أثار إعلان جامعة الأزهر توجهها لدراسة «تعريب العلوم»، وتشكيل لجانٍ لبحث «تعريب المقرّرات الدراسية» في كلية الطب، جدلاً واسعاً على «السوشيال ميديا»، وتصدرت القضية «التريند» على منصة «إكس» في مصر، الخميس، تحت عنواني «اللغة العربية» و«جامعة الأزهر»، وسط تعليقات متباينة؛ بين من يرحب بالخطوة، ومن يعارضها، ومن يدعو لتنفيذها بشروط وضوابط.
وكانت صفحات «سوشيالية» ومواقع محلية قد نشرت قرارات منسوبة لرئيس جامعة الأزهر تتناول التوجه لـ«تعريب العلوم»، خصوصاً في كليات الطب والصيدلة والطب النفسي، مع إحالة الأمر للجان تضمُّ متخصصين لدراسته.
وأثارت تلك المنشورات آراء متباينة، عدّها بعضهم خطوة إيجابية ومرحباً بها. وأبرزت صفحات «سوشيالية» القرار، معلقة عليه بالإيجاب، وأنه لا بدّ أن يكون قدوة للدول الإسلامية الأخرى، مع الحرص على إتقان اللغات الأجنبية لضمان الانفتاح على المستجدات العلمية العالمية.
مبادرة الإخوة المصريين تستحق كل التقدير والإشادة،نتمنى أن تقتدي المؤسسات المغربية بهذه الخطوة،وأن تبادر بتعريب تدريس الطب والعلوم عمومًا بأسلوب مدروس ومنهجي، يضمن نقل المعرفة بشكل سلس دون التأثير على جودة التعليم أو مستوى التكوين الطبي.اللغة العربية قادرة على استيعاب العلوم pic.twitter.com/8Oc4Pqhbxt
— بالمَغْرِبي الفَصِيح (@lahjat_bladi) January 22, 2025
في حين رأى بعضهم أن الأمر قد يكون طبيعياً وملائماً لجامعة الأزهر؛ نظراً لطبيعتها الخاصة واهتمامها بتدريس العلوم الشرعية.
بمناسبة القرار ده انا مش فاهم ليه الناس هاريه نفسهم علي عدم تطبيقهياعم ياللي بتفهم انت وهوبيقولك جامعه الازهر جامعه الازهريعني لا جامعه عين شمس ولا القاهره ولا اسكندريهخلاص يبقي كده زي الفلهم اساسا اساسًا خريجين جامعه الازهر بيدرسوا مواد إسلامية بغض النظر في اي كليه pic.twitter.com/lCZvTXQ75z
— Alaa Alashry (@alashry1971) January 23, 2025
بينما علقت شخصيات عامة، مثل الدكتور خالد منتصر، على هذا التّوجه، وكتب أكثر من تعليق على صفحته في «فيسبوك»، من بينها: «خريج كلية طب الأزهر بدلاً من إصدار كارنيه نقابة الأطباء سيحصل على كارنيه مجمع اللغة العربية، وبدلاً من قسم أبقراط، سيقول ألفية ابن مالك».
وأصدر المركز الإعلامي لجامعة الأزهر بياناً، الأربعاء، بشأن ما يُتداول في توجيه الدراسة باللغة العربية في قطاعات الطب، والصيدلة، وطب الأسنان، مؤكداً أن الذي يجري حالياً «هو دراسة علميَّة متأنية في إمكانية تعريب العلوم الطبية، ومدى قابلية ذلك للتطبيق، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الأبعاد الأكاديمية والتقنية والتطبيقيَّة لضمان تحقيق أفضل معايير التعليم الطبي، وتلبية احتياجات الطلاب والمجتمع على حدٍّ سواء»، وفق البيان الذي أضاف أن «أي قرارات تتعلّق بهذا الشأن ستصدر بعد الانتهاء من الدراسات والمناقشات العلمية اللازمة بما يخدم المصلحة العامة، وأن جامعة الأزهر ملتزمة دائماً في تطوير العملية التعليمية بما يواكب التقدُّم العلمي، ويلبّي تطلعات الطلاب والمجتمع».
من جانبه، أوضح أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر الدكتور محمد المهدي أن تبنّي مسألة تعريب العلوم تعود إلى مساعٍ للتوافق بين لغة المريض ولغة الطبيب ولغة العلم، «وهذا هو الوضع المثالي الذي نتمناه»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «بيد أن 90 في المائة من الدوريات والمراجع العلمية مكتوبة باللغة الإنجليزية، ومن ثَمّ لا بدّ من التعامل بهذه اللغة لمواكبة التطورات والاطّلاع على أحدث الأبحاث العلمية والدوريات الطبية».
وأشار المهدي إلى تجربة في قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر قبل نحو 25 عاماً، موضحاً أن «الدكتور محمد شعلان حين عاد من أميركا كان يتمنى أن يُصبح الطب النفسي باللغة العربية، وكان يقول (المريض عربي وأنا الطبيب عربي لماذا أسمح للخواجة بالتدخل فيما بيننا؟) فكانت نظرته توحيد اللغة بين الطبيب والمريض والمصدر العلمي، وبدأ تنفيذ هذا الأمر، وتصوّر وقتها أنها ستكون تجربة رائدة، وأن باقي الأقسام في كلية الطب ستحذو حذوه، لكن بعد فترة ظهرت مشاكل من بينها أن الطالب لم يكن يتعلم لغة إنجليزية بشكل جيد، ولا يستطيع التفاعل والتعامل مع المؤتمرات والمنتديات العلمية الدولية باللغة الإنجليزية».
وتبارت الأصوات المؤيدة لتعريب العلوم والطب تحديداً في استدعاء نماذج لهذا التعريب وبرامج وأبحاث لعلماء سابقين في هذه التجارب.
كلامك غير دقيقموضوع تعريب العلوم ومنها الطب مرحب بيه جدا داخل جامعة الازهروخارج الجامعة أيضا pic.twitter.com/u2RwwSZCvq
— islam (@islamwho) January 22, 2025
ولفت المهدي إلى أن تجربة «تعريب الطب» نُفّذت في سوريا وفشلت، وقال: «لا أظن أن منتجنا العلمي باللغة العربية كافٍ ومناسبٌ حالياً للقيام بتلك الخطوة»، محذراً من أن يؤدي هذا الأمر إلى العزلة عن العالم، إذا طُبّق من دون دراسة كل جوانبه وأبعاده بشكل وافٍ».
وعدّت عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب، الدكتورة جيهان البيومي، أن «هذا التّوجه من شأنه إذا تم تنفيذه، أن يجعل الطالب الأزهري مختلفاً عن جميع كليات الطب في مصر»، وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الأمر قد يؤثر في التّصنيف الدولي للجامعة التي تعتمد تعريب العلوم، كما يؤثر في درجة اعتمادها الدولي»، موضحة أن «المراجع الحديثة المتعلقة بالطب كلها باللغة الإنجليزية، وترجمتها أو تعريبها قد تختلف من شخص لآخر، وبالتالي الترجمة للغة العربية قد تكون مختلفة عن المقصود في الأصل الإنجليزي».