للموسم الرابع على التوالي، تتسع دائرة المقاهي السعودية التي تنخرط في «الشريك الأدبي»، وتنضم إلى المبادرة التي تعقد كل مرة، مواعيد الثقافة السخية بفنون الأدب والشعر والفكر والمعرفة، وتخرج بالحراك الثقافي من جدران الأندية الأدبية التي طالما أثرت المشهد السعودي خلال الحقب السابقة، إلى فضاء المقاهي العامة.
وتختتم هيئة الأدب والنشر والترجمة الجمعة المقبل، النسخة الرابعة من «مبادرة الشريك الأدبي» إيذاناً بنهاية موسم وانطلاق آخر، في حفلٍ يقام في العاصمة الرياض، ويحتفي بإنجازات أكثر من 80 مقهى حول السعودية، نظير أدائهم خلال فترة المنافسة التي امتدت لنحو 9 أشهر، من ناحية نوعية فعالياتهم، وجودتها وتنوعها وملاءَمتها للزوار، بمتابعة فريق المبادرة لأداء الشركاء خلال العام؛ لتقوم بعد ذلك لجنة تحكيمٍ متخصصة بفرز النتائج واختيار الفائزين وفقاً للمعايير التي تَنتهِجُها كل عام.
وقال خالد الصامطي، المدير العام للإدارة العامة لقطاع الأدب في هيئة الأدب والنشر والترجمة، إن مبادرة الشريك الأدبي لا تكتفي بتقديم الأدب من الكتب، بل تعيد اكتشافه ضمن تفاصيل الحياة اليومية، حيث يتحول الأدب من أفكار ومعارف حبيسة في الرفوف، إلى حوارات ومفاهيم تسرد وتناقش بين الأدباء والمفكرين والحضور في المقاهي الثقافية.

الأدب في كل مكان
واصلت مبادرة «الشريك الأدبي» مهمتها لدعم وتنمية الثقافة الأدبية في المجتمع، وتعزيز الحراك الثقافي، وجعل الأدب قريباً من المجتمع، حيث تستهدف المبادرة زوار المقاهي والمجتمع عامة من خلال تقديم فعاليات أدبية ومساهمات ثقافية تسهم في إثراء تجربتهم، مما يجعل من المقهى مساحة تفاعلية تحتضن الأفكار والإبداع وتروج للأعمال الأدبية بأسلوب مبتكر.
واستقطب الشريك الأدبي في موسمه الرابع، 80 مقهاً ثقافياً، وامتد تأثيرها إلى 13 منطقة في أنحاء السعودية، من خلال إقامة أكثر من 7776 مبادرة و6491 حدثاً تضمنت أمسيات شعرية، وحوارات ثقافية، وشهدت حضوراً لافتاً تجاوز 203488 مستفيداً، مما عزز الأثر الملهم للمبادرة في دعم الثقافة المحلية وتحفيز الأفراد على التفاعل مع الثقافة الأدبية.
ولضمان تحقيق أهداف المبادرة السامية على الوجه الأمثل، وضعت الهيئة، مجموعة معايير لاختيار المقاهي، كالموقع، والمساحة، وتقديم خطة عمل واضحة لتنفيذ الفعاليات الأدبية، كما سيتم اختيار المقاهي الفائزة وفق معايير محددة، مثل الابتكار والتجديد في الفعاليات، والشراكات مع الجهات الثقافية، وتوفير بيئة محفزة للإبداع، وتقديراً لجهودهم، خصصت المبادرة جوائز تتجاوز قيمتها مليون ريال سعودي.

من جدران الأندية إلى فضاء المقاهي
يتجدد السؤال في كل مرة بشأن الأندية الأدبية السعودية، التي رعت خلال العقود الماضية المشهد الثقافي السعودي، وتبنت قضاياه ومواهبه وحراكه، وفيما إذا كانت استنفدت وظيفتها ودورها الآن، وعن كون الشريك الأدبي في المقاهي يحلّ بالضرورة بديلاً عنها.
ويقول الصحافي الثقافي صادق الشعلان الذي تابع الحراك الثقافي لسنوات، إن الشريك الأدبي يقدم تجربة مهمة، تعيد ارتباط الناس بالأفكار والأشخاص والأطروحات، مشيراً في حديث له مع «الشرق الأوسط»، إلى أهمية أن تتطور المبادرة، من خلال قياس أثرها على المجتمع من جهة والشاغل الثقافي من جهة أخرى، بحيث لا تتحول المبادرة إلى منبر لكل شيء.
وختم حديثه قائلاً: «في حين أن المعايير التي وضعتها هيئة الأدب، تسهم إلى حد ما في ضبط وتطوير محتوى مبادرة الشريك الأدبي، فإن الموقف يتطلب مزيداً من الجهد والتحقق لرفع مستوى ما يقدم فيه، ويعمق أثره لدى المجتمع، من دون أن يلامس النخبوية تماماً، ويحتفظ بقدرته على الوصول إلى الجمهور».





