تكرار حوادث مهاجمة أسماك القرش للبشر في البحر الأحمر يثير تساؤلات

خبراء تتبعوا الأسباب ورصدوا تأثيرها على السياحة

أسماك القرش تتسبب في حوادث بالمياه العميقة (أ.ب)
أسماك القرش تتسبب في حوادث بالمياه العميقة (أ.ب)
TT

تكرار حوادث مهاجمة أسماك القرش للبشر في البحر الأحمر يثير تساؤلات

أسماك القرش تتسبب في حوادث بالمياه العميقة (أ.ب)
أسماك القرش تتسبب في حوادث بالمياه العميقة (أ.ب)

أعاد حادث مقتل سائح وإصابة آخر في هجوم لأسماك القرش بالبحر الأحمر بمصر التساؤلات حول أسباب ظهورها بمياه البحر الأحمر ومهاجمتها للبشر، وتأثير ذلك على موسم السياحة الشتوي، لا سيما وأن السياحة الشاطئية تشكل نحو 70 في المائة من السياحة الوافدة للبلاد.

وقد تعرض اثنان من السياح الأجانب، الأحد، لهجوم من سمكة قرش في منطقة شمال مرسى علم بالبحر الأحمر، ما أسفر عن وفاة أحدهما وإصابة الآخر، بحسب إفادة رسمية من وزارة البيئة المصرية.

وعلى الفور أعلنت وزارة البيئة، الأحد، «رفع حالة الاستعداد والمتابعة بمحميات البحر الأحمر لمتابعة حادث هجوم سمكة قرش بالمياه العميقة خارج منطقة السباحة بمنطقة شمال مرسى علم». وقررت وزيرة البيئة المصرية الدكتورة ياسمين فؤاد «تشكيل لجنة عاجلة بالتنسيق والتعاون مع محافظة البحر الأحمر، والجهات المعنية للوقوف على أسباب الحادث». وأعلنت الوزيرة «إغلاق المنطقة ومنع السباحة في منطقة السقالات لمدة يومين».

وقرر محافظ البحر الأحمر، اللواء عمرو حنفي، «وقف أعمال السباحة، والسنوركل، في بعض المناطق البحرية المتأثرة بالحظر، بدءاً من يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي ولمدة 3 أيام»، وفق إفادة رسمية، الأحد، كما شدّد على ضرورة «التأكيد على المراكب بعدم إلقاء أي مخلفات في مياه البحر»، إضافة إلى «حظر الصيد التجاري والترفيهي في منطقة الحظر».

وجدّد حادث مرسى علم التساؤلات بشأن أسباب مهاجمة القرش للبشر، التي أرجعها البعض إلى الصيد ، فيما ردها آخرون إلى سلوكيات السياح أنفسهم. ونبه خبراء إلى أنه رغم أن هذه الحوادث «أمر طبيعي ويحدث في مختلف دول العام»، فإنه لا بد من اتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من تأثيرها على السياحة.

وأرجع رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، سبب الحادث إلى «مراكب الصيد التجارية التي تلقي بمخلفاتها في البحر». وطالب عبر حسابه على منصة «إكس» بـ«منع الصيد التجاري في هذه المنطقة السياحية». وقال: «العائد من السياحة أهم من مراكب تدمر الشعب وتصطاد من دون حساب الأسماك الصغيرة».

ورجحت تقارير عدة ودراسات أجريت على سلوكيات أسماك القرش، أن يكون «الصيد الجائر» أحد أبرز أسباب اقتراب القرش من حيز المصطافين وهجومه على البشر. ووفقاً لتقرير اللجنة العلمية المشكلة لبحث أسباب حادث مقتل سائح روسي في الغردقة في يونيو (حزيران) من العام الماضي، فإن «الهجوم تم بهدف الحصول على التغذية بسبب الصيد الجائر ونقص المخزون السمكي في البحر الأحمر».

بدوره، يضيف الخبير السياحي محمد كارم، سبباً آخر يتعلق بـ«التغير البيئي وإطعام المواطنين للأسماك، مما يجذب أسماك القرش الباحثة عن الغذاء». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من توعية المواطنين بشأن السلوكيات التي تزيد مخاطر السباحة في مياه البحر الأحمر».

من جانبه، أرجع الخبير السياحي أحمد عبد العزيز تكرار الحوادث إلى «غياب التعاون بين الأجهزة المعنية في فرض رقابة على الشواطئ، ومنع سفن الصيد التجارية من الصيد في المناطق السياحية». وطالب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بـ«مزيد من التنسيق والرقابة على الشواطئ ودراسة أسباب تكرار هذه الحوادث للحد منها».

وفي منتصف العام الماضي أعلنت وزارة البيئة المصرية «بدء المرحلة التحضيرية لدراسة سلوكيات أسماك القرش على السواحل المصرية للبحر الأحمر». ووفقاً للوزارة فإن الدراسة «تستهدف 3 أنواع من أسماك القرش، مسؤولة عن جميع الحوادث المسجلة بالبحر الأحمر خلال السنوات الأخيرة طبقاً للإحصاءات المحلية والدولية». والدراسة التي تستمر 18 شهراً، تستهدف التعرف على سلوكيات أسماك القرش وأسباب تغيرها عبر فصول العام.

أسماك القرش تشكل تهديداً في مياه البحر الأحمر (أرشيفية - رويترز)

وبين الحين والآخر تتكرر هجمات القرش في البحر الأحمر، ففي منتصف عام 2022، تسببت هجمات القرش في وفاة سائحتين قبالة منتجع سهل حشيش بالغردقة. وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020، تعرض زوار شاطئ محمية رأس محمد بمحافظة جنوب سيناء لهجمات أسماك قرش، لم تسفر عن وفيات. وتعد هجمات القرش بمدينة شرم الشيخ في عام 2010 هي الأبرز، ووقتها كشف التحقيق أن «سبب هجوم القرش على البشر، الذي يعد نادراً في تلك المنطقة، يرجع إلى قيام غواصين محليين بإطعام أسماك القرش بأيديهم».

وكون هذه الحوادث تتسبب في وفاة وإصابة سياح، فإن ذلك يثير مخاوف لدى البعض من تأثيرها على الموسم السياحي، وهو ما يشير إليه الخبير السياحي أحمد عبد العزيز، مؤكداً أن «السياحة الشاطئية تشكل 70 في المائة من السياحة الوافدة إلى مصر». وقال عبد العزيز: «رغم أن حوادث هجمات القرش تتكرر في أجزاء عدة من العالم، فإنه من المتوقع أن تؤثر ولو لفترة محدودة على السياحة في البحر الأحمر، لا سيما في المنطقة التي شهدت الحادث».

في المقابل لا يرى الخبير السياحي محمد كارم «تأثيراً يذكر لحوادث هجمات القرش على السياحة»، وعدّها «أمراً طبيعياً يحدث في مختلف شواطئ العالم»، إلا أنه أشار إلى أن «الحادث الأخير في مرسى علم قد يتسبب في وجود تخوف لدى بعض السياح».


مقالات ذات صلة

اكتشاف نوع جديد من الثعابين يعيش في قيعان الأنهار

يوميات الشرق ثعبان «موراي هاديس» يتميز بلونه البني الداكن وقوامه النحيف (جامعة صن يات سين الوطنية)

اكتشاف نوع جديد من الثعابين يعيش في قيعان الأنهار

أعلن فريق دولي من العلماء عن اكتشاف نوع جديد من ثعابين «الموراي»، أُطلق عليه اسم «موراي هاديس» (Uropterygius hades)، نسبة إلى إله العالم السفلي في الأساطير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
آسيا أفيال (أ.ف.ب)

مقتل امرأة بعد مهاجمة قطيع من الأفيال لمنزلها في جزيرة سومطرة

لقت امرأة (63 عاماً) حتفها، الاثنين، في منزلها الواقع على جزيرة سومطرة الإندونيسية، بعد أن هاجمها قطيع من الأفيال البرية، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
بيئة فضلات الطيور قد تساعد على التنبؤ بالجائحة القادمة

فضلات الطيور قد تساعد على التنبؤ بالجائحة القادمة

أفاد تقرير إخباري بأن فضلات الطيور قد تساعد على التنبؤ بالجائحة القادمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا دمر الإعصار «تشيدو» أنحاءً شاسعة من مايوت بعد أن صاحبته رياح تجاوزت سرعتها 200 كيلومتر في الساعة (أ.ف.ب) play-circle 00:38

استمرار البحث عن ناجين وإحصاء القتلى في مايوت الفرنسية بعد الإعصار

بحث عمال الطوارئ عن ناجين، الاثنين، وسابقوا الزمن لاستعادة الخدمات الأساسية في مايوت، وهي من الأراضي الفرنسية ما وراء البحار، حيث يُخشى مقتل الآلاف.

«الشرق الأوسط» (موروني)
بيئة درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

صعوبة في تفسير الارتفاع القياسي في درجات الحرارة العالمية

يُعدّ الاحترار الذي يواجهه العالم منذ عقود بسبب غازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة البشرية مسألة معروفة، لكنّ درجات الحرارة العالمية التي حطّمت الأرقام القياسية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
TT

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

تُعد دراما السيرة الذاتية للمشاهير والشخصيات العامة من أهم أنواع الدراما التي يُقبل عليها المشاهد عالمياً، لكن الأزمة الأساسية التي تواجه هذا النوع الدرامي تتعلق بالصراع مع الورثة حول أحقية تقديم العمل من عدمه، وفق متابعين ونقاد.

وفي الآونة الأخيرة، طالعتنا وسائل إعلام بتصريحات على لسان الممثل كريم نجل النجم الراحل محمود عبد العزيز أنه «يرفض تحويل حياة والده إلى عمل درامي».

في حين أن محمود عبد العزيز قدم أحد أشهر مسلسلات السيرة الذاتية وهو «رأفت الهجان» عن قصة عميل المخابرات المصرية الذي عاش في إسرائيل رفعت الجمال، وحقّق العمل الذي بُث الجزء الأول منه لأول مرة عام 1988 نجاحاً ساحقاً في أجزائه الثلاثة.

مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

وعلى الرغم من أن الفنان الراحل أحمد زكي قدم 3 أفلام سيرة ذاتية عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر «ناصر 56» عام 1996، والرئيس الراحل أنور السادات «أيام السادات» عام 2001، والمطرب الراحل عبد الحليم حافظ «حليم» عام 2006، بيد أن شقيقته إيمان زكي رفضت رفضاً قاطعاً تقديم قصة حياته في مسلسل.

حق عام بضوابط

قال حسن حافظ الباحث في تاريخ مصر لـ«الشرق الأوسط»: إن «سيرة أي شخصية مشهورة هي ملكية عامة، ومن حق أي مبدع تقديمها في عمل فني». وتابع: «بيد أن هناك بعض المعايير، أهمها الاحتفاظ بالسياق التاريخي للأحداث دون تزييف، مع حق المبدع أن يتعمّق في دوافع الشخصية لفهم القرارات التي اتخذتها، وهنا يكون الورثة أحد مكونات عملية البحث، مع التدقيق في ما يقولونه».

أمر آخر لا بد من أخذه في عين الاعتبار حسب حافظ، وهو أن العمل الدرامي لا يحكي قصة الشخصية العامة كما جرت بالضبط، بل هو مبني في جزء منه على الخيال، بعكس العمل الوثائقي.

ويتفق معه الناقد الفني أمجد مصطفى، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يحق للورثة حتى طلب أموال مقابل السماح بتناول القصة، ولكن من حقهم الاطمئنان لخروج العمل الدرامي دون تشويه للشخصية، فهناك بعض كتاب الأعمال الدرامية الذين يتعمدون إضافة أشياء قد تكون غير حقيقية وربما جارحة من أجل التشويق والإثارة».

ولفت إلى أن ذلك لا يعني أن العمل الدرامي يجب أن يُركّز فقط على الجوانب الإيجابية في حياة الشخصية، فهناك أمور قد لا تفيد في رصد حياة الشخصية، وفق مصطفى.

تخليد للشخصية وشركائها

من أهم السير التي قّدّمت وخلقت حالة في مصر، مسلسل «أم كلثوم» (إنتاج 1999)، وحقق نجاحاً كبيراً، وفق نقاد، ومع ذلك يقول حسن حافظ إن «هذا المسلسل قدم سيرة بيضاء لأم كلثوم، ولم ينخرط مثلاً في صراعاتها مع نجوم عصرها».

في حين يرى أمجد مصطفى أن «مسلسل (أم كلثوم) إلى جانب أنه يخلّد سيرتها، فإنه كذلك يرصد حياة جميع من شاركوا في قصة نجاحها من ملحنين وشعراء، ولكن هذا المسلسل مثلاً تجاهل دور الموسيقار محمد الموجي في حياة أم كلثوم، ومن هنا يجب على كاتب دراما السيرة الذاتية أن يكون أميناً في الرصد».

سيرة أم كلثوم في مسلسل من بطولة صابرين (يوتيوب)

الجدية شرط النجاح

على المستوى العالمي هناك انفتاح لتقديم دراما السيرة الذاتية سواء في أميركا أو أوروبا، مثل مسلسل «كليوباترا» الذي عرضته منصة «نتفليكس» الأميركية في مايو (أيار) 2023 وأثار الجدل لأنه قدم الملكة المصرية الفرعونية ذات بشرة سمراء، وهو ما عدّته السلطات المصرية «تزييفاً للتاريخ»؛ لأن المصادر تؤكد أن كليوباترا كانت بشرتها فاتحة اللون.

في حين أن مسلسل «التاج» (The Crown)، الذي يتناول سيرة الملكة إليزابيث الثانية، حقق نجاحاً كبيراً.

ويُرجع حافظ سبب نجاحه إلى «ما لمسه المشاهد من جدية القائمين عليه لتقديمه في أحسن صورة وأدق تفاصيل».

وشدّد على أن «غياب الجدّية والدقة تسبب في فشل مسلسلات عن سير المشاهير في مصر خلال السنوات الأخيرة، مثل مسلسلات (العندليب) عن سيرة عبد الحليم حافظ، و(السندريلا) عن سيرة سعاد حسني، و(الضاحك الباكي) عن سيرة نجيب الريحاني».

ويرى أمجد مصطفى كذلك أن «فيلم حليم لأنه كان في آخر أيام أحمد زكي وقت مرضه أُنجز بسرعة ولم يكن متّقناً بالقدر اللازم لنجاحه».

تصبح المهمة أسهل حينما تكون للشخصية المشهورة مذكرات كتبتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت، الذي يقول نجله الشاعر محمد بهجت لـ«الشرق الأوسط»: «لم يواجه والدي مشكلات مع الورثة عند كتابة الفيلم لأنه اعتمد على كتاب البحث عن الذات للرئيس السادات، وكذلك بعض كتب الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، وأيضاً مذكرات جيهان السادات التي كانت على قيد الحياة وقتها وأثنت على سيناريو الفيلم قبل تصويره حينما عرضه عليها والدي والفنان أحمد زكي».

أحمد زكي في فيلم «أيام السادات» (فيسبوك)

موقف القانون

وعن موقف القانون من دراما السيرة الذاتية يقول المحامي بالنقض محمد إصلاح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «وفق المبادئ القانونية المستقرة في القانون المدني المصري فإن مجرد التجسيد لا يرتب حقاً قانونياً للورثة في الاعتراض، ولكن لهم رفع دعوى تعويض إذا أثبتوا أن النشر والتجسيد قد أضرّ بسمعة المتوفى، ولا يستطيعون رفع دعوى منع ما لم يتمكنوا من إثبات تحقّق هذا الضرر للمحكمة من واقع العمل الفني».