الخفافيش تقطع 400 كيلومتر في ليلة واحدة

خطوة نحو فهم سلوك هجرتها تساعد في تخفيف تأثير الأنشطة البشرية عليها

أنواع من الخفافيش تهاجر لمسافات طويلة (معهد ماكس بلانك لدراسة سلوك الحيوانات)
أنواع من الخفافيش تهاجر لمسافات طويلة (معهد ماكس بلانك لدراسة سلوك الحيوانات)
TT

الخفافيش تقطع 400 كيلومتر في ليلة واحدة

أنواع من الخفافيش تهاجر لمسافات طويلة (معهد ماكس بلانك لدراسة سلوك الحيوانات)
أنواع من الخفافيش تهاجر لمسافات طويلة (معهد ماكس بلانك لدراسة سلوك الحيوانات)

اكتشف باحثون من معهد «ماكس بلانك» لدراسة سلوك الحيوانات في ألمانيا، أنّ الخفافيش تعتمد على استراتيجيات طيران ذكية لتوفير الطاقة وزيادة مدى رحلاتها خلال هجرتها عبر القارة الأوروبية، مما يمكنها من قطع مئات الكيلومترات في الليلة الواحدة.

وأوضحوا أنّ هذه الدراسة تسهم في الإضاءة على نمط هجرة الخفافيش الذي عُدَّ لغزاً لسنوات، مما يفتح آفاقاً جديدة لفهم سلوك الكائنات المهاجرة الأخرى التي تعتمد على البيئة في تنقلاتها، ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «ساينس».

والخفافيش كائنات ليليّة تخرج من مخابئها في الظلام للبحث عن طعامها، الذي غالباً ما يتكوّن من الحشرات أو الفاكهة، مما يساعدها على البقاء بعيدة عن المفترسات.

ورغم نمط حياتها الليلي، تهاجر بعض أنواعها لمسافات طويلة في مواسم معينة بحثاً عن مناطق أكثر دفئاً أو مصادر غذاء غنية.

استراتيجية «التغذية المستمرّة»

تعتمد الخفافيش في هجراتها على إرشادات بيئية، مثل درجات الحرارة، إذ تقطع مسافات شاسعة للوصول إلى أماكن تتوافر فيها الظروف المثلى للبقاء والتكاثر.

ووفقاً للدراسة، فإنّ هجراتها تختلف عن هجرات الطيور، إذ تعتمد الخفافيش على استراتيجية «التغذية المستمرّة»، فتتوقّف بشكل متكرّر خلال رحلاتها الطويلة لالتقاط الطعام.

وأجرى الباحثون دراسة على 71 خفاشاً من نوع «نوكتولا الشائعة» خلال هجرتها الربيعية عبر أوروبا. وزوَّد العلماء الخفافيش بأجهزة استشعار خفيفة جداً تعادل 5 في المائة فقط من وزنها، لقياس نشاطها ودرجات حرارة الهواء المحيط. وهذه المستشعرات قادرة على إرسال بياناتها عبر شبكة اتصال شبيهة بشبكات الجوالات، ما مكّن الباحثين من تتبُّع مسارات الخفافيش والظروف البيئية التي واجهتها خلال رحلاتها.

وبينما تُعدُّ الطيور «أبطال» الهجرة طويلة المدى، فإنّ الدراسة أظهرت أنّ الخفافيش قادرة على اجتياز مسافات قارّية مذهلة.

وكشفت النتائج أنه يمكنها قطع مسافة تصل إلى 400 كيلومتر في ليلة واحدة؛ وهو رقم قياسي لهذا النوع.

كما أظهرت الدراسة أنّ هذه الهجرة ليست ضمن مسار موحَّد، وإنما تتبع نمطاً متغيراً في اتجاه الشمال الشرقي.

ورصد الباحثون بعض الليالي التي شهدت انطلاقات جماعية للخفافيش. وعند تحليل هذه الظاهرة، تبيّن أن انخفاض ضغط الهواء وارتفاع درجات الحرارة اللذين يسبقان العواصف، هما المحفّزان الرئيسان لهذه الانطلاقات. وباستخدام الرياح الدافئة التي توفرها العواصف، تمكنت الخفافيش من تقليل استهلاكها للطاقة بشكل كبير.

ويرى الباحثون أنّ هذه النتائج تمثّل خطوة كبيرة نحو فهم سلوك هجرة الخفافيش، ما يمكن أن يساعد في التخفيف من تأثير الأنشطة البشرية عليها، مثل اصطدامها بتوربينات الرياح، مع إمكان تطوير نظام لتوقع هجرتها، بهدف السماح بإيقاف تشغيل التوربينات مؤقتاً خلال فترات الهجرة.


مقالات ذات صلة

أسوأ 5 «سلوكيات نفسية» يفعلها الناس في بعضهم البعض

يوميات الشرق الإنسان مخلوق «اجتماعي» فريد يستطيع الحب وتشكيل التحالفات كما يستطيع «خلق الفوضى» (رويترز)

أسوأ 5 «سلوكيات نفسية» يفعلها الناس في بعضهم البعض

يُعد البشر المخلوقات «الأكثر اجتماعية» على هذا الكوكب. وبينما يمكننا تشكيل تحالفات، والوقوع في الحب، فإننا أيضاً ماهرون في «خلق الفوضى» داخل عقول الآخرين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق ضمَّن الفنان السوري محمد حافظ فنّه لوعة تعذُّر النسيان (موقعه الإلكتروني)

«الوطن في حقيبة»... مطالبة فنّية برفع الحظر عن الانتماء

سنوات مرَّت ومحمد حافظ سوريٌّ جداً، في عزّ إمكان بزوغ الخيار الآخر؛ كأنْ يتغاضى مثلاً، أو يُشفى بعض الشيء من مرارة الأوطان. فنُّه عزاء لروحه المشتاقة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق استجابة مُتقنة للمضمون (فيسبوك)

انتقادات لفنان يخطِّط لبناء منزل مغطَّى برسومه

يواجه الفنان المعروف باسم «مستر دودل» انتقادات لعزمه بناء منزل صغير مغطَّى بتصميماته على ساحل كينت الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الموز ممّا فضَّلته (أ.ب)

الموز... على مائدة مُعمَّرة يابانية عاشت 116 عاماً

تُوفيت توميكو إيتوكا، أكبر معمَّرة في العالم، بتصنيف موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، عن عمر ناهز 116 عاماً، كما أعلن مسؤول في مدينة آشيا اليابانية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق النبتة الغريبة (متحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي)

«نبات غريب» عمره 47 مليون سنة يُذهل العلماء

اكتشف العلماء أحفورة فريدة لا تتطابق مع أي نوع معروف من النباتات المُزهرة؛ وهو تقدُّم يضيء أكثر على التنوُّع القديم للكوكب.

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)

«إنسانية» الآلة تتخطى البشر... و«تطبيقات الذكاء الاصطناعي» أكثر تعاطفاً منا!

مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
TT

«إنسانية» الآلة تتخطى البشر... و«تطبيقات الذكاء الاصطناعي» أكثر تعاطفاً منا!

مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)

يعد الكثيرون أن التعاطف هو «حجر الزاوية» في العلاج الفعال للصحة العقلية. ويتفق عدد من الخبراء على أن التعاطف يخلق مشاعر الثقة، ويقلل من المشاعر السلبية، ويعزز احترام الذات، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية.

لكن، هل يمكن للأجهزة الرقمية أن تُظهر التعاطف؟

تتمتع تطبيقات الصحة العقلية الرقمية بلحظة اختراق حقيقية. ويُظهر الذكاء الاصطناعي أملاً كبيراً في محاكاة المحادثة البشرية. لكن هل يمكن للتعاطف الرقمي أن يتنافس مع التعاطف الإنساني؟

كجزء من مشروع مستمر، أُجري اختبار لقياس تأثير الاستجابات التي يولدها الكمبيوتر عن طريق تطبيق مُصمم حديثاً على الأفراد الذين يبحثون عن الراحة من الأفكار والمشاعر السلبية.

ووفق «سيكولوجي توداي»، فقد سعى الاختبار إلى القياس بـ«طريقة هادفة» حول ما إذا كان الناس يستفيدون بما يسمى «التعاطف الرقمي».

التعاطف الرقمي يفوق التوقعات

وباستطلاع آراء 290 من مختبري الإصدار التجريبي، الذين استخدموا التطبيق في شتاء 2023-2024، الذين طُلب منهم تقييم مستوى الدفء والتفهم الذي شعروا به مع الأصدقاء والأحباء على مقياس من 0 (ليس على الإطلاق) إلى 100 (ممتاز)، وبعد ذلك، طُلب منهم التنبؤ بمدى الدفء والتفهم الذي سيتلقونه من التطبيق، لم يُبلغ معظم مختبري الإصدار التجريبي عن الكثير من الدفء من الأصدقاء كما من التطبيق. ولعل هذا يعكس الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة بأن التكنولوجيا هي بطبيعتها «غير شخصية» و«أقل من» الإنسان.

لكن عندما استخدم المشاركون التطبيق بعد تطويره للرد، كما لو كان في محادثة حقيقية «وجهاً لوجه»، عبّر التطبيق عن التفهم، وقدّم الدفء، واقترح العديد من الطرق الجديدة لتحدي الأفكار التي أثارت مشاعر المستخدمين السلبية.

وبمجرد أن بدأ المستخدمون في التفاعل مع التطبيق القائم على الذكاء الاصطناعي، تغيرت تصوراتهم عن «التعاطف الرقمي» بشكل كبير. وفي نهاية الاختبار التجريبي الذي دام أربعة أسابيع، قيّموا مقدار الدفء الرقمي بما يقرب من ضعفي المستوى البشري و«أعلى بكثير مما توقعوه».

قيّم المشاركون التعاطف الرقمي بمستوى أعلى من الدفء والتفاهم

وتشير هذه النتائج بقوة إلى أن التطبيق قد يكون في الواقع أفضل من البشر في التعاطف. وأشار الاختبار أيضاً إلى أنه قد لا يكون هناك حقاً أي شيء فريد أو خاص بشأن التعاطف الإنساني.

لقد تحسن مستخدمو التطبيق بشكل كبير وسريع، وأبلغوا عن انخفاض بنسبة 50-60 في المائة في جميع المشاعر السلبية بعد ثلاثة أيام من استخدام التطبيق، واستمر هذا التحسن طوال مدة الاختبار التجريبي وفي فترة المتابعة لمدة خمسة أسابيع.

أبلغ المستخدمون عن تحسن كبير في المشاعر السلبية بعد استخدام التطبيق القائم على الذكاء الاصطناعي

وأكد الاختبار أن الأجهزة الرقمية «يمكنها القيام بعمل رائع في التعاطف». بالإضافة إلى ذلك، أكد أن «التغيرات السريعة والدراماتيكية في مجموعة واسعة من المشاعر السلبية» أمر ممكن لدى معظم المستخدمين.

ومع التقدم في الذكاء الاصطناعي وتقنيات العلاج الجديدة، يمكن الآن التطلع إلى تطبيقات قابلة للتطوير وأكثر قوة في المستقبل القريب.