مهرجان برلين السينمائي 75 وليلة افتتاح لم تخلُ من السياسة

انطلق بخطاب ناري للممثلة البريطانية تيلدا سوينتون

تيلدا سوينتون تلقي كلمة بعد تسلُّمها جائزة مهرجان برلين الشرفية (أ.ف.ب)
تيلدا سوينتون تلقي كلمة بعد تسلُّمها جائزة مهرجان برلين الشرفية (أ.ف.ب)
TT

مهرجان برلين السينمائي 75 وليلة افتتاح لم تخلُ من السياسة

تيلدا سوينتون تلقي كلمة بعد تسلُّمها جائزة مهرجان برلين الشرفية (أ.ف.ب)
تيلدا سوينتون تلقي كلمة بعد تسلُّمها جائزة مهرجان برلين الشرفية (أ.ف.ب)

شهد مهرجان برلين افتتاحاً مثيراً للجدل يوم الخميس، الثالث عشر من هذا الشهر، وذلك احتفاء بدورته الجديدة (الخامسة والسبعين) التي تدوم حتى الثالث والعشرين من هذا الشهر.

كانت حفلة افتتاح قصيرة نسبياً قياساً بحفلات الأعوام الماضية، لكن هذا لم يعنِ غياب حضور السياسة فيه، فيما يمكن اعتباره الآن امتداداً لما حدث في نهاية الدورة السابقة (2024) عندما طفت القضية الفلسطينية على منصّة حفل الختام عبر خطب ألقاها بعض الفائزين بجوائز تلك الدورة.

هذه المرّة حضرت السياسة من مطلع الدورة عبر خطاب قبول الممثلة البريطانية تيلدا سوينتون الناري الذي ألقته بمناسبة تسلمها جائزة «الدب الشرفي» في قاعة المهرجان الرئيسية.

الممثلة تيلدا سوينتون وخطاب ناري في افتتاح مهرجان برلين السينمائي (رويترز)

وضوح

خطاب سوينتون كان سياسياً انتقلت إلى مضمونه بمجرد الانتهاء من شكر للمهرجان على هذا الاحتفاء المُستحق. يمكن اعتباره انتهاز فرصة مواتية لنقد شمل الرئاسة الأميركية والوضع «غير الإنساني» الذي تعانيه مجتمعات مختلفة، وصولاً إلى معاناة الفلسطينيين تحت قبضة بنيامين نتنياهو. كل هذا من دون اللجوء لذكر أسماء، كون ما تتحدّث فيه واضح تماماً، تبعه تصفيق حاد من قبل قاعة قصر المهرجان المسماة بـ«بوتسدامر بلاتزي» التي امتلأت عن آخرها.

ومما قالته إن «تأسيس وضع غير إنساني فعل يُرتكب في زمننا»، وأكملت: «أنا هنا لأسمي من دون تردد أو شك ولإضفاء كل تضامني لكل أولئك الذين يدركون الغرور الذي تدمن عليه الحكومات الجشعة».

سوينتون التي تعتبر نفسها «مقيمة في دولة السينما» التي تجابه «الاحتلال والاستعمار والسطو وتملك تطوير مشروع الريڤييرا» وهذا في إشارة واضحة لما كان الرئيس الأميركي قاله حول رغبته في إخراج الفلسطينيين من غزة وتحويلها إلى «ريڤييرا جديدة».

وختمت بأنها تضع كل إيمانها بالثقافة المناهضة من خلال «تنوير السينما التي تلهم عالماً متحضراً».

دعوات مقاطعة

خطاب سوينتون الذي تناقلته وكالات الأنباء واستقبل بحفاوة من قِبل الحاضرين لم يكن النشاط السياسي الوحيد الذي بدأ المهرجان البرليني به، فقد انتشرت دعوات لمقاطعة المهرجان كونه لم يتّخذ موقفاً مؤيداً للقضية الفلسطينية وضد حكومة نتنياهو. قادت هذه الدعوات مؤسسات من بينها «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل» و«العاملون السينمائيون لأجل فلسطين»

في المقابل، هناك «وقفة» تقوم بها مجموعة من السينمائيين مطالبة بإطلاق سراح المعتقل الإسرائيلي ديڤيد كونيو المعتقل من قِبل «حماس». كونيو ممثل إسرائيلي أنتج عنه فيلم تسجيلي بعنوان «رسالة إلى ديڤيد» تم عرضه مساء البارحة (الرابع عشر من هذا الشهر).

الكوفية مقبولة

وعلى صعيد آخر قام المهرجان بإيضاح مهم عبر بيان ذكر أن «ارتداء الشارات والأزياء للتعبير عن التضامن مع فلسطين هو حرية تعبير مكفولة قانونياً».

والجدير بالذكر أن فيلم الافتتاح للألماني توم تايكوَر «الضوء» يتعامل مع وضع عائلة ألمانية ممزقة بخلافاتها وأحلام الأمس غير المحققة. ما ينقذها هو مشرفة بيت سورية مهاجرة (تقوم بها تالا الدين) تنبري لمساعدة العائلة على الوئام والالتئام من جديد.

ما سبق يتّصل بما وقع في العام الماضي من مواقف سياسية أحرجت الحكومة الألمانية حينها. الواضح، وتاريخ المهرجان مليء بالتيارات والمواقف السياسية المختلفة حتى من قبل توحيد ألمانيا، أن المهرجان (وسواه من المهرجانات الرئيسية حول العالم) سيحفل دوماً بالمزيد من المواقف السياسية كون صانعي الأفلام من مخرجين وممثلين وكتّاب في عمومهم يتبنون دوماً تأييد مسائل التحرر والمساواة والإبداع من أجل عالم أفضل.


مقالات ذات صلة

المخرج عمرو سلامة يجدد أزمة انتقاد رموز الفن المصري

يوميات الشرق إسماعيل ياسين ونجله الراحل ياسين (الشرق الأوسط)

المخرج عمرو سلامة يجدد أزمة انتقاد رموز الفن المصري

جدّد حديث المخرج المصري عمرو سلامة عن الفنان المصري الراحل إسماعيل ياسين خلال حضوره ضيفاً على «ليك لوك 3» أزمة انتقاد رموز الفن المصري.

داليا ماهر (القاهرة )
سينما «طريق الريح» لترينس مالك (بابلسبيرغ بيكتشرز)

12 فيلماً جديداً برسم الدورة الـ78 لمهرجان «كان»

محظوظة السينما بأفلامها، وأفلامها محظوظة بمهرجاناتها. من «برلين» إلى «نيويورك» ومن «تورنتو» و«مونتريال» إلى «سان سيباستيان».

محمد رُضا (لندن)
سينما «المستعمرة» (ماد سوليوشن)

شاشة الناقد: المستعمرة

بعد بداية تُثير القلق حول مستوى الفيلم، تتبدَّى الخيوط على نحوٍ أوضح يقود المخرج الجديد محمد رشاد فيلمه صوب نتائج فنية ملائمة لما يريد الحديث فيه وكيف.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)

«ليالي روكسي»... حكايةُ ولادة أول فيلم سينمائي سوري

للمسلسل مزاجه، وقد يراه البعض بطيئاً ومملاً. لا تتسارع الأحداث ولا تتزاحم المفاجآت، بقدر ما يتمهَّل برسم ملامح زمن ساحر تلفحه ذكريات الأوقات الحلوة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق إيفان فوند خلال تسلمه الجائزة على المسرح في برلين (إدارة المهرجان)

المخرج الأرجنتيني إيفان فوند: السينما مساحة للتجربة والدهشة

وصف المخرج الأرجنتيني، إيفان فوند، «السينما بأنها مساحة للتجربة والدهشة تعيدنا إلى الطفولة».

أحمد عدلي (القاهرة)

رحيل أيقونة المسرح اللبناني أنطوان كرباج

الممثل اللبناني الراحل أنطوان كرباج (أ.ف.ب)
الممثل اللبناني الراحل أنطوان كرباج (أ.ف.ب)
TT

رحيل أيقونة المسرح اللبناني أنطوان كرباج

الممثل اللبناني الراحل أنطوان كرباج (أ.ف.ب)
الممثل اللبناني الراحل أنطوان كرباج (أ.ف.ب)

توفي الممثل اللبناني أنطوان كرباج، اليوم (الأحد)، عن عمر ناهز 90 عاماً بعد أن أمضى سنواته الأخيرة في أحد مستشفيات بيروت فاقداً للذاكرة بفعل مرض ألزهايمر.

وقالت نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان في بيان: «غادرنا عظيم من بلادنا. بدأ حياته ملكاً وبقي كذلك طيلة مسيرته الفنية. قامة مسرحية ودرامية أغنت المكتبة الإبداعية بالعديد من الأعمال العظيمة خاصة على المسرح الجاد والاستعراضي مع العمالقة الأخوين الرحباني والأيقونة اللبنانية السيدة فيروز».

ولد كرباج عام 1935 في قرية زبوغا بمحافظة جبل لبنان وبدأ مسيرته الفنية مطلع الستينات حين التحق بمعهد المسرح الحديث التابع للجنة مهرجانات بعلبك الدولية بإدارة منير أبو دبس.

أدى كرباج أدواراً بارزة في عدد من مسرحيات الأخوين رحباني وجسد شخصيات تتطلب أداء مركباً مثل «فاتك المتسلّط» في مسرحية «جبال الصوان»، و«الملك غيبون» في مسرحية «ناطورة المفاتيح»، و«الوالي» في «صح النوم»، و«القائد الروماني» في مسرحية «بترا»، و«اليوزباشي عسّاف» في «صيف 840».

أجاد أدوار الشر والخير على حد سواء في الدراما التلفزيونية منذ تجسيده شخصية «جان فلجان» في مسلسل «البؤساء» لفيكتور هوغو عام 1974.

وتوالت مسلسلاته التي تنوعت بين الشعبية والمستوحاة من الأعمال الأدبية، فقدم مسلسل «ديالا» مع الفنانة اللبنانية الراحلة هند أبي اللمع، ومسلسل «لمن تغني الطيور»، ومسلسل «أوراق الزمن المر» مع منى واصف وجوليا بطرس.

لمع في مسلسل «بربر آغا» الذي كتب له القصة والسيناريو والحوار أنطوان غندور وأخرجه باسم نصر لتلفزيون «لبنان» عام 1979.

وعلى المسرح أدى كرباج أدواراً تنقل فيها بين روايات الأدب العالمي مثل «ماكبث» للإنجليزي ويليام شكسبير، و«الذباب» للفرنسي جان بول سارتر.

تقلد منصب نقيب الممثلين في لبنان من عام 2005 إلى عام 2009.