فوائد غير متوقعة للقهوة والأرز

طبق أرز (الشرق الأوسط)
طبق أرز (الشرق الأوسط)
TT

فوائد غير متوقعة للقهوة والأرز

طبق أرز (الشرق الأوسط)
طبق أرز (الشرق الأوسط)

رغم أهمية الدواء في حياتنا المعاصرة، إلا أن الكثيرين ما زالوا يفضلون توظيف النظام الغذائي بديلاً للدواء، وذلك عبر تقصي نتائج الدراسات العلمية الحديثة التي تسلط الضوء على الفوائد الصحية لبعض الأنظمة والعادات الغذائية الصحية. في هذا الإطار نستعرض نتائج أبحاث علمية حديثة سلطت الضوء على فوائد صحية لكل من القهوة، والأرز.

استرخاء الشرايين القلبية

اكتشف فريق بحثي أن حمض الفيروليك، وهو مركب طبيعي موجود في الأرز والقهوة وبعض الخضراوات، يمكن أن يساعد في منع التشنجات الناتجة عن التضيق المفاجئ في الشرايين التاجية.

وأفادت دراستهم المنشورة، الثلاثاء، في مجلة «جورنال أوف فارماكولوجيكال ساينيسز» بأن لحمض الفيروليك أثرين رئيسين على صحة القلب، حيث يمنع الكالسيوم من دخول خلايا العضلات عبر قنوات الكالسيوم، والتي عادةً ما تسبب تقلص الشرايين.

كما أظهرت النتائج أنه حتى في غياب الكالسيوم، فإنه يمنع تضيق الشرايين عن طريق منع تنشيط بروتين معين يعرف بـ«سلسلة الميوسين الخفيفة»، وهو بروتين ضروري لانقباض العضلات.

وأوضح بيان صادر، الثلاثاء، أنه من المثير للدهشة أن حمض الفيروليك كان في بعض الأحيان أكثر فعالية من الديلتيازيم، وهو دواء شائع الاستخدام لإرخاء الأوعية الدموية.

ويمكن أن يؤدي التضيق المفاجئ في الشرايين التاجية، المعروف باسم تشنجات الشريان التاجي، إلى ألم في الصدر، وربما الإصابة بالذبحة الصدرية، أو بالنوبات القلبية، ومشكلات قلبية خطيرة أخرى.

وصرح الباحث الرئيس للدراسة كينتو يوشيوكا من قسم الكيمياء الدوائية بكلية العلوم الصيدلانية بجامعة توهو اليابانية: «نظراً لأن حمض الفيروليك نباتي، ويُعتبر آمناً، فقد يكون له إمكانات باعتبار أنه مكون غذائي صحي، أو حتى أنه أساس لأدوية القلب المستقبلية».

ويشدد الباحثون على أن هذا البحث يفتح الباب أمام طرق طبيعية جديدة لدعم صحة القلب، ربما من خلال النظام الغذائي، أو المكملات الغذائية في المستقبل.

القهوة والوقاية من الوهن

وتشير نتائج دراسة نُشرت في «المجلة الأوروبية للتغذية»، أبريل (نيسان) الماضي، إلى أن تناول القهوة بشكل اعتيادي يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالوهن.

وسبق أن رُبط استهلاك القهوة بتقليل خطر الإصابة ببعض الأعراض الطبيعية للشيخوخة، مثل تحسين الوظائف الإدراكية، والتخفيف من الأمراض المرتبطة بالالتهابات. يُضيف هذا البحث إلى قاعدة المعرفة المتنامية في هذا المجال، مستكشفاً فوائد تناول القهوة بانتظام على مدى فترة زمنية طويلة.

يعزز فنجان القهوة اليومي حالة الجسم الصحية (رويترز)

في هذه الدراسة، جرى تقييم حالة الوهن بوجود ثلاثة أو أكثر من الأعراض التالية: فقدان الوزن، والضعف، والإرهاق، وبطء المشي، وقلة النشاط البدني.

تشير نتائج الدراسة إلى أن زيادة استهلاك القهوة بشكل اعتيادي يرتبط بانخفاض احتمالية الإصابة بالوهن بشكل عام.

ويوضح الباحثون أن تأثير القهوة في تقليل الوهن يُعزى جزئياً إلى دور مضادات الأكسدة الموجودة فيها، والتي قد تساعد في تقليل الالتهاب، وهشاشة العضلات، والوقاية من تلف العضلات. كما قد تساعد القهوة في تحسين تنظيم حساسية الأنسولين، وامتصاص الغلوكوز لدى كبار السن.

وصرحت مارغريت ر. أولثوف، الباحثة الرئيسة في الدراسة والأستاذة المشاركة في معهد أمستردام لأبحاث الصحة العامة بجامعة فريجي بأمستردام في هولندا، قائلةً: «يُعدّ شرب القهوة جزءاً أساسياً من الروتين اليومي للكثيرين، ومع تقدمهم في السن، فإنهم يبحثون باستمرار عن طرق للحفاظ على صحتهم».

وأضافت: «تُسلّط نتائجنا الضوء على العلاقة الإيجابية المحتملة بين استهلاك القهوة اليومي وانخفاض خطر الإصابة بالوهن في مراحل متقدمة من العمر. وبالتالي، قد يُحسّن استهلاك القهوة من صحة كبار السن».

إنقاص الوزن بشكل طبيعي

رغم الانتشار الواسع لحقن إنقاص الوزن في الفترة الأخيرة، فإن الدراسات الاستقصائية تشير إلى أن معظم الناس ما زالوا يفضّلون إنقاص أوزانهم بشكل طبيعي دون استخدام الأدوية، أو الحقن.

وتعمل حقن «أوزيمبيك» و«ويغوفي» عن طريق زيادة مستويات هرمون يُسمى «الببتيد» الشبيه بـ«الغلوكاجون-1» (GLP-1) الذي يلعب دوراً في زيادة الشعور بالشبع عن طريق إبطاء عملية الهضم. ومع ذلك، ليست الأدوية الطريقة الوحيدة لرفع مستويات هذا الهرمون.

تقول خبيرة التغذية الأميركية ماري سكوربوتاكوس، في حديث لها مع موقع «ساينس آليرت» العلمي، إن الدراسات كشفت أن ترتيب تناول الأطعمة في كل وجبة يمكن أن يؤثر في مستويات هرمون (GLP-1)، إذ يؤدي تناول البروتين، مثل الأسماك أو اللحوم، قبل الكربوهيدرات، مثل الأرز، إلى ارتفاع مستوياته مُقارنةً بتناول الكربوهيدرات قبل البروتين.


مقالات ذات صلة

تمارين تتفوق على حبوب النوم في علاج الأرق

صحتك الأرق اضطراب شائع يسبب صعوبة في الاستغراق بالنوم أو الاستمرار فيه (جامعة أكسفورد)

تمارين تتفوق على حبوب النوم في علاج الأرق

كشفت دراسة صينية أن ممارسة بعض التمارين مثل «تاي تشي»، واليوغا، والمشي السريع، قد تكون أكثر فاعلية من الأدوية في علاج الأرق لدى البالغين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك عدة فوائد صحية لتناول القرفة (رويترز)

6 فوائد صحية مذهلة للقرفة

نقلت صحيفة «التلغراف» البريطانية عن عدد من خبراء الصحة قولهم إن هناك عدة فوائد صحية لتناول القرفة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك عدد من عبوات مشروبات الطاقة (أرشيفية - رويترز)

ما مخاطر مشروبات الطاقة على صحتك؟

مبيعات هائلة ورواج بين فئات متنوعة... ما فوائد وأضرار مشروبات الطاقة؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الماء هو من دون شك أفضل السوائل للشرب (رويترز)

للحفاظ على رطوبة جسمك... مشروبات وأطعمة احرص عليها وأخرى تجنبها

عندما يتعرق الجسم يفقد الماء والأملاح والمعادن الأخرى وعندها يحتاج إلى كمية كبيرة من السوائل لتعويض هذه المياه المفقودة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك نادلة تقوم بصنع كوب من القهوة في البرازيل (رويترز)

احذر تناول هذه الأدوية مع القهوة

على الرغم من أن مشروبك الصباحي، خاصة القهوة قد تبدو آمنًة، إلا أنه قد تتفاعل مع بعض الأدوية مما يقلل من فعاليتها أو يزيد من آثارها الجانبية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«ميّاس» تُنير أَرز لبنان بـ«العودة»... تحيّة بصرية لجبران خليل جبران

لوحة رحيل جبران خليل جبران (الشرق الأوسط)
لوحة رحيل جبران خليل جبران (الشرق الأوسط)
TT

«ميّاس» تُنير أَرز لبنان بـ«العودة»... تحيّة بصرية لجبران خليل جبران

لوحة رحيل جبران خليل جبران (الشرق الأوسط)
لوحة رحيل جبران خليل جبران (الشرق الأوسط)

كان يا ما كان، في قديم الزمان، فيلسوف اسمه جبران خليل جبران، شكّل جسراً ثقافياً بين العالم ووطنه الأم لبنان، مجبولاً بالألم والمعاناة منذ طفولته، فصنع منهما طريقاً للحكمة والإنسانية. ألّف الكتب، ودوّن الشعر، ورسم لوحاته، ليصبح أسطورة الأجيال.

من هذا المنطلق، استلهمت فرقة «ميّاس» من هذه الشخصية الأدبية رموزاً لعرضها الفني «العودة»، في مشهد بصري سمعي باهر افتتح «مهرجانات الأرز الدولية»، فرسمت حياته وأقواله كما في الخيال، واستعارت من فخامة أرز لبنان الذي يحيط بمسرح المهرجان ألق الفن المتوهّج، وقدّمت عرضاً يخطف الأنفاس بأفكاره وطريقة تنفيذه.

واحدة من لوحات «ميّاس» على مسرح «مهرجانات الأرز الدولية» (الشرق الأوسط)

بمشاركة نحو 50 فتاة قدّمن بلوحات راقصة قصة حياة الأديب اللبناني، صمّم العرض مؤسس «ميّاس»، نديم شرفان، وشارك فيه مجموعة من الفنانين اللبنانيين، من بينهم بديع أبو شقرا، وسينتيا كرم، وعمار شلق، وملحم زين. حوّل هؤلاء «العودة» إلى صفحات تاريخية تعبق بالفن المسرحي المبتكر، وقدموا عرضاً لا يمكن استنساخه أو تشبيهه بأي عمل فني آخر. عبروا معه إلى سماء بلاد الأرز، ليوقّعوا من خلاله واحداً من أجمل المشاهد الفنية في العالم.

منذ اللحظات الأولى، عمل نديم شرفان على نقل الحضور إلى بساط الروحانيات. وبتحية قصيرة إلى قديس عنايا (مار شربل)، فاحت رائحة البخور في أجواء المهرجان، معلنة بداية المشوار، لتتوالى بعدها لوحات الرقص لفرقةٍ لم تأبه إلى حرارة طقس منخفضة في عزّ الصيف. وبدلاً من أن ترتعش برداً، حيكت رقصات أشعلت الأجواء دفئاً. واستُهلّ العرض برقصة ذكّرت الحضور بالأميرة سالومي، التي جسّدتها ريتا هيوارث في فيلم «سالومي» (1953).

وقد سبق المشهدية الفنية كلمة مختصرة لمنظّمة «مهرجانات الأرز الدولية» ورئيستها النائبة ستريدا جعجع، أكّدت فيها أنّ «العودة إلى الحياة ممكنة، ونحن أكثر من يُجيدها. انطلقنا ورجعنا أقوى ممَّا كنا».

التصميم الإلكتروني امتزج بصور الخيال واللوحات الراقصة (الشرق الأوسط)

وحضر الحفل كل من السيدة الأولى نعمت عون، ورئيس الحكومة نواف سلام وزوجته، والبطريرك الماروني بشارة الراعي. وبعد الكلمة الترحيبية مباشرةً، تلوّنت سماء المهرجان بلوحات من الألعاب النارية أضفت الفرح على الحضور، فاستعادوا معها زمن لبنان الذهبي على وقع أغنية جوزيف عطية «الحق ما بموت».

ويعود المهرجان بنسخته الجديدة لعام 2025 بعد غياب دام 5 سنوات، إثر الظروف المضطربة التي شهدها لبنان.

حضرت سيرة حياة جبران خليل جبران في عرض «العودة» لتحكي حكاية أديب لبناني لن يتكرَّر. ظهر في العرض طفلاً صغيراً متأثراً بأفراد عائلته، ومن ثَمَّ شاباً صاحب أحلام كبيرة، فالعبقري الذي صاغ من آلامه أدباً يُدرَّس.

وتوالت اللوحات الراقصة لترسم أرزة لبنان حيناً، وصراع الخير والشر حيناً آخر. وبديكورات مسرح رُصّع بمجسّم لجذع شجرة أرز خالدة، دارت الحكاية. جسّد بديع أبو شقرا شخصية جبران الشاب، ونحتها عمار شلق بالشيب والخبرة، لأديب تفوّق على نفسه. وخرج صوت سينتيا كرم من وراء الكواليس أكثر من مرة، يتلو أقوال جبران. وعلى خشبة المسرح، رقصت مرتدية زيّاً أحمر، وقد انسدل شعرها الطويل الأسود على كتفَيها، مجسّدةً دور العرّافة «المطرة» من كتاب «النبي».

مشهدية بصرية باهرة سادت عرض «العودة» لـ«ميّاس» (الشرق الأوسط)

لم يختر نديم شرفان أقوال جبران الرائجة أو الشعبية، بل انتقى غير المألوف منها ليعرّف الحضور إلى أعماق أفكار جبران المنيرة، وحمّلها رسائل مباشرة تحاكي اللبناني وواقعه. بعضها حمل جرعات من القسوة، يغمز من خلالها إلى أداء الحُكّام غير السَّوي. وفي مشهدية حضرت فيها سفينة الوداع من كتاب «النبي»، تلت سينتيا كرم مقتطفات مؤثرة منه، منها:

«أليس لهاثكم هو الذي يقيم بنيان عظامكم ويشدّده؟ بل أليس الحلم الذي لم يحلم به أحد منكم قط، هو الذي بنى مدينتكم وعمل كلّ ما فيها؟ فلو كان لكم أن تنظروا مجاري ذلك اللهاث، لما كانت لكم حاجة إلى أن تنظروا شيئاً آخر غيرها. ولو استطعتم أن تسمعوا مناجاة ذلك الحلم، لما كنتم تزعمون سماع أيّ صوت آخر في العالم».

في تابلوهات فنية تمازج فيها الخيال مع السحر والغرابة، قدّم شرفان مجموعة لوحات تعبيرية، استحدث فيها العنصر البصري المدعَّم بالتصميم الإلكتروني والكادرات الضخمة. كما مرّ على الفولكلور اللبناني، من دبكة ودلعونا. وقد أثار شهية الحضور بمتابعة لا يرفُّ لها جفن، كما في لوحة «رقصة الديناصور» وغيرها.

واستخدم الإضاءة والظلال وطيف جبران ليمنح العرض بُعداً عبثياً. وفي أحيان أخرى، جاءت الحركة السريعة على أنغام موسيقى إيقاعية لتعزيز الإتقان. أما أزياء فريق «ميّاس»، فصُمّمت بألوان ترمز إلى الوطن، فكانت ذهبية كترابه أحياناً، وغلب عليها الأخضر والأبيض والأحمر في أحيان أخرى، وهي ألوان العلم اللبناني.

لوحة «الوداع» من كتاب «النبي» لجبران (الشرق الأوسط)

بلغ تفاعل الجمهور ذروته في لوحات عدّة، منها ما صوّر بديع أبو شقرا بشخصية الأديب الرسّام، وأخرى تناولت فلسفة جبران ونشأته مع الممثل عمار شلق. وعندما صدح صوت ملحم زين بأغنية «أعطني الناي وغنِّ»، لم يستطع الجمهور إخفاء تأثّره، فترك صدى صوته أثره على أوراق شجر الأرز، وصفّق طويلاً لنجاح شرفان في توليد أفكار إبداعية، أهدى من خلالها تحية فنية إلى العالم أجمع.

وفي ختام العرض، الذي رآه البعض قصيراً نسبياً (80 دقيقة) قياساً برحلة طويلة من بيروت إلى الأرز، صعد فريق العمل إلى خشبة المسرح لتحية الجمهور، وسط تصفيق حار ووقوف تقديري من الحاضرين. واختُتمت الأمسية بصعود نديم شرفان، الذي انحنى بإجلال أمام جمهور تفاعل بحرارة مع إبداعاته طوال العرض.

ورغم النجاح الكبير لعرض «العودة» وابتكاره المميز في الفكرة والتنفيذ، لم تكن رحلة العودة إلى بيروت بالمستوى نفسه؛ إذ أثَّر سوء تنظيم نقل روّاد المهرجان سلباً على التجربة، مما قلَّل من فرحة الجمهور وفخره بهذا العرض المميز.