«الأشباح»... رحلة مبتعثين بين الطموح والوهم

مسرحية تغوص في العمق الإنساني ضمن فعاليات «مهرجان الرياض للمسرح»

«الأشباح» تجربة برختية تعكس الواقع النفسي والاجتماعي (الشرق الأوسط)
«الأشباح» تجربة برختية تعكس الواقع النفسي والاجتماعي (الشرق الأوسط)
TT

«الأشباح»... رحلة مبتعثين بين الطموح والوهم

«الأشباح» تجربة برختية تعكس الواقع النفسي والاجتماعي (الشرق الأوسط)
«الأشباح» تجربة برختية تعكس الواقع النفسي والاجتماعي (الشرق الأوسط)

ضمن فعاليات النسخة الثانية من «مهرجان الرياض للمسرح»، شهدت العاصمة السعودية عرضاً مميزاً لمسرحية «الأشباح»، التي قدمت تجربة استثنائية لاقت تفاعلاً كبيراً من الجمهور.

تدور أحداثها حول 3 شباب مبتعثين يعيشون صراعاً داخلياً بين طموحاتهم التي يسعون لتحقيقها و«شبح الوهم» الذي يُطاردهم ويُعطل مسيرتهم نحو النجاح.

تُسلِّط المسرحية الضوء بأسلوب درامي يعكس الواقع النفسي والاجتماعي على التحديات التي تواجه الإنسان في حياته اليومية، وتطرح تساؤلات حول الصّراع بين الطموح والقيود النفسية التي قد تُعيقه.

تميزت «الأشباح» باتّباع أسلوب بيرتولت بريخت، الشاعر والكاتب والمخرج المسرحي الألماني، الذي يُعد من أهم كُتاب المسرح في القرن العشرين، والذي يعتمد على كسر الحاجز الرابع بين الممثلين والجمهور، مما أضاف بُعداً فكرياً مميزاً لها.

وعوضاً من الانغماس الكامل في الأحداث، دُفع المشاهدون إلى التفكير النقدي والتأمل في الأفكار المطروحة، مُحوّلين التجربة المسرحية إلى حوارٍ فكري تفاعلي.

وهذا الأسلوب، المعروف بقدرته على تحفيز وعي الجمهور، جعل من «الأشباح» عرضاً يُركّز على المضمون والرسائل الفكرية أكثر من كونه مجردَ وسيلة للترفيه.

«الأشباح» تعرض ضمن فعاليات «مهرجان الرياض للمسرح» (الشرق الأوسط)

أوضح مخرج العمل ممدوح سالم أن المسرحية تهدف إلى تسليط الضوء على الأحلام التي قد تتحوّل أحياناً إلى قيودٍ نفسية تُعرقل الإنسان بدلاً من أن تُحفزّه نحو النجاح.

وقال: «نُريد من خلال هذا العمل تقديم تجربة تدعو المشاهد إلى التوقف والتفكير، مما يُسهم في فتح أبوابٍ جديدة للتغيير والتعبير عن الذات».

وحملت الدراماتورجيا توقيع يوسف مارس، الذي أبدع في بناء حبكة متماسكة وهيكل درامي متين، أضاف أبعاداً عميقة إلى العمل.

وتعاون مارس مع فريق من الممثلين المميزين الذين أضفوا روحاً خاصة لكلّ شخصية، مما جعل العرض غنياً في العمق الإنساني والأداء المميز.

وشارك في تقديم هذه التجربة نُخبة من الفنانين السعوديين، من بينهم خالد الحجيلي وعائشة الرفاعي ومحمد عجيم وبدر العمودي وعبد الله البني.

ونال العرض استحساناً كبيراً من الحضور الذين أشادوا بالرسائل الفكرية التي حملتها المسرحية وبأسلوبها الفني المبتكر.

وعبّر مُشاهدون كُثر عن إعجابهم بأداء الممثلين وبالأسلوب البرختي المستخدم، مُعدّين أن المسرحية ليست مجرد عمل فني، بل هي منصّة للتفكير والحوار في قضايا اجتماعية ونفسية تلامس الواقع.

وفي وقت سابق، قُدمت المسرحية في جامعة عفت بجدة، حيث حظيت بردود فعل إيجابية مماثلة.

وأثنى الجمهور هناك على جودة العمل وتميزه في الطرح، مما يعكس نجاح المسرحية في استقطاب جماهير متنوعة من مختلف المدن السعودية.

تُعد مسرحية «الأشباح» تجربة فنية مميزة في الحركة المسرحية السعودية، إذ تجمع بين العمق الفكري والأسلوب الإبداعي، مما يُعزّز مكانة المسرح بوصفه وسيلة للتغيير الثقافي والاجتماعي.

ويُثبت العرض مرة أخرى، أن المسرح قادر على أن يكون أداة فعّالة لتحفيز النقاشات الفكرية وإحداث تأثيرٍ حقيقي في المجتمع.


مقالات ذات صلة

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

يوميات الشرق مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً، ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الثلاثي المسرحي في صالة «بيروت هال» (إنستغرام)

مسرحية «حادث أمني صعب»... نقدٌ ذاتي ساخر وضحك متواصل

يحكي قاووق عن المصائب التي عاشها اللبنانيون، من الدمار الهائل والانفجارات، إضافة إلى أحداث أخرى بدأتها المقاومة بحرب مساندة لتنتهي بسقوط نظام الأسد في سوريا.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق لقطة من مسرحية «نوستالجيا 80 - 90» (البيت الفني للمسرح)

عروض مسرحية قديمة في «بداية السنة الجديدة» بمصر

مع بداية العام الجديد، تشهد المسارح المصرية 6 عروض قديمة (عرضت في مواسم سابقة)، بعضها على مسارح الدولة (القطاع العام)، وهي «نوستالجيا 80/90»، و«الأرتيست».

داليا ماهر (القاهرة )
الوتر السادس أبناء منصور الرحباني يطلقون فعاليات مئوية والدهم (الشرق الأوسط)

أبناء منصور الرحباني يُطلقون مئويته ووزارة التربية تتعاون لترسيخ إرثه في المدارس

بحضور حشدٍ من الشخصيات الثقافية والفنية والإعلامية، أطلق أبناء منصور الرحباني برنامج مئويته من بيروت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق الفنان كريم عبد العزيز يقدم شخصية أبو المعاطي الباشا (حساب المستشار تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)

تمديد عرض مسرحية «الباشا» بعد نجاحها في موسم الرياض

حظي العرض المسرحي «الباشا»، من بطولة الفنان المصري كريم عبد العزيز، بتفاعل «لافت»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتصدر «الترند» على منصة «إكس»، الجمعة.

داليا ماهر (القاهرة)

«صبا نجد»... حكايات 7 فنانات من الرياض

عمل للفنانة خلود البكر (حافظ غاليري)
عمل للفنانة خلود البكر (حافظ غاليري)
TT

«صبا نجد»... حكايات 7 فنانات من الرياض

عمل للفنانة خلود البكر (حافظ غاليري)
عمل للفنانة خلود البكر (حافظ غاليري)

بعنوان بعضه شعر وأكثره حب وحنين، يستعرض معرض «صبا نجد» الذي يقدمه «حافظ غاليري»، بحي جاكس في الدرعية يوم 15 يناير (كانون الثاني) الحالي، حكايات لفنانات سعوديات معاصرات من الرياض تفتح للمشاهد نوافذ ﻋﻠﻰ ﻗلب وروح اﻟﮭوﯾﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﻣﻣﻠﻛﺔ.

تتعدد الروايات الفنية ووجهات النظر في المعرض، لكنها تتفق فيما بينها على الاحتفال بالهوية والثقافة والأدوار المتغيرة للمرأة في المجتمع السعودي. كما يستعرض «صبا نجد» الأساليب الفنية المختلفة التي ميزت مسيرة كل فنانة من المشاركات.

عمل لنورة العيسى (حافظ غاليري)

يوحي العنوان بلمحة نوستالجية وحنين للأماكن والأزمنة، وهذا جانب مهم فيه، فهو يرتكز على التراث الغني لمنطقة نجد، ويحاول من خلال الأعمال المعروضة الكشف عن أبعاد جديدة لصمود المرأة السعودية وقوة إرادتها، جامعاً بين التقليدي والحديث ليشكل نسيجاً من التعبيرات التجريدية والسياقية التي تعكس القصص الشخصية للفنانات والاستعارات الثقافية التي تحملها ممارساتهم الفنية.

الفنانات المشاركات في العرض هن حنان باحمدان، وخلود البكر، ودنيا الشطيري، وطرفة بنت فهد، ولولوة الحمود، وميساء شلدان، ونورة العيسى.

تحمل كل فنانة من المشاركات في المعرض مخزوناً فنياً من التعبيرات التي تعاملت مع تنويعات الثقافة المحلية، وعبرت عنها باستخدام لغة بصرية مميزة. ويظهر من كل عمل تناغم ديناميكي بين التراث والحداثة، يعبر ببلاغة عن هوية نجد.

من أعمال الفنانة لولوة الحمود (حافظ غاليري)

يشير البيان الصحافي إلى أن الفنانات المشاركات عبرن من خلال مجمل أعمالهن عن التحول الثقافي الذي يعانق تقاليد الماضي، بينما ينفتح على آفاق المستقبل، معتبراً المعرض أكثر من مجرد احتفاء بالمواهب الفنية؛ بل يقدمه للجمهور على أنه شهادة على قوة الصوت النسائي في تشكيل المشهد الثقافي والتطور الفني في المنطقة.