بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

باستعادة مهرجان مسرحي حول «الكوميديا الهادفة»

أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)
أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)
TT

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)
أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بعد انقطاع استمر 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي، في تجربة فنية ليبية يطمح منظموها إلى إعادة ثقة الجمهور في الكوميديا الهادفة، فضلاً عن اعتباره ملتقى فنياً يتجاوز حساسيات الانقسام السياسي في البلاد.

المهرجان الفني الليبي الذي يقام ضمن فعاليات بنغازي عاصمة الثقافة الإسلامية 2025، انطلقت نسخته الخامسة، السبت، تحت شعار «هذا مسرحنا»، ويقول المنظمون إنه يهدف إلى «إعادة ثقة الجمهور بالمسرح الليبي، والتخلص من الإسفاف، عبر رفض العروض السطحية والصاخبة، والبحث عن نصوص وعروض ذات مضمون عميق يراعي قيم المجتمع الليبي والأخلاقيات الفنية»، وفق اللجنة المنظمة.

وكانت آخر دورة من مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي أقيمت في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2012، واعتبرت بمثابة أول تجمع مسرحي لـ«أبو الفنون» على مستوى الدولة الليبية بعد سقوط نظام الرئيس السابق معمر القذافي. وتتنوع المضامين الاجتماعية للعروض الكوميدية المشاركة في نسخة المهرجان هذا العام، بمشاركة فنانين من جميع أنحاء البلاد، وهي مسرحيات «باهي هكي»، و«قفة عيون»، و«أسعود يا مسعود»، و«ليلة وفراقها صبح»، و«قولوا حيه عليا أنا».

من بين هذه العروض المسرحية، يسلط «ليلة وفراقها صبح» الضوء على قصة عاملي نظافة يعايشان ليلة مزدحمة بالأحداث في حي سكني، ومن خلال مواقف يواجهها العاملان يتطرق العمل إلى قضايا وهموم البلاد. والمسرحية من تأليف وإخراج عبد السيد آدم، ويشارك فيها فنانون من مدن بنغازي، والبيضاء، والمرج، وأجدابيا، وشحات. ورغم أجواء الانقسام السياسي الذي يرخي بظلاله على البلاد منذ العام 2011، فإن المهرجان يستضيف عروضاً محلية من إنتاج فرق مسرحية من مختلف المدن الليبية.

من جمهور أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

الفنانة الليبية لطفية إبراهيم، التي تنتمي إلى مدينة طرابلس، عبرت عن «سعادتها لما شاهدته في بنغازي من حفاوة استقبال وتنظيم، يبشر بمستقبل مشرق للمسرح في هذه المدينة». وأضافت لوكالة الأنباء الليبية (وال) «كنت في مهرجان درنة الزاهرة، واليوم في بنغازي، أرى كيف أن المدن الليبية تجتمع على حب الثقافة والفن، لتوحد قلوب أهلها».

وشهدت ليبيا أخيراً انتعاشة في الأعمال المسرحية والفعاليات السينمائية في مدن بنغازي وطرابلس ومصراتة، بل وفي مدينة درنة المكلومة التي استضافت مهرجاناً مسرحياً بعدما ضربها فيضان عارم قبل أكثر من عام. ومع عودة المهرجان الكوميدي في دورته الخامسة إلى بنغازي بعد انقطاع طويل، يرى الناقد والكاتب المسرحي الليبي علي الفلاح في هذا الحدث «حافزاً مهماً لتحريك الراكد، ومحاولة جادة لحلحلة بعض الانسدادات التي تعاني منها الحياة المسرحية في ليبيا». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «إلى جانب ذلك فإن المهرجان ملتقى مهم لمسرحيي البلاد لتبادل الخبرات وفتح حوارات مهمة عن المسرح وهمومه».

الرؤية السابقة ترجمها اليوم الثاني للمهرجان الذي سجل توافد جمهور ليبي لمتابعة أحد العروض الذي يسلط الضوء على واقع المواطن الليبي وقضايا مجتمعه، وفق وسائل إعلام محلية. ومن المقرر أن يختتم مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي أعماله في 6 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وتتكون اللجنة العليا للمهرجان من الفنان فتحي القابسي، والصادق بوعمود، وخالد الفاضلي، ويتولى الإدارة التنفيذية للمهرجان الفنان سالم عيسى، برئاسة الفنان فرج عبد الكريم.

تجدر الإشارة إلى أن دورة المهرجان سبق أن كرمت في العام 2012 سبعة فنانين ليبيين أسهموا بأعمال متميزة في الحركة المسرحية والدرامية الليبية ولهم مشاركات فنية في أعمال سينمائية، وهم الراحل حسن الكشيك، ومحمد الفزاني، وعبد الرحيم عبد المولى، ورافع نجم وفاروق النيبو وصالح الأبيض وعبد الباسط الجارد.


مقالات ذات صلة

الصياهد تشهد مشاركة خليجية غير مسبوقة في أكبر تجمع عالمي للإبل

رياضة سعودية شهدت الأشواط عروضاً مميزة للإبل أمام لجنة التحكيم النهائي (نادي الإبل)

الصياهد تشهد مشاركة خليجية غير مسبوقة في أكبر تجمع عالمي للإبل

أشعلت ميادين وساحات مهرجان الملك عبد العزيز للإبل في نسخته التاسعة، الذي يقام تحت شعار «عز لأهلها»، حماس الحضور الجماهيري الواسع؛ لمتابعة منافسات اليوم الرابع.

«الشرق الأوسط» (الصياهد (الرياض))
رياضة سعودية مهرجان الملك عبد العزيز للإبل نجح بتعزيز موقعه بوصفه وجهةً استثمارية رائدة (نادي الإبل)

مهرجان الملك عبد العزيز: القيمة السوقية للإبل في السعودية تقدر بـ13.3 مليار دولار

نجح مهرجان الملك عبد العزيز للإبل في نسخته التاسعة، المقامة في أرض الصياهد تحت شعار «عز لأهلها»، في تعزيز موقعه بوصفه وجهة استثمارية رائدة.

«الشرق الأوسط» (الصياهد (الرياض))
رياضة سعودية مزايين الإبل تعرض بمختلف ألوانها وفئاتها وسط أجواء تنافسية تجذب الملاك والزوار من شتى أنحاء العالم (واس)

تحت شعار «عز لأهلها»... فعاليات مهرجان الملك عبد العزيز للإبل تخطف الأنظار

تتواصل في أرض الصياهد (شمال الرياض) فعاليات النسخة التاسعة من مهرجان الملك عبد العزيز للإبل، تحت شعار «عز لأهلها»، حيث تأصيل موروث الإبل.

«الشرق الأوسط» (الصياهد (الرياض))
يوميات الشرق خالد ربيع خلال تسلّمه جائزة الفيلم السعودي (إدارة المهرجان)

فيلمان سعوديان يحصدان جوائز في «الفيوم السينمائي» بمصر

اختُتمت، مساء الجمعة، فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة الذي أُقيم بمحافظة الفيوم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)

«القاهرة للسينما الفرانكفونية» يراهن على أفلام عالمية تعالج الواقع

بالتضامن مع القضية الفلسطينية والاحتفاء بتكريم عدد من السينمائيين، انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من مهرجان «القاهرة للسينما الفرانكفونية»، الخميس.

أحمد عدلي (القاهرة )

دعوة مستثمر مصري للعمل 12 ساعة يومياً تثير جدلاً

رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
TT

دعوة مستثمر مصري للعمل 12 ساعة يومياً تثير جدلاً

رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)

في حين أوصت دراسة من جامعة كامبريدج بتقليص ساعات العمل وتطبيق «أربعة أيام عمل في الأسبوع» لتعزيز الإنتاجية والحفاظ على الصحة النفسية للموظفين والعاملين، صرّح محمد فاروق، المستثمر ورجل الأعمال المصري المعروف بـ«الشارك حمادة»، بضرورة زيادة ساعات العمل لتحقيق النجاح الاقتصادي وزيادة الإنتاجية.

وأثارت التصريحات جدلاً عبر «السوشيال ميديا» بمصر، فبينما عدّ البعض تلك التصريحات تضر بحقوق العمال، عدّها آخرون تستهدف الحماس والتفوق في العمل.

وقال رجل الأعمال المصري محمد فاروق، إنه من الضروري العمل 12 ساعة يومياً لمدة 6 أيام في الأسبوع، وأضاف في برنامج بودكاست بعنوان «حكاية مدير» أن الدول الناجحة والمتقدمة تطبق هذا الأمر، ضارباً المثل بالصين وأن الناس هناك تعمل من 9 صباحاً إلى 9 مساء لستة أيام في الأسبوع.

وانتقد فاروق ما يروجه البعض حول التوازن بين العمل والحياة الشخصية، عادّاً هذا الحديث الذي ظهر خلال «جائحة كورونا» نوعاً من «الدلع»، مؤكداً «عدم نجاح الدول التي اتبعت هذا الأسلوب»، وفق تقديره.

وعدّ عضو مجلس النواب المصري عن حزب التجمع، عاطف مغاوري، أن «هذا الكلام يذكرنا بعقلية بدايات النظام الرأسمالي الذي كان يستنزف العمال في أوقات عمل طويلة، إلى أن تمكنت حركات النضال العمالية من تنظيم عقد عمل وحقوق عمال ومواعيد للعمل، وهذا متعارف عليه عالمياً».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «التشريعات العمالية حين منحت العمال إجازات أو حددت لهم ساعات عمل كان هذا لمصلحة العمل وليس لصالح العامل، لأنك لو استنزفت العامل فلن تكون لديه قدرة على الاستمرار، كما أن منحه إجازات يجعله يجدد طاقته ونشاطه».

وأشار إلى أن «الاجتهاد يجب أن يكون في إطار الدستور والقوانين الموجودة لدينا، لكن المنطق الذي يطرح حالياً ربما يكون الهدف منه نبيلاً، وهو تحويل المجتمع إلى مجتمع منتج، ولكن ليس باستنزاف العامل».

وزارة القوى العاملة في مصر (فيسبوك)

ولفت إلى وجود «تشريعات حديثة تدعو لاحتساب الوقت المستغرق للوصول إلى العمل والعودة منه ضمن ساعات العمل».

وينظم ساعات العمل في القطاع الحكومي (العام) في مصر والقطاع الخاص، قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وما طرأ عليه من تعديلات، بالإضافة إلى اللوائح والقرارات التنفيذية الداخلية بكل مؤسسة أو شركة، وتقر المادة 85 من قانون العمل المصري بأنه «في جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد ساعات العمل الفعلية على عشر ساعات في اليوم الواحد».

وعدّ الخبير في «السوشيال ميديا» محمد فتحي أن «البودكاست أصبح يتم استغلاله في الدعاية بشكل لافت»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض رواد الأعمال يستغلون هذه المنصة لبناء صورتهم الشخصية وعلاماتهم التجارية».

وأشار الخبير «السوشيالي» إلى سعي العديد من رجال الأعمال إلى بناء صورة إيجابية لأنفسهم وعلاماتهم التجارية من خلال المشاركة في البودكاست، حيث يمكنهم الوصول إلى جمهور واسع والتأثير في آرائه، للبحث عن الشهرة»، وفق تعبيره.

لكنه عدّ نقل الخبرات والمعرفة من الجوانب الإيجابية لظهور رجال الأعمال في البودكاست، بما يساهم في تطوير المهارات الريادية لدى الشباب، وكذلك إلهام الآخرين وتحفيزهم على تحقيق أهدافهم.

ووفق فتحي فإن «الأمر لا يخلو من جوانب سلبية لظهور رجال الأعمال في البودكاست من أهمها التسويق الخفي، بالإضافة إلى التركيز على النجاح الفردي بشكل مبالغ فيه، مما قد يخلق انطباعاً خاطئاً لدى المستمعين حول سهولة تحقيق النجاح».

وتوالت التعليقات على «السوشيال ميديا» حول تصريحات فاروق، بين من يعدّونه نموذجاً ويطالبون بتركه يتحدث، وآخرين عَدُّوه يتحدث بمنطق رجال الأعمال الذين لا يراعون العمال. وعلقت متابعة على الحلقة في «يوتيوب»، وكتبت: «المفروض يتعمل نادي لرجال الأعمال علشان يتجمعوا ويطوروا ويفيدوا بعض... وعجبتني جداً رؤية محمد فاروق للتكنولوجيا وحماسه تجاهها».

في حين كتب متابع آخر: «من السهل أن يعمل 12 ساعة وأكثر لأنها أعمال مكتبية، لا يمكن مقارنتها بعامل يقف على قدميه طوال اليوم لمدة 12 ساعة».

ويرى استشاري الأعمال الدولي، محمد برطش، أن «ساعات العمل لها قانون يحددها في أي مجتمع، لكن هناك ظروف استثنائية يمكن أن يعمل فيها الشخص 12 و20 ساعة لو هناك ما يتطلب ذلك».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أرفض المقارنة بين مصر ودول أخرى، خصوصاً أوروبا وأميركا وأستراليا، فهذه دول تحملت الكثير لكي تصل إلى ما هي عليه الآن، وظروفها لا تشبه ظروفنا».

وتابع: «فكرة 12 ساعة عموماً يمكن الموافقة عليها أو رفضها بعد الإجابة عن عدة أسئلة، مثل: في أية ظروف وبأي مقابل، في القطاع العام أو الخاص؟ فمثلاً لو قلنا إن مصر لديها مشروع قومي لتصبح دولة صناعية حقيقية وسنطبق 12 ساعة عمل لتنفيذ مشروع قومي في مجال إنتاج بعينه حتى يتحقق الهدف من المشروع فهذا مقبول، لكن في الظروف العادية فهذا يتنافى مع قانون العمل».

وتبلغ ساعات العمل الأسبوعية في القطاعات المختلفة بمصر نحو 55 ساعة عمل أسبوعياً، وفق إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء صادرة عام 2022.