تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)
مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)
TT

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)
مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)

كشفت بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)، بالتعاون مع ألمانيا، عن تراجع حاد ومفاجئ في إجمالي كميات المياه العذبة على سطح كوكب الأرض.

وأوضح الباحثون أن هذا التغيُّر في مستويات المياه قد يشير إلى دخول القارات الأرضية في مرحلة جفاف مستمرة، ونُشرت النتائج، الجمعة، بدورية «Surveys in Geophysics».

وأظهرت قياسات القمرين الاصطناعيين «GRACE» و«GRACE-FO» أن كمية المياه العذبة المخزنة على اليابسة، بما في ذلك المياه السطحية، مثل البحيرات والأنهار والجوفية، انخفضت بنحو 290 ميلاً مكعباً (1200 كيلومتر مكعب) بين 2015 و2023، مقارنةً بالفترة بين 2002 و2014. وقدر الفريق حجم الانخفاض بأنه يعادل 2.5 ضعف حجم بحيرة إيري في أميركا الشمالية.

وتعمل هذه الأقمار الاصطناعية التي أُطلقت بالتعاون بين «ناسا» ووكالات ألمانية، على قياس التغيرات في الجاذبية الأرضية للكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها.

يذكر أنه بدأ التراجع في المياه العذبة مع جفاف كبير في شمال ووسط البرازيل، تلته موجات جفاف في أستراليا وأميركا الجنوبية والشمالية وأوروبا وأفريقيا. وارتبط هذا الجفاف بارتفاع درجات حرارة المحيطات في منطقة المحيط الهادي الاستوائي بين 2014 و2016؛ ما أدى إلى واحدة من أقوى ظواهر «النينيو» المسجلة منذ عام 1950، ما تسبب في تغييرات في أنماط الطقس، وهطول الأمطار على مستوى العالم، ورغم انتهاء ظاهرة «النينيو»، فإنه لم تشهد مستويات المياه العذبة العالمية تحسناً ملحوظاً.

وتُظهر الدراسة أن 13 من أقوى 30 موجة جفاف عالمية، التي رصدتها مهمة «GRACE»، حدثت منذ يناير 2015. ويُرجح الباحثون أن الاحتباس الحراري أسهم في استمرار استنزاف المياه العذبة؛ حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة تبخر المياه من السطح إلى الغلاف الجوي، إضافة إلى زيادة قدرة الغلاف الجوي على احتجاز بخار الماء.

وأكد الباحثون أن تغيُّر المناخ يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة بشكل متزايد، لكنها تكون متقطعة، ما يقلل من قدرة التربة على امتصاص المياه، وتجديد المخزون الجوفي.

وأضافوا: «عندما تكون الأمطار شديدة، تتدفق المياه بدلاً من أن تتسرب إلى الأرض، ما يفاقم من ندرة المياه الجوفية».

ووفقاً للفريق، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت مستويات المياه العذبة العالمية ستعود إلى ما كانت عليه قبل عام 2015، أو ستستقر عند المستويات الحالية، أو ستستمر في التراجع.

وأشاروا إلى أن تزامن انخفاض المياه العذبة مع تسجيل السنوات التسع الأشد حرارة في التاريخ الحديث ليس مجرد صدفة، بل قد يكون مؤشراً لما سيحدث في المستقبل.

وشددوا على الحاجة الماسة إلى اتخاذ تدابير عالمية للحفاظ على الموارد المائية، والتكيف مع التغيرات المناخية لضمان الأمن المائي للأجيال المقبلة.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)

مصر تطالب بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي»

طالبت مصر بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي» الذي تعاني منه المنطقة عبر إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع تحديات المياه الأمر الذي عدّه خبراء «ضرورة ملحة».

عصام فضل (القاهرة)
يوميات الشرق الطلب على المياه العذبة سوف يتجاوز العرض بنسبة 40 في المائة بحلول نهاية العقد (رويترز)

أزمة المياه العالمية تُعرض نصف إنتاج الغذاء للخطر

حذّر خبراء من أن أكثر من نصف إنتاج العالم من الغذاء سيكون معرضاً للخطر خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، مع تفاقم أزمة المياه العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مخرج مصري يوثّق تداعيات اعتقال والده في الثمانينات

صناع الفيلم بعد العرض الأول في المهرجان (القاهرة السينمائي)
صناع الفيلم بعد العرض الأول في المهرجان (القاهرة السينمائي)
TT

مخرج مصري يوثّق تداعيات اعتقال والده في الثمانينات

صناع الفيلم بعد العرض الأول في المهرجان (القاهرة السينمائي)
صناع الفيلم بعد العرض الأول في المهرجان (القاهرة السينمائي)

يوثق المخرج المصري بسام مرتضى في تجربته السينمائية الجديدة «أبو زعبل 89» مرحلةً مهمةً في حياة عائلته، مستذكراً كيف أن واقعة اعتقال والده على خلفية تضامنه مع احتجاجات عمالية كان لها تأثير جوهري في حياته العائلية، عبر الفيلم التسجيلي الذي عرض ضمن مسابقة «أسبوع النقاد» بالدورة 45 لـ«مهرجان القاهرة السينمائي الدولي».

في الشريط السينمائي الذي حظي بإقبال جماهيري كبير ورفع لافتة كامل العدد، يسرد المخرج المصري ذكرياته في زيارة والده داخل سجن «أبو زعبل» عام 1989، وفترة اعتقال والده الذي يتحدث عنها وعن تأثيرها على حياته، خصوصاً بعدما قضى فترة منها بحبس انفرادي ليُفكر في ذاته، وتأثير هذه الفترة على نظرته وآرائه السياسية وانشغاله بالعمل العام.

في الرحلة التي تعدُّ الزوجة والأم بطلتها الرئيسية، نشاهد من خلال حكايتهم وجهة نظرهم فيما حدث بعد سنوات طويلة، فالأب الذي خرج يحمل أفكاراً مختلفةً سافر بعد فترة وجيزة للنمسا وارتبط بزوجة أخرى، والأم تحملت مسؤولية طفلين، بينما يتطرق العمل للكثير من التفاصيل حول المرحلة زمنياً وملامحها.

الملصق الدعائي للفيلم (الشركة المنتجة)

ومن بين الشخصيات التي تظهر بالأحداث، الممثل المصري سيد رجب، الذي يستعيد جزءاً مما تعرض له خلال تلك الفترة واعتقاله على خلفية مشاركته بالتضامن، مستذكراً مشاعره خلال تلك الفترة وتأثيرها على حياته، وهي المشاركة التي اختارها المخرج بسام مرتضى للممثل المصري باعتباره ممن مروا بهذه التجربة، بعدما وجد عرض حكي سبق وقدمه عن تجربته في الحبس، حسب ما يؤكد لـ«الشرق الأوسط».

يصف بسام مرتضى الفيلم باعتباره «تجربة ذاتية وشخصية» له ولعائلته، الأمر الذي جعله يختار حادثة اعتقال والده على خلفية تضامنه مع عمال شركة الحديد والصلب عام 1989 باعتبارها نقطة فاصلة في حياتهم وعلاقتهم ببعضهم كأسرة، خصوصاً بعدما لمس التأثير نفسه على عائلات لأشخاص آخرين تعرضوا للاعتقال في الحادثة نفسها.

وأضاف أن «واقعة زيارته لوالده في سجن أبو زعبل من الأمور التي لا ينساها، ولا يزال يتذكرها حتى اليوم»، مشيراً إلى «أنه قرر تقديم الفيلم بعد تجارب عدة لأفلام تسجيلية رصد فيها أحاديث أشخاص لا يعرفهم وشعر بحاجته لتقديم فيلم عن عائلته، وهذه الحادثة تحديداً، وتأثيرها، وشجعه على الخطوة ترحيب الأسرة بالحديث والسرد أمام الكاميرا».

رحلة البحث عن المادة الأرشيفية التي ظهرت في الفيلم لم تكن سهلة بالنسبة للمخرج المصري الذي يلفت إلى غياب وجود جهة مختصة بتجميع الأرشيف يمكن التعامل معها، بينما استفاد من أرشيف عائلته الشخصي فيما عرض بالأحداث، قبل أن يلجأ إلى البحث عن لقطات مصورة للأحداث في القنوات الأجنبية وأرشيف التليفزيون المصري وغيرها من الجهات التي وثقت الأحداث في تلك الفترة.

حظي الفيلم بإعجاب الحضور (القاهرة السينمائي)

وتعد الناقدة المصرية فايزة هنداوي الفيلم «أحد أفضل الأفلام التي عرضت ضمن هذه الدورة في مهرجان القاهرة»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المخرج بالرغم من أهمية القضية التي يناقشها العمل ورحلة العائلة بين الماضي والحاضر، فإنه استطاع الالتزام بالسياق السينمائي وتقديم تجربة مختلفة».

وأضافت أن «العمل يحمل الكثير من الجوانب الفنية التي جرت معالجتها بشكل إيجابي مع مخرج لم يستسلم لسهولة إنجاز الفكرة التي بدت متكاملة من الناحية الفنية، لكن عمل على تطويرها لتقديم رؤية أوسع لحادثة شخصية تركت أثراً على حياته، الأمر الذي نجح في إيصاله بالفعل»، وفق تعبيرها.