتة، كتبها نبيل بو عبدو ولحنها زياد بطرس.
وانتقل نعمة إلى محطة فنية طربية من نوعٍ آخر، استهلّها بأغنية «ع هدير البوسطة» لفيروز، و«دقّت الساعة بالليل» للراحل ملحم بركات، لتتوالى بعد ذلك وصلةٌ كاملةٌ للموسيقار الراحل، تضمنت باقة من أغنياته.
وفي أغنية «بتتذكري»، التي تُعدّ من أقدم أغنياته، سأل نعمة الجمهور إن كان لا يزال يتذكّرها، فراح يُردّدها معه، مجيباً عن سؤاله بالصوت والصورة.
ولم يتوانَ جورج نعمة، في أكثر من وصلةٍ غنائية، عن ترنيم اللحن بصوته، مؤلفاً بذلك جوقة آلاتٍ موسيقية من إيقاع وقانون وغيتار... وغيرها، فبدا هذا النوع من المقطوعات يستهويه إلى حدٍّ كبير، يؤدّيه لثوانٍ قبل بداية الأغنية، منطرباً لعزف يقدّمه بصوت مطرّز بالإبداع.
ومن الأغنيات التي تفاعل معها الجمهور حماساً وتصفيقاً «شو عملتي»، وقد راح يُمثّل كلماتها، مبرزاً موهبةً أخرى يتمتع بها، إلى جانب العزف والغناء. وبعد تقديمه أغنيات: «بتعاتبني على كلمة»، و«يللي بجمالك» لصابر الرباعي، و«حمامة بيضا» للراحل بركات، اختتم نعمة حفله بأغنيته الخاصة «وضع البلد باللوج» وبـ«يا قمرة» لفيروز، معلناً بذلك انتهاء الحفل.

