طوّر باحثون في جامعة يوتا الأميركية روبوتاً جراحياً متقدّماً قد يساعد الأطباء على إجراء عمليات دقيقة لشبكية العين، أحد أصغر أجزاء الجسم، بدقة غير مسبوقة.
وأوضحوا أنه يهدف إلى منح الجرّاحين «أيادي خارقة» تساعدهم في التغلّب على تحدّيات مثل الحركات اللاإرادية للعين، والتنفس، ورعشة اليد أثناء الجراحة. ونُشرت نتائج الدراسة، الخميس، في دورية «Science Robotics».
وتُعدّ جراحات شبكية العين من أدق العمليات الجراحية وأصعبها بسبب الطبيعة الحساسة للنسيج الشبكي، الذي لا يتجاوز سمكه المليمتر الواحد. ويواجه الجراحون تحدّيات عدّة في أثناء إجرائها، منها الحركات اللاإرادية للمريض، مثل التنفّس والرمش، وحتى أدنى اهتزاز في الرأس، مما قد يؤثّر في دقة العملية. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ رعشة اليد الطبيعية للجراح، مهما كانت طفيفة، قد تؤدّي إلى أخطاء تؤثر في نجاح العلاج، خصوصاً عند التعامل مع تقنيات دقيقة، مثل حقن العلاجات الجينية في أماكن مجهرية بين طبقات الخلايا.
ويعتمد الروبوت الجراحي الجديد على نظام تثبيت مُبتكر يُركَّب على رأس المريض عبر خوذة مصمَّمة خصوصاً؛ مما يساعد في تعويض الحركات اللاإرادية للرأس والعينين في أثناء الجراحة. ويُسهم هذا التثبيت في تقليل تأثير تلك الحركات، ويوفّر بيئة عمل أكثر استقراراً للجرّاح.
ويستخدم الجرّاحون جهازاً يدوياً متصلاً بالروبوت يُعرف بـ«الواجهة اللمسية» (haptic interface)، يحوّل الحركات اليدوية الكبيرة إلى حركات دقيقة جداً داخل العين، وهذا يقلّل من أثر رعشة اليد الطبيعية للجرّاح خلال العمليات الجراحية.
ووفق الباحثين، يتمتّع الروبوت بقدرة على تنفيذ حركات دقيقة تصل إلى ميكرومتر واحد (أصغر من حجم الخلية البشرية)، مما يجعله أكثر دقة من الجرّاح البشري في التعامل مع الأنسجة الرقيقة مثل الشبكية.
وتوصلت الدراسة إلى أنّ الروبوت الجراحي الجديد ساعد الجراحين على تحقيق معدلات نجاح أعلى عند إجراء الحقن تحت الشبكية، مقارنةً بالجراحة اليدوية التقليدية. كما أسهم في تقليل الأخطاء الجراحية والمضاعفات المحتملة، مثل تلف الأنسجة الدقيقة في العين.
وأثبت الروبوت فاعليته في التجارب المخبرية التي أُجريت على عيون خنازير مستأصلة؛ إذ أظهر قدرة كبيرة على التحكم في الأدوات الجراحية بدقة متناهية، مما أسهم في تحسين النتائج وتقليل الحاجة إلى التدخل البشري المباشر.
وأشار الباحثون إلى أنه قد يساعد على تقليل الأخطاء البشرية وزيادة معدلات نجاح العمليات، خصوصاً في الإجراءات شديدة الدقة مثل حقن العلاجات الجينية. ونظراً إلى تثبيت الرأس في أثناء الجراحة، يمكن إجراء بعض العمليات تحت التخدير الوريدي بدلاً من التخدير العام، مما يقلّل من مخاطر التخدير ويسرّع عملية التعافي.
ورغم أنّ الجهاز لا يزال في مراحله التجريبية، فإنّ الفريق البحثي يؤكد أنه يشكل خطوة كبيرة نحو دمج الروبوتات في جراحات العيون عالية الدقة.