«الورد الطائفي» موروث الـ150عاماً في قائمة التراث العالمية

السعودية تنجح في تسجيله بقائمة التراث غير المادي لدى «اليونيسكو»

أكثر من 910 مزارع للورد الطائفي تتوزع في كثير من الأماكن بمحافظة الطائف (واس)
أكثر من 910 مزارع للورد الطائفي تتوزع في كثير من الأماكن بمحافظة الطائف (واس)
TT

«الورد الطائفي» موروث الـ150عاماً في قائمة التراث العالمية

أكثر من 910 مزارع للورد الطائفي تتوزع في كثير من الأماكن بمحافظة الطائف (واس)
أكثر من 910 مزارع للورد الطائفي تتوزع في كثير من الأماكن بمحافظة الطائف (واس)

كل نهار، يزرع راشد القرشي مزرعته التي تستعدّ لتِهَبه إنتاجها الواعد من الورد الطائفي بأزهاره الكبيرة والجميلة ورائحته العطرة والمميزة، التي تنتشر مزارعها في مدينة الطائف السعودية، بوصفها منطقة مثالية لإنتاجه نظراً لظروفها المناخية الملائمة.

ويعدّ القرشي واحداً من أبرز حاصدي الورد الطائفي، ويمتلك مصنعاً اكتسب شهرة ذائعة، في ابتكار منتجات وتحف عطرية تأسر الحواس، ويعمل جنباً إلى جنب مع ملاك مزارع ومصانع في أكثر من 910 مزارع للورد الطائفي توجد في كثير من الأماكن بمحافظة الطائف، خصوصاً في مرتفعات جبال «الهدا»، و«الشفا»، و«وادي محرم»، و«الطلحات»، و«وادي الأعمق»، و«وادي البني»، و«بلاد طويرق»، و«المخاضة»، حيث يعد الورد الطائفي الشذى العطري، والعلامة الوردية الجاذبة سياحياً.

وبعد إعلان وزارة الثقافة السعودية (الثلاثاء) عن نجاحها في تسجيل «الممارسات الثقافية المرتبطة بالورد الطائفي» في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو»، استبشر راشد في حديث مع «الشرق الأوسط» بهذه الخطوة، وعدّها ضرورية لزيادة الاهتمام العالمي بهذا الموروث الأصيل الذي تناقلته الأجيال لأكثر من 150 عاماً.

يمتد تاريخ زراعة الورد الطائفي إلى نحو 150 عاماً (واس)

موروث الـ150 عاماً

أعلن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، رئيس مجلس إدارة هيئة التراث، رئيس اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، عن نجاح السعودية في تسجيل «الممارسات الثقافية المرتبطة بالورد الطائفي» في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو». وأكّد وزير الثقافة السعودي أن الدعم غير المحدود الذي يحظى به القطاع الثقافي السعودي بمختلف مكوناته من القيادة السعودية، ساعد على تعزيز حضور الثقافة السعودية في العالم، مضيفاً: «يعكس هذا التسجيل جهود المملكة الحثيثة في حماية الموروث الثقافي غير المادي، وضمان استدامته ونقله للأجيال المقبلة».

وارتبط الورد الطائفي بحياة سكان الطائف، ومثّلت زراعته وصناعته جزءاً من النشاط اليومي الذي ينعكس على الممارسات الاجتماعية والتقليدية في المنطقة، ويمتد تاريخ زراعة الورد الطائفي إلى نحو 150 عاماً، إذ يعتمد سكان الطائف على زراعته في موسم الورد السنوي، ويجتمع أفراد المجتمع في حقول الورود للمشاركة في عمليات الحصاد، التي تُعد فرصة للتواصل الاجتماعي، ونقل الخبرات الزراعية بين الأجيال.

وتعود علاقة راشد القرشي مع الورد الطائفي منذ تفرغ لزيادة إنتاج وتطوير منتجاته، ويقول: «لدي قصتي الشخصية مع الورد، فأنا منذ تقاعدت من العمل مبكراً، تفرغت للعمل في حقول الورد، انتماءً وحباً لهذه المهنة، ورغبةً في تعزيز الإنتاج السعودي للمنافسة عالمياً». وفي المناسبات الاجتماعية والتقاليد المحلية، عادة ما تُستخدم منتجات الورد الطائفي، خصوصاً ماء الورد والزيوت العطرية، لتعطير المجالس وتقديم الضيافة، مما يُبرز دورها في تعزيز الروابط الاجتماعية، كما يُعد مهرجان الورد الطائفي السنوي احتفالاً اجتماعياً كبيراً يجتمع خلاله السكان والزوّار للاحتفاء بهذا التراث، حيث يعرض المجتمع المحلي منتجاته، ويُقدم فعاليات تُبرز الفخر بالهوية الثقافية.

يبدأ موسم قطف الورد الطائفي السنوي مع بداية الربيع ويستمر 45 يوماً (واس)

ويعكس تسجيل «الورد الطائفي» لدى «اليونيسكو» قيمة هذا العنصر ويعدّه أحد عناصر الثقافة السعودية، إلى جانب إسهامه في تعزيز فهم العالم للعلاقات الوثيقة بين التراث الثقافي والممارسات الاجتماعية، ويعزز من فرص نموه وتنمية أداء وعطاء المنتمين إلى هذه الصناعة الواعدة. ويقول القرشي: «أتوقع أن مستقبل الورد الطائفي سيكون حافلاً ومبشراً بالمنافسة عالمياً، ومع زيادة دعم القطاع وإقامة مصانع بمواصفات عالمية وإنشاء شركات مسوقة لهذا المنتج الفريد، وتعريف العالم بجودته عالمياً من ناحية كثافة الزيت ونفاذ الرائحة، سيتحقق كثير من المأمول في هذا المجال».

يجتمع أفراد المجتمع في حقول الورود للمشاركة بعمليات الحصاد التي تُعد فرصة للتواصل الاجتماعي (واس)

550 مليون وردة

ويبدأ موسم قطف الورد الطائفي السنوي، مع بداية الربيع وتحديداً أواخر مارس (آذار)، ويستمر 45 يوماً، وتتهافت مصانع العطور من داخل السعودية وخارجها، على اقتناء ما تجنيه وتقطفه مزارع الورد في جبال السروات بمحافظة الطائف، ويقدر الإنتاج بنحو 550 مليون وردة سنوياً، تُزرع في أكثر من 910 مزارع، بإجمالي عدد شجيرات بلغ نحو 1.144.000، وبمساحة مزروعة تقدّر بنحو 270 هكتاراً من الأراضي الزراعية.

ويستخدم الورد الطائفي، برائحته العطرية النفاذة في صناعة العطور الفاخرة والأدهان الثمينة، حيث تصنف منتجاته في إطار العطور الأكثر غلاءً بين الزيوت العطرية الأخرى، ويعمل نحو 70 مصنعاً ومعملاً للورد على استخراج وتصنيع أكثر من 80 منتجاً من مشتقات الورد لصناعة المنتجات العطرية المتنوعة، ومستحضرات العناية بالجسم، التي تجد رواجاً واسعاً في الأسواق. وتشير التقديرات إلى أن حجم استثمار السعودية في الورد الطائفي الموسمي، يقدَّر بنحو 64 مليون ريال (17 مليون دولار) تتضمن عمليات البيع، والتصنيع في شكل زيوت عطرية فاخرة.

يبلغ إنتاج مزارع الطائف نحو 550 مليون وردة سنوياً من مساحة مزروعة تقدّر بنحو 270 هكتاراً (واس)


مقالات ذات صلة

مجموعة محمد يوسف ناغي تعلن تأسيس شركة «جياد العالمية القابضة»

عالم الاعمال مدينة جدة السعودية

مجموعة محمد يوسف ناغي تعلن تأسيس شركة «جياد العالمية القابضة»

مجموعة محمد يوسف ناغي تعلن تأسيس شركة «جياد العالمية القابضة» بهدف تنمية وتطوير محفظة استثمارات المجموعة المتنوعة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد يعد البحر الأحمر إحدى أكثر مناطق المملكة تميزاً وتنوعاً بيولوجياً (شركة البحر الأحمر)

ولي العهد السعودي يطلق استراتيجية لاستدامة البحر الأحمر

أطلق الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر، بهدف حماية.

بندر مسلم (الرياض)
يوميات الشرق تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه خلال الحفل (واس)

تركي آل الشيخ: مبادرة الزواج الجماعي ستكون حافزاً لمراحل مقبلة في مناطق السعودية

أكد المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه، أن «مبادرة الزواج الجماعي» التي تم الإعلان عنها تمثل حافزاً لمراحل إضافية خلال الفترة المقبلة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق الرئيس الفرنسي خلال جولته في منطقة «الحِجر» التاريخية في العُلا (واس)

الرئيس الفرنسي يزور معالم العُلا الأثرية ومكوناتها التاريخية

زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محافظة العلا شهدت إطلاق مشروع «فيلا الحِجر»، أول مؤسسة ثقافية فرنسية - سعودية على أرض المملكة.

«الشرق الأوسط» (العلا)

تسجيل «صناعة وعزف آلة السمسمية» في قائمة «اليونيسكو»

تحمل آلة «السمسمية» تراثاً وقصصاً وألحاناً ترددها الأجيال (اليونيسكو)
تحمل آلة «السمسمية» تراثاً وقصصاً وألحاناً ترددها الأجيال (اليونيسكو)
TT

تسجيل «صناعة وعزف آلة السمسمية» في قائمة «اليونيسكو»

تحمل آلة «السمسمية» تراثاً وقصصاً وألحاناً ترددها الأجيال (اليونيسكو)
تحمل آلة «السمسمية» تراثاً وقصصاً وألحاناً ترددها الأجيال (اليونيسكو)

في كل وتر من أوتارها تحمل آلة «السمسمية» تراثاً وقصصاً وألحاناً ترددها الأجيال، فهي قد شكلت جزءاً من موروث فني وفلكلوري للمجتمعات الساحلية في السعودية ومصر والأردن واليمن، فقد تجلت في السعودية بفن «الينبعاوي»، وأضفت عليه لمسة طربية ساحرة.

ولتعريف العالم بموروث المجتمعات الساحلية، وما اختزنه شريط البحر الأحمر الممتد على ضفتيه، نجحت السعودية ومصر في تسجيل «صناعة وعزف آلة السمسمية» في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، وذلك من خلال ملف ترشيح قادته مصر، وبمشاركة بارزة من المملكة ممثلةً في هيئة التراث، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، والوفد الدائم للمملكة لدى اليونيسكو.

وقد طرأت على «آلة السمسمية» تطورات، وأخذت أنماطاً مختلفة في هيئتها واستخدامها، وهي عبارة عن علبة من الخشب أو قصعة أو طبق صاج مشدود عليه جلد رقيق، ولها ذراعان متباعدان يسميان «المداد» يربطهما ذراع ثالث على هيئة قاعدة المثلث تسمى «حمالة»، ويتم ربط الأجزاء بخيوط قوية من أعصاب الطور وتزين بالخرز والنقوش والدلايات.

وعبر التاريخ، رافقت هذه الآلة الوترية الكثير من الفرق الفنية والفلكلور الشعبي الذي يأنس به الأهالي في مناسباتهم وأفراحهم، سيما في محافظات البحر الأحمر ومدن القناة المصرية، خصوصاً السويس وبورسعيد والإسماعيلية، وعلى امتداد المناطق الساحلية للسعودية في ينبع وجدة والمدينة المنورة التي اشتهرت بفلكلور الينبعاوي، مع اختلاف وتنوع في ألوانه وأدائه، وتأتي «السمسمية» كأهم الآلات المصاحبة له، بالإضافة إلى آلات التخت الشرقي. ومن المعروف أن الفنان محمد عبده قدَّم هذا اللون من خلال أحد إصداراته الذائعة، وأسهمت من جهتها العديد من الفرق المحلية في تطوير هذا اللون وتقديم أعمال فريدة لقيت انتشاراً واسعاً، ومنهم فرقة أبو هلال، وفرقة أبو سراج للفنون الشعبية التي انطلقتا منذ أربعة عقود، وذاع صيتها في أطراف السعودية.

طرأت على آلة «السمسمية» تطورات وأخذت أنماطاً مختلفة في هيئتها واستخدامها (معهد ورث)

جزء من فنّ المجتمعات الساحلية

ترتبط «آلة السمسمية» بالهوية الفنية للمجتمعات الساحلية حيث توارث مهارة العزف عليها أجيال، ما جعلها أداة تجمع بين التراث والتجديد في الفن السعودي. كما تُستخدم «آلة السمسمية» في سرد الحكايات التقليدية، والقصص التاريخية التي تُبرز الترابط بين التراث الموسيقي والحياة اليومية، مما يُضيف بعداً ثقافياً واجتماعياً يجعلها جزءاً حياً من الذاكرة الجماعية.

وتُعد «آلة السمسمية» من أبرز عناصر الفنون التقليدية التي تُستخدم في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات بالمناطق الساحلية، مثل الأعراس، والمهرجانات المحلية، حيث يتجمع الناس للتغني بالألحان التقليدية على أنغامها وسماع قصص من التراث البحري، والحياة الاجتماعية لتلك المناطق.

ويُسهم تسجيل «السمسمية» في تعزيز فهم العالم لدور التراث الموسيقي في تقوية الروابط الاجتماعية وحماية الموروث الثقافي، ويعكس تسجيلها حرص هيئة التراث في السعودية على ترسيخ التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».

وتتولى هيئة التراث في السعودية دوراً حيوياً لإعادة الاتصال بالتراث الزّاخر الذي تتمتع به السعودية عبر تاريخها وعلى أراضيها التي كانت مرآة للحضارات التي ازدهرت على أراضيها، وانعكاساً لمسيرة الإنسان في اكتشاف هويته المميزة.

تُستخدم آلة «السمسمية» في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات بالمناطق الساحلية (هيئة التراث)

وتمكنت السعودية من خلال جهود القطاع الثقافي السعودي في الحفاظ على التراث الإنساني الثقافي المادي وغير المادي، من تسجيل 15 عنصراً ثقافياً سعودياً وعربياً في قائمة التراث غير المادي، لتسليط الضوء على قيمتها التاريخية ورمزيتها الثقافية، وتقديمها إلى العالم. وبتسجيل «السمسمية» تصبح عناصر التراث الثقافي غير المادي السعودية المسجلة على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى اليونيسكو، هي: العرضة السعودية، والمجلس، والقهوة العربية، والصقارة، والقط العسيري، والنخلة، وحياكة السدو، والخط العربي، وِحداء الإبل، والبن الخولاني السعودي، والنقش على المعادن، والهريس.