«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يضم 50 لوحة من قصاصات الأقمشة

إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)
TT

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي، عبر معرضه الأحدث «يا عم يا جمّال» الذي يستضيفه غاليري «نوت» بحي الزمالك (غرب القاهرة).

ويضم المعرض الذي يستمر حتى 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، 50 لوحة مختلفة الأحجام، مصنوعة بقصاصات الأقمشة، وهي الطريقة التي يسميها الفنان «المرج خيط»، واستفاد خلال اللوحات من التراث الشعبي القديم الذي يحتفي بالجمل وبراعيه «الجمّال».

ومن الأغاني التي ألهمت الفنان «بيع الجمل يا علي» للمطربة الأردنية سميرة توفيق، و«يا بت جملك هبشني» وهي من التراث الشعبي المصري، و«يا عمّ يا جمّال» من الأغاني الشعبية الحديثة، فضلاً عن العديد من الأمثال والحكم مثل «قطته جمل» بمعنى المبالغة في تقدير ما يمتلكه الشخص حين يؤخذ منه، و«اللي يربي جمل يعلّي باب داره» كناية عن المواءمة، و«يا دي الشيلة يا دي الحطة... رحنا بجمل ورجعنا بقطة» كناية عن الخسارة، و«الباب يفوّت جمل» كناية عن النبذ والتخلي، و«لا ناقة لي ولا جمل» كناية عن أن الأمر لا يعني الشخص، و«خيبة الأمل راكبة جمل» كناية عن التجريس والفضيحة.

المرح والسعادة والاحتفاء بالطفولة تبدو في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

ويقول الفنان إبراهيم البريدي: «شكلت هذه المعاني بطريقتي المعروفة وخبرتي الطويلة في فن الكاريكاتير»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «حاولت تصوير الجمل في لوحات المعرض بألوان مبهجة قريبة من الروح الطفولية، واستخدمت في ذلك أنواعاً من الأقمشة القطنية التي جاء بعضها من باكستان مثل (التل ضق)، فضلاً عن الجوخ والأقمشة المستعملة التي أختزن الكثير منها في بيتي».

جاءت مفردة الجمل في حالات متعددة فرضتها طبيعة المقولات والأمثال وتنوعها، وقام البريدي بتشكيلها في صورة كاريكاتورية كان الهدف منها إعادة إحيائها وتذكير الناس بها، فضلاً عن تقريبها من روح الأطفال؛ حيث يظهرهم وهم يلعبون مع الجمال الملونة ويركبونها، ويعلقون عليها بأمثال وحكم شعبية.

ويندرج المعرض الذي استمر على مدى 15 يوماً تحت ما سمّاه الفنان «المرج خيط»، ويوضّح البريدي: «كل سنة أحدد فكرة جديدة وأعمل عليها بوصفها بطلة معرضي الذي أقدّمه للجمهور».

الجمل في البيئة المصرية والعربية (الشرق الأوسط)

وكان موضوع المعرض السابق «نفسي أرجع طفل صغير»، لكن «المعرض الحالي يحمل العديد من الموروثات الشعبية والتراثية عبر اختيار تيمة الجمل، الذي أعدّه مرتبطاً على وجه الخصوص بالموروث المصري والعربي، كما أن للجمل خصوصيته في شبه الجزيرة العربية، خصوصاً في السعودية، حيث يحمل قيمة تراثية كبيرة، ويُقام له الكثير من مهرجانات السباق بمناطق كثيرة فيها».

وكان هم البريدي خلال لوحاته إعادة الاعتبار للأغاني والأمثال الشعبية التي كان موضوعها الجمل، ويوضح: «قمت خلال المعرض باستخدام رؤيتي التشكيلية الخاصة، وزوّدني الكثير من الأصدقاء ببعض الأغاني والأمثال والحكم المرتبطة بالجمل، حتى حصلت على كم كبير منها، وجاءت اللوحات بمفردات مختلفة ساهمت في إثرائها موضوعات الحكم والأغاني والأمثال، وقد دمجتها بالحالة الخاصة التي كانت أساس المعرض وهي أغنية سميرة توفيق (بيع الجمل يا علي)».

وتحمل اللوحات، وفق البريدي، «روح البهجة والابتسامة، فهي أساسية في أي معرض أقدّمه للجمهور العام الذي أتوجّه إليه، فأنا لا أخاطب المتخصصين أو الأكاديميين، ويهمّني أن يفهم الجميع لوحاتي ويتفاعلوا معها ببساطة دون تعقيد».

تجسيد للمثل الشعبي «خد الجمل بما حمل» (الشرق الأوسط)

ويشير البريدي إلى أن الخامات التي يستخدمها تساعده بطبيعتها على إبراز المعنى الذي يريد توصيله، ولا بد أن تكون من القطن، فالألياف الصناعية أو البولستر لا قيمة لها في نظره، فلا بدّ أن تكون الخامات قريبة من روح الناس، يستخدمونها في ملابسهم وحياتهم اليومية، وقد سعى لاستخدامها بأسلوب تجريبي بسيط مبطن بالدعابة، التي يراها قادرة على البقاء في الذاكرة.

ويقول: «في عملي أحوّل القصاصات التي لا قيمة لها إلى عمل يحمل معنى كبيراً وبسيطاً في الوقت نفسه».

تنويعات على فكرة الجمل بمعرض الفنان إبراهيم البريدي (الشرق الأوسط)

وقدّم البريدي عدداً من المعارض السابقة، منها «ديك وحصان»، تضمن كل منها في نحو 45 لوحة، كما استدعى مرح الأطفال وروحهم البريئة، ونفّذها جميعاً بقصاصات القماش الملونة، أما المعرض الثاني فكان «نفسي أرجع طفل صغير»، وصمم لوحاته بعرائس من القماش، جاءت في 50 لوحة عبّرت عن أحلامه ورغبته في العودة لزمن فطرته الأولى، وأقام معرضاً في قاعة الجريك كامبس بالجامعة الأميركية في القاهرة، استوحى لوحاته من أوبريت «الليلة الكبيرة» وحصل من خلاله على جائزة الدولة التشجيعية، وفي أحد معارضه استدعى البريدي الفنان العالمي شارلي شابلن وجعله يعيش في الحواري والأحياء الشعبية بمصر، كما جعله يمارس مهناً خاصة متجذّرة في الحياة اليومية المصرية.


مقالات ذات صلة

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق ملالا مع لوحاتها (دليل باريس للمعارض)

جدارية بعرض 60 متراً تعكس تحولات البشرية نحو العولمة

في أكبر صالات «قصر طوكيو» في باريس، تعرض حالياً وحتى 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، جدارية استثنائية للفنانة ملالا أندريالافيدرازانا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق البنايات تتداخل مع الرموز والأفكار والتاريخ في معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)

«وسط البلد»... معرض يُحاكي زحمة القاهرة وأحوال أهلها

تظل منطقة وسط البلد في القاهرة المكان الأكثر زخماً بتفاصيلها العمرانية ونماذجها البشرية، ما يظهر في أعمال فنانين تشبَّعوا بروح المكان، وأفاضوا في إعادة صياغته.

محمد الكفراوي (القاهرة )
الاقتصاد الشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد آل خليفة خلال جولته في معرض البحرين الدولي للطيران (بنا)

وزير المواصلات لـ«الشرق الأوسط»: البحرين تتجه للاستثمار في الطائرات الكهربائية

تتخذ البحرين خطوات مستمرة للاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، والاعتماد على الحلول البيئية المستدامة؛ مثل الطائرات الكهربائية والطاقة المتجددة في تشغيل المطارات.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
عالم الاعمال 230 مليار ريال قيمة التعاملات العقارية في ختام معرض «سيتي سكيب» العالمي 2024

230 مليار ريال قيمة التعاملات العقارية في ختام معرض «سيتي سكيب» العالمي 2024

اختتم معرض «سيتي سكيب» العالمي 2024 أعمال النسخة الثانية من المعرض العقاري الأكبر في العالم.


غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)
هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)
TT

غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)
هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

رغم النفي الرسمي للمساس بأحجار الهرم الأثرية، عقب تداول مقطع فيديو ظهر خلاله أحد العمال يبدو كأنه يقوم بتكسير أجزاء من أحجار الهرم الأكبر «خوفو» من إحدى زواياه، فإن الغضب تصاعد في مصر مع انتشار الفيديو عبر «السوشيال ميديا» خلال الساعات الماضية، خصوصاً مع استنكار برلمانيين للواقعة.

وكانت وزارة السياحة والآثار المصرية قد فسرت الواقعة بأنه كانت «تجري إزالة مواد بناء حديثة غير أثرية وُضعت منذ عقود لتغطية شبكة إنارة الهرم دون المساس بجسم الهرم أو أحجاره الأصلية».

وأكدت الوزارة في بيان، الأحد، «التزامها الكامل بدورها في حماية وصيانة التراث الأثري والحضاري لمصر»، ودعت رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى «تحري الدقة قبل تداول أي معلومات غير صحيحة قد تؤدي إلى إثارة البلبلة والرأي العام».

إلا أن كلمات الوزارة لم تمنع رواد مواقع التواصل الاجتماعي من النقاش حول الفيديو، والتعليق أيضاً على بيان الوزارة؛ ما دفع بهاشتاغ «#الهرم_الأكبر»، إلى تصدر التريند على «إكس» في مصر.

وانتقد عدد من الرواد ما أشارت إليه الوزارة في بيانها من وضع طبقة بناء حديثة على حجر أثري، عَادِّينَ تكسيرها بهذه الطريقة البدائية «جريمة»، وفق وصفهم.

بينما لامَ آخرون على المسؤول عن قرار تغيير شبكة إنارة الهرم أمام وفود السائحين.

وهو ما اتفق مع تصريحات صحافية لعالم الآثار المصري، زاهي حواس، الذي عبر عن استيائه من حدوث مثل هذه الأعمال وقت زيارة السائحين لمنطقة الأهرامات، قائلاً: «خطأ كبير جداً، هذه الأعمال يُفترض أن تجري بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية».

منطقة الأهرامات الأثرية من أشهر الأماكن السياحية بمصر (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

إضافة إلى ذلك، قال الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية، في تصريحات متلفزة، الاثنين، إنّ «الشركة التي نفذت عملية تغيير إضاءة الهرم خوفو تفتقر للحرفية في التعامل والعمل في وسط الجمهور، ومن ثم جرى اتخاذ إجراءات رادعة من المجلس الأعلى للآثار ضد الشركة والمسؤول الذي كان يجب عليه متابعة أعمال الشركة».

بينما نقلت صحف محلية عن مصادر مسؤولة بوزارة السياحة والآثار، أن وزير السياحة والآثار، شريف فتحي، أحال عدداً من المسؤولين المتسببين في غياب الإشراف الأثري بمنطقة أهرامات الجيزة الأثرية للتحقيق، وذلك بسبب غياب الإشراف أثناء الأعمال التي ظهرت في مقطع الفيديو.

ورأى الخبير السياحي المصري، محمد فاروق، أنه رغم النفي الرسمي لتكسير أحجار الهرم الأكبر، والتعلل بتغيير الإضاءة فإن «الواقعة تعكس مدى سوء الفكر الإداري والتنفيذي بقطاع السياحة والآثار المصرية، بسبب إعطاء المسؤولية والقرار لغير ذوي الشأن».

واستبعد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن يؤثر تداول الفيديو على إقبال الوفود السياحية وزيارتها للأهرامات، مبيناً أن «الآثار السلبية ستظهر إذا جرى تداوله في وسائل الإعلام العالمية؛ لأنه في هذه الحالة سيبدو كأننا غير جديرين بصيانة الآثار، كما أن منظمات كبرى، مثل (اليونيسكو) على سبيل المثال، قد تطلب استفسارات من الجانب المصري أو ترسل بعثات للوقوف على حقيقة الأمر، خصوصاً أن منطقة أهرامات الجيزة مسجلة ضمن مواقع (اليونيسكو) للتراث العالمي، وبالتالي يؤثر ذلك في سمعة الإدارة المصرية للآثار».

وطالب عدد من مستخدمي «السوشيال ميديا» بإنارة الهرم عبر الطاقة الشمسية، بدلاً من الأساليب التقليدية.

من جهة أخرى، دخل البرلمان على خط الواقعة، حيث تقدمت النائبة أميرة أبوشقة، عضو مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) ببيان عاجل طالبت فيه بضرورة محاسبة وزير السياحة والآثار، بعد انتشار مقطع الفيديو، «الذي تسبب بشكل كبير في انتشار الشائعات حول هدم أجزاء من هرم خوفو».

وأوضحت أن البيان الذي أصدرته وزارة السياحة والآثار يؤكد سوء الإدارة، وأن تغيير شبكة الكهرباء الخاصة بالإنارة للهرم لا يكون بهذا الشكل العشوائي والبدائي، مؤكدة أن وجود السياح ووكالات الأنباء أساء كثيراً لمصر بعد أن رصدوا ذلك بالصوت والصورة، خصوصاً أن ذلك حدث أثناء أوقات العمل الرسمية بمنطقة آثار الهرم، وقبل أن يجري غلق المنطقة؛ ما تَسَبَّبَ في استياء كبير وموجة سخرية عالمية».

وأكدت النائبة أنه «ليس من المقبول إلقاء اللوم على الشركة المنفذة لأعمال صيانة الكهرباء، وألا تتنصل وزارة السياحة والآثار من مسؤولياتها الأصيلة».

كما أصدرت النائبة مها عبد الناصر، عضو الهيئة البرلمانية لـ«الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي» بمجلس النواب، بياناً أدانت فيه عدم مراعاة القواعد والإجراءات اللازمة لحماية التراث القومي، قائلة إن «ما حدث يُظهر بوضوح غياب الالتزام بتطبيق معايير واضحة ومُلزمة للتعامل مع الآثار؛ ما يُهدد سلامة هذه المواقع التاريخية». وطالبت النائبة بكود موحد للتعامل مع الآثار، يتضمن الإجراءات اللازمة في عمليات الحفر والترميم والصيانة، سواء في المواقع الأثرية أم المتاحف.

ويرى الخبير السياحي محمد فاروق أن «التفاعل الكبير من جانب المصريين مع الفيديو، وتحرك البرلمان أيضاً، يعد أمراً إيجابياً للغاية، حيث يؤكد أن المصريين يعدون الآثار والحضارة جزءاً منهم، وأنهم رغم بُعدهم عن وضع المسؤولية، فإنهم يقدرون قيمة الأثر، لافتاً إلى أنه قرأ تعليقات تعكس تألمهم لما شاهدوه، وأنه بمثابة تعدٍّ على أملاكهم الخاصة».

كذلك، اهتمت «السوشيال ميديا» بنفي رجل الأعمال المصري الشهير، نجيب ساويرس، علاقة شركاته (التي تعمل على تطوير منطقة الأهرامات) بالأعمال التي ظهرت في الفيديو.