«ماتسوري حيّ»... جسرٌ ثقافيٌّ بين السعودية واليابان بقلب جدة

من الموسيقى إلى الأوريغامي... احتفاءٌ حقيقي بالصداقة والإبداع

دايسكي تانيبي يقدّم عرضه الأول في السعودية (حيّ جميل)
دايسكي تانيبي يقدّم عرضه الأول في السعودية (حيّ جميل)
TT

«ماتسوري حيّ»... جسرٌ ثقافيٌّ بين السعودية واليابان بقلب جدة

دايسكي تانيبي يقدّم عرضه الأول في السعودية (حيّ جميل)
دايسكي تانيبي يقدّم عرضه الأول في السعودية (حيّ جميل)

عاد «ماتسوري حي»، المهرجان الثقافي البارز الذي تنظّمه مؤسّسة «فنّ جميل»، بنسخته الثانية في حيّ جميل بجدة، ليقدّم طوال 3 أيام تجربة فريدة تحتفي بالتبادل الثقافي بين المملكة العربية السعودية واليابان.

وهو يجمع بين الفنّ والموسيقى والطعام والابتكار، بهدف الإضاءة على نقاط الالتقاء بين الثقافتين من خلال عروض وفعاليات تناسب جميع الأعمار.

القنصل الياباني دايسوكي ياماموتو خلال افتتاح الحيّ بجدة (الشرق الأوسط)

في هذا السياق، تحدَّث القنصل الياباني في جدة، دايسوكي ياماموتو، عن دور المهرجان في تعزيز الروابط الثقافية بين البلدين. وقال: «الحدث ثقافي ياباني يُقام للعام الثاني توالياً بتعاونٍ رائع مع حيّ جميل، ويهدف إلى تعزيز روابط الصداقة والتبادل الثقافي مع السعودية من خلال تقديم أشكال مختلفة من الثقافة اليابانية وتعريف المجتمع السعودي بها. سُررنا باستقبال أكثر من 5000 زائر لحيّ ماتسوري العام الماضي، ونأمل ارتفاع العدد هذا العام».

أضاف ياماموتو: «للمهرجان دور محوري في تعزيز التفاهم المُتبادل بين الشعبين، خصوصاً في ظلّ الانفتاح الثقافي الذي تشهده المملكة ضمن (رؤية 2030) بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويُعدُّ إحدى القنوات التي تُسهم في تحقيق أهداف الرؤية الثقافية».

مُشاركة القنصلية اليابانية بجدة في «ماتسوري حيّ» (الشرق الأوسط)

وإذ بيَّن أنّ الاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليابان والمملكة يعكس قوّتها التاريخية، أشار إلى مذكرة التفاهم التي وُقِّعت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بين وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية؛ والتي تمثّل خطوة مهمّة نحو تعميق التعاون الثقافي.

وأوضح القنصل أنّ اليابان والمملكة تتقاسمان القيم الثقافية الشرقية مع الانفتاح على الثقافات الأخرى، مبدياً أمله بأن «يستمتع زوار حيّ جميل بعروض هذا العام، ويتعرّفوا إلى عاداتنا وثقافتنا وتقاليدنا وإبداعات اليايان، خصوصاً أنّ المهرجان سيقدّم فرقة إلكترونية يابانية تعمل في مجال الموسيقى الكهرومغناطيسية، بالإضافة إلى حضور دايسكي تانيبي، الموسيقي الإلكتروني الشهير؛ فتقدّم الفرقة موسيقى باستخدام الإلكترونيات المُعاد تدويرها، ما يجعلها تجربة فريدة تتيح الشعور بألفة خاصة تجاهها».

عرض موسيقي للفرقة اليابانية «إلكترونكوس فانتا ستكوس» للمرة الأولى في السعودية (حيّ جميل)

كما أشاد القنصل بالتعاون مع حيّ جميل قائلاً: «أودّ الإعراب عن خالص امتناني لمؤسّسة (فنّ جميل) التي أسَّسها فادي جميل، وحيّ جميل بجدة لاستضافة هذا الحدث الثقافي. فالحيّ يلعب دوراً حيوياً في تعريف المجتمع السعودي بثقافة الآخرين، وهو تطبيق عملي لأجندة الرؤية. أتمنّى التوفيق في الجهود الثقافية النبيلة، وللمملكة وشعبها الصديق كل التقدّم والازدهار في ظلّ قيادتها الحكيمة».

وهذا العام، يزخر المهرجان ببرنامج غنيّ ومتنوّع يشمل عروضاً موسيقية لفرق وفنانين يابانيين وسعوديين، وورشات عمل تفاعلية مثل فنّ الأوريغامي، والرسم التصويري، وصناعة المصابيح اليابانية التقليدية. كما يقدّم تجربة مميّزة للزوار من خلال سوق حيّة تجمع بين المنتجات السعودية واليابانية المبتكرة، ومأكولات شهية تعكس ثقافة البلدين.

«ماتسوري حيّ»، منصة تفاعلية تتيح للزوار اكتشاف أوجه الشبه والاختلاف بين الثقافتين، لتعزيز التفاهم المُتبادل والاحترام العميق بين الشعبين السعودي والياباني. وهو احتفال حقيقي بالصداقة والإبداع في أجواء نابضة بالحياة.


مقالات ذات صلة

23 فيلماً سعودياً وعالمياً تشهدها «ليالي السينما» في جدة

يوميات الشرق تشمل عروض «ليالي السينما» المتنوعة أفلاماً عربية وعالمية (واس)

23 فيلماً سعودياً وعالمياً تشهدها «ليالي السينما» في جدة

تنطلق النسخة الثانية من «ليالي السينما» في جدة، الخميس، مقدمة رحلة سينمائية فريدة بين جنباتها من خلال عرض 23 فيلماً من إنتاج سعودي وعالمي.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الدكتور جوليان رابي (مؤسسة بينالي الدرعية)

د.جوليان رابي: البينالي تجربة روحانية تمس القلب والعقل

القيم الفني دكتور جوليان رابي يصف العرض بالتجربة الروحانية التي تمس القلب والعقل ويتحدث عن الصلات بين المعاصر والمقدس في معروضات بينالي الفنون الإسلامية

عبير مشخص (جدة)
يوميات الشرق «أمريغو فيسبوتشي» السفينة الشراعية التاريخية لأول مرة في تاريخها الممتد لـ93 عاماً ترسو في جدة كجزء من جولتها العالمية (المركز الإعلامي) play-circle 01:48

عجوز البحرية الإيطالية «أمريغو فيسبوتشي» تزور جدة لأول مرة

في حدث ثقافي بارز يعكس أبعاداً متعددة للتميز الإيطالي، استقبلت مدينة جدة الساحلية غرب السعودية السفينة الشراعية التاريخية التابعة للبحرية الإيطالية.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق كسوة الكعبة المشرفة (مؤسسة بينالي الدرعية)

لأول مرة... عرض كسوة الكعبة بكاملها خارج مكة المكرمة

ينفرد بينالي الفنون الإسلامية 2025 بعرض كسوة الكعبة المشرفة بالكامل وهي المرة الأولى التي تشاهد فيها الكسوة خارج مكة المكرمة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد 278 ألف رحلة عبر مطار الملك عبد العزيز في جدة خلال 2024 (واس)

الأعلى تاريخياً... 49.1 مليون مسافر عبر «مطار جدة» خلال 2024

سجّل مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة إنجازاً تاريخياً، بتحقيقه أعلى رقم تشغيل سنوي في تاريخ المطارات السعودية، بإجمالي أكثر من 49.1 مليون مسافر خلال 2024.

«الشرق الأوسط» (جدة)

لماذا لم تشدُ «كوكب الشرق» بقصائد أحمد شوقي في حياته؟  

أم كلثوم غنّت العديد من القصائد (وزارة الثقافة المصرية)
أم كلثوم غنّت العديد من القصائد (وزارة الثقافة المصرية)
TT

لماذا لم تشدُ «كوكب الشرق» بقصائد أحمد شوقي في حياته؟  

أم كلثوم غنّت العديد من القصائد (وزارة الثقافة المصرية)
أم كلثوم غنّت العديد من القصائد (وزارة الثقافة المصرية)

مع الاحتفاء المصري بـ«كوكب الشرق» أم كلثوم في الذكرى الخمسين لرحيلها، وتخصيص وزارة الثقافة «2025 عام أم كلثوم» عبر برامج فنية وثقافية وحفلات متنوعة تستعيد سيرة وأعمال ومشوار «سيدة الغناء العربي»، تناولت لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر كتاب «أم كلثوم... الشعر والغناء» للناقد الأكاديمي الدكتور أحمد يوسف، الحاصل على جائزة الدولة التقديرية، ويتضمن دراسة علمية توثق جانباً من اختيارات أم كلثوم لقصائد بعينها في الغناء.

ومن ضمن ما يقدّمه الكتاب القصائد التي اختارتها أم كلثوم للغناء، وقصائد أمير الشعراء أحمد شوقي التي لم تغنها في حياته، رغم معاصرتها له، بل وكتابته قصيدة في جمال صوتها مطلعها «سلوا كؤوس الطِلا».

الكتاب الذي أصدره «مركز أبوظبي الثقافي» يتناول حياة أم كلثوم واختياراتها للقصائد التي تغنيها، ويقول مؤلف الكتاب إنه «تناول أم كلثوم بوصفها مفكرة في النص الذي تقدمه أو تختاره للغناء»، ووصفها بأنها «رائدة من رائدات التنوير في المجتمع المصري ضمن السياق الاجتماعي الذي عاشت فيه»، مشيراً إلى أنها «لم تغنِّ لأحمد شوقي سوى بعد وفاته، وغنَّت له تسع قصائد، وكانت أول قصيدة غنتها لشوقي في تنصيب الملك فاروق ملكاً لمصر عام 1936، وأما القصيدة التي أهداها شوقي إياها فلم تغنِّها سوى عام 1946».

وعن أسباب عدم غنائها قصائد شوقي في حياته، يوضح الناقد الأكاديمي المصري الدكتور أحمد يوسف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أكثر من سبب قد يفسر هذا الأمر، أولها أن أم كلثوم جاءت إلى القاهرة عام 1925، وأحمد شوقي توفي عام 1932، فلم تكن أم كلثوم قد حققت ما يجعلها تشدو بقصائد شوقي في بداياتها».

وأضاف: «خلال تلك الآونة في البدايات كانت تغني مع الشيخ أبو العلا محمد قصائد من التراث العربي لشعراء مثل بكر بن النطاح، ثم الشريف الرضي، ومهيار الدلهمي، وأبو فراس الحمداني، وغيرهم».

جانب من الندوة حول القصائد التي غنتها أم كلثوم (وزارة الثقافة المصرية)

ويشير يوسف إلى أن «في هذه الفترة كان أحمد شوقي يتبنى محمد عبد الوهاب، فرأت أم كلثوم أن المنافسة على كسب اهتمام شوقي لن تكون في صالحها فلم تتقرب إلى شوقي، لكن الأخير هو الذي دعاها للغناء في كرمته (كرمة بن هانئ - منزل أحمد شوقي) قبل عامين تقريباً من رحيله. وهناك أخذت قلوب الحاضرين، وعلى رأسهم شوقي الذي كتب في تلك الليلة (سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها). ولم تلتق شوقي بعدها».

وقدمت أم كلثوم أولى أغانيها من قصائد شوقي في تنصيب الملك فاروق عام 1936 بعد 4 أعوام من رحيل الشاعر الكبير، ثم بدأت غناء القصائد الأخرى لأحمد شوقي بداية من عام 1946، وفق يوسف الذي أضاف أن «أم كلثوم صنعت نهضة جديدة حينما بعثت شعر شوقي بعد موته»، مؤكداً أنها كانت تقرأ كتابين أساسيين هما ديوان أحمد شوقي (الشوقيات) وكتاب «الأيام» لطه حسين.

وغنت أم كلثوم من قصائد أحمد شوقي «ولد الهدى» و«نهج البردة» و«سلوا قلبي» و«الملك بين يديك» التي غنتها في عيد تنصيب الملك فاروق، و«السودان» و«سلوا كؤوس الطلا» التي كان لها قصة طريفة حكتها أم كلثوم في برنامج إذاعي، وقالت إنها هددت بتمزيق الظرف الذي كان يعطيها إياه شوقي وفيه القصيدة ظناً منها أن فيه أموالاً مقابل غنائها في منزله.

الناقد الفني المصري طارق الشناوي يشير إلى أسباب أخرى ربما حالت دون غناء أم كلثوم قصائد شوقي في حياته، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «أم كلثوم لم تغنِ لشوقي في حياته ليس عن سبق إصرار، ولكن ربما لم تسمح الظروف بهذا الأمر، خصوصاً أنه كتب قصيدة من وحي صوتها، تماماً كما غنت لإبراهيم ناجي بعد رحيله واحدة من أروع القصائد العربية المغناة، وكان ناجي يتمنى أن تغني له في حياته، ولم يحدث ذلك ربما أيضاً لأن الظروف لم تسمح بذلك».

ولدت أم كلثوم عام 1908 في محافظة الدقهلية، وبدأت مشوارها الفني بغناء التواشيح والقصائد العربية التراثية، وقدمت العديد من القصائد المغناة طوال تاريخها الذي قدمت خلاله عشرات الأغاني الباقية في وجدان عشاقها. وتتوالى الاحتفالات والفعاليات الثقافية في مصر لاستعادة ذكرى رحيلها الـ50، إذ رحلت في 3 فبراير (شباط) عام 1975.