مجموعة من الممثلين يحلمون بتقديم عرض مسرحي يكتب لهم الشهرة والانتشار، يحضرون بكل حماس لأداء «بروفة» جديدة من مشروعهم الوليد، لكنهم يُفاجأون بغياب كل من المؤلف والمخرج عن العمل، مما يجعلهم يقررون الاعتماد على أنفسهم وتقرير مصيرهم الفني واستكمال حلمهم.
يختارون ممثلاً زميلاً لهم ويعهدون إليه بتولي مهمة الإخراج، أما القصة والنص المكتوب فيطرحونهما للنقاش الديمقراطي فيما بينهم. في البداية يفكرون في الحل السهل وهو اختيار نص عالمي للاشتغال عليه وبالفعل تخطر ببالهم مسرحيتا «هاملت» و«ماكبث» لشكسبير، و«المومس الفاضلة» لجان بول سارتر. لكنهم بعد فترة من إعادة النظر، يشعرون أنهم ربما لا ينجحون في تقديم شيء مختلف عبر مثل هذه الخيارات المتوقعة، فيلجأون إلى فكرة غير تقليدية، بل و«مجنونة»، وهي أن يقدموا شخصياتهم في الحقيقة ويحكون قصصهم الواقعية للحصول على أكبر قدر من المصداقية.
تشكل تلك الفكرة الحبكة الرئيسية التي تقوم عليها مسرحية «بلاي»، أو «play»، مما يجعلها تنتمي إلى المسرح التجريبي وتكسر القواعد الفنية التقليدية وتمزج الواقع بالخيال في إطار لعبة فنية شيقة ومليئة بالمفاجآت.
تنقلب اللعبة إلى حقيقة، في العمل الذي يُعرض حالياً بمسرح «الغد» بحي العجوزة (غرب القاهرة)، من تأليف سامح مهران، وإخراج محمد عبد الرحمن الشافعي، حيث يجد الممثلون أنفسهم في مأزق لم يخطر ببالهم، فقد أدى اندماجهم في تجسيد واقعهم إلى كشف جوانب خفية تحمل المفارقات، وتبرز المستور، وتخرج للعلن أشياء ظلت طي الكتمان طويلاً.
وعدّ مخرج العرض اسم العمل «اختياراً مقصوداً له دلالته لأن كلمة (play) بالإنجليزية تعني (اللعب) كما تعني أيضاً (مسرحية)، بالتالي هي خيار مناسب للغاية لأننا بإزاء مسرحية تقوم على لعبة فنية ونفسية واجتماعية شديدة الدلالة»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العمل مأخوذ عن نص أدبي للكاتب المعروف بعمق كتاباته سامح مهران بعنوان (ديسكو) لكن صناع العمل آثروا تغييره لأنه يتقاطع مع أعمال أخرى تحمل الاسم نفسه، سواء في المسرح أو السينما».
ويكشف العرض عن هموم اجتماعية ونفسية من خلال سلوك شخصياته الذي يحمل الكثير من المتناقضات، أبرزها الطمع والبخل والرغبة في الاستمتاع دون بذل جهد يُذكر. ومن تلك النماذج شخصية الأب العائد من العمل بالخارج، جسد شخصيته الفنان جلال عثمان، لكنه شديد الحرص في الإنفاق ولا يلبي احتياجات أهل بيته، ويسعى لتبرير سلوكه تحت لافتات دينية زائفة.
أجادت الفنانة إيمان مسامح في تجسيد شخصية الجارة اللعوب الانتهازية التي تلقي شباكها على الزوج البخيل، وتعقد معه صفقة يتزوجان بمقتضاها؛ ليحصل هو مجاناً على عضوية النادي الشهير الذي تتمتع هي بعضويته، في مقابل مبلغ من المال. والمفارقة أنه بعد الزواج وحصول الزوجة على المبلغ يذهبان إلى المأذون لإتمام الطلاق، حسب الاتفاق، إلا أن الزوج يموت فجأة وتحصل الزوجة على مبلغ معتبر من ثروته كميراث لها.
وأشار الشافعي إلى أنه «حافظ على روح النص الأصلي الذي يدور في أجواء كوميدية عبر تقنية (مسرح داخل المسرح) وتداخل الواقع مع الخيال»، مشيراً إلى أن «الرسالة الأساسية للعمل هو التحذير من الطموح حين يتجاوز حده الأقصى فيتحول إلى شراهة وجشع على نحو يهدد بتصدير الأذى للآخرين».