مصر: محدودو الدخل بوسعهم الحصول على الترفيه رغم الغلاء

كورنيش النيل والحدائق العامة والقاهرة الخديوية من الملاذات الجاذبة

التمشية على النيل نزهة منخفضة التكلفة (الشرق الأوسط)
التمشية على النيل نزهة منخفضة التكلفة (الشرق الأوسط)
TT

مصر: محدودو الدخل بوسعهم الحصول على الترفيه رغم الغلاء

التمشية على النيل نزهة منخفضة التكلفة (الشرق الأوسط)
التمشية على النيل نزهة منخفضة التكلفة (الشرق الأوسط)

وقفت ندى عادل، 28 عاماً، أمام رسّام يخطّ الوجوه بأشكال كرتونية وألوان زاهية، تنتظر أن ينتهي من رسمة لأحد أبنائها، وهي تراقبه في سعادة، خلال نزهتهم «قليلة التكلفة» في حديقة الحرية وسط القاهرة، والتي باتت ضمن نزهات تعكس قدرة على التكيف في مواجهة الأزمات، لا سيما الغلاء.

وتعاني مصر أزمة اقتصادية ممتدة منذ سنوات، ووصلت نسبة التضخم في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى 24.1 في المائة، بينما تذهب التقديرات إلى أن ثلث المصريين يعانون الفقر، حسب ما أعلنه البنك الدولي في أبريل (نيسان) 2024.

أطفال يلعبون الكرة في حديقة «الحرية» وسط القاهرة (الشرق الأوسط)

ورغم ذلك، فإن محدودي الدخل في مصر ما زالوا قادرين على اقتناص أوقات ممتعة بأقل التكاليف، سواء بقصد حديقة عامة، أم «تمشية» على النيل أم بالسير في شوارع القاهرة التاريخية أو الفاطمية، أم بالذهاب إلى السينما في حالة اقتطاع مبلغ من الميزانية التي تثقلها بنود الطعام والشراب والمدارس، فيذهبون إلى السينما أو عرض مسرحي، بينما باتت النزهة الأكثر انتشاراً بين صفوف المراهقين تناول وجبة في أحد مطاعم الوجبات السريعة التي تشهد زحاماً معتاداً.

ابن ندى عادل يرسم على وجهه خلال نزهة مع بدء الإجازة المدرسية (الشرق الأوسط)

ندى التي تقيم في منطقة الهرم المكتظة بالسكان تفضل التنزه في الحداق العامة التي تتيح لأطفالها الثلاثة فرصة للجري واللعب. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «ندبر مصروفات فسحة الإجازة، بحسابات دقيقة ونقاش مع أولادي قبل الخروج؛ حتى لا يطمعوا في شيء أكبر من ميزانيتنا، ونقصد عادة حديقة أم كلثوم في المنيل، حيث يوجد بها ألعاب للأطفال، لكن بعد غلقها قصدنا حديقة الحرية التي يبلغ سعر تذكرة دخولها 20 جنيهاً (الدولار الأميركي يعادل 50.35 جنيه مصري).

وجبات سريعة

في شارع شريف وسط القاهرة، وقف محمد سامي و4 من رفقائه أمام مطعم مأكولات جاهزة، ينتظرون تسلُّم الطعام، ضمن نزهة تتضمن بندين «التمشية في شوارع وسط القاهرة» و« دخول السينما».

جاء سامي وأصدقاؤه، وهم في الصف الثالث الإعدادي بمدرسة حكومية، من منطقة شبين القناطر في محافظة القليوبية (دلتا مصر) إلى وسط القاهرة الخديوية للتنزه، في رحلة تتكرر بالإجازة المدرسية والأعياد فقط.

يوسف وصديقه يتأملان النيل قبل توجههما لمباراة الأهلي وبيراميدز (الشرق الأوسط)

وتعد منطقة وسط القاهرة بشوارعها العتيقة، ومحالها التجارية المتنوعة، مقصداً رئيسياً للترفيه قليل التكلفة، خصوصاً أن مطاعمها تمتاز بالتنوع سواء في قوائم الطعام أو المبلغ الذي تحتاجه لتناول وجبة؛ فتجد عربات في الشارع، ومحال بسيطة في شوارع جانبية، ومطاعم كبيرة تعتمد على العروض لجذب الزبائن.

قدرة على التكيف

ووفق الباحث في الأنثروبولوجيا وليد محمود فإن المصريين مشهورون بقدرتهم على التكيف تحت أي ظرف، والترويح عن أنفسهم وقت الأزمات بأقل الإمكانات الممكنة، مشيراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى «تعدد خيارات التنزه في مصر، والتي تتيح لكل الطبقات خيارات، أبسطها التمشية على النيل».

ورغم عدم وجود تقديرات حديثة لمعدلات إنفاق المصريين على الترفيه، فإن آخر إحصاء أصدره الجهاز المركزي للإحصاء في عام 2019 - 2020، أظهر أن المصريين ينفقون 2.3 في المائة فقط من إجمالي دخلهم على الترفيه.

حديقة «الحرية» العامة في وسط القاهرة (الشرق الأوسط)

وشهدت مصر موجات متتالية من ارتفاع أسعار كافة السلع الغذائية والمواصلات والخدمات، نتيجة تدهور قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية خلال السنوات الماضية، ما عرَّض ملايين الأسر إلى ضغوط اقتصادية لافتة، جعلت الاهتمام بتدبير الاحتياجات الأساسية كالمواد الغذائية من أبرز الأولويات الأسرية، بجانب الإنفاق على التعليم، فوفقاً لتقرير جهاز الإحصاء فإن متوسط الإنفاق السنوي للأسرة على التعليم بلغ نحو 12 في المائة، ووفق متابعين، فإن هذه الأرقام لا تعكس موجات التضخم الأخيرة بسبب تراجع قيمة الجنيه بشكل لافت خلال الأعوام التي تلت جائحة «كورونا».

شباب وعائلات ينتظرون أمام محال لبيع الوجبات الجاهزة (الشرق الأوسط)

وتعد نزهة النيل «الأرخص على الإطلاق»، وفق محمود، إذ لا تحتاج إلى أي مصاريف، فقط بضعة جنيهات لشراء «ذرة مشوي» أو «بطاطا» أو «حمص».

يوسف محمد وهو شاب على مشارف العشرين، واحد ممن يفضلون هذه النزهات التي تتيح له قدراً من الهدوء والتأمل، خصوصاً إذا كان سيلحقها ضجيج المدرجات وحماس الهتاف في مباراة كرة قدم.

جاء يوسف من الإسكندرية بصحبة صديقه، قاصداً مشاهدة مباراة بين ناديه «الأهلي» ومنافسه «بيراميدز». لم تتكلف رحلته سوى 250 جنيهاً تقريباَ، مستقلاً قطاراً «درجة ثالثة» تذكرته 50 جنيهاَ، وحجز تذكرة المباراة في مدرجات الدرجة الثالثة بـ75 جنيهاً، والباقي لتناول وجبة خفيفة.

مجموعة أصدقاء يتنزهون بتمشية وطعام وسينما (الشرق الأوسط)

يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يحب أن يتمشى على النيل كل مرة يأتي فيها للقاهرة، أما في محافظته «فلا فرص أكثر من الترفيه منخفض التكلفة، حيث يتراص المتنزهون على الكورنيش، يتمتعون بمنظر البحر».


مقالات ذات صلة

الرحّالة الأردني عبد الرحيم العرجان: «درب البدو» بسيناء ملهم

يوميات الشرق فريق الرحلة مع أصدقاء مصريين التقوا بهم في الطريق (الشرق الأوسط)

الرحّالة الأردني عبد الرحيم العرجان: «درب البدو» بسيناء ملهم

بعد تدريب وإعداد خاص لقطع مسافات طويلة، اجتاز العرجان شبه جزيرة سيناء المصرية ضمن «الدرب النبطي التاريخي».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
الاقتصاد سائحون وزحام في شارع تايم سكوير بوسط نيويورك (رويترز)

تراجع عدد السائحين إلى أميركا 12 % في مارس

تراجع عدد السائحين الأجانب إلى الولايات المتحدة بنسبة 12 في المائة في مارس (آذار)، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حسبما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق مسلة الأقصر في ساحة الكونكورد بوسط باريس (أرشيفية - أ.ب)

فكّ رموز رسائل سرية على مسلة الأقصر في باريس

كشف عالم مصريات فرنسي ما وصفه بالرسائل السرية في النقوش الهيروغليفية على مسلة الأقصر في باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد إحدى الطائرات التابعة لـ«الخطوط السعودية» (الموقع الإلكتروني)

بنمو سنوي 9 %... «الخطوط السعودية» تنقل 9 ملايين مسافر في الربع الأول

نقلت مجموعة «الخطوط السعودية» أكثر من 9 ملايين ضيف خلال الربع الأول من العام الحالي، بزيادة 9 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (جدة)
سفر وسياحة قصر الريجنسي بمدينة برايتون ألهم مجموعة من المجوهرات بطبيعته ومعماره (غيتي)

اكتشف أفضل المدن الفنية في أوروبا

العطلة هي فرصة مثالية لاستكشاف الفن والثقافة، ولهذا، فلا داعي للسفر بعيداً، حيث تنتظرك بعض المدن الجميلة بالقرب منك. من المتاحف الفنية إلى العروض المسرحية،

«الشرق الأوسط» (لندن)

«نقابة الإعلاميين» بمصر تعلن أن سارة خليفة «منتحلة صفة»

سارة خليفة (حسابها بـ«إنستغرام»)
سارة خليفة (حسابها بـ«إنستغرام»)
TT

«نقابة الإعلاميين» بمصر تعلن أن سارة خليفة «منتحلة صفة»

سارة خليفة (حسابها بـ«إنستغرام»)
سارة خليفة (حسابها بـ«إنستغرام»)

تصدر اسم المنتجة سارة خليفة، التي عملت لسنوات مذيعة بعدد من القنوات الفضائية، «الترند»، بموقع «غوغل»، الاثنين، بعد القبض عليها خلال الساعات القليلة الماضية، مع تشكيل عصابي وبحوزتهم كمية من المخدرات، وفق بيان وزارة الداخلية المصرية.

وعلى أثر الواقعة، أصدرت نقابة «الإعلاميين» بياناً نفت فيه انتماء سارة خليفة للنقابة، وأكد البيان الصادر، الاثنين، أن «سارة خليفة منتحلة صفة، وليست إعلامية»، وأوضحت النقابة أن المتهمة في قضية الاتجار بالمخدرات ليست إعلامية، لأنها ليست مقيدة بالنقابة، وغير حاصلة على تصريح مزاولة المهنة.

ووفق البيان، فإن المادة الأولى من قانون تنظيم الإعلام توضح أن الإعلامي هو كل مقيد بـ«نقابة الإعلاميين»، لذلك فإن خليفة منتحلة صفة إعلامية، وهي جريمة يعاقب عليها القانون جنائياً بالحبس وفقاً للمادة 88 من قانون النقابة رقم 93 لسنة 2016.

وكشف بيان النقابة أن لديهم ملفاً يتم العمل عليه منذ سنوات، ويتضمن «منتحلي صفة إعلامي»، بالإضافة للكيانات الوهمية التي تم تقديمها للجهات المختصة، وإغلاق الكثير منها في القاهرة، والمحافظات بمصر.

ملصق بيان «نقابة الإعلاميين» بمصر (فيسبوك)

وقدمت سارة خليفة برامج عدة، كان آخرها برنامج «سارة وبيكا أو بيكا وسارة»، والذي عرض عبر إحدى القنوات المصرية، وشاركها تقديمه مؤدي المهرجانات حمو بيكا، حسب لقطات من البرنامج نشرتها خليفة عبر حسابها الرسمي بموقع «إنستغرام».

من جانبه أكد نقيب الإعلاميين، وعضو مجلس الشيوخ المصري الدكتور طارق سعدة، أن سارة خليفة كانت تعمل بالإعلام دون قيد، أو تصريح من النقابة، وذلك بالمخالفة للقانون، لافتاً إلى أنها لا تعمل حالياً في أي وسيلة إعلامية، ولا يمكن إطلاق مسمى إعلامية عليها، وفقاً لقانون تنظيم الإعلام.

وأكد سعدة لـ«الشرق الأوسط» أنه «سيتم التنسيق مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه القناة التي عملت فيها خليفة، بجانب قنوات أخرى تسمح بممارسة النشاط الإعلامي لغير المقيدين بالنقابة، أو حاصلين على تصريح مزاولة المهنة، وقد تصل العقوبة لغلق الوسيلة الإعلامية».

ولفت سعدة إلى أن «القانون يحاسب الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة الرسمية والخاصة بمصر»، موضحاً أن «هناك الكثير من القرارات التي يتم اتخاذها ضد وسائل إعلامية تسمح بممارسة النشاط من دون قيد بالنقابة، ولكن دون الإعلان عنها، حيث يتم التعامل مع منتحلي الصفة، وتقديمهم للجهات الرسمية بالدولة».

وحول موقف النقابة القانوني تجاه سارة خليفة، أوضح سعدة أن «القانون ينص على أن وجودها قيد التحقيقات بالنيابة العامة يغلّ كافة الإجراءات التابعة لأي مؤسسة بالدولة»، مؤكداً أن النقابة ستتقدم ببلاغ، وسيتم التعامل معه بعد القضية الأساسية التي تخضع لها حالياً وفقاً للقانون المصري الذي يتيح العمل بقانون النقابة بعد التنسيق مع القوانين الأخرى ذات الصلة.

سارة خليفة (حسابها بـ«إنستغرام»)

وحسب بيان وزارة الداخلية المصرية، فإن المعلومات والتحريات بقطاع مكافحة المخدرات والأسلحة والذخائر غير المرخصة بالتنسيق مع الجهات المعنية بالوزارة أكدت قيام عناصر تشكيل عصابي بمحاولة جلب كميات من المواد الخام المكونة لمخدر «الحشيش الاصطناعي»، واستخدامهم لشقتين سكنيتين بالقاهرة كمعملين لخلط وتهيئة المواد تمهيداً للاتجار بها.

وتضمن بيان الوزارة أنه عقب تقنين الإجراءات، تم ضبط عناصر التشكيل وبحوزتهم «كمية كبيرة من مخدر الحشيش الاصطناعي بلغت 200 كيلوغرام، و(المواد الخام، والآلات، والأدوات المستخدمة في خلط وتهيئة المواد المخدرة)، وكذلك «كمية من المشغولات الذهبية، والمبالغ المالية (عملات محلية وأجنبية)»، و5 سيارات من متحصلات نشاطهم الإجرامي، حيث تقدر القيمة المالية للمواد المخدرة المضبوطة 420 مليون جنيه، وفق بيان وزارة الداخلية.

وأمرت جهات التحقيق بحبس المنتجة سارة خليفة، وخمسة متهمين آخرين، أربعة أيام على ذمة التحقيقات في قضية تتعلق بتكوين تشكيل عصابي لتصنيع وترويج المواد المخدرة. وفق وسائل إعلام محلية.