«إيكادولي»... معرض مصري يستلهم الحبّ في النوبة

30 لوحة زيتية لفاطمة حسن تُشكّل تعبيرات متنوّعة عن العاطفة والمودّة

لوحات الفنانة فاطمة حسن مشحونة بالمشاعر (الشرق الأوسط)
لوحات الفنانة فاطمة حسن مشحونة بالمشاعر (الشرق الأوسط)
TT
20

«إيكادولي»... معرض مصري يستلهم الحبّ في النوبة

لوحات الفنانة فاطمة حسن مشحونة بالمشاعر (الشرق الأوسط)
لوحات الفنانة فاطمة حسن مشحونة بالمشاعر (الشرق الأوسط)

طوال تاريخ الفنّ، كان الحبّ موضوعاً حاضراً في أعمال التشكيليين. يستخدم كل فنان منظوره وأسلوبه الخاص لاستكشاف الجوانب المتعدّدة للعلاقة العاطفية والمشاعر الرومانسية. وبالتزامن مع عيد الحبّ، يأتي معرض الفنانة التشكيلية المصرية فاطمة حسن في غاليري «دروب»، فتلتقط ملامح الحبّ النقي في الثقافة والحياة النوبية.

«إيكادولي» عنوانُه؛ وهي كلمة تعني «أحبك» باللغة النوبية المعروفة في جنوب مصر، اختارتها الفنانة في إشارة إلى ثيمة أعمالها، وهي الحبّ. تقول: «الحبّ شيء رائع ومتعدّد الأوجه؛ لذا هو موضوع مهيمن ومتكرّر في الفنّ، فلا شيء أكثر رومانسية من تحويل هذا الشعور العميق والصادق إلى عمل فنّي».

وعن سبب اختيار اللغة النوبية للتعبير، تضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أسافر إلى أسوان كثيراً، خصوصاً غرب سهيل في النوبة. يدفعني حنين لا ينقطع للذهاب إليها، وأجدني هناك أحبّ كل شيء. قلبي يفتح نوافذه على عالم يشبه الجنّة، تملؤه المحبّة والمودّة، وفيه ترافقني فرشاتي وألواني، فأرسم تلك البيئة المشحونة بالمشاعر. وهناك أيضاً أهزم أحزاني العابرة، وأظلّ في غفوة تغلّفها السعادة، وخلالها أقول من كل قلبي (إيكادولي) للجميع».

الحبّ في النوبة موضوع معرض «إيكادولي» (الشرق الأوسط)
الحبّ في النوبة موضوع معرض «إيكادولي» (الشرق الأوسط)

الاهتمام بالتفاصيل والقدرة على نقل المشاعر، من خلال الإيماءات والسرد البصري، يجعلان أعمالها تعبيرات متنوّعة عن العاطفة والمودّة. فهي لا تصوّر قصص الحبّ بين الرجل والمرأة فحسب، بل تضيء أيضاً على الموضوعات الأوسع نطاقاً للحبّ والألم، وتعقيدات العلاقات الإنسانية.

في هذا السياق، يطالعنا من داخل مجموعة من اللوحات أطفال يمرحون هنا وهناك، من دون أن يقيّد أحدهم حرّيتهم. على الجانب الآخر، تعرض في بعض أعمالها سحر اللقاءات الرومانسية وحلاوتها؛ ففي إحدى لوحاتها، مثلاً، تصوّر رجلاً وامرأة وسط الزهور في سعادة غامرة، وفي أخرى نلتقي بزوجين في مقتبل العمر يمثّلان السند بعضهما للآخر، كما نتعرّف إلى فتيات طازجات المشاعر، يظهرن بمفردهن أو في جلسات جماعية. نظرات عيونهن وإشراقة وجوههن تشي بأنّ حديثهن يدور حول الحبيب الغائب، أو فارس الأحلام المُنتظر.

فتيات حالمات مُشرقات من أعمال الفنانة (الشرق الأوسط)
فتيات حالمات مُشرقات من أعمال الفنانة (الشرق الأوسط)

تستحضر الفنانة الألوان والتفاصيل الدقيقة والمزاج المرح أحياناً، مما يُضفي على لوحاتها شعوراً بالشغف الشبابي وبهجة المغازلة البريئة، بينما تأتي لوحات أخرى مشحونة عاطفياً ودرامياً بحبّ الوطن، والحبّ الأبوي، وحبّ الأصدقاء، وحبّ الحياة، وحبّ الأطفال لألعابهم التقليدية القديمة.

واللافت أنّ النعومة تسيطر على فتيات لوحاتها البالغة 30 في المعرض؛ وعن ذلك تقول: «تأثّرتُ كثيراً، كما أشرت، بسفري إلى النوبة، حيث المرأة الجميلة ذات العينين الواسعتين؛ الناعمة، التي تتّسم بقدر كبير من الرقة، والطيبة، ورهافة الحسّ».

وتتابع: «للتعبير عن هذه السمات، أستخدم الدرجات الدافئة والمبهجة غير الصارخة، مع الاستعانة بالألوان الزيتية، وهي بطبيعتها دافئة؛ لتتوافق مع فكرة المعرض».

لم تكن مصادفة أنّ المعرض يُقام في وقت متزامن مع «عيد الحبّ»، الموافق 14 فبراير (شباط) من كل عام. فتوضح التشكيلية التي تعمل صحافية في مؤسّسة «أخبار اليوم»: «تعمّدتُ ذلك، فقد انتهيت من أعمال المعرض قبل مدّة، لكنني فضّلتُ الانتظار حتى هذا الموعد».

وتضيف: «سبق أن فعلت الأمر عينه في المعرض السابق الذي أقمته بالتزامن مع عيد المرأة في مارس (آذار) 2024؛ فقد انعكس عملي بالصحافة على فنّي، واعتدتُ متابعة الحدث ومواكبته في معارضي لتتزامن مع المناسبات المهمّة».

الفنانة المصرية فاطمة حسن رسمت الحبّ بأسلوبها (الشرق الأوسط)
الفنانة المصرية فاطمة حسن رسمت الحبّ بأسلوبها (الشرق الأوسط)

إلى جانب اللوحات المعبِّرة عن الحبّ، اتّسمت بعض أعمال الفنانة بتناول قضايا مجتمعية شائكة تعكس مخزونها الإنساني الذي اكتسبته من عملها في صفحة متخصّصة بـ«محاكم الأسرة» بجريدة «الأخبار» المصرية. توضح: «في هذه الصفحة، التقيتُ بقصص إنسانية مؤثّرة ومآسٍ كثيرة. ففي إطار عملي، أقرأ أسبوعياً قصصاً حقيقية عن الجرائم والانفصال والقتل، أكاد أجزم أنها أكثر وجعاً وألماً وقسوة من أي عمل درامي نصفه بالمبالغة والتهويل، وقد اعتدتُ أن أجسِّد ذلك كله من خلال (الأليستريشن) والرسوم المُصاحبة لهذه القصص».

لوحة ترمز إلى حبّ البيت والوطن (الشرق الأوسط)
لوحة ترمز إلى حبّ البيت والوطن (الشرق الأوسط)

انعكس ذلك أيضاً على أسلوبها الفنّي في المعرض المستمرّ حتى 20 فبراير الحالي؛ إذ تشعر لدى مشاهدة لوحاتها بالتعبيرية، من خلال الملامح والتعبيرات الحنونة والعاطفية على وجوه شخوصها الذين تنقل عيونهم شعوراً بالمودّة المُتبادلة والتفاهم.

وتضيف طريقة استخدامها للضوء والظلّ إلى الكثافة العاطفية للوحة؛ إذ يُضيء الوجوه والنفوس، في حين تترك الخلفية في كثير من أعمالها هادئة، تكاد تخلو من التفاصيل أو الألوان الزاهية؛ لجذب تركيز المُشاهد إلى الارتباط العاطفي بين الشخوص، أو إلى المشاعر الجيّاشة التي تراود الفتيات، وتكاد تجعلهن يحلّقن في عوالم من الأحلام والحبّ والشوق والشجن.


مقالات ذات صلة

موهبة فيكتور هوغو في الرسم التي لا يعرفها الكثيرون

يوميات الشرق تقف إحدى العاملات مع العمل الفني «الفطر (1850)» (إ.ب.أ)

موهبة فيكتور هوغو في الرسم التي لا يعرفها الكثيرون

اشتهر الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو بتأليف روايتين هما «أحدب نوتردام» و«البؤساء»، لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أعماله رساماً، والتي أصبحت الآن محور معرض جديد في…

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لوحة تُعبِّر عن الحضارة المصرية القديمة في معرض «البدايات» (الشرق الأوسط)

«البدايات»... معرض «بانورامي» لإبداعات 5 أجيال مصرية

مراحل مختلفة مرَّ بها فنانون من 5 أجيال مصرية، بعضهم احترف الرسم والتصوير وآخرون تخصَّصوا في النحت أو الحفر.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق مدارس فنّية واتجاهات مختلفة تُعبِّر عن  المرأة (الشرق الأوسط)

«سرّ الحياة» يحتفي بصلابة المرأة العربية وحضورها الطاغي

تضمَّن المعرض عشرات الأعمال التي تحتفي بصلابة المرأة العربية ومسيرتها وإنجازاتها، وحضورها الطاغي عبر التاريخ والواقع المعاصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة شهد الأسبوع ثلاث بدايات: «دريز فان نوتن» و«جيڤنشي» و«توم فورد»

أسابيع الموضة العالمية لخريف وشتاء 2026 تنتهي في باريس ببدايات جديدة

بدايات جديدة في «جيڤنشي» و«دريز فان نوتن» و«توم فورد» تُوقظ الأمل بولادة عهد جديد

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق مازن معضّم خلال افتتاح المعرض بمدينته صيدا (فيسبوك)

مازن معضّم لـ«الشرق الأوسط»: مدينتي صيدا لا تُشبه غيرها في الشهر الفضيل

في برنامج «ليالي رمضان» نشاطاتٌ متعدّدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشهر الفضيل؛ فتُقام العروض المسرحية الخاصة بالأطفال، تحضُر فيها شخصيات علاء الدين والفوانيس.

فيفيان حداد (بيروت)

فرقة موسيقية ألمانية أعضاؤها مصابون بأمراض الرئة

الغناء علاج (غيتي)
الغناء علاج (غيتي)
TT
20

فرقة موسيقية ألمانية أعضاؤها مصابون بأمراض الرئة

الغناء علاج (غيتي)
الغناء علاج (غيتي)

شكَّل طبيب ألماني فرقة موسيقية وغنائية خاصة، مؤلَّفة من أشخاص يعانون أمراض الرئة. ويتجمَّع أفراد الفرقة معاً للعمل على تحسين قدرات الرئة والتحكُّم في التنفس، ويعود الفضل في ذلك إلى التجمّعات التي نظّمها اختصاصي الرئة توماس دابر، وزوجته مارتينا.

وذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أنّ أعضاء الفرقة يعانون أمراضاً في الرئة مثل الربو، أو التليّف الرئوي، أو مرض الانسداد الرئوي المزمن.

ويقول دابر إنّ المرضى غالباً يستخدمون أجهزة لتحسين قدرة الرئة، غير أنّ هذا ليس خياراً متاحاً للجميع، لأنّ قيوداً تصيب البعض بعد إجراء عمليات جراحية معيّنة، مؤكداً أنهم مع ذلك يمكنهم مساعدة الرئة عن طريق الغناء، لأنه يقوّي عضلات الجهاز التنفّسي المُساعِدة، خصوصاً الحجاب الحاجز.

ويضيف دابر، وهو نفسه موسيقي هاوٍ، أنّ الغناء «يساعد على تخفيف الأعراض مثل ضيق التنفُّس، وتعلُّم كيفية التحكُّم في النَّفَس».

ويوضح أنّ التنفُّس العميق يجلب الأكسجين أيضاً إلى أجزاء من الرئتين، التي قد تكون غير قادرة على الحصول عليه، وهذه الطريقة تحمي هذه الأجزاء من البكتيريا.

وهذه الفرقة الغنائية مثل أيّ فرقة أخرى، ولكنها تختلف لجهة أنها تضمّ 25 رجلاً وامرأة تزيد أعمارهم على الـ60 عاماً؛ يجتمعون أسبوعياً ويَشْدُون بالأغنيات الشعبية والترانيم الروحية، ويعزفون الموسيقى الأجنبية.

ولا توجد في الفرقة أصوات سوبرانو مميّزة، ويتوقّف بعض أفرادها للحظات لأخذ نَفَس عميق أو الحصول على رشفة من الماء، وبعضهم متّصل بأجهزة الأكسجين المحمولة.

وهناك اختلاف آخر عن الفرق الغنائية يتمثَّل في أنّ هناك مزيداً من التدريبات على التنفُّس والإحماء قبل بدء الغناء. وأحياناً تطلُب مديرة الفرقة، كلوديا كمرير، وهي مغنّية أوبرا وحفلات موسيقية، من الأعضاء أن يغنّوا بمزيد من الهدوء، بدلاً من الشدو بحماسة جماعية.

ويركز دابر، المتخصِّص في أمراض الرئة على حركة الجسم، ويقول دائماً لأعضاء الفرقة إنه ليس من المهم أن يغنّوا بصوت جميل، ولكن المطلوب الغناء بصوت عالٍ، والإمساك بالنغمة لفترة طويلة لتقوية التنفُّس.

وغنَّت الجوقة مؤخراً مع أوركسترا الآلات النحاسية، بقيادة طبيب الرئة بولاية راينلاند بالاتينيت، مايكل كروتر، الذي يرأس مركز الرئة بمدينة ماينتس. وهو اعتاد على مدى 15 عاماً تنظيم حفلات غنائية وموسيقية للأشخاص المصابين بأمراض الرئة المزمنة، لزيادة الوعي بهذا الأسلوب العلاجي.

ويقول إنّ الدراسات تشير إلى أنّ الأشخاص المصابين بهذه الأمراض يشعرون بتحسُّن ملحوظ وتقلّ مشكلاتهم إلى حد كبير، عندما يعزفون هذه النوعية من الموسيقى.

وصلت الفكرة إلى ألمانيا بفضل الرئيس الفخري لشبكة «المستشفيات المغنّية» المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد، نوربرت هيرمانز. وكان قد توجَّه إلى مدينة كانتربري بإنجلترا عام 2011، لتعلُّم برنامج الغناء لعلاج مرض

الانسداد الرئوي المزمن.

ويدفع كل مغنٍّ في فرقته الغنائية رسوماً عضوية تبلغ نحو 10 دولارات شهرياً.