«تدقيق الحياة»... خطة تحوّل «الرغبات حقيقة» مع بداية العام الجديد

النظام قائم على الرغبات الشخصية ويصل إلى جوهر ما تريده حقاً من الحياة... ليس ما تعتقد أنه يجب عليك فعله (أ.ف.ب)
النظام قائم على الرغبات الشخصية ويصل إلى جوهر ما تريده حقاً من الحياة... ليس ما تعتقد أنه يجب عليك فعله (أ.ف.ب)
TT

«تدقيق الحياة»... خطة تحوّل «الرغبات حقيقة» مع بداية العام الجديد

النظام قائم على الرغبات الشخصية ويصل إلى جوهر ما تريده حقاً من الحياة... ليس ما تعتقد أنه يجب عليك فعله (أ.ف.ب)
النظام قائم على الرغبات الشخصية ويصل إلى جوهر ما تريده حقاً من الحياة... ليس ما تعتقد أنه يجب عليك فعله (أ.ف.ب)

غالباً ما يحمل العام الجديد معه رؤى حول صفحة حديثة - فرصة مفعمة بالطاقة لعيش حياة أفضل. وبفضل ما يسميه خبراء الاقتصاد السلوكي «تأثير البداية الجديدة»، فإن هذا الوقت من العام يجعل الكثير منا يشعرون بتفاؤل أكبر بشأن إحداث تغييرات حقيقية وذات مغزى، وفقاً لتقرير لشبكة «سي إن بي سي».

ففي الأول من يناير (كانون الثاني)، نتخيل أننا سنكون مستعدين لمعالجة قوائم المهام التي يتعين علينا إنجازها، وتحقيق أهدافنا، والتحول إلى الذات المثالية التي تخيلنا دائماً أننا قادرون على أن نكونها.

مع ذلك، وعلى الرغم من أفضل نوايانا، يكافح الكثير منا لتنفيذ قرارات العام الجديد. وغالباً ما تكون هناك فجوة بين طموحاتنا وواقعنا. قد يكون السبب في ذلك هو أننا نختار الأهداف الخاطئة في البداية - تلك التي نعتقد أنه يتعين علينا السعي لتحقيقها بدلاً من الأهداف التي نشعر حقاً بالدافع للعمل عليها.

ومبدأ «تدقيق الحياة» - life audit - عبارة عن نظام قائم على الرغبات يصل إلى جوهر ما تريده حقاً من الحياة - ليس ما تعتقد أنه يجب عليك فعله، بحسب التقرير.

ماذا يعني «تدقيق الحياة»؟

مراجعة أو تدقيق الحياة عبارة عن تمرين في التأمل الذاتي يساعدك على اكتشاف قيمك الأساسية ورغباتك العميقة. والطريقة عبارة عن أداة لطيفة للتأمل الذاتي جنباً إلى جنب مع نظام عملي موجه يساعد على تحويل الرغبات حقيقة عاماً بعد عام.

كيف تعمل هذه الخطة؟

يتكوّن تدقيق الحياة من ثلاثة أجزاء رئيسية. تهدف كل مرحلة إلى مساعدتك في التعمق في تأملك الذاتي؛ مما يسمح لك بالاقتراب من اكتشاف رغباتك الحقيقية ومعرفة كيفية تحويلها إلى حقيقة:

الحلم (المرحلة التوليدية)

امنح نفسك ساعة مع كومة من الملاحظات اللاصقة وقلم. في كل ورقة لاصقة، اكتب أمنية أو رغبة واحدة لديك في حياتك. قد تكون الأمنيات كبيرة وموجهة نحو المستقبل، مثل «تأليف كتاب!» أو فورية ويومية، مثل «أن أصبح أكثر صبراً».

كن منفتحاً على أي شيء يظهر في بالك، وحاول ألا تشكك أو تحكم. هذا هو الوقت المناسب لاستكشاف أمنياتك. استهدف 100 أمنية في ساعة واحدة.

التعلم (مرحلة التحليل)

الآن بعد أن حددت مائة أمنية، قسّمها موضوعات. راجع الملاحظات واحدة تلو الأخرى، وابدأ في تحريكها من مكان إلى آخر لتجميع الأمنيات التي تشعر بأنها مرتبطة ببعضها بعضاً.

قد تشمل الموضوعات أموراً روحانية، ومهنية، واجتماعية وأسرية، أو تلك المرتبطة بالهوايات والأنشطة الإبداعية، والصحة، وما إلى ذلك. لكنها قد تكون مختلفة - ستكون موضوعاتك فريدة بالنسبة لك.

بمجرد أن تقسم أمنياتك مجموعات، راجع وتأمل ما تراه. ماذا تخبرك أمنياتك عن نفسك؟ هل فوجئت بما ظهر؟

لاحظ أيضاً ما إذا كانت أي من هذه الأمنيات تبدو وكأنها «واجب عليك» أكثر من كونها «رغبات». قد تكون هذه أمنيات لدى الآخرين - سواء المجتمع أو والديك أو مديرك - وليست شخصية. لا تتردد في التخلص منها، حيث إن الخطة عبارة عن مراجعة فعلة لحياتك.

التخطيط (مرحلة العمل)

أحد الأسباب التي تؤدي إلى فشل القرارات غالباً هو أننا نتحمل الكثير من المهام في وقت واحد. يهدف تدقيق الحياة إلى عكس الرغبات التي لديك طوال حياتك. حتى إذا قمت بإجراء هذا التمرين في وقت ما حول رأس السنة الجديدة، فإن الفترة الزمنية المتاحة لك طويلة؛ لذا لا يتعين عليك الالتزام بها جميعاً الآن.

اختر من ثلاث إلى خمس أمنيات ترغب في التركيز عليها هذا العام. يمكنك الاختيار بناءً على مدى إمكانية تحقيقها أو إثارتها أو إلحاحها. الأمر متروك لك.

في كل أمنية، اسأل نفسك عما إذا كان لديك الموارد والدعم المناسبين لتنفيذها. إذا لم يكن الأمر كذلك، فما التغييرات التي قد تكون مطلوبة؟ على سبيل المثال، الأشياء التي يمكن أن تساعد تشمل:

وجود شريك للمساءلة، مثل اختيار شخص ما للذهاب إلى فصل اليوغا معك كل أسبوع.

تقسيم أمنياتك أهدافاً أصغر يمكن تحقيقها بشكل تدريجي، مثل الالتزام بقراءة فقرة في الليلة بدايةً لهدف أكبر وهو القراءة أكثر.

تحديد أمنياتك بشكل دقيق، مثل تحديد لقاءين مع أصدقائك شهرياً بدلاً من قول إنك تريد قضاء المزيد من الوقت معهم.



مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
TT

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

تختصر المخرجة مايا سعيد زمن الوفاء للوالدين بمسرحية «5 دقايق». اختارت عرضها في موسم عيد الميلاد، الموعد نفسه الذي خسرت فيه والدها. فكرّمته على طريقتها ضمن نص بسيط ومعبّر، يترك أثره عند متابعه ويتسلل إلى مشاعره من دون أن تفرض عليه ذلك. لا مبالغة في الوقت ولا في الحوارات.

رسالة إنسانية بامتياز تمرّ أمامك بـ50 دقيقة لتستوعب هدفها في الدقائق الخمس الأخيرة منها. على مسرح «ديستركت 7» في بيروت يقام العرض. ومع بطلي المسرحية طارق تميم وسولانج تراك وضعت مايا سعيد الشخصيتين اللتين يؤديانهما بتصرفهما، فأدركا دقّة معانيهما بحيث جسّداهما بعفوية تليق بخطوطهما.

مسرحية «5 دقايق» تحية تكريمية في ذكرى من نحبّهم (مايا سعيد)

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً. ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن. فموسم الأعياد يجب أن يطبعه الفرح، ولكن لا بأس إذا ما تحررنا من أحاسيس حبّ مكبوتة في أعماقنا، وتكمن أهميتها بمنبعها فهي آتية من ذكرى الأهل.

تحكي المسرحية عن ليلة ميلادية تقتحم خلالها سيدة غريبة منزل «الأستاذ حرب»، فتقلبه رأساً على عقب بالشكلين الخارجي والداخلي. وتجري أحداث العمل في مساحة ضيقة على خشبة تتزين بديكورات بسيطة. وتتألّف من شجرة عيد الميلاد وكنبة وطاولة. وإذا ما تفرّجنا على هذا المكان بنظرة ثلاثية الأبعاد، سنكتشف أن الخشبة تُشبه شاشة تلفزيونية. فحلاوتها بعمقها وليس بسطحها العريض. مربّعة الشكل يتحرّك فيها البطلان براحة رغم ضيق المكان. يشعر المشاهد بأنه يعيش معهما في المكان والزمان نفسيهما.

وتعلّق مايا سعيد، كاتبة ومخرجة العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «ينبع الموضوع من تجربة شخصية عشتها مع والدي الذي رحل في زمن الميلاد. وعندما تدهورت حالته الصحية عاش أيامه الخمسة الأخيرة فاقداً الذاكرة. ومثله مثل أي مريض مصاب بألزهايمر لم يكن في استطاعته التعرّف إليّ. وهو أمر أحزنني جداً».

من هذا المنطلق تروي مايا سعيد قصة «5 دقايق». وضمن أحداث سريعة وحوارات تترك غموضاً عند مشاهدها، يعيش هذا الأخير تجربة مسرحية جديدة. فيحاول حلّ لغز حبكة نصّ محيّرة. ويخيّل له بأنها مجرّد مقتطفات من قصص مصوّرة عدّة، ليكتشف في النهاية سبب هذا التشرذم الذي شرّحته المخرجة برؤية مبدعة.

طارق تميم يجسّد شخصية مصاب بألزهايمر ببراعة (مايا سعيد)

وتوضح مايا سعيد: «رغبت في أن يدخل المشاهد في ذهن الشخصيتين وأفكارهما. وفي الدقائق الخمس الأخيرة وضعته في مكان الشخص الذي يعاني من مرض الطرف الآخر. أنا شخصياً لم أتحمّل 5 أيام ضاع فيها توازن والدي العقلي. فكيف لهؤلاء الذين يمضون سنوات يساعدون أشخاصاً مصابون بمرض ألزهايمر».

وعن الصعوبة التي واجهتها في إيصال رسالتها ضمن هذا العمل تردّ: «كان همّي إيصال الرسالة من دون سكب الحزن والألم على مشاهدها. فنحن خرجنا للتو من حرب قاسية. وكان ذلك يفوق قدرة اللبناني على التحمّل. من هنا قرّرت أن تطبع الكوميديا العمل، ولكن من دون مبالغة. وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة التي أريدها بسلاسة».

يلاحظ مشاهد العمل طيلة فترة العرض أن نوعاً من الشرود الذهني يسكن بطله. وعرف طارق تميم كيف يقولبه بحبكة مثيرة من خلال خبرته الطويلة في العمل المسرحي. وبالتالي كانت سولانج تراك حرفيّة بردّ الكرة له بالأسلوب نفسه. فصار المشاهد في حيرة من أمره. وتُعلّق مايا سعيد في سياق حديثها: «طارق وسولانج ساعداني كثيراً في تلقف صميم الرسالة. فتقمصا الشخصيتين بامتياز بحيث قدماهما أجمل مما كُتب على الورق».

ضمن نص معبّر تدور«5 دقايق» (مايا سعيد)

طيلة عرض المسرحية لن يتوصّل مشاهدها إلى معرفة اسمي الشخصيتين. فيختلط عليه الأمر في كل مرة اعتقد بأنه حفظ اسم أحدهما. وكانت بمثابة حبكة نص متقنة كي يشعر المشاهد بهذه اللخبطة. وتستطرد مايا: «لا شك أن المسرحية تتضمن مفاتيح صغيرة تدلّنا على فحوى الرسالة. والتشابك بالأسماء كان واحداً منها».

حاولت مايا سعيد إيصال معاني عيد الميلاد على طريقتها. وتختم: «لهذا العيد معانٍ كثيرة. وأردتها أن تحمل أبعاداً مختلفة تخصّ الأشخاص الذين نحبّهم حتى لو رحلوا عنّا. فغيابهم يحضر عندنا في مناسبات الفرح. وبهذا الأسلوب قد ننجح في التعبير لهم عن ذكراهم في قلوبنا».