انتقادات لمؤثرة سورية تعيد الجدل حول شخصية «فرعون موسى»

نشرت مقطع فيديو من المتحف المصري الكبير لرمسيس الثاني

المتحف الكبير في مرحلة الافتتاح التجريبي (الشرق الأوسط)
المتحف الكبير في مرحلة الافتتاح التجريبي (الشرق الأوسط)
TT
20

انتقادات لمؤثرة سورية تعيد الجدل حول شخصية «فرعون موسى»

المتحف الكبير في مرحلة الافتتاح التجريبي (الشرق الأوسط)
المتحف الكبير في مرحلة الافتتاح التجريبي (الشرق الأوسط)

أعادت انتقادات وجهها متابعون على منصات التواصل الاجتماعي لمؤثرة سورية الجدل حول شخصية «فرعون موسى»، وذلك بعد نشرها مقطع فيديو للملك رمسيس الثاني من داخل المتحف المصري الكبير.

ونشرت صانعة المحتوى السورية الحاصلة على الجنسية المصرية، فدوى مواهب، مقطع فيديو خلال حفل سحور بالمتحف المصري الكبير يصور مجموعة من التماثيل، مركزة على تمثال رمسيس الثاني مرفقاً بتعليقات مكتوبة تتضمن آيات قرآنية تتحدث عن «فرعون موسى»، وهو ما اعتبره مراقبون ترويجاً للرواية التي تزعم أن الملك المصري رمسيس الثاني هو «فرعون موسى».

فدوى مواهب (صفحتها على فيسبوك)
فدوى مواهب (صفحتها على فيسبوك)

المقطع قوبل بانتقادات واسعة، وتصدر اسم «فرعون موسى»، «التريند» على منصة «إكس»، السبت، واتهم رواد بمواقع التواصل الاجتماعي فدوى مواهب بإهانة الحضارة المصرية.

وعلى إثر هذه الانتقادات، كتبت فدوى مواهب على صفحتها بموقع «فيسبوك»: «كنت في زيارة المتحف المصري الجديد، وتعجبت من هذا الإنجاز العظيم وكيف أن مكاناً واحداً اجتمعت فيه كل عظمة الحضارة المصرية، وشاركت جميع متابعيَّ صوراً وفيديوهات من داخل هذا الصرح العظيم كنوع من أنواع الدعاية لمصر والتذكرة بأن سيدنا موسى عليه السلام كان هنا في مصر، وليس لي أي نية أو مغزى آخر كما اعتقد البعض، وهذا سوء فهم؛ ولذا قررت التوضيح. وأحب أن أشكر كل من ساهم في بناء هذا الصرح العظيم».

وتثير شخصية «فرعون موسى» جدلاً واسعاً من حين لآخر، خصوصاً مع تعدد الروايات، ووفق المصادر التاريخية يسود اعتقاد بأن فرعون موسى هو رمسيس الثاني، وفي رواية أخرى يعتقد أنه الملك مرنبتاح، الابن الأكبر لرمسيس الثاني، بينما تميل روايات إلى أنه ملك أجنبي من الهكسوس.

وفي أغسطس (آب) 2022، نفى وزير الأوقاف المصري الشيخ أسامة الأزهري الذي كان يشغل حينها مستشار الرئيس المصري للشؤون الدينية أن يكون «فرعون موسى» مصرياً، وقال الأزهري في لقاء إذاعي: «هناك بحث تاريخي يؤكد أن فرعون لم يكن مصرياً أصيلاً، بل كان من الهكسوس».

المؤرخ المتخصص في علم المصريات، الدكتور بسام الشماع، أكد أن «الجدل حول شخصية (فرعون موسى) لن يتوقف يوماً»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الجدل سيستمر لأن القصة مشوقة تاريخياً ومليئة بالغموض، مما فتح الباب لتعدد الروايات، لكن وفق المصادر التاريخية فإن رمسيس الثاني أبعد ما يكون عن كونه (فرعون موسى) على الرغم من انتشار الرواية التي تفيد بذلك؛ إذ إن رمسيس الثاني تزوج أكثر من امرأة وأنجب الكثير من الأولاد، في حين أن الروايات التاريخية تؤكد أن فرعون موسى لم يتزوج أو ينجب».

واقترح الشماع أن «تقوم وزارة السياحة والآثار المصرية بتنظيم مؤتمر علمي عالمي يدعو إليه علماء الآثار والمتخصصون وأساتذة التاريخ بالإضافة إلى علماء الدين من الأزهر والكنيسة، لمحاولة تقديم إجابة علمية للسؤال الجدلي: من هو فرعون موسى؟».

وإثر تصاعد حملة الانتقادات عبر منصات التواصل الاجتماعي الموجهة للمؤثرة فدوى مواهب، تقدم المحامي المصري أشرف فرحات، السبت، ببلاغ للنائب العام اتهم فيه مواهب بـ«إهانة الحضارة المصرية»، وقال في بلاغه إن «تصرفاتها تشكل إهانة للتاريخ والحضارة المصرية، ومحاولة لاستفزاز مشاعر المصريين، وربط تراثهم العريق بأفكار مغلوطة ومشوهة تاريخياً ودينياً».

وخلص الخبير الأثري ومفتش الآثار بوزارة السياحة والآثار، الدكتور أحمد عامر، إلى أنه «لا يوجد أي دليل تاريخي يقول إن رمسيس الثاني هو (فرعون موسى)»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على الرغم من تعدد الروايات حول شخصية فرعون، فإنه لا يوجد أدلة علمية أو تاريخية تعزز صحة أي رواية، وبحسب الروايات المختلفة من المفترض أن تكون شخصية (فرعون موسى) لملك ليس له آثار باقية حتى الآن».


مقالات ذات صلة

زاهي حواس ينفي وجود أعمدة تحت الأهرامات

يوميات الشرق لغز بناء الأهرامات ما زال يحير العلماء  (تصوير: عبد الفتاح فرج)

زاهي حواس ينفي وجود أعمدة تحت الأهرامات

نفى آثاريون مصريون الأنباء المتداولة بشأن «اكتشاف مدينة ضخمة أسفل أهرامات الجيزة»، وعدّوا ذلك «ضرباً من الخيال العلمي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق جورج باول (يمين) ولايتون ديفيز (بي بي سي)

صديقان يعثران على كنز تاريخي بقيمة 4 ملايين دولار فينتهي بهما الأمر في السجن... لماذا؟

تحوّل صديقان بريطانيان من «كاشفي معادن» إلى «سجينين» بعد أن أُدينا بسرقة أحد أكبر الكنوز المكتشفة في تاريخ الجزر البريطانية بقيمة نحو 4 ملايين دولار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق من القطع التي تضمنها الكشف الأثري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف مقبرة لقائد عسكري من عصر الملك رمسيس الثالث

أعلنت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، الخميس، عن اكتشاف مقبرة لقائد عسكري من عصر الملك رمسيس الثالث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
ثقافة وفنون صورة جوية لبئر الماء المكتشفة والدَّرَج المؤدي إلى القاع (كونا)

اكتشاف بئر ماء أثرية في «فيلكا» الكويتية تعود إلى ما قبل 1400 عام

أعلن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، الأحد، اكتشاف بئر ماء أثرية في جزيرة فيلكا تعود لفترة ما قبل الإسلام وبداية العهد الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
يوميات الشرق الأطفال أكثر الدفنات الموجودة بجبانة كانت ورشة للفخار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني في سوهاج

البعثة الأثرية المصرية - الأميركية من جامعة بنسلفانيا عثرت على المقبرة الملكية بجبانة «جبل أنوبيس» بأبيدوس في سوهاج.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

مصر: «الكنافة البلدي» تحتفظ بمكانتها رغم إغراءات الأصناف الجديدة

صانع الكنافة البلدي عنتر أبو زيد  (الشرق الأوسط)
صانع الكنافة البلدي عنتر أبو زيد (الشرق الأوسط)
TT
20

مصر: «الكنافة البلدي» تحتفظ بمكانتها رغم إغراءات الأصناف الجديدة

صانع الكنافة البلدي عنتر أبو زيد  (الشرق الأوسط)
صانع الكنافة البلدي عنتر أبو زيد (الشرق الأوسط)

رغم تنوع أصناف الكنافة وإغراءات أشكالها الحديثة، فإن «الكنافة البلدي» ما زالت تحتفظ بمكانتها في عدد كبير من أحياء وقرى مصر، لا سيما في شهر رمضان المبارك، حيث تعود إلى الظهور في الشوارع بشكل واضح بعد أشهر من التواري.

ويتم صنع الكنافة البلدي بالطريقة التقليدية اليدوية، إذ يقوم صانعها بصبها بطريقة حلزونية وبسرعة فائقة على الفرن، مما يجعلها تتميز بسماكة خطوطها مقارنةً بــ«الكنافة الشَعر» التي يجري صنعها آلياً وتحظى بانتشار واسع داخل البلاد.

صمود الكنافة البلدي أمام «التقاليع الجديدة» تفسّره الدكتورة نهلة إمام، مستشار وزير الثقافة لشؤون التراث غير المادي والمتخصصة في العادات والمعتقدات والمعارف الشعبية بأكاديمية الفنون، بـ«وجود ذائقة مستقرة لدى المصريين».

وتقول إمام لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يظهر من وقت لآخر من طرق لعمل الكنافة في رمضان لا يمثل سوى بؤر بسيطة تَلوح هنا وهناك، لا أكثر، وهي مجرد موضة تأخذ وقتها وتختفي، ولا يصمد في النهاية سوى ما استقر في الذائقة والمزاج العام عند الناس».

الكنفاني محمد الأبيض (الشرق الأوسط)
الكنفاني محمد الأبيض (الشرق الأوسط)

وتتابع أن «فكرة الانجذاب للماضي أمر طبيعي، فالتعامل مع الطعام يعتمد بدرجة أساسية على ذائقة جرت تربيتها على مدار سنوات طويلة، وهي بالطبع وإن كانت تتسم بالتعدد لدى قطاعات المصريين المختلفة، والتي تتنوع بين الشيوخ والشباب والجدات والشابات، إلَّا أنها قادرة على العودة مرة أخرى لوضعها الطبيعي الذي تعرفه الأغلبية، وهكذا يحيا التراث وينتقل من جيل إلى آخر».

كما ترى أن «هذه العودة تنطبق على طرق عمل الحلوى، بما فيها الكنافة التي عرفها المصريون وكانوا يصنعونها بالمكسرات فقط، ثم صارت محشوة بالكريمة، والآن دخلتها عناصر جديدة مثل النوتيلا، والبستاشيو، في إطار ما نطلق عليه في الدراسات (التراث والموضة)».

وتشدد إمام على الفرق الكبير بين الكلمتين؛ فبينما «تظهر الأخيرة في مرحلة وتختفي، فإن التغيير في التراث يكون محدوداً، والتقاليع الجديدة لصناعة الكنافة تعد محدودة وتقتصر على طبقة معينة ووقت وأماكن محددة، وهي مطروحة بأسعار ليست في متناول الجميع».

عنتر أبو زيد، صانع كنافة بلدي بالجيزة (غرب القاهرة) يعزو سبب صمود كنافته قائلاً: «هي الأساس، كما أنها تتمتع بدرجة من الليونة تميزها عن سواها». ويؤكد أن كبار السن هم الأكثر إقبالاً عليها في المنطقة التي يعيش ويعمل فيها رغم سعرها الذي يتطابق مع سعر «الكنافة الشَّعْر»، حيث يبيعها بـ«50 جنيهاً مصرياً للكيلوغرام» أي بـ(دولار أميركي واحد).

عنتر أبو زيد يستمتع بصنع الكنافة البلدي (الشرق الأوسط)
عنتر أبو زيد يستمتع بصنع الكنافة البلدي (الشرق الأوسط)

ويربط أبو زيد بين الشعور ببهجة الشهر الكريم وبين صناعة الكنافة والقطايف في المنازل، فهي من وجهة نظره طقس لا غنى عنه لدى الأسر، وعنصر مهم ضمن تفاصيل اليوم الرمضاني والسهرات والموائد التي تجتمع حولها العائلات.

ولا يتفق الباحثون على الأصل التاريخي لصناعة الكنافة، فمنهم من يشير إلى ظهورها خلال العصر الأموي، وهناك من يقول إنها تعود إلى العصر الفاطمي والمملوكي، وقد انتقلت مع مرور الزمن إلى باقي طبقات المجتمع بعدما كانت حكراً على أبناء الطبقة الغنية والحكام، وصارت جزءاً من الطقوس المرتبطة برمضان، ومن هنا اكتسبت طابعها الشعبي.

ويؤكد أبو زيد أن «الكنافة الشَّعر تكتسح الأسواق، وتتم صناعتها طوال العام، وقد تعوَّد المصريون عليها، لكن الكنافة البلدي مطلوبة من زبائن معينين، ويأتون إليه من مناطق مختلفة لشرائها».

محمد الأبيض، صانع عجائن بالقاهرة ترتبط حياته منذ طفولته بصناعة الكنافة التي ورثها عن والده، وقد تعلمها على يديه منذ أن كان طفلاً، ولفت الأبيض إلى أسرار يجب الالتزام بها في عمل الكنافة، منها تركها يوماً كاملاً وتزويدها بكثير من السمن البلدي، مشيراً إلى أن الاستعجال في إعدادها بعد الشراء مباشرةً يؤدي إلى تحولها إلى كتلة من العجين، وهي في نظره تحتاج إلى نوع من الخبرة والتأني في تجهيزها.

محمد الأبيض ورث صنع الكنافة عن والده (الشرق الأوسط)
محمد الأبيض ورث صنع الكنافة عن والده (الشرق الأوسط)

ويفضل المصريون خلال شهر رمضان إعداد الكنافة البلدي أو الشَّعر أو القطايف يدوياً في منازلهم بطرق تحاكي المصنوعة في المتاجر الشهيرة، حيث تؤكد سها محمود، وهي أُم لـ3 أطفال مقيمة في القاهرة، أنها تستطيع شراء الكنافة الجاهزة من متاجر الحلوى المنتشرة حول منزلها، لكنها تفضّل عمل الكنافة بنفسها خلال الشهر الكريم لتدخل البهجة إلى بيتها.

وفي ختام حديثها لـ«الشرق الأوسط» تقول «إن الكنافة الجاهزة سعرها يعد منخفضاً مقارنةً بالأخرى المعدة في المنزل بحساب تكلفة الكنافة والسكر والمكسرات والإضافات الأخرى بجانب الوقت الذي تستغرقه، لكننا نبتهج بإعدادها وتناولها خلال مشاهدة مسلسلات رمضان».