مصريون يستعيدون معارك وحيد حامد مع «طيور الظلام»

في ذكرى رحيله الرابعة

الكاتب المصري الراحل وحيد حامد (صفحة المخرج مروان حامد على فيسبوك)
الكاتب المصري الراحل وحيد حامد (صفحة المخرج مروان حامد على فيسبوك)
TT

مصريون يستعيدون معارك وحيد حامد مع «طيور الظلام»

الكاتب المصري الراحل وحيد حامد (صفحة المخرج مروان حامد على فيسبوك)
الكاتب المصري الراحل وحيد حامد (صفحة المخرج مروان حامد على فيسبوك)

قبيل رحيله بأيام وقف الكاتب المصري وحيد حامد مستنداً إلى عكازه على خشبة مسرح «دار الأوبرا المصرية»، خلال ندوة تكريمه في «مهرجان القاهرة السينمائي»، قائلاً بصوت متهدج «أنا حبيت أيامي... وافتكروا أفلامي».

واستدعى مصريون مسيرة السيناريست الراحل ومعاركه مع «تنظيمات إسلامية» حين عبرّ عن أفكاره في فيلم «طيور الظلام»، اسم الفيلم الذي تصدر تريند منصة «إكس» في مصر، الخميس.

رحل وحيد حامد في 2 يناير (كانون الثاني) عام 2021 عن عمر ناهز 77 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً من الأعمال الفنية في السينما والتلفزيون يعبّر عن رؤية واضحة في مواجهة من وصفهم في كتاباته المختلفة بـ«التيارات الظلامية» على كل المستويات في المجتمع المصري.

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع من أعمال الكاتب الراحل، خصوصاً فيلم «طيور الظلام» الذي عُرض للمرة الأولى عام 1995، ويتناول «مظاهر الفساد في السلطة، والسّجال بين الدولة والجماعات المتطرفة للسيطرة على المجتمع»، والفيلم من بطولة عادل إمام ورياض الخولي ويسرا، وتأليف وإنتاج وحيد حامد، وإخراج شريف عرفة، وأبرزت قنوات تلفزيونية ومستخدمو «السوشيال ميديا» كثيراً من مشاهد الفيلم وحواراته.

وانتشرت تعليقات تستعيد أعمال حامد ضد «الأفكار الظلامية»، التي عالجها في أعمال متنوعة مثل مسلسل «الجماعة» في جزئين خلال عامي 2010 و2017، وشارك معه في الجزء الثاني الكاتب الصحافي شريف عارف بوصفه باحثاً تاريخياً. وقال عارف لـ«الشرق الأوسط»: إن «وحيد حامد كان حريصاً على توثيق جميع الأحداث بدقة في تناول كل حدث واختبار مدى منطقيته للتوصٌّل إلى الحبكة المناسبة».

وكتبت الناقدة الفنية نيرمين جودة على منصة «إكس»: «وحيد حامد من أجرأ من كتب في الدراما المصرية عن الفكر المتطرف والإرهاب، وتعاطي المجتمع المصري مع هذا الفكر بين مؤيد ومعارض».

واتّسمت أعمال الكاتب الراحل بـ«الجرأة، وكان له مشروع ثقافي وفكري قدمه من خلال أعماله السينمائية والدرامية، وظلّت جمله الحوارية تتردد على لسان الجمهور»؛ وفق نقاد. وقد وصفته وزيرة الثقافة السابقة إيناس عبد الدايم في بيان تأبين رسمي بأنه «صاحب مواقف مهمة تُكتب بحروف من نور في تاريخ الوطن، وقدم أعمالاً خالدة تعبّر عن أحلام المجتمع».

من جانبه، عدّ عارف الكاتب الراحل «مستشرفاً للمستقبل»، وقال إنه «كان صاحب موقف سياسي، ودائماً ما كان ينحاز للطبقات الفقيرة، وقد أفصح عن أشياء رأيناها في المستقبل، فهو مثلا من أطلق مصطلح (الدواعش) من أصحاب الفكر على المتطرفين عموماً، وتكمن براعته في تقديمه سينما الواقع التي يدمج فيها جزءاً من الخيال الاستشرافي المستقبلي»، لافتاً إلى أن فيلم «طيور الظلام» تحديداً «قفز فوق الوقت والتاريخ والواقع لمدة ربع قرن، وهي سينما تعتمد على صدق الكاتب وتحرر عقليته».

مشهد من فيلم «طيور الظلام» (يوتيوب)

واستشهد بعض مستخدمي «السوشيال ميديا» بمشاهد من أفلام متنوعة لوحيد حامد للتدليل على استشرافه للمستقبل والربط بين مشاهد الأفلام القديمة ومواقف المسؤولين الأخيرة.

وقدم حامد عشرات الأفلام السينمائية من بينها «البريء» و«الإنسان يعيش مرة واحدة»، و«المنسي»، و«معالي الوزير»، و«دم الغزال»، و«عمارة يعقوبيان»، كما قدم كثيراً من المسلسلات، من بينها «العائلة»، و«البشاير»، و«أحلام الفتى الطائر».

ووفق الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن، فإن «وحيد حامد من الشخصيات التي لا تحتاج مناسبة ليتصدّر (الترند)، فأعماله تفرض نفسها دائماً»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «حامد تناول خلال منتجه السينمائي أو التلفزيوني قضايا كثيرة كما استشرف أزمات عدّة؛ مما جعله حاضراً دائماً في وجدان الجمهور».

ويرى الناقد المصري أنه «لا يمكن تعويض أقلام مثل وحيد حامد، وأسامة أنور عكاشة، وأخيراً بشير الديك، فلا يوجد من يملأ الفراغ الذي تركه هؤلاء الكبار، لذا لا يزال الناس يستدعون أعمالهم المميزة».


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
TT

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)
خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

في عودة للمسلسلات المأخوذة عن «فورمات» أجنبية، انطلق عرض مسلسل «سراب» المأخوذ عن رواية بعنوان «سبعة أنواع من الغموض» (Seven Types Of Ambiguity) للكاتب الأسترالي إليوت بيرلمان، التي حُوّلت مسلسلاً عُرض عام 2017، وحقّق نجاحاً لافتاً. وتدور أحداثه في قالبٍ من الغموض والإثارة، وهو ما يعوّل عليه بطل المسلسل المصري الفنان خالد النبوي، بمشاركة مجموعة كبيرة من الفنانين، من بينهم، يسرا اللوزي، ونجلاء بدر، ودياموند بوعبود، وأحمد مجدي، وهاني عادل، وأحمد وفيق، وإنجي المقدم، وسيناريو وحوار ورشة كتابة بإشراف المؤلف هشام هلال وإخراج أحمد خالد.

يؤدي خالد النبوي في المسلسل شخصية «طارق حسيب»، الذي يتمتّع بحاسة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحقُّقها، في حين تجسد يسرا اللوزي دور زوجته «الطبيبة ملك». يفاجأ الزوجان باختفاء طفلهما زين (7 سنوات) من مدرسته، ورغم عودته سالماً لوالديه، تتكشف لهما وقائع صادمة كثيرة؛ مما يقلب حياتهما الهادئة رأساً على عقب.

المسلسل تعرضه منصة «TOD» القطرية حصرياً في 10 حلقات ابتداءً من الثلاثاء، وقد عُرضت 3 حلقات منه، وحظي باهتمام لافتٍ منذ بثّ الإعلان الرسمي له، الذي أثار حالة تشوّق كبيرة من متابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمشاهدته.

وأكد المؤلف هشام هلال، أن «المسلسل المصري لا يُقدّم نسخة مطابقة للمسلسل الأسترالي، بل يقدم معالجة مصرية خالصة، بحيث لا يمكن المشاهد أن يشكك في كونها عملاً غير مصري»، لافتاً إلى تولّيه الإشراف على فريق من الكتابة يضمّ 5 مؤلفين هم، محمود حسن، ومحمود شكري، وخالد شكري، ودعاء حلمي، وبسنت علاء. منوهاً إلى أن «المسلسل الأسترالي دارت أحداثه في 6 حلقات، في حين يُقدّم العمل المصري في 10 حلقات لإضافة شخصيات جديدة لأن الموضوع يسمح بذلك»، حسب قوله.

بوستر المسلسل (الشركة المنتجة)

ويشير هلال إلى اختلاف طريقة السّرد الدرامي في الحلقات قائلاً: «اتبعنا أسلوباً غير سائدٍ في كتابة الأعمال الدرامية، لم يعتده المُتفرج المصري والعربي؛ إذ تتناول كلّ حلقة شخصية من الشخصيات التسع الرئيسية، في حين تجمعهم الحلقة العاشرة والأخيرة. كما أن المخرج أحمد خالد يُقدم أسلوباً مغايراً ينتقل خلاله بين الزمن الحالي والأزمنة السابقة التي وقعت فيها أحداث في المسلسل».

من جانبه، قال الناقد الفني محمد عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»: إن «الحلقات الثلاث الأولى من المسلسل تمتّعت بمستوى عالٍ من التّشويق، خصوصاً بعد العثور سريعاً على الطفل المفقود، بشكل يجعل علامات الاستفهام أكبر، وفي اتجاه غير معتادٍ درامياً، فبدلاً من السؤال عن مكان الطفل، بات البحث عمّا حدث في ماضي الأبطال للوصول إلى لحظة اختفائه».

الفنان أحمد مجدي خلال تصوير المسلسل (الشركة المنتجة)

ويرى عبد الرحمن أن أداء الممثلين في «سراب» جيّدٌ واحترافي، وأن خالد النبوي يقدم شخصية «طارق» بتركيزٍ واضح بجانب الاهتمام بتفاصيل الشخصيات نفسياً، وهو أمر يُحسب لورشة الكتابة بإشراف هشام هلال، وللمخرج أحمد خالد أيضاً، الذي حرص على توفير إيقاع سريع للأحداث، واستغلال كل أحجام الكادرات للتعبير الدرامي عن التفاصيل، مثل مشهد وصول «النبوي» إلى مقرّ عمله، وتقسيم جسده إلى كادرات تعكس ثراءه الشديد وثقته بنفسه.