السينما السعودية تستعد لاستقبال فيلم «صيفي»

تحدياته السردية والمشاهد المؤثرة تفتحان آفاقاً جديدة

المخرج وائل أبو منصور وأبطال العمل أثناء العرض الخاص لفيلم صيفي بجدة (الشرق الأوسط)
المخرج وائل أبو منصور وأبطال العمل أثناء العرض الخاص لفيلم صيفي بجدة (الشرق الأوسط)
TT

السينما السعودية تستعد لاستقبال فيلم «صيفي»

المخرج وائل أبو منصور وأبطال العمل أثناء العرض الخاص لفيلم صيفي بجدة (الشرق الأوسط)
المخرج وائل أبو منصور وأبطال العمل أثناء العرض الخاص لفيلم صيفي بجدة (الشرق الأوسط)

يتطلع عشاق السينما في السعودية إلى يوم 26 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، موعد عرض الفيلم السعودي المرتقب «صيفي» في دور السينما المحلية، بعد أن حظي بعرض أول مميز ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي.

الفيلم الذي أخرجه وكتبه وائل أبو منصور، ومن إنتاج محمد الحمود، وشوقي كنيس، والمعتز الجفري، يجمع نخبة من نجوم الشاشة السعودية والعربية، منهم أسامة القس، وعائشة كاي، وبراء عالم، ونور الخضراء (الحائزة على جائزة النجم الصاعد من مهرجان البحر الأحمر)، وحسام الحارثي.

نور الخضراء وعائشة كاي (لقطة شاشة من إعلان الفيلم)

الفيلم تدور أحداثه في فترة أواخر التسعينيات الميلادية، ويحكي قصة صيفي محمد، وهو رجل أربعيني يسعى لتحقيق الثراء السريع من خلال إدارته فرقة شعبية لإحياء الأفراح، بمساعدة صديقه زرياب أبو الحسن، صاحب متجر «شريط الكون» لبيع الكاسيتات المتنوعة، بما فيها تلك المحظورة ذات الطابع الديني، إلا أن أحداث القصة تتحول من الطابع الكوميدي إلى الدراما، لتكشف عن تعقيدات الحياة التي يواجهها طاقم العمل.

زرياب بين المرح والمأساة

براء عالم، الذي جسّد شخصية زرياب أبو الحسن، قال لـ«الشرق الأوسط»، على هامش العرض الخاص للفيلم الذي أقيم الثلاثاء 24 ديسمبر، بسينما موفي ذا فيليج بجدة، بأن الدور كان تجربة مميزة بالنسبة له، مضيفاً أن «شخصية الفنان الموسيقي وصديق صيفي الوفي في العمل كانت ممتعة، وفيها كثير من المواقف المسلية التي تتطور مع تسارع الأحداث إلى مواقف مثيرة، خصوصاً أن البيئة التي نشأ فيها زرياب مشابهة للبيئة التي كبرت فيها، وهذا ما ساعدني على إتقان الدور».

براء عالم وأسامة القس في مشهد من الفيلم (لقطة شاشة من إعلان الفيلم)

وتابع عالم: «العمل مع وائل أبو منصور مليء بالتحدي والإبداع، خصوصاً أثناء تقديم شخصية مركبة ذات أبعاد متعددة، مؤكداً أن مواقع التصوير الحقيقية، في جدة البلد والكورنيش، أضفت طابعاً أصيلاً على الفيلم وأداء الممثلين».

المهدي وعوالم الصراع الداخلي

حسام الحارثي، الذي لعب دور المهدي، المعاون الديني لشيخ أسعد أمان، أكد في حديث له مع الـ«الشرق الأوسط» أن الشخصية شكّلت تحدياً خاصّاً له، كونها بعيدة عن شخصيته الحقيقية، وأردف: «أنا أفضل دائماً لعب الأدوار المختلفة عن ذاتي؛ لأنها تسمح لي بالهروب من نفسي، واستكشاف شخصيات جديدة. كما أن العمل مع أبو منصور ساعدني في الوصول للصورة النهائية للشخصية».

أسامة القس ونور الخضراء (لقطة شاشة من إعلان الفيلم)

رؤية جريئة لعصر مضى

الناقد السينمائي عبد العزيز خوجة وصف الفيلم بأنه رؤية جريئة لتقديم حقبة أواخر التسعينيات، في إطار درامي بسيط ولكنه مؤثر، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم يجمع بين الكوميديا والدراما بشكل متوازن، ويُركز على العلاقة الإنسانية والصراعات الداخلية. فاختيار المواقع والإنتاج يعكسان بساطة تلك الحقبة دون الوقوع في فخ التكرار أو المبالغة».

وأشاد خوجة بأداء طاقم العمل، خصوصاً أسامة القس وبراء عالم ونور الخضراء، الذين أضافوا عمقاً للشخصيات، كما أثنى على قدرة المخرج وائل أبو منصور في تقديم قصة معاصرة بروح زمنية مختلفة.

وحسب خوجة، نجح أبو منصور في تقديم رؤية بصرية مميزة؛ حيث تنوعت مواقع التصوير بين جدة البلد والكورنيش، ما أضفى واقعية على الأحداث. كما أن الموسيقى التصويرية لعبت دوراً بارزاً في تعزيز أجواء التوتر والدراما.

تحديات سردية

ورغم وصف خوجة للتجربة بأنها مثيرة للاهتمام، فإنها عانت من نقاط ضعف. فهو يرى أن القصة تشعَّبت إلى أجزاء فرعية، أظهرت شخصيات من ماضي صيفي، لكن هذه الشخصيات تهمَّشت مع تقدم الأحداث، ما أدى إلى تراجع التماسك السردي.

وأشار الناقد إلى أن مشهد «البيت المحروق» يعد نقطة ضعف كبيرة، إذ خرج عن الإطار المنطقي للقصة. كما انتقد «الرتم البطيء»، وبعض الحوارات التي وصفها بأنها «حشو زائد».

النهاية، وفقاً للناقد، لم تكن مقنعة أو متسقة مع شخصية صيفي، أو مع بداية الفيلم. وأضاف أن غياب عنصر البهجة وظهورها في نهاية الفيلم كان نقطة سلبية، فالمشاهد يحتاج إلى مشاهدة بهجة موزعة طوال الفيلم، مشيراً إلى أن الفيلم افتقر إلى لحظة ختامية مرضية تعوّض المشاهد عن الرحلة التي خاضها مع الشخصيات.

وعَدّ خوجة فيلم «صيفي» خطوة جديدة تعكس تطور السينما السعودية وطموح صنّاعها. وقال: «العمل يظهر إمكانات واعدة لدى المخرج وفريق العمل، ما يجعل الجمهور متشوّقاً لمشروعاتهم المقبلة».

ويعد فيلم «صيفي» خطوة جديدة في مسيرة السينما السعودية، لتقديم قصص محلية بجاذبية عالمية، ورغم التحديات، يبقى الفيلم تجربة مميزة تستحق المشاهدة لكل من يتطلع إلى متابعة تطور السينما السعودية.


مقالات ذات صلة

«السوق المالية» السعودية: تقييد دعويين جماعيتين ضد تنفيذيين بـ«شركة الخضري»

الاقتصاد المدعي طلب تعويضه عن خسائر نتيجة مخالفات مرتكبة (الشرق الأوسط)

«السوق المالية» السعودية: تقييد دعويين جماعيتين ضد تنفيذيين بـ«شركة الخضري»

قررت «لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية» السعودية قبول طلبين لتقييد دعويين جماعيتين مقدمتين من مستثمر ضد الرئيس التنفيذي وبعض موظفي «شركة الخضري».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المجلس استعرض أداء برامج تحقيق الرؤية والاستراتيجيات الوطنية (الهيئة الملكية لمدينة الرياض)

«المجلس الاقتصادي» ينوّه بقدرة السعودية على مواجهة التحديات العالمية

نوّه «مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية» السعودي بقدرة البلاد على مواجهة تحديات الاقتصاد العالمي، في ظل التحسن الملحوظ بالقطاع غير النفطي والأنشطة الصناعية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير خالد بن سلمان لدى لقائه العماد جوزيف عون (وزارة الدفاع السعودية)

خالد بن سلمان وعون يبحثان مستجدات لبنان

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع العماد جوزيف عون قائد الجيش اللبناني، مستجدات الأوضاع في لبنان والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص كيتامورا توشيهيرو مساعد وزير الخارجية والمتحدث باسم الخارجية اليابانية في حوار مع «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)

خاص اليابان: هواجس داخلية ومواقف إقليمية

شددت اليابان على علاقتها الاستراتيجية مع السعودية، كاشفة عن مساعٍ جارية لتوسيع شراكاتها بشكل شامل، مؤكدة على أهمية الاستفادة من متغيرات الوضع الجديد في سوريا.

فتح الرحمن يوسف (طوكيو)
الخليج السعودية عدّت ممارسات إسرائيل في «الأقصى» تعدياً صارخاً (د.ب.أ)

السعودية تدين استمرار انتهاكات إسرائيل في فلسطين وسوريا

دانت السعودية اقتحام وزير الأمن القومي لباحة المسجد الأقصى، وتوغل قوات الاحتلال في الجنوب السوري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار، ومدى تأثيره في ظل انتشار فقرات توقعات الأبراج والتنبؤات بالمستقبل في وسائل إعلام عدة حول العالم.

وحظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافة «المنجمين» و«العرّافين» على جميع قنوات وإذاعات ومواقع الهيئة، ودعا رئيسها الكاتب أحمد المسلماني، بحسب إفادة رسمية الأربعاء، إلى «استطلاع مستقبل المنطقة والعالم عبر التفكير العلمي، وقواعد المنطق ومعطيات علم السياسة والعلوم الأخرى، والاستعانة في هذا الصدد بالعلماء والخبراء والأكاديميين والمثقفين».

وشدّد على «ضرورة الابتعاد عن الترويج لخرافات المنجمين والمشعوذين، مهما كانت شهرتهم، الذين يستهدفون إهانة العقل، وتسفيه المعرفة، وتأسيس شهرة كاذبة على توقعات عشوائية لا سند لها».

أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

ولفت المسلماني إلى أن «واجب وسائل الإعلام مواجهة الجهل، وتعظيم العلم، وتعزيز المنطق».

ويأتي القرار تزامناً مع قرارات من «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» تستهدف «ضبط المشهد الإعلامي المصري، في ظل شكاوى عدة من الجمهور والمراقبين».

وعدّ العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، قرار الهيئة الوطنية للإعلام بمثابة «رسالة تستهدف التأكيد على دور الإعلام الرسمي في نشر الوعي ومكافحة الخرافات».

لكن في الوقت ذاته أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «آثار القرار لا تمتد إلى القنوات الخاصة، التي عادة ما تقدم فقرات من هذا النوع، نظراً لما تحظى به من مشاهدات مرتفعة».

ولا تملك الهيئة الوطنية للإعلام الولاية على السياسة التحريرية للقنوات الفضائية الخاصة، بما فيها التي يتم بثّها من مدينة الإنتاج الإعلامي. حيث تقتصر ولايتها على الإذاعة والتلفزيون الرسمي المصري «ماسبيرو» فقط، ويتبعها عدد من الشركات، من بينها شركة «صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات»، و«الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي»، والشركة المصرية للأقمار الاصطناعية «نايل سات»، وشركة «راديو النيل».

التلفزيون الرسمي حظر استضافة المُنجمين (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأرجعت أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتورة ليلى عبد المجيد، القرار إلى «الرغبة في مواجهة الخرافات والتفكير غير العلمي». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: إن «الهيئة تريد نشر التفكير العلمي وزيادة الوعي بين المواطنين، ولا سيما أن بعضهم يتعامل مع هذه النوعية من التنبؤات باعتبارها حقائق وليس خرافات».

وأشارت ليلى إلى «محدودية تأثير القرار، ولا سيما أنه لا ينطبق على القنوات الخاصة التي عادة ما تقدم مثل هذه الفقرات»، لكن رغم محدودية التأثير، عدّت أستاذة الإعلام القرار «خطوة مهمة للحدّ من انتشار الخرافات، ولو في نطاق محدود»، معربة عن أملها في أن «يسهم القرار في تشجيع قنوات القطاع الخاص على أن تحذو حذو الإعلام الرسمي».

ويأتي القرار عقب تكرار وقائع ظهور «العرافين» على الشاشات المصرية، سواء في الإعلام الرسمي أو الخاص، ولا سيما فقرات توقعات الأبراج وصفاتها، وتوقعات العام الجديد. وفي بعض الأحيان، أثارت تلك الفقرات جدلاً، مع حرص مواطنين على معرفة ما يصدق من تلك التوقعات. فقد أربك العام الماضي المُتنبئ الهولندي فرانك هوغربيتس المصريين بتوقعاته بشأن احتمالية حدوث زلازل في مصر.

كما استحوذت توقعات العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف على نسبة كبيرة من اهتمامات المصريين خلال الآونة الأخيرة، بعدما أثارت توقعاتها جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والفنية والرياضية، وتابعت وسائل إعلام عدة توقعاتها، في محاولة لربطها بأحداث واقعية.

ليلى عبد اللطيف في لقاء سابق مع الإعلامي عمرو أديب (صفحتها على «إنستغرام»)

وبشأن انتشار فقرات الفلك وتوقعات الأبراج في وسائل الإعلام العالمية، قالت ليلى عبد المجيد إن «الأمر مرتبط بدرجة الوعي، وهل يتعاطى الجمهور مع هذه الفقرات كنوع من التسلية، أم يأخذها باعتبارها حقائق»، ضاربة المثل بمتابعة الجمهور لتوقعات ليلى عبد اللطيف ومحاولة معرفة ما تحقق منها». وأضافت: «في ظل نقص الوعي، من المهم الحد من الخرافات وتشجيع الناس على التفكير العلمي».

وهو ما يؤيده مكاوي، قائلاً إن «المواد المتعلقة بتوقعات الأبراج والتنبؤات بالمستقبل فقرات متعارف عليها في وسائل إعلام عدة حول العالم، ولها نسب مشاهدة، خصوصاً في توقيتات معينة، مثل نهاية عام وبداية عام جديد، والبعض يعدّها علماً».

وخلال الأشهر الماضية، أثارت توقعات ليلى عبد اللطيف الخبيرة اللبنانية في الفلك جدلاً في مصر، حيث تصدرت «الترند» بتوقعاتها أكثر من مرة، حيث سبق أن توقعت وصول سيدة لـ«البيت الأبيض»، لكن سرعان ما ثبت عدم دقة التوقع عند فوز دونالد ترمب برئاسة أميركا.