مُخرجة فيلم «انفصال» أنجيلا مراد: العالم الآلي يُخيفني والخطر ينتظرنا

تقول لـ«الشرق الأوسط» إنها تؤمن بقوة السينما على المجتمعات

فيلم «انفصال» من النوع الخيالي يُحاكي العالم الآلي (أنجيلا مراد)
فيلم «انفصال» من النوع الخيالي يُحاكي العالم الآلي (أنجيلا مراد)
TT

مُخرجة فيلم «انفصال» أنجيلا مراد: العالم الآلي يُخيفني والخطر ينتظرنا

فيلم «انفصال» من النوع الخيالي يُحاكي العالم الآلي (أنجيلا مراد)
فيلم «انفصال» من النوع الخيالي يُحاكي العالم الآلي (أنجيلا مراد)

تدقّ المخرجة اللبنانية أنجيلا مراد ناقوس الخطر حيال الإنسانية، وعبر فيلمها «انفصال» (Abreaction) تتناول موضوعاً سينمائياً يخرج عن المألوف، فتروي قصة الشابة «تيسا» التي تقع في حبّ رجل آلي (روبوت)، وتقرّر مغادرة كوكب الأرض والموت للحاق بعالمه، ثم تندم وتجتهد لاستعادة الإنسانة فيها، لاكتشافها بأنّ عالم الآلات والذكاء الاصطناعي مجرّد وهم وكذبة؛ فلا مشاعر تسكنه ولا قلوب تنبض فيه بالحبّ.

تقول الفنانة لـ«الشرق الأوسط» إنّ فكرة العالم الآلي وتحكّمه بكوكب الأرض تُرعبها. وتتابع: «تخيفني كثيراً وأتوقّع معها خطراً حقيقياً على الإنسان. فكلّ هذه الاختراعات تسهم في القضاء علينا بوصفنا بشراً. ومن هذا الباب، قرّرتُ رفع الصرخة لنصمد بوجه عدوّ فتّاك لن يرحمنا».

من خلال فيلمها ترفع الصرخة للحفاظ على الإنسان (أنجيلا مراد)

لا تأتي فكرة الفيلم من عبث، وإنما من بحوث وقصص اطَّلعت عليها أنجيلا مراد، فتروي قصة حقيقية جرت في أميركا عن صبي تعلّق بتطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى حدّ كبير، وأُغرم بفتاة صنعها هذا الاختراع. وعندما طالبها بزيارته، عرضت عليه الذهاب إلى عالمها، إذ من المستحيل أن تزور كوكب الأرض. توضح الفنانة: «عندما طالبته بالمجيء إليها، وضع الصبي حداً لحياته فانتحر للقائها! والدته اكتشفت الأمر بُعيد موته، واطَّلعت على رسائله مع الفتاة الإلكترونية، فأقامت دعوى قضائية على الشركة المُصنّعة للتطبيق الذي استخدمه ابنها».

فيلم «انفصال» (30 دقيقة) من النوع الخيالي، وينتمي إلى فئة شرائط الـ«لايف أكشن والأنيمايشن». تتحدّث أنجيلا مراد عن عالم «الروبوت» وخطره على الإنسان، وتستشهد بأحد أكبر المستثمرين في هذا المجال إيلون ماسك: «صرّح مؤخراً أنه بعد 15 عاماً من اليوم ستحكم (الروبوتات) العالم. فالخطر حقيقي وليس مجرّد فكرة واهية يمكننا التغاضي عنها».

استعانت ببحوث ودراسات لحَبْك فيلم يُعاصر الواقع (أنجيلا مراد)

في «انفصال»، تقدّم رؤية إخراجية مختلفة اعتمدت فيها على شخصيات افتراضية رسمتها بنفسها. حتى أغنية الفيلم نفّذتها عن طريق الذكاء الاصطناعي بعدما اخترعت صوتاً نسائياً ينشدها: «هي من كلماتي وألحاني، نفّذتها وابتكرت صوتها عبر الكومبيوتر. موضوعها مونولوغ يحدُث بين (تيسا) الإنسانة و(تيسا) الآلة».

تهدف مراد من خلال الفيلم الذي استوحته من لوحة رسمتها بريشتها، إلى إيصال فكرة أساسية لمشاهديه: «نعيش تحت تأثير ثورة تُدمّر الإنسان؛ نحن اخترعناها. وبعدما كان هدفها مساعدته، انقلبت ضدّه. فحاولتُ أن أحمّل فيلمي رسالة بعنوان عريض يتعلّق بالعودة إلى الذات. المطلوب اليوم الرجوع إلى إنسانيتنا لنصمد بوجه هذه الثورة».

«انفصال» ليس الأول في مسيرة أنجيلا مراد. سبق أن قدّمت أفلاماً أخرى تنبع من قصص واقعية، أبرزها «تاء التأنيث» عن تمكين المرأة، كما يطلّ على موضوعَي الأم العزباء والأطفال مكتومي القيد. فالمخرجة اللبنانية تحمل راية الإنسانية من نواحٍ مختلفة. تقول علناً إنها ضدّ هذا التطور الإلكتروني الذي يتّسع وينتشر يوماً بعد يوم. وتضيف: «في (انفصال)، قرّرت ركوب موجة التطوّر هذه، فأواكب العصر والمستقبل. وإذا ما نظرنا إلى الإنسان، لاحظنا تأثير هذا التطوّر السلبي عليه. الجميع يمشي مُطأطئ الرأس، منشغلاً بجهازه الخليوي. والأغلبية انقطعت علاقتها الاجتماعية بعضها مع بعض. صرنا نشبه تلك (الروبوتات) بشكل أو بآخر. لذلك علينا أن ننتفض ونعي الخطر الزاحف نحونا. وهو ما سيسمح لنا بالحفاظ على ما تبقى من قيمنا الإنسانية».

يستعد «انفصال» للمشاركة في مهرجانات سينمائية عالمية (أنجيلا مراد)

تشارك مراد عضوة في لجان تحكيم مهرجانات سينمائية عدة، من بينها تلك التي تحمل أسماء دول الهند (بوليوود)، وروشاني، والبرازيل، ونيجيريا، وغيرها؛ فما معاييرها المُتَّبعة في عملية التحكيم؟ تردّ: «أبحث دائماً عن عنصر الجمال في أي فيلم يشارك في المهرجانات. في سنّ أصغر، وقبل دراساتي العليا في السينما، كانت رؤيتي مختلفة. اليوم صرتُ أكثر نضجاً وحرفية. أدركتُ أنّ لكل عمل سينمائي جماليته، مهما اختلفت موضوعاته. وهذا الجمال قد يكمن في الصورة، أو أداء الممثل وعملية المونتاج وغيرهما».

يستعد «انفصال» للمشاركة في عدد من المهرجانات السينمائية حول العالم. وعما إذا سيُعرض في لبنان تجيب: «نعمل على ذلك، وليس ثمة موعد محدّد بعد». وتختم أنجيلا مراد حول رؤيتها الإخراجية المستقبلية: «أومن بقوة السينما على المجتمعات. فلها تأثيرها لإسهامها في صناعة التغيير. سأسير في طريقي انطلاقاً من مبدأ الإنسانية. سبق أن قدّمت أفلاماً من واقع الحياة، وأخرى فلسفية ووثائقية. وأتطلّع لإكمال مشواري على هذا المنوال، فأخدم المجتمعات من خلال السينما».


مقالات ذات صلة

فيلمان جديدان عن أعتى الوحوش... فرانكنشتاين يعود في الخريف والربيع

يوميات الشرق من «فرانكنشتاين» لغييرمو ديل تورو (نتفليكس)

فيلمان جديدان عن أعتى الوحوش... فرانكنشتاين يعود في الخريف والربيع

فرانكنشتاين ووحشه عائدان بقوّة، والصرخة التي أيقظت هوليوود نتج عنها فيلمَان جديدَان سيُطلقان خلال الأشهر المقبلة.

محمد رُضا (لندن)
سينما من «قرار تنفيذي» (ناشيونال جنرال بيكتشرز)

أفلام عن جون كيندي تناولت اغتياله

استجابة لأمرٍ تنفيذيٍّ أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رُفعت السرية عن الوثائق المتعلّقة باغتيال ثلاثة من السياسيين الأميركيين وهم جون كيندي وشقيقه روبرت....

محمد رُضا (لندن)
سينما «عندما يومض البرق فوق البحر» (مهرجان برلين)

شاشة الناقد: فيلمان في «مهرجان برلين»

«عندما يومض البرق فوق البحر» مأخوذ من عبارة لصبي ترد قبل نهاية الفيلم، يصف بها أحلامه في بلدة أوديسا غير البعيدة عن لهيب الحرب بين أوكرانيا وروسيا.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الدشاش» شهد عودة محمد سعد إلى السينما بعد سنوات (الشركة المنتجة)

إيرادات هزيلة للسينما المصرية خلال موسم رمضان

طقوس موسم رمضان واجتذاب المسلسلات للناس وراء هذا الانخفاض الملحوظ في الإيرادات السينمائية، والذي يُتوقّع استمراره حتى موسم عيد الفطر.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق محمد سامي (فيسبوك)

المخرج المصري محمد سامي يعلن اعتزاله... ومطالبات بتراجعه

أعلن المخرج المصري محمد سامي، اليوم (الخميس) اعتزاله الإخراج التلفزيوني بعد رحلة استمرت نحو 15 عاماً، قدم خلالها العديد من الأعمال الفنية الدرامية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إطفاء الأضواء حول العالم بمناسبة «ساعة الأرض»

أشخاص يشاهدون إطفاء أنوار برج إيفل في باريس للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)
أشخاص يشاهدون إطفاء أنوار برج إيفل في باريس للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)
TT

إطفاء الأضواء حول العالم بمناسبة «ساعة الأرض»

أشخاص يشاهدون إطفاء أنوار برج إيفل في باريس للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)
أشخاص يشاهدون إطفاء أنوار برج إيفل في باريس للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)

غرقت معالم شهيرة وآفاق مدن حول العالم في الظلام، يوم السبت، مع انضمام الملايين إلى حملة ساعة الأرض، وهي مبادرة عالمية أطلقتها منظمة «الصندوق العالمي للطبيعة» للدعوة إلى تحرك عاجل لمواجهة التغير المناخي ووقف فقدان الطبيعة والتنوع البيئي.

ومن آسيا إلى أوروبا، أطفأت المباني الكبيرة والصغيرة أنوارها في رسالة تضامن رمزية مع كوكب الأرض، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

إضاءة الأنوار في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان بعد إطفائها لمدة ساعة (أ.ف.ب)

وبدأت موجة الإظلام التدريجي من نيوزيلندا، حيث غطت الظلمة برج سكاي تاور وجسر هاربور بريدج في أوكلاند، بالإضافة إلى مباني البرلمان في ويلينغتون عند الساعة (08:30) مساء بالتوقيت المحلي. كما شارك العديد من المعالم والمباني في مختلف أنحاء البلاد في هذا الحدث، إيذاناً ببدء الفعالية العالمية.

ومع انتقال ساعة الأرض إلى الغرب، تبعتها معالم أخرى، بما في ذلك دار الأوبرا في سيدني، وحدائق الخليج في سنغافورة، ومعبد وات آرون في بانكوك، وبوابة براندنبورغ في برلين، والكولوسيوم في روما، وعين لندن.

أشخاص يشاهدون إطفاء أنوار برج إيفل في باريس للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)

وقال حاكم العاصمة التايلاندية تشادشارت سيتيبونت: «كل ضوء يطفأ هو خطوة نحو مستقبل مستدام».

أشخاص يقفون أمام بوابة براندنبورغ في برلين قبل إطفاء أنوارها للمشاركة في حملة ساعة الأرض (د.ب.أ)

وفي برلين، تجمع المارة عند بوابة براندنبورغ التي خيّم عليها الظلام في الساعة (08:30) مساء، ورددوا أغنيات احتفالاً بهذه اللحظة.

أضواء الكولوسيوم في روما قبل إطفائها للمشاركة في حملة ساعة الأرض (إ.ب.أ)

ونمت حملة «ساعة الأرض»، التي بدأت في أستراليا عام 2007، لتصبح حركة عالمية. وأصبحت الشوارع بأكملها وأفق المدن والمعالم البارزة تظلم بشكل روتيني للفت الانتباه إلى أزمة المناخ.