كشفت دراسة جديدة، أجراها باحثون من جامعتي كاليفورنيا الأميركية وتورنتو الكندية، عن أن ممارسات الوالدين في التعامل مع الوسائط الإلكترونية تلعب دوراً رئيسياً في تشكيل استهلاك الأطفال لألعاب الفيديو والأفلام المصنفة للكبار.
ووجد الباحثون أن عادات الآباء الخاصة بالشاشات -مثل استخدام الشاشات أمام أطفالهم والسماح باستخدامها خلال الوجبات أو في أثناء الوقت المخصص للنوم- تزيد بشكل كبير من احتمالية تفاعل الأطفال مع الوسائط الإلكترونية المخصصة للبالغين.
وتؤكد الدراسة المنشورة في مجلة طب الأطفال «بي إم سي (BMC)» الدور الحاسم الذي يلعبه الآباء في تشكيل استهلاك أطفالهم للوسائط.
يقول المؤلف الرئيسي جيسون إم. ناجاتا، أستاذ مشارك في طب الأطفال في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، في بيان صادر الأربعاء: «ظهر استخدام الشاشات في غرفة النوم بوصفه أقوى مؤشر على استهلاك الوسائط للبالغين. عندما يكون لدى الأطفال وصول غير مقيد إلى الشاشات، خصوصاً في غرف نومهم، فإن هذا يفتح الباب أمام التعرض غير المقيد للمحتوى غير المناسب لأعمارهم».
من ناحية أخرى، ارتبطت المراقبة الأبوية الاستباقية والقواعد الواضحة للوسائط بانخفاض استهلاك المحتوى للبالغين. ومن المثير للاهتمام أن الدراسة وجدت أن استخدام وقت الشاشة بوصفه مكافأة كان مرتبطاً بانخفاض تعرض الأطفال للوسائط المخصصة للبالغين، في حين ارتبط حرمان الأطفال من الشاشات بوصفه عقاباً بمزيد من التعرض -مما يشير إلى أن كيفية تنظيم الآباء للوقت المخصص للتعرض للشاشات أمر مهم.
يقول ناجاتا: «تعزز نتائجنا أهمية وضع قواعد واضحة ومتسقة حول استخدام الوسائط». ويضيف: «توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال الأسر بإنشاء خطة إعلامية عائلية لوضع الحدود والتشجيع على الابتعاد عن الشاشات، خصوصاً في أثناء الوجبات ووقت النوم».
ومع استمرار ارتفاع وقت استخدام الأطفال للشاشات الخاصة بأجهزة الاتصال المحمولة مثل الهواتف الذكية والكمبيوتر الشخصي، يزداد تعرضهم للمحتوى الإلكتروني غير المناسب لأعمارهم، بما في ذلك الأفلام المصنفة للكبار وألعاب الفيديو العنيفة.
حللت الدراسة بيانات من 10054 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 12 و13 عاماً ضمن «دراسة التطور المعرفي لدماغ المراهقين (ABCD)» التي جرى إعدادها على مستوى البلاد، وتعد أكبر دراسة طويلة الأمد تدرس تطور الدماغ في الولايات المتحدة.
وكشفت دراسة «ABCD» مؤخراً عن أن نحو ثلثي المراهقين (الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و12 عاماً) لديهم حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي لأطفال دون السن القانونية، على الرغم من أن معظم المنصات تتطلب من المستخدمين أن يكونوا في سن 13 عاماً على الأقل.
يقول المؤلف المشارك كايل تي جانسون، أستاذ مساعد في كلية فاكتور-إنوينتاش للعمل الاجتماعي بجامعة تورنتو الكندية، في بيان صادر الأربعاء: «نظراً إلى أن استهلاك المراهقين للأفلام المصنفة للكبار وألعاب الفيديو للبالغين مرتبط بضعف الأداء الأكاديمي، وصراعات الصحة العقلية، وتعاطي المخدرات، والقضايا السلوكية، فإن هذه الدراسة تكشف عن الدور الحاسم الذي يلعبه الآباء في التأثير على أنماط استخدام الأطفال للشاشات».
ويضيف: «نأمل أن تعمل نتائجنا على تمكين الآباء من خلال توفير خطوات عملية يمكنهم اتخاذها لمساعدة الأطفال على تطوير عادات استخدام أكثر صحة للشاشات».
يقول ناجاتا: «إن أحد العوامل الرئيسية في تعرض الطفل للمحتوى المخصص للكبار هو مقدار الوقت الذي يقضيه والداه أمام الشاشات. غالباً ما يقتدي الأطفال بعادات استخدام الشاشات بوالديهم، لذا فإن تقديم مثال إيجابي يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً».