علاج فعّال وآمن لطفيليات تصيب 1.5 مليار شخص

التجربة السريرية أجريت على أطفال في 3 دول أفريقية (معهد برشلونة للصحة العالمية)
التجربة السريرية أجريت على أطفال في 3 دول أفريقية (معهد برشلونة للصحة العالمية)
TT

علاج فعّال وآمن لطفيليات تصيب 1.5 مليار شخص

التجربة السريرية أجريت على أطفال في 3 دول أفريقية (معهد برشلونة للصحة العالمية)
التجربة السريرية أجريت على أطفال في 3 دول أفريقية (معهد برشلونة للصحة العالمية)

أظهرت دراسة سريرية دولية فاعلية وأمان علاج مبتكر لعدوى الديدان الطفيلية المنقولة عبر التربة، التي تؤثر على نحو 1.5 مليار شخص حول العالم.

وقاد الباحثون من معهد برشلونة للصحة العالمية في إسبانيا هذه الدراسة؛ حيث أثبتوا أن العلاج الجديد يُعدّ أداة فعّالة لمكافحة الطفيليات المعوية المسببة لأمراض تؤثر سلباً على صحة الأطفال ونموهم العقلي والجسدي، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «The Lancet Infectious Diseases».

وتُعد الديدان الطفيلية المنقولة عبر التربة العدوى الأكثر شيوعاً عالمياً؛ حيث يصاب بها نحو 24 في المائة من سكان العالم، لا سيما في المناطق الفقيرة والمحرومة من المياه النظيفة والصرف الصحي مثل أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وآسيا وأميركا الجنوبية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وتنتقل العدوى من خلال البيوض المُعدية الموجودة في براز البشر، الذي يلوث التربة في المناطق ذات الصرف الصحي الضعيف. ويعاني الأطفال المصابون من ضعف جسدي وتغذوي، بينما تؤدي العدوى لدى الفتيات والنساء في سن الإنجاب إلى تفاقم فقر الدم وزيادة مخاطر وفيات الأمهات والرضّع، فضلاً عن انخفاض الوزن عند الولادة. وتعتمد تدابير المكافحة الحالية على العلاج الدوري للتخلص من الديدان، مع التثقيف الصحي وتحسين الصرف الصحي.

ويهدف العلاج الحالي إلى القضاء على هذه الديدان باستخدام دواء «الألبيندازول» بشكل منتظم، ولكن تواجه هذه الاستراتيجية تحديات تتعلق بمقاومة الديدان لبعض الأدوية.

وللتصدي لهذه المشكلة، اختبر الباحثون فاعلية علاج مبتكر يتكون من تركيبة ثابتة من «الألبيندازول» و«الإيفرمكتين» في حبة واحدة.

ويتميز الدواء الجديد بكونه سهل الاستخدام؛ إذ يأتي في شكل حبة واحدة يمكن تناولها من دون الحاجة لتعديل الجرعة بناءً على وزن الطفل. كما يدمج بين آليتين مختلفتين للحد من خطر مقاومة الطفيليات للأدوية.

وقد أظهرت الدراسات أن هذا العلاج أكثر فاعلية في القضاء على الطفيليات، ويحتوي على مزايا إضافية مثل تقليل مقاومة الطفيليات للأدوية بفضل آلية العمل المتكاملة بين المركبين.

وأُجريت التجربة السريرية في 3 دول أفريقية هي إثيوبيا وكينيا وموزمبيق على 4353 طفلاً تراوحت أعمارهم بين 5 و18 عاماً.

وأظهرت النتائج أن تركيبة «الألبيندازول» و«الإيفرمكتين» أكثر فاعلية من «الألبيندازول» بمفرده؛ حيث بلغت معدلات الشفاء 97 في المائة مع العلاج المزدوج في 3 جرعات مقارنة بـ36 في المائة مع «الألبيندازول» فقط.

وأكد الباحثون أن حبة الدواء المركبة، التي تتمتع بنكهة مانجو قابلة للذوبان في الفم، تُعد خياراً واعداً لتحسين النتائج الصحية في المناطق المتضررة بالأمراض المدارية المهملة، كما تمثل نقطة تحول مهمة نحو تحقيق أهداف السيطرة على تلك الأمراض.

ويتوقع الباحثون أن تُساهم هذه الحبة الجديدة في تحسين استراتيجيات العلاج الجماعي في المناطق المتأثرة، مما يُسهم في تحقيق الأهداف العالمية لمكافحة الطفيليات بحلول عام 2030.



«سعد الراشد» حياة في الآثار ودراسة حضارات الجزيرة العربية

نال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية عام 2017 (واس)
نال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية عام 2017 (واس)
TT

«سعد الراشد» حياة في الآثار ودراسة حضارات الجزيرة العربية

نال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية عام 2017 (واس)
نال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية عام 2017 (واس)

مسيرة مهنية فذّة للبروفيسور سعد بن عبد العزيز الراشد، في مجال الآثار ودراسات الحضارة والنقوش في الجزيرة العربية، انطلاقاً من جوهرة أعماله في استكشاف طريق الحج من الكوفة إلى مكة الكرمة، من خلال دراسة تاريخية وحضارية أثرية لـ«درب زبيدة»، مروراً بالعديد من الأعمال والجهود العلمية التي بذلها رفقة نخبة من الأكاديميين والباحثين لاستظهار القيم الإنسانية والحضارية لتاريخ السعودية والجزيرة العربية.

وجدّد إعلان فوزه بجائزة الملك فيصل للدراسات الإسلامية لعام 2025، عن موضوع «دراسات آثار الجزيرة العربية»، التذكير بأعماله وجهوده التي جعلته من رواد الآثاريين السعوديين، مع خبرة أكاديميّة نمت منذ ترأس قسم الآثار وعمادة مكتبات جامعة الملك سعود بالرياض، وفي تحكيم البحوث ورعاية جيل من الآثاريين السعوديين، ودوراً مهنيّاً لا يقل قيمة، مثل مساهمته في إصدار موسوعة آثار المملكة، ونشر الأبحاث المتخصّصة.

يمثل «درب زبيدة» قيمة تاريخية كبيرة بوصفه طريقاً للحجاج والتجارة في عصور الإسلام القديمة (واس)

«درب زبيدة» جوهرة أعمال الراشد

ذاعت شهرة العالم الأثري السعودي البروفيسور سعد بن عبد العزيز الراشد، المولود في محافظة صبيا عام 1946، بعد أن انبرى لدراسة هذا الممر التاريخي، الذي عدّ أهم طرق الحج السبعة في الجزيرة العربية التي يزيد عمرها على 1000 عام. وقاد الراشد فريقاً من الباحثين لإجراء أعمال التنقيب عن الآثار في درب زبيدة عام 1979م، وأسفرت جهوده تلك عن نتائج غير مسبوقة، ومن بين ذلك اكتشاف «قرية الربذة»، وانتهى جهده العلمي الرصين بإصدار مطبوع مزوّد بشواهد مصورة من الدرب وتفاصيله وأمياله، وصور لما وجد فيه، وفي موقع «الربذة» الذي ألف عنه البروفيسور الراشد كتاباً آخر.

وحرص الراشد على تضمين الكتاب، ملحقاً يشتمل على تعريف بمحطات ومنازل الطريق وفروعه، مثل البرك والعيون وأطلال المنازل والمحطات، حيث بقي الدرب شاهداً على حضارة إسلامية زاهية ومجيدة، وضمّ الكتاب عدداً كبيراً من الصور التي تعبر عن أبرز تفاصيل الطريق بمختلف ما كتب عنه أو تم تداوله، وما كتب على آثاره من نقوش، وما تم تداوله من عملات.

وعاصر الراشد خلال بحثه الميداني وجهده العلمي، مشاق كثيرة، ولاقى تحديات في الأرض التي قرر أن يفحص تاريخها وشواهدها، وقد أضحت قفراً يندر أن تطأها قدم إنسان، وأصبحت مرتعاً للثعابين والعقارب والثعالب والذئاب.

غلاف طبعة مبكرة من كتاب الراشد عن درب زبيدة (الشرق الأوسط)

زيادة المعرفة بتاريخ الحضارة الإسلامية

الراشد ألّف 9 كتب في الأبحاث التاريخية، منها كتابات إسلامية غير منشورة من رواة المدينة المنورة، وكتاب «درب زبيدة: طريق الحج من الكوفة إلى مكة المكرمة دراسة تاريخية وحضارية أثرية»، وقراءة جديدة لنقش شعري من السوارقية بمنطقة الحجاز، وكتابات إسلامية من مكة المكرمة، ودراسات في الآثار الإسلامية المبكرة بالمدينة المنورة، وكتاب «الصويدرة الطرف قديماً: آثارها ونقوشها الإسلامية».

ونال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية، تقديراً لجهوده المميزة في أعمال التنقيب عن الآثار والتراث بالسعودية عام 2017، كما منح وسام الملك خالد من الدرجة الثالثة عام 2020 لإسهاماته الكبيرة في تأسيس قطاع التراث الوطني في السعودية، وفي عام 1998 حصل على جائزة أمين مدني للبحث في تاريخ الجزيرة العربية بدورتها الثامنة.

وفي مطلع هذا العام، مُنح البروفيسور سعد بن عبد العزيز الراشد جائزة الملك فيصل العالمية في فرع الدراسات الإسلامية، التي جاء موضوعها لعام 2025 عن الدراسات التي تناولت آثار الجزيرة العربية، وأعلنت أمانة الجائزة (الأربعاء) وبالاشتراك مع الدكتور سعيد السعيد، منح الراشد الجائزة وذلك لتميز أعماله العلمية، التي كانت أساساً في دراسات الآثار والنقوش الإسلامية في الجزيرة العربية، حيث أرسى الأسس العلمية والمنهجية للباحثين والدارسين، كما أضافت الكثير إلى المعرفة العلمية لتاريخ الحضارة الإسلامية، وأسهمت في فهم أعمق لكثير من المواقع والنقوش الإسلامية في الجزيرة العربية، وأصبح إنتاجه العلمي من المصادر الأساسية غير المسبوقة لأجيال الباحثين على المستوى العربي والعالمي.