إيفا لونغوريا في «البحر الأحمر»: الموهبة الحقيقية لا تعتمد فقط على السيرة الذاتية

الأمومة لقّنتها التركيز على ما يهمّ وجعلتْ كلمة «لا» جزءاً من حياتها

إيفا لونغوريا تتحدث عن الفرص والمواهب خلال جلستها الحوارية (غيتي)
إيفا لونغوريا تتحدث عن الفرص والمواهب خلال جلستها الحوارية (غيتي)
TT

إيفا لونغوريا في «البحر الأحمر»: الموهبة الحقيقية لا تعتمد فقط على السيرة الذاتية

إيفا لونغوريا تتحدث عن الفرص والمواهب خلال جلستها الحوارية (غيتي)
إيفا لونغوريا تتحدث عن الفرص والمواهب خلال جلستها الحوارية (غيتي)

شهد مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، في يومه الثاني، جلسةً حواريةً مميّزةً مع النجمة العالمية إيفا لونغوريا، التي تُعدّ واحدةً من أبرز الشخصيات في عالمَي السينما والإنتاج؛ فشاركت الجمهور تفاصيل رحلتها المهنية والإنسانية في قاعة «ميدان الثقافة». جلسةٌ مليئة بالإلهام والتجارب الغنية، عكست رؤية الضيفة لصناعة السينما، ودورها في تمكين المواهب الجديدة، وتعزيز التنوّع والتمثيل العادل.

استهلّت لونغوريا حديثها بمناقشة التحدّيات التي تواجه النساء والأقليات في صناعة السينما، مشيرةً إلى أنّ العقبة الأكبر تكمُن في بناء الثقة والخبرة للحصول على الفرص. وقالت: «الاستوديوهات تبحث عن أصحاب الخبرات القوية والمشروعات السابقة، مما يُصعِّب على المواهب الجديدة، خصوصاً من الأقليات، إيجاد مكانها. لكنني أؤمن بأنّ الموهبة الحقيقية لا تعتمد فقط على السيرة الذاتية».

وكشفت عن أنها تعتمد في أعمالها، مخرجةً أو منتجةً، على اختيار الموهوبين بناء على إمكاناتهم وشغفهم، وليس فقط على تاريخهم المهني. وإذ أشارت إلى أهمية دعم أصحابها ومنحهم الفرص لتطوير خبراتهم وبناء سير ذاتية قوية، أكدت: «المشكلة ليست في نقص المواهب، وإنما في نقص الفرص. نحن بحاجة إلى بناء الجسور لمساعدة الآخرين على النجاح».

إيفا لونغوريا تقول إن الأمومة غيَّرتها ودرّبتها على الرفض (غيتي)

وأضاءت الفنانة على تجربتها الأولى في الإخراج من خلال فيلمها «حار جداً»، الذي يروي حكاية مُلهمة عن ريتشارد مونتانيز، العامل المكسيكي الأميركي الذي اخترع وصفة «فلامين هوت تشيتوس»، ليصبح من أهم المبتكرين في شركة «فريتو لاي». وقالت: «القصة تتجاوز حدود كونها لاتينية. إنها إنسانية تتحدّث عن المثابرة والعمل الجاد وتحقيق الأحلام».

وأوضحت أنها أصرّت على اختيار فريق عمل من خلفيات لاتينية في أقسام الإنتاج المختلفة لضمان تقديمها بشكل أصيل. وأضافت: «الفيلم ليس احتفاء بالثقافة اللاتينية فحسب، وإنما أيضاً تذكير بإمكان تحقُّق الأحلام إذا أتيحت الفرصة لمن يملكون الطموح».

كما كشفت عن صراعاتها مع الاستوديو لإقناعهم باختيار مصوّر سينمائي لاتيني لم يمتلك الخبرة الكافية وفقاً للمعايير التقليدية، لكنها وثقت بقدراته وشغفه بالمشروع: «في النهاية، النجاح الذي حققناه معاً كان أعظم دليل على أهمية الثقة بالمواهب الناشئة».

رحلة أكاديمية تُثري العمل الإنساني

بعيداً عن الفنّ، تحدّثت لونغوريا عن قرارها بالحصول على درجة الماجستير في الدراسات المكسيكية الأميركية والعلوم السياسية، الذي جاء خلال فترة تصويرها مسلسل «ربات منازل يائسات»، موضحةً أنّ هذه الخطوة أتت بدافع رغبتها في فَهْم أفضل لتاريخ الهجرة والهوية المكسيكية - الأميركية، مما ساعدها على تحسين عملها في المجال الإنساني: «أردتُ أن أكون قادرة على تقديم مساهمة حقيقية لمجتمعي من خلال المعرفة، لأنك لا تستطيع أن تعرف أين تتّجه إذا كنت لا تعرف من أين أتيت».

رغم جدولها المزدحم بين التصوير والدراسة، أكدت لونغوريا أن شغفها بالتعلم شكَّل دافعها الأكبر، وقالت بابتسامة: «لم أتوقّع أن يكون الأمر صعباً إلى هذه الدرجة، لكنَّ كل لحظة في تلك الرحلة استحقَّت العناء».

وفي ختام حديثها، وصفت دورها بكونها أُماً لطفلها سانتي بأنه الإنجاز الأهم في حياتها، موضحةً كيف غيَّرت الأمومة أولوياتها: «علّمتني التركيز على ما يهمّ حقاً. أصبحت كلمة (لا) جزءاً أساسياً من حياتي، لإتاحتها حماية وقتي لعائلتي».

وأشارت إلى أنها تشعر بالامتنان لعائلتها الممتدّة التي تضمّ طفلها وأبناء زوجها الثلاثة، مؤكدةً أنها تشعر بالكمال معها، لتختم الجلسة برسالة إلى الحاضرين، دعتهم فيها إلى الإيمان بأنفسهم ومواصلة السعي خلف تحقيق أحلامهم، بصرف النظر عن التحدّيات، فقالت: «قد يكون الطريق طويلاً وشاقاً، لكننا نملك القوة لخلق الفرص لأنفسنا وللآخرين. النجاح لا يأتي لمَن ينتظره، بل لمن يسعى إليه».

تأتي مشاركة إيفا لونغوريا في «البحر الأحمر» بوصفها جزءاً من التزام المهرجان بتعزيز الحوار الثقافي والاحتفاء بأصوات متنوّعة من جميع أنحاء العالم. الحدث، المُقام تحت شعار «للسينما بيت جديد»، يستمر في تقديم جلسات حوارية وفعاليات تُثري تجربة الحضور وتعكس دور السينما وسيلةً للتواصل والتغيير.


مقالات ذات صلة

هل يُنهي اتفاق «هدنة غزة» التوترات في البحر الأحمر؟

تحليل إخباري توقعات بتراجع هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر بعد «اتفاق غزة» (رويترز)

هل يُنهي اتفاق «هدنة غزة» التوترات في البحر الأحمر؟

مع قرب دخول اتفاق الهدنة في غزة حيز التنفيذ، تزداد التساؤلات بشأن إمكانية خفض التصعيد في منطقة البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في سلطنة عمان، الاثنين، ملف التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا علماء الأحياء البحرية وجدوا أن لدى أسماك القرش مستويات عالية من الكوكايين في عضلاتها وكبدها (أرشيفية - رويترز)

مقتل سائح وإصابة آخر في هجوم لسمكة قرش بمصر

قالت وزارة البيئة المصرية إن سائحاً لقي حتفه وأُصيب آخر في هجوم سمكة قرش بمنتجع مرسى علم المطل على البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

تزامناً مع تأكيد دعمها وحدة الصومال وسيادته، أعلنت القاهرة رفضها وجود أي طرف «غير مشاطئ» في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)

الموسيقار العالمي هوبكنز يخاطب العالم برسائل إنسانية عميقة من الرياض

الموسيقار العالمي أنتوني هوبكنز استهلّ الحفل بالحديث عن مسيرته الفنية (هيئة الترفيه)
الموسيقار العالمي أنتوني هوبكنز استهلّ الحفل بالحديث عن مسيرته الفنية (هيئة الترفيه)
TT

الموسيقار العالمي هوبكنز يخاطب العالم برسائل إنسانية عميقة من الرياض

الموسيقار العالمي أنتوني هوبكنز استهلّ الحفل بالحديث عن مسيرته الفنية (هيئة الترفيه)
الموسيقار العالمي أنتوني هوبكنز استهلّ الحفل بالحديث عن مسيرته الفنية (هيئة الترفيه)

في حفلٍ موسيقي استثنائي استضافته العاصمة السعودية بعنوان «الحياة حلم»، وجَّه النجم العالمي أنتوني هوبكنز، مساء الجمعة، رسائلَ إنسانية وفنية عميقة عكست فلسفته في الحياة والفن، وذلك على «مسرح بكر الشدي» بمنطقة «بوليفارد سيتي» ضمن فعاليات «موسم الرياض».

استهلّ هوبكنز كلمته التي قدَّمهُ فيها النجم العالمي مورغان فريمان، بـ«السلام عليكم»، ثم باقتباسٍ للأديب الأميركي إدغار آلان بو: «لقد كنت أؤمن دائماً بأن كل ما نراه أو نعتقده ليس سوى حلم داخل حلم».

وأبدى امتنانه العميق للمستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، على دعوته مجدداً إلى «هذه المدينة الجميلة»، معرباً عن شعوره «بتواضع كبير، وامتنان بالغ»؛ لتقديم العرض الأول لمقطوعته «الحياة حلم» ضمن «موسم الرياض».

الموسيقار هوبكنز أبدى امتنانه العميق للمستشار تركي آل الشيخ على دعوته لتقديم الحفل في الرياض (هيئة الترفيه)

وتحدَّث الموسيقار العالمي بتأمُّل عن مسيرته: «لطالما تساءلت طوال حياتي كيف لطفل من جنوب ويلز، وابن لخبازٍ بسيط، أن يصل إلى هذه اللحظة المميزة»، واصفاً حياته بـ«لغز عميق»، و«من المستحيل أن أفهم أو أن أنسب الفضل لنفسي في أيِّ من النِعم التي أعيشها».

ويقول إن مقطوعته استُلهِمت من طفولته الحالمة، و«من والدتي الداعمة الرائعة التي آمنت بي، ومن والدي الذي كان أكبر من الحياة نفسها، وعمل بجد طوال حياته».

الموسيقار العالمي هوبكنز قدَّم في الرياض أول عرضٍ لمقطوعته «الحياة حلم» (هيئة الترفيه)

واستشهد هوبكنز بقول الفيلسوف الأميركي رالف والدو إمرسون: «الموسيقى والفن هما الطريقان إلى الله، والطريقة الأساسية لربط أرواح البشر جميعاً»، مُعلِّقاً: «لقد كان يعلم أن لمس روح واحدة يعني لمس جميع الأرواح، وأنا أيضاً أؤمن بأن الموسيقى قوة تحويلية، ولطالما رغبت أن أكون مُلحِّناً، لكنني لم أكن أعرف كيف».

وعدَّ هذا الحفل «امتيازاً لا يُمكِن تصوُّره»، باعتبار أنه قدَّمه «في السعودية، مهد الإسلام، حيث وُلد النبي محمد وتلقى رسالاته، وفي موطن المدينتين المقدستين مكة والمدينة».

الموسيقار هوبكنز استلهِم مقطوعته «الحياة حلم» من طفولته الحالمة (هيئة الترفيه)

وأكد الموسيقار العالمي أهمية التكاتف الإنساني في ظل التحديات التي يواجهها العالم، وقال: «لا أستطيع أن أتخيل مكاناً أفضل من هنا لنتحد، ونجسر خلافاتنا، ونتخيّل عالماً يسوده السلام والتوازن والمحبة».

ويُدرِك بـ«عُمق»، في السابعة والثمانين من عمره، أن «الموت أمر لا مفر منه»، لكن يرى موضوع هذا الحفل هو أن «الحياة عبارة عن وداع طويل لكل ما نحب. وداع ممتد، لكنه مملوء في نهايته بالغفران والدهشة».

نجوم عرب وعالميون حضروا الحفل الذي ترك بصمة خالدة في ذاكرة «موسم الرياض» (هيئة الترفيه)

وفي ظل ما يواجهه العالم من كوارث، وصفها بـ«غير المسبوقة»، بما فيها الحرائق الأخيرة المدمرة بولاية كاليفورنيا الأميركية، أعرب هوبكنز عن أمله مع هذا الحفل أن «تكون الموسيقى قادرة على الشفاء، وجمعنا معاً»، مختتماً كلمته بتقديم الشكر باللغة العربية.

ويؤكد الحفل المميز الذي قدّمه النجم العالمي أن الموسيقى والفن هما الجسر الذي يربط الشعوب، ويجمعهم على قيم التسامح والمحبة، ليترك بصمة إنسانية وفنية خالدة في ذاكرة «موسم الرياض».